لا شك أن ما يجرى على أرض سيناء الغالية من تطهير لبؤر الإرهاب ومطاردة العناصر التكفيرية وإيقاف نزيف الدماء من شهداء الجيش والشرطة كل ذلك لا يمكن أن يخرج عن نطاق الحرب التى ربما تفوق فى شراستها وظروفها الصعبة حرب أكتوبر المجيدة.. لأن الحرب الدائرة الآن لا تميز فيها عدوك بملابسه العسكرية ولا لغته المختلفة بل هو للأسف الشديد جزء من نسيج مجتمع تم تضليله وتزييف وعيه وإيهامه بأنه يجاهد فى سبيل الله أو فى سبيل المرشد.
وقد انتبه المسرح المصرى فى عام 1973 لخطورة سلاح الفن واحتشدت الصفوف لتقديم أعمال فنية راقية ربما من أهمها مسرحية «مدد مدد شدى حيلك يا بلد» التى ولدت فكرتها من قيام المطرب والملحن الشاب محمد نوح بالغناء التطوعى على جبهة القتال فى أثناء حرب الاستنزاف.. وهو ما أثار اهتمام مديرة المسرح الحديث الذى كان نوح معينا فيه وقتها عند تسلم السيدة سميحة أيوب لإدارة المسرح قامت الحرب ووجدت أن لديها مسرحية استعراضية تم إنتاجها هى ألف بوسة وبوسة بطولة النجم سمير صبرى ونجوى فؤاد فأرجأت هذا العرض وأسرعت بتكليف مجموعة الشباب لعمل مسرحية تليق بما يقدمه جنودنا على الجبهة من بطولات، وبالفعل خرجت «مدد مدد» وكان العرض يتوقف فى أثناء ورود بيانات عسكرية من الإذاعة المصرية فيقدم البيان على سماعات المسرح ثم يعاد استئناف العرض، وألهبت الفكرة حماس الجماهير ويقرر المؤرخ المسرحى د. عمرو دوارة أن المسرح الحديث قدم فى العام التالى ثلاثة عروض لكبار الكتاب والمخرجين وهى رأس العش تأليف سعد الدين وهبة وإخراج سعد أردش والعمر لحظة لأمير الرومانسية يوسف السباعى والمخرج أحمد عبدالحليم والحب والحرب لشوقى خميس والمخرج عبد الغفار عودة.. بينما قدم المسرح القومى عدة عروض بدأها بمسرحة قصة ليوسف السباعى هى أقوى من الزمن، ثم حدث فى أكتوبر لإسماعيل العادلى وكرم مطاوع، وحبيبتى شامينا لرشاد رشدى والمخرج سمير العصفورى، وسقوط بارليف تأليف هارون هاشم رشيد وإخراج سناء شافع ثم النسر الأحمر لعبد الرحمن الشرقاوى وكرم مطاوع، بينما قدم قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية عدة تجارب منها حبيبتى يا مصر لسعد الدين وهبة وسعد أردش وهو نفس الثنائى الذى قدم معا مسرحية رأس العش، بالإضافة إلى عرض الحرب والسلام ليوسف السباعى وإخراج الفنان الاستعراضى محمود رضا.

وبعد خمس سنوات من الحرب قدم الكاتب الساخر حسام حازم مسرحية مصر بلدنا إخراج أحمد زكي.. أما أعجب التجارب التى يرصدها المؤرخ عمرو دوارة فهى مسرحية بعنوان نوار الخير شارك فى تأليفها نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم معا وأخرجها أستاذ الكوميديا حسن عبد السلام.. أما الحرب الدائرة الآن فبكل تأكيد الصدى المسرحى لا يتفق مع قيمتها وعظم التضحيات فيها.. لا ننسى بالطبع وجود تجارب منها مسرحية الحلال التى تناولت فى عام 2016 اختباء عناصر إرهابية بجبل الحلال وما يدور بعقولهم من أفكار وأوهام بإحياء دولة الخلافة والمسرحية تأليف أشرف حسنى و بطولة مجدى رشوان ونهى العدل ومحمد صلاح وإخراج محمد ابراهيم.. و كذلك مسرحية صحينا يا سينا بطولة النجم خالد محمود والملحن محمد عزت وإخراج عصام الشويخ.. ومن التجارب الناضجة أيضا مسرحية عبور وانتصار تأليف وإخراج الفنان محمد الخولى وبطولة منير مكرم وعبد السلام الدهشان ومحمد عبد الجواد ومعتز السويفي.. و ربما بعض الإشارات فى عروض فنية أخرى هى فى النهاية إسهامات قليلة نسبيا ولا تليق كما وإنتاجا بما يحققه الجنود على أرض الواقع وبما يسطرونه بدمائهم من قصص وتضحيات.

الحلال إخراج محمد إبراهيم
رابط دائم: