«بنشترى راجل» عبارة كنا نسمعها فى الزمن الماضى كثيرا، وكان الأب يقولها وهو مطمئن أن ابنته ستكون فى حمى رجل يصونها ويسعدها، بعيدا عن المغالاة فى المهور، وفى تأسيس عش الزوجية، والآن هل يمكن استعادة هذه العبارة لمواجهة تأخر سن الزواج بين الجنسين.
وما هو رأى الخبراء فى ذلك ؟ س.ع تقول انا بنت واحدة ولى 3 أشقاء والدى كان ميسور الحال واستطاع بناء فيلا بالمعادى ولكل واحد بها شقة وعندما تقدم لى شاب ولم يكن يملك شقة الزوجية، وهو من عائلة طيبة الأصل وملتزم من الناحية الدينية والأخلاقية ويعمل طبيبا فى إحدى الدول العربية، وهو فى بداية حياته العملية وافق والدى وسمعت منه جملة «بنشترى راجل» وقمنا معا بتجهيز شقة الزوجية، وهى 4 حجرات قمنا بفرش حجرة النوم والمعيشة فقط، وتجهيز باقى عش الزوجية على فترات حيث سافرت للإقامة معه فى مكان عمله.
أما ج. ف. فيقول تم قراءة فاتحة ابنتى وهى طالبة فى السنة الثالثة كلية الطب، وفى رأيى غير مقبول شرعا أنى أربى وأحسن تعليم ابنتي، واقدمها لرجل يكون جاهزا، وكمان أجهزها، فعبارة «بنشترى راجل» لا تناسب الحياة المعاصرة مع اختلاف النسق الأخلاقى لدى الشباب اليوم، لابد أولا أن اطمئن إلى سمعته وسلوكه فى محيط سكنه وعمله وعن صفاته, ولابد ان يكون طموحا ومجتهدا فى عمله وآخر شيء القدرة المالية, المهم ان يكون هناك تكافؤ يناسب مستوى العروس.
د. محمد الشوادفي، عميد كلية التجارة الأسبق جامعة الزقازيق يقول: لابد أن يفهم الشباب أن الرجولة تعنى فى الأساس تحمل المسئولية، وحماية المرأة والأسرة، لقد أثبتت الدراسات فشل نسبة من الزيجات فى خلال ربع القرن الماضى لأنها اعتمدت على المال والغنى وحل مكان الأفراح مرارة وتعاسة زوجية، وأصبح هناك أبناء وأجيال مشوشة العقيدة، بعيدين عن روح الترابط الأسرى لا لشئ الا لأن بوصلة الأسرة اختلت أمام بريق المال الذى أعمى الآباء وزغلل عيون الأمهات أن عودة مفهوم ثقافة «بنشترى راجل»، حاليا هى عودة إلى الأسرة المصرية الأصيلة التى صنعت حضارة ودولة مدنية معاصرة قوية يحتذى بها فى التاريخ، وفى هذا العصر والغلاء يتوجب على الأسر تغيير مفهومها حول الأسرة وأنها عبارة عن أجهزة كهربائية وأثاث كامل، لكنها حياة زوجية مستمرة وألفة، ووفاء، لذلك عليها أن تتخلى عن بعض الأشياء مثل الشبكة أوالمغالاة فيها وفى الأجهزة الكهربائية وحفلات الزواج وعودة لبناء جيل يعتمد على قيم أسرية تكون المرأة فيها شريكا وليست سلعة يشتريها الرجل، أو يحصل عليها. كل من يمتلك المال.
أما د. سيد عبد الرءوف إبراهيم، أستاذ التفسير وعلوم القرآن جامعة الأزهر فيقول: مازال شبابنا بخير، قادرا على الحفاظ على بنات الناس، وهناك الكثير منهم يضرب ذات اليمين واليسار فى أرض الله بحثا عن لقمة العيش مهما تكلف من مشاق ولقى من عناء من أجل سعادة زوجته وأولاده وهؤلاء هم النسبة الأكبر من الشباب لا يتوانى الواحد منهم عن مواجهة الصعاب، بعد أن يدخل عش الزوجية، بكل الهمة، فيصنع منه الزواج رجلا، وهذا هو ما ينشده الإسلام لأنه دين العمل وقوله تعالي: «وعاشروهن بالمعروف»، ويقول تعالي: «الرجال قوامون على النساء» وهى ليست قوامة تسلط واستعباد، ولكن بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم، وقوامة التحمل والمسئولية لأعباء الحياة، ويجب على الشاب أن يتعلم أن من تركت بيت أبيها يجب أن يصون كرامتها ويحميها ويسمعها طيب الكلم، ولنا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة حيث يقول: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»، ومع مروءته ونبوته يساعد أهل بيته، ويرقع ثوبه ويداعب السيدة عائشة وهو يسابقها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد أصحابه وقد أخشوشنت يداه من العمل فقال «هذه يد يحبها الله ورسوله»، وكان رسول الله فى شبابه يرعى الغنم واشتغل بالتجارة ليكفى نفسه وأهله، واخبرنا أن نبى الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده فلنعلم أن الدين جاء ليضبط سلوكيات الإنسان، ولابد من القدرة المالية والكفاءة ليكفى الشاب أهله وأسرته، وفى الوقت نفسه، والزواج مشروط بالاستطاعة لقوله تعالي:« لينفق ذو سعة من سعته «ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله»، «ولا يكلف الله نفسا الا ما أتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا»، ونحن لاننكر أن بعض الشباب الذى لم يترب على مأدبة الإسلام تربية صحيحة من هؤلاء بعض الشباب الكسالى الذين لا يتحملون المسئولية وقيادة البيت والأسرة ولكنهم ليسوا بالكثرة ولا يقاس عليهم، والأصل من يقدم على خطوة الزواج ان يكون رجلا لديه همة الرجال فى القيادة لبيته ومسئوليته عن معيشتهم.
وتقول د. هالة يسرى أستاذة علم الاجتماع والخبيرة التنموية، عبارة «بنشترى راجل» كانت فى وقت سابق عندما كان زواج العائلات ولها كبير يتفق ويعطى البنت لرجل ملتزا بالمسئولية بمعنى الكلمة، و من أجل أخلاقه أما أن اشترى رجلا من اجل عضلاته وأنه ذكر وليس لديه امكانات فلا تكفى أيضا لابد أن يجتهد الشاب ويكون نفسه لكن الأهل يحنون عليه عندما يقومون بعمل كل الجهاز ، فنصدم بالخلافات بعدها ، إذن لابد من التأكد من أخلاقه فى التعامل.
فى رأيى لا أوافق على أن الأهل يتغاضون عن الماديات فى مقابل زواج ابنتهم بمفهوم«بنشترى راجل»، ولكن لكل قاعدة شواذ ممكن الظروف لم تساعد الشاب بشكل أو آخر ، فلا بد أن يكون عنده مستقبل وطموح وعمل، وليس معنى أشترى راجل أن اتغاضى عن بعض المتطلبات وليس كلها طبعا، كما فإن الظروف الاقتصادية والاجتماعية بتتحكم فى اختيار الرجل وأيضا لابد من درجة التكافؤ والتماثل بين العائلات والتكافؤ فى الجوانب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية لكى تنتج زيجة مستقرة سعيدة، ولا يجوز لبنت من عائلة ثرية أن ترتبط برجل معدم. الحقيقة أن كثيرا من الشباب حاليا عازف عن الزواج، لأنه لا يريد أن يبذل مجهودا فيمكنه أن يعمل عملا إضافيا للحصول على زيجة مناسبة له فعزوف الشباب عن الزواج بسبب تكاسلهم عن العمل لتوفير متطلبات ومستلزمات منزل الزوجية ويجب على الشباب أن يساعدوا أنفسهم ولا يلقوا العبء على أهاليهم ويجب أن يكون عش الزوجية فى البداية جاهزا من الألف الى الياء بل العكس أن يبنى بيته خطوة خطوة .
وفى النتيجة نجد ان معظم المشكلات والخلافات والطلاق والقضايا والمحاكم بين الطرفين يمكن أن تحدث من وراء «بنشترى راجل» بالمفهوم الخاطئ لابد أن يكون الرجل» لديه القدرة على تحمل المسئولية ونتأكد من بيئته وأخلاقه، ومعاملته الراقية مع زوجته تضمن حياة زوجية مستقرة وسعيدة .
د. صفاء إسماعيل، أستاذة علم النفس والاستشارات الزوجية كلية الآداب جامعة القاهرة، تقول: بكل تأكيد أن مفهوم كلمة «بنشترى راجل» كانت تقال فى الزمن الماضى تحت مسمى أنه رجل صادق فى كلمته يتحمل المسئولية ويقوم بدوره المنوط على أكمل وجهه فى الحفاظ على زوجته ويعتبرها أمانة عنده، ويحاول أن يسعدها ولم يكن هناك غلاء فى الشبكة والمهور، فكانوا يقولون نحن بنشترى راجل ونحن مطمئنون أنه سيصون ابنتهم وهذا المفهوم لم يعد موجودا حاليا نظرا للتغيرات الاجتماعية وتخوف الآباء من عدم التزام الأزواج بواجباتهم ومسئولياتهم والدور المنوط بهم. فى عصرنا الحالى زاد التخوف من إعطاء البنت دون ضمانات كافية، خاصة مع حالة الغلاء الحالى وأنه سيعامل ابنتهم معاملة طيبة ولابد من الاتفاق بينهم وعدم التزمت على أسس المعاملات المادية والتعامل خاصة مع بداية الحياة الزوجية والمسئولية والدور المنوط وكل الأمور والالتزامات تطرح للمناقشة بينهم. كان زمان والد العروس لا يأخذ مهرا ولا مؤخرا أما الآن لم يعد مضمونا الحفاظ على الأمانة و لم تعد تكفى مقولة «بنشترى راجل» وأصبح الأب يتمسك بالحفاظ على حقوق ابنته التى كتبها الله لها تطبيقا للآية: «وآتوا النساء صدقاتهن نحلة» يعنى عطية فى يدها فالصداق المسمى بينهما تأخذه خالصا لها فى ذمتها المالية الخاصة ودون ان يأخذ منه أبوها ويجهزها منه لان تأسيس منزل الزوجية على الزوج إلا إذا تنازلت عن طيب خاطر عن جزء من هذا المهر فى تأسيس عش الزوجية.
رابط دائم: