رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الحل فى الأسواق النموذجية وتشديد الرقابة..
تجار الحلقات الوسيطة .. وإهدار جهود الحكومة

تحقيق ــ إبراهيم العزب
الأسواق العشوائية منتشرة في الجيزة وتبيع بأسعار متفاوتة- تصوير ــ عادل أنيس

  • صاحب المزرعة يعمل طوال العام ويخسر أحيانا..والتاجر يكسب أضعافا
  • تجارة الجملة ليست حلقة مكتملة ..وصاحب رأس المال الأكبر يتحكم فى الأسواق

 

 

رغم جهود الحكومة الكبيرة المبذولة لتوفير السلع بأسعار مناسبة مثل الخضر والفاكهة واللحوم والدواجن وغيرها، إلا أن هذه الجهود لابد ان يسايرها وضع استراتيجيات علمية دائمة للتسويق وتنظيم عمليات جمع المحاصيل الزراعية من المزارع مباشرة، وكذلك فيما يخص المواد الغذائية والحبوب التي تحصل عليها الاجهزة الحكومية مباشرة ، وتقوم ببيعها الي المستهلك للتخلص من الحلقات الوسيطة، التي ترفع اسعار هذه السلع وتمارس الجشع بحق المواطنين.

حالة الأسواق وعمليات الضبط والرقابة تستدعي علي حسب قول الخبراء ، أن تسرع الحكومة في تقنين المصانع والأسواق العشوائية التي تعمل بعيداً عن الرقابة، وتتهرب من سداد الضرائب والرسوم المستحقة، فضلاً عن كونها تفقد الأسواق التنافسية بين التجار، ومن ثم يدفع الثمن المستهلك والمورد الأول والتي يستفيد منها تاجر الحلقات الوسيطة، برغم عدم بذله أي مجهود يذكر مقارنة بالآخرين…، هذه المشكلة أدركتها وزارة التموين مبكراً فسعت الي تطوير التجارة الداخلية من خلال ادخال اللوجيستيات، وافتتاح العديد من الاسواق النموذجية الكبري لأسواق الجملة، فضلاً عن السلاسل التجارية الكبري والمبادرات التي أطلقتها الجهات المختلفة دعماً للمواطن…، تحقيقات »الأهرام« ناقشت هذا الملف.. والتفاصيل في السطور التالية…

فى مهب الريح

بداية يري د. عبدالعزيز السيد ــ رئيس شعبة منتجي الدواجن ، ان الفارق بين سعر الدواجن في المزرعة والسعر الذي يشتري به المستهلك يصل الي 70% ، فصاحب المزرعة يخسر، بينما الحلقات الوسيطة وهما حلقتان يحققان مكاسب خيالية علي حساب صاحب المزرعة والمستهلك ، الذي يعاني جشع التجار الذين يمارسون العشوائية ويستفيد منها عدد قليل، فعلي سبيل المثال سعر الدواجن البيضاء تسليم المزرعة يصل إلي 17 جنيها، وتباع في الاسواق بـ 28 جنيها للمستهلك ، والفارق 11 جنيها في الكيلو، أي أكثر من 70% مستغلين غياب الرقابة والتسعيرة وحرية العرض والطلب في الاسواق، وهذا أسلوب وواقع خاطئ لأن الدول الرأسمالية التي تطبق قانون العرض والطلب وضعت اسعارا استرشادية وحددت هامش ربح في السلع الاستراتيجية التي تهم المستهلك، وفرضت عقوبات قاسية علي كل من يخالف هذه التسعيرة ، فالمنتج في حالة الدواجن خاسر والمستهلك لم يستفيد بالتخفيض في سعر السلعة، والفارق في جيب تاجر الجملة والتجزئة.

لذا لابد من تحرك الأجهزة الرقابية لان مايحدث في الأسواق غير منطقي علي الإطلاق، فالدواجن سلعة استراتيجية توفر 65% من إنتاج البروتين ، وتحقق الاكتفاء الذاتي بنسبة 95%، بينما اللحوم الحمراء توفر الـ 35% النسبة المتبقية وتستورد 65% من الخارج لتكملة الاستهلاك المتبقي.

ويطالب السيد بضبط تكلفة الانتاج وفرض رقابة صارمة علي الحلقات الوسيطة ، بما يتوازي مع سعر المزرعة لان الاتهامات توجه الي المنتجين بالرغم من الخسائر التي يتعرضون لها، وما يقال عن الدواجن يقال عن البيض حيث يصل سعر كرتونة البيض الي 24 جنيها للكرتونة، بينما تباع في محلات السوبر ماركت بـ 48 جنيها، اي مكاسب بالزيادة 100% والخاسر هو المنتج.. ، لذا لابد من سعر استرشادي يتفق مع تكلفة الانتاج والتصدي بحسم للحلقات الوسيطة وهما حلقتان، فالدواجن البيضاء تكلفتها من المزرعة بـ 17 جنيها للكيلو، بينما تباع في السوق بـ 30 جنيها للدجاجة الواحدة ، فالمنتج يخسر عند هذا السعر والمستهلك لا يشعر بهذا التخفيض، وهو كلام غير منطقي لابد من حسمه.

الأسواق العشوائية

وفي سوق الخضر والفاكهة يقول حاتم نجيب نائب رئيس الشعبة بغرفة القاهرة : ان كل حلقة من الحلقات الوسيطة تحرص علي تحقيق هامش ربح مغالي فيه، وهذا الربح تختلف قيمته باختلاف المنطقة التي تباع فيها السلعة ، والسبب في تنامي هؤلاء السماسرة هي الاسواق العشوائية، ويستفيد منها القلة من التجار وهذه الاسواق تعمل بعيداً عن الاسواق المنتظمة حتي تكون بعيدة عن اعين الرقابة، وهؤلاء يتهربون من الضرائب والرسوم والشروط والمواصفات الفنية للسلعة ، وهذه الاسواق لابد من تطويرها وتشجيع روح المنافسة بين التجار مثل سوق العتبة الذي احترق فحرصت الحكومة علي إصلاح بقايا الحريق ، وادخلت اليه تجارا جددا تنافسوا مع أقرانهم فانخفضت الاسعار.

ويضيف نجيب ، ان وسائل الاصلاح للوضع الحالي لا تقتصر علي تطوير الاسواق بل لابد لمنظومة المشروعات الزراعية ان نتوسع فيها ودعم برامج الإرشاد الزراعي للفلاحين، وتوفير قاعدة بيانات عن الحاصلات الزراعية وحجم الاستهلاك والانتاج لسد الفجوة بينهما، وتشجيع تصدير الحاصلات الزراعية خاصة للمنتجات ذات القيمة المُضافة العالية مع التوسع في بعض المنتجات التي تتميز بها مصر ، مثل الموالح والتمور والبصل والبطاطس والفلفل الرومي، موضحاً ان مصر شهدت في الفترات الاخيرة طفرة في الصادرات الزراعية بسبب تطبيق التكويد في المزارع المنتجة، وتطبيق قواعد الإرشاد الزراعي علي الفلاحين الذين يعملون في هذه المزارع.

ويؤكد نائب رئيس الشعبة ، ان نسبة الهدر او الفاقد في الخضار والفاكهة خاصة المحاصيل ذات نسبة الرطوبة العالية مثل الطماطم والخيار والخضراوات الورقية التي تتاثر بالمتغيرات المناخية اثناء حصادها أو نقلها أو البيع تصل الي 40%، لذا يلجأ البائع الي تحميل المستهلك كل هذه التكلفة، لذا نجد انه يبيع «البشاير» بداية المحصول بأسعار مرتفعة ثم يقوم هؤلاء التجار بتخزين هذه المحاصيل في الثلاجات، لبيعها في غير أوقات ظهورها بأسعار مرتفعة ايضا، فالأسواق العشوائية تبيع الانتاج رخيصاً عند ذروته وتشعل أسعاره عند حدوث نقص واضح في الكميات المنتجة منه.

استخدام القوة الجبرية

أما محسن عوض ــ عضو مجلس أمناء سوق الجملة بأكتوبر فيقول : إن الاسواق العشوائية منتشرة في الجيزة ويقوم التجار ببيع منتجاتهم بآغلي من اسعار السلع في سوق اكتوبر،، والسبب في ذلك ان تاجر التجزئة ينتابه الكسل في الذهاب الي سوق اكتوبر لشراء مستلزماته من السلع ، فيضطر الي شرائها من الاسواق العشوائية بأسعار مرتفعة ، وهؤلاء البائعون لا يملكون تراخيص رسمية لمزاولة مهنة التجارة، حيث إن معظمهم يعمل في المناطق العشوائية بل ان الاجهزة الرقابية تطاردهم وتصادر بضائعهم لكنهم يعودون مرة اخري الي السوق، وهؤلاء يحدون من نشاط تجار الجملة في الاسواق الشرعية، لذا لابد من استخدام القوة الجبرية لردع هؤلاء ومنع عودتهم بالقوة الجبرية إلي الأسواق العشوائية ، ويجب ان تساند وزارة التموين هؤلاء لتطوير تجارتهم حتي يعودوا الي الصف.

ويوضح عمرو حامد رئيس شعبة المواد الغذائية، ان الشركات المنتجة للمواد الغذائية تحرص علي عمل شرائح لبيع منتجاتها الي تجار الجملة، حيث توجد شركات للجملة ذات ملاءة مالية كبيرة تحرص عند التعامل مع المصانع علي شراء كميات كبيرة بهامش تخفيض كبير يصل الي حد التكلفة الفعلية، إضافة الي 10% هامش ربح للمصنع مما يتيح للشركة المشترية ان تبيع بأسعار منافسة مخفضة بنسبة 15% بل اكثر من ذلك قليلاً.

ويضيف ان البائع العشوائي لا تتوافر له هذه الميزة فيضطر الي البيع بأزيد من اسعار السوق، علاوة علي ان الغالبية من هؤلاء البائعين يلجأون الي بيع السلع الفاسدة والمنتهية صلاحيتها او المصنعة في مصانع «بير السلم» رخيصة السعر وللاسف يتوافد علي شرائها أعداد كبيرة من ابناء الطبقة الفقيرة ، بادعاء انها رخيصة لكنها تضر بصحة المواطنين.

أسواق اللحوم تنهي الوساطة

فيما يؤكد د. علاء رضوان رئيس رابطة مستوردي اللحوم والدواجن والأسماك وعضو غرفة الصناعات الغذائية، ان الحكومة في السنوات الاخيرة وضعت خطة لمواجهة هذه الحلقات فإضطرت الي النزول الي الاسواق بكميات كبيرة من اللحوم من خلال منافذ أمان ، والعربات المتنقلة لجهاز الخدمة الوطنية ، وتمكنت من كبح جماح ارتفاع اسعار اللحوم ولولا هذه المحاولات لقفزت اسعار اللحوم لأكثر من 200 جنيه للكيلو، مما اضطر التجار والجزارين الي تخفيض هامش الربح في الحلقات الوسيطة الي ادني مستوي، حتي ان هذه الربحية الضئيلة قذفت بالوسطاء الي خارج السوق بعد ان اصابهم الركود.

ويطالب رضوان الحكومة بنشر منافذها التسويقية في القري والنجوع من خلال الجمعيات الاستهلاكية ، والتوسع في انشاء المناطق اللوجستية لتخزين السلع بالأسلوب العلمي في المحافظات لتقليل الفاقد، وتوصيل السلع بأسعار مخفضة الي سكان الأقاليم.

تجارة الأرز

أما علي مستوي تجارة الحبوب خاصة الارز ، يري نعيم ناشد معوض ــ عضو شعبة الغلال، ان طن الارز يباع في اسواق الجملة بـ 6 جنيهات للكيلو ، نتيجة وفرة المحصول الحالي وتكدس مخازن التجار، لكن تاجر التجزئة يبيع الكيلو بـ 12 جنيها ، ويتذرع بإرتفاع اسعار النقل والتغليف والهدر أثناء نقله الي محله، والسبب في ذلك غياب الرقابة، لذا لابد من وضع سعر استرشادي لبيع الارز لأنه سلعة استراتيجية للفئات الفقيرة والمتوسطة ، لكن للأسف كثرت الشركات التي تقوم بشراء الأرز من الفلاحين ثم تقوم بتعبئته وتغليفه في اكياس وتبيعه بأسعار مرتفعة دون ان تراعي اسعار السوق علي اساس أنها تبيع للسلاسل التجارية الكبري، ومحال السوبر ماركت والهايبرات المتواجدة في الأحياء الراقية، التي لا تهتم بالسعر المرتفع وتروج الأنواع الرديئة في الاحياء الشعبية بأسعار متوسطة ، فتحقق مكاسب خيالية من وراء ذلك، مشيرا الي ان محصول الأرز هذا العام به فائض كبير من الإنتاج الذي يكفي لأكثر من عام كامل ، ويباع الطن منه في سوق الجملة بأسعار تتراوح بين 6 و 7 جنيهات للكيلو، تجد تجار التجزئة يبيعونه بـ 12 جنيها وبعض الأماكن الاخري يباع فيها بـ 13 جنيها للكيلو الواحد، ويتذرع تاجر التجزئة بتكلفة النقل والتعبئة.

99% نسبة العشوائية

بينما يؤكد محمد شكري رئيس غرفة الصناعات الغذائية سابقاً وصاحب شركة للمواد الغذائية ــ أن تجارة الجملة ليست حلقة مكتملة في مستويات التجار، فالتاجر صاحب الملاءة المالية الكبيرة، يتعاقد مع المصانع لشراء المنتجات من علي خطوط الإنتاج مباشرة، حيث يشتري بسعر التكلفة، اضافة الي 10% زيادة، وهذا التاجر بالفعل يمكنه ان يبيع بسعر رخيص وينافس اقرانه من تجار الجملة، لذا نجد تفاوتاً في سعر السلعة في الاسواق لكنه ليس كبيراً ، وهو بذلك يضغط علي زميله تاجر الجملة الذي لا يشتري من علي خطوط الانتاج مباشرة.

ويشير شكري الي ان الاسواق لا تزال تتمتع بالعشوائية بنسبة 99% ، والدليل غياب فواتير البيع والشراء للتهرب من سداد الضرائب، فالأسواق بها 350 ألف نقطة بيع المنتظم منها 100 نقطة فقط، وهي المحلات الكبري المعروفة التي تسدد الضرائب بشكل منتظم ، لانها تتعامل بالفواتير.

44 شركة تابعة للقابضة

ويؤكد محمد ابو شادي وزير التموين والتجارة الداخلية الاسبق ـ ان مجهودات الحكومة واضحة في هذا المجال من خلال المنافذ التسويقية الثابتة والمتنقلة، ولكن هذه المنافذ لا تصل الي ربوع القري والنجوع في الصعيد، فعملية تقليل الحلقات الوسيطة تستلزم دوراً ملحوظاً لاتحاد الغرف التجارية والتعاونيات في توصيل هذه السلع الي المستهلك بسعر مخفض، فيكفي ان الشركة القابضة للصناعات الغذائية لديها 44 شركة، منها 7 متخصصة في الارز ومضاربه و8 متخصصة في اللحوم والدواجن ولديها من الامكانات الفنية التي تجعلها تقود السوق في مختلف احياء وقري مصر، بل ولديها اكثر من 4 آلاف مجمع استهلاكي تعاوني، وتستطيع هذه الشركات ان تحضر السلع من المنتجين لها مباشرة دون اي حلقة وسيطة وتبيعها للمستهلك بسعر مخفض، مؤكداً ان هذا الإجراء يمثل حلاً مؤقتاً، اما الحل الجذري للمشكلة فهو وضع استراتيجيات دائمة قائمة علي سياسات علمية للتوسع في المحاصيل الزراعية وتخزينها بالاساليب اللوجستية الحديثة لتقليل الفاقد وتصنيعها وفق التكنولوجيا الحديثة، ونقلها الي اماكن البيع مباشرة دون هذه الحلقات الوسيطة.

اما د. طلعت عبدالقوي رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، فهو يري ان تنظيم الاسواق الداخلية يجب ألا يعتمد علي تغليظ العقوبة التي تصل الي ملايين الجنيهات من الغرامة علي المخالفين ، بل لابد من زيادة المعروض من السلع في المنافذ الثابتة والمتحركة التي يجب ان تذهب الي الأماكن البعيدة في النجوع والقري، مشيراً الي ان الجمعيات الأهلية لا تتوافر لها صفة الضبطية القضائية ، ويقتصر دورها علي توعية المستهلكين بحقوقهم وحثهم علي التخلي عن سياسة التوافد علي شراء المنتجات وتخزين كميات كبيرة منها عند حدوث ازمة في تواجدها بالاسواق ومساعدتهم عند الابلاغ عن اي مخالفات يرتكبها هؤلاء الجشعون.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق