صياحه يملأ المكان بهجة ونورا، يغشانى سرورا.. إشارات أنامله شعاع يضيء شوقى واشتياقى، يشعل لهفتهى.. بكاؤه يمزق احتمالى، يحيل سكونى حركة واضطرابا.. برق ورعد، صواعق تحرق صبرى.. تنتزع الكلمات من بين ثنايا صمتى، ضحكاته إشراقة صبح ندى، فرح يترقرق.. أنشودة تسرى، يغمرنى سحر صداها. صار لعمرى قيمة، لك، وبك أحيا، فموتى بين أحضانك حياة. صانتك حشاى أملا مرتجى مارست عليك كل طقوس الحب، تحبو كلماتك، تبعث فى جنباتى دفئا، ترسل لحنا شجيا يلملم شتاتى.
كان ذاك الصبح غريبا تكسوه قتامة المغيب ولايزال بكورا، هاجسا يزلزل كيانى.. تغمرنى كآبة، همهمات تقذف بوساوس تروع صمتى، كابوس يطبق، فتختنق الأنفاس فى صدرى.. تؤنسنى عيناك فأرنو إليك، يتوارى عنى الخوف.. وقع الحزن يهاجم ضعفى، يصرعنى، أنتفض، ألثم ثغرك اعتصره، تزداد لهفتى. تلتف ذراعى حولك، تختفى بين ضلوعى فنصير جسدا وروحا. طغيان الحس يهاجمنى، أرفضه أهرع منه إليك، تلتوى الحروف تتكسر الكلمات فى حلقى، ترتعش نبراتى، تصرعنى زفرات أهرب من معانيها.. أبتعد، أمتشق سيف أمومتى، أقاوم يأسى، أحنو عليك كأنه الفراق، أزدرد صرخة نبتت فى صدرى، ينهار عزمى.
سرقتنى منك اللحظة الخائنة، غبت فيها عن عينى، فهويت من شاهق غفلتى، سحبتك براءتك وراء دميتك الطائشة فاندفعت، سطت عليك يد الهول، مزقتنى، اجتاحتنى، هرولت داخل هلعى.. شلت أنفاسى، غرقت فى صمت الحناجر، وبريق العيون الجاحظة. دائرة سوداء تحلقت، ويأس جائر، خارت قدرتى، انهزمت عزيمتى، غامت عيناى.
جسدك الرقيق مسجى، يعتصرنى حزن أبدى، نزف بوريدى بكيانى، صدرى يهتف بالألم ألما، تعصف بى وحشة، أغصانى مالت، آمالى صرخت، ضاعت أحلامى، تعالت أمواج الحزن فى أعماقى، وطالت شفتاى تلثم صدر السماء فى رجاء.
بطول خراب الأرض، بكل أحزان الدنيا، أحيا أيامى من غير رفيق ولا أنيس. احتجبت شمس حياتى، تسدل أستارا، وتبعث بمغيب.. وفى صمت القبور انطفأ القنديل.
رابط دائم: