كانت المطربة الراحلة «فايزة أحمد» تحمل فى قلبها طيبة الأطفال، ونقاء ضمائرهم، وعفوية سلوكهم، ولأن مشوارها كان صعبا ومريرا فقد كانت تثور وتدافع بقوة عن كل ما يخص فنها.
فى نهاية الخمسينيات ذهبت إليها «أم كلثوم» لتستمع إلى صوتها وأخذت تميل برأسها مع نشوة الاستماع وهى تقول: «كمان يا فايزة، كمان يا كروانة». وعندما ظهرت أغنية «يامه القمر عالباب» عام 1957 تأليف «مرسى جميل عزيز»، وألحان «محمد الموجى» حققت نجاحا جماهيريا كبيرا، لكن هذا النجاح الكاسح قابله نقد لاذع من جانب المجتمع المصرى والعربى.
حيث تقدم البعض لرئيس الإذاعة بتقرير يطالبونه فيه بمنع إذاعة الأغنية بحجة أن كلماتها لا تناسب الفتيات الصغيرات والمراهقات، لما تحمله من معان «تفتح عيونهن» ، وربما تخدش الحياء العام بما تحمله من جرأة فى التعبير. ولم يقتصر المنع على الإذاعة المصرية.
فقد أصدرت وزارة الإعلام الأردنية قرارا بمنع إذاعتها أيضا حيث اعتبرت كلماتها مخلة بالآداب. ولم تهدأ الضجة المثارة حول الأغنية إلا بعد تدخل الأديب الكبير د. «طه حسين» الذى كتب قائلا: عندما أذيعت أغنية «يامه القمر عالباب» تعرضت للهجوم من البعض بدعوى أن فيها جرأة، ولكن الحقيقة أن فيها من البلاغة أضعاف المئات من قصائد الشعر العربى، وإذا لم تفتح الأبواب لهذا الصوت الجديد «فايزة أحمد» بتلك الكلمات فبأى كلمات ستفتح؟!
وكادت هذه الأغنية أيضا عام 1961 تتسبب فى ترك «فايزة» مصر، عندما اتهم الكاتب «جليل البندارى» «مرسى جميل عزيز» بسرقتها من المطربة «توحيدة»، لكن «مرسى» لم يهتز ولجأ إلى تفنيد الاتهام بطريقة غير مسبوقة، حيث أرسل إلى جريدة «أخبار اليوم» شيكا بمبلغ 500 جنيه مقابل أن تعقد محاكمة علنية تشارك فيها مجموعة من كبار النقاد والأدباء، للتحقيق والتحرى عن صحة اتهامات «جليل البندارى»، وبالفعل انعقدت المحاكمة، التى ضمت د.على الراعى، ود.لويس عوض، ود.عبدالقادر القط، ود.محمد مندور، والشاعر صلاح عبدالصبور»، وأصدرت حكما بتبرئة الشاعر من تهمة السرقة، وظلت فايزة تمتعنا بأغانيها الشجية وصوتها الرخيم.
رابط دائم: