رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

..ولا عزاء للعملة الورقية

رحاب جودة خليفة
الصين صكت أول عملة ورقية فى التاريخ

«التغيير هو الثابت الوحيد»، كما كتب الفيلسوف اليونانى القديم هيراقليطس. والتغيير يمكن أن يبدو شاقاً ومربكاً بل إنه قد يكون نذير خطر. لكنه أيضا يحمل فى مضمونه التطوروالقضاء على السلبيات. وهناك رياح جديدة تهب علينا، وهى رياح العالم المالى الرقمى. فما الدور الذى سيتبقى للعملة الورقية فى هذا العالم الذى يقوم فيه جيل الألفية بإعادة اختراع طريقة عمل الاقتصاد.

فى الحقيقة، التاريخ يكشف أن استخدام النقود كان دائما ذا طبيعة متغيرة توائم كل العصور، من المقايضة إلى العملات المعدنية إلى العملات الورقية وأشكال المعاملات المالية المختلفة مثل الصكوك والشيكات وصولا إلى بطاقات الصراف الآلى ثم العملات الرقمية مثل البيتكوين.

وأصبحت الثورة الرقمية والتكنولوجيات مساحة لمرونة أكبر وتعاملات مالية أسهل. ولم يكن ذلك منطقيا قبل بضع سنوات، لكنه أصبح موضوع العصر فى ضوء المعاملات التجارية، مثل تطبيقات الهاتف الذكى وبصمات الأصابع والصوت، والتعرف على الوجه والحمض النووى، ووسائل الدفع المختلفة للمشتريات دون الحاجة إلى الأموال النقدية.

ومع ذلك فإن معارضى التغيير الذين يفضلون العملة الورقية لديهم بعض الحجاج، منها أن التعامل المالى غير النقدى يؤدى إلى انتهاك الخصوصية الفردية أو فقدانها بشكل كامل، لأن أى عملية شراء تسجل وترتبط باسم المستهلك. وعلى الرغم من توفر ميزة إخفاء الهوية عبر التعاملات الإلكترونية، لكنها غير مأمونة وغير مألوفة لدى كثيرين. ويمكن أيضا للعملات الرقمية أن تستخدم لأهداف مشبوهة مثل تمويل الإرهاب والجرائم غير الأخلاقية.

وهناك أيضا من يخشى خطورة القرصنة الإلكترونية، وما قد ينتج عنها من فوضى واضطرابات. وكذلك، يمكن للنظم الرقمية أن تتعطل أحيانا، ولكن النقد لا يتعطل أبدا. ومع ذلك، أكد الخبراء أن مستقبل العالم سيكون للعملة «غير النقدية» .

وبحسب الآراء المتخصصة فى هذا الصدد، فإن التخلص من العملة الورقية سيكون له العديد من الآثار الإيجابية، بما فى ذلك الحد من التهرب الضريبى والأعمال غير القانونية، والأجور غير المعلنة التى لا تخضع للرقابة الضريبية، والرشاوى، والكثير من أوجه الاقتصاد الموازى. كما ستتم مصادرة أو على الأقل تعطيل أعمال العديد من الفئات المستفيدة من وجود العملات الورقية والاقتصادات السرية مثل الإرهابيين وتجار البشر وتجار المخدرات والمقاتلين المرتزقة والساسة الفاسدين وغيرهم من ممارسى الأنشطة الإجرامية. أضف إلى ذلك، فإن العملة الرقمية تتيح إمكانات كبيرة، من خلال قدرتها على الوصول إلى الأفراد والأعمال فى المناطق النائية والمهمشة التى قد لا تعطيها البنوك اهتماماً كبيراً. والميزة الأخرى للعملة الرقمية تتعلق بالأمن وحماية المستهلك.

وهناك أزمات أخرى صحية يسببها وجود الأموال النقدية بصورة واسعة، حيث حذرت دراسة عام 2017 من أن العملات الورقية والمعدنية مغطاة بمئات الأنواع من الكائنات الحية الدقيقة ، بما فى ذلك تلك التى تسبب حب الشباب. أيضا ، يمكن أن تضيع هذه الأموال أو تتلف عن طريق الخطأ. وبالطبع ، يمكن سرقتها. وتتطلب كذلك العملة النقدية بنية أساسية واسعة لإنتاجها وتوزيعها وحمايتها.

ولذلك، جذب النظام الرقمى معظم شركات التكنولوجيا العالمية وأيضا العديد من الدول حتى فى إفريقيا وعلى رأسها كينيا التى لجأت لاستخدام الدفع الإلكترونى دون تدخل البنوك، وذلك باستخدام الهواتف الذكية فقط. وفى كوريا الجنوبية ، لا تتجاوز معاملات المستهلكين بالنقد أو الشيكات الـ 20%، وفى كندا 29% وفى سنغافورة وهولندا حوالى 40% وفى الولايات المتحدة 50% تقريبا. كما اتخذت بعض الدول ذات الاقتصاد الناشئ مثل الهند خطوات مهمة نحو العملات الرقمية؛ إذ ألغت عام 2016 العملة من فئة 500 وألف روبية، وتوسعت فى مجال التعامل الرقمى على حساب النقود السائلة، فى محاولة لمكافحة الجريمة وتفعيل قانون الضرائب.

بوجه عام، لا يزال كثير من الناس يفضل التعامل النقدى، نتيجة العلاقة النفسية التى تطورت بين الإنسان والعملة النقدية عبر آلاف السنين، ولكن الشباب لا توجد لديهم هذه العلاقة النفسية، بل يرى بعضهم أن التعامل الورقى أصبح من تراث الماضى. فهل يبقى الحال كما هو عليه أم تتسارع وتيرة التطورلترجّح الكفة الرقمية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق