رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

نهاية ديكتاتورية الدولار

رشا عبدالوهاب

هل ينتهى عصر الدولار؟ سؤال مطروح بقوة منذ إشهار إفلاس بنك «ليمان براذرز»، والأزمة الاقتصادية التى هزت العالم فى نهاية 2008 وبداية 2009، ولم يتعاف منها حتى الآن بشكل كامل.

ومع إطلاق الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لحروبه التجارية والتعريفات الجمركية والعقوبات الاقتصادية التى تستهدف قطاعا من كبريات الدول فى العالم، بل وحربه الداخلية مع بنك الاحتياطى الفيدرالى «المركزى» الأمريكى بسبب أسعار الفائدة، توالت التحذيرات والصيحات الدولية من ركود اقتصادى عالمى جديد.

فقد حذر بنك «جى بى مورجان»، أكبر البنوك الأمريكية، من أن الدولار يفقد قيمته كعملة عالمية مهيمنة، كما أكد مارك كارنى محافط البنك المركزى البريطانى أن هيمنة الدولار يجب أن تنتهى لإنقاذ الاقتصاد العالمى. وخلال السنوات العشر الماضية، تدهورت سمعة الدولار بعد أن مثلت العملة الخضراء للعديد من حكومات العالم «أصل محفوف بالمخاطر»، وذلك بسبب ارتفاع الدين الأمريكى إلى أكثر من 21 تريليون دولار.

الدولار عملة حكومية إلزامية أو ما يعرف باسم عملة «فيات»، بمعنى أنها عملة قانونية تستمد قوتها من التداول فى سوق الصرف الأجنبى، دون أن يكون لها غطاء حقيقى، وتقوم على «الثقة»، وتلقى الحكومة الأمريكية بكل ثقلها وراء عملتها الخضراء، إلا أن الدول المهددة بشكل دورى من قبل واشنطن بعقوبات اقتصادية، فقدت الثقة فى الدولار.

وفى عام 1971، تحولت العملة الأمريكية إلى «عملة احتياطى نقدى» فى العالم، عندما قررت إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون التخلى عن معيار «بريتون وودز» التى جعلت من الذهب غطاء نقديا للدولار، السبب الآخر الذى جعل الدولار عملة احتياط هو ما يسمى «بيترو دولار»، وهو اتفاق عقدته واشنطن مع الدول المصدرة للبترول، لتوحيد أسعار الخام بالدولار.

الولايات المتحدة لم تجعل الدولار فقط عملة لفرض نفوذها، بل أداة ضد دول ذات سيادة حاولت تحدى القطب الأوحد خلال السنوات الأخيرة، خصوصا روسيا وإيران والصين، وهو ما جعل هذه الدول تحاول التخلى تدريجيا عن العملة الأمريكية بسبب العقوبات التى فرضتها واشنطن ضدهم، لعدم إتباعهم المعايير الغربية فى النظام العالمى، تحت مسميات «الديمقراطية» و«احترام حقوق الإنسان».

واتفق الرئيس الروسى فلاديمير بوتين مع نظيره الصينى شى جين بينج على زيادة التبادل التجارى بينهما بالعملات المحلية، فبوتين يرى أن استخدام الدولار «كأداة سياسية» تسبب فى نتائج عسكية.

وكان يعتبر شراء بكين للديون الأمريكية «سماء آمنة» لاحتياطات النقد الأجنبى الصينية حيث عرضت بكين قروضا على الولايات المتحدة حتى يتمكن المستهلكون الأمريكيون من شراء كل ما يحمل علامة «صنع فى الصين»، وهو ما تسبب فى فائض تجارى واسع النطاق، سمح للصين بشراء الديون الأمريكية على مدار السنوات.

ولكن تزايد القوة الاقتصادية للصين، ومبادرتها «حزام واحد طريق واحد» قطع الطريق على واشنطن للسيطرة على منطقة «آسيا والمحيط الهادئ». وأصبح التخلص من السندات الأمريكية اتجاها «تريند» عالميا، فقد خفضت روسيا سنداتها بنسبة 84%، وتلتها دول أخرى منها الهند وتركيا. وقررت دول مثل إيران وروسيا إسقاط الدولار من حساباتها فى العلاقات التجارية الثنائية مع دول أخرى، فقد اتفقت موسكو ودمشق على تجاوز الدولار واستخدام العملات المحلية فى التجارة الثنائية واستكشافات الطاقة.

كما اتفقت إيران والعراق على استخدام اليورو والعملات المحلية وحتى نظام المقايضة فى تبادل البضائع. المفارقة ليست الدول المعاقبة فقط هى التى قررت رد الصاع صاعين للولايات المتحدة، فقد فكرت أوروبا فى التخلى عن الدولار أيضا، فقد دعا هايكو ماس وزير الخارجية الألمانى إلى نظام مالى جديد للاتحاد الأوروبى مستقل عن نظام «جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك» المعروف اختصارا بـ «سويفت»، وألا يعتمد النظام الجديد على الدولار، وذلك لتجاوز العقوبات ضد إيران، ويعتبر سويفت «عصب» الشبكة المالية العالمية بربطه الأنظمة المالية لـ 210 دول، وخروج دولة من هذا النظام بمثابة قطع الأوكسجين عنه. ووصفت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية الاتجاه الأوروبى بأنه حلم للتخلص من ديكتاتورية الدولار. وتشير توقعات المحللون إلى أن الحرب العالمية الثالثة ستشنها واشنطن من أجل الحفاظ على قوة عمودها الفقرى «الدولار»، واستعادة نفوذها فى العالم بعد انقلاب عالمى واسع النطاق على العملة الخضراء.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق