<حدث ذات مرة فى هوليوود>..
الرأسمالية تعزف كوميديا الدم والضحك

«دوام الحال من المحال» مقولة نرددها نحن العرب،لكنها كلمة السر لمن يريد مشاهدة فيلم: «حدث ذات مرة فى هوليوود» Once Upon a Time in Hollywood الذى كتبه وأخرجه تارانتينو راصدا تحول صناعة السينما والنجوم فى هوليوود عام 1969 بتجسيده لمعاناة النجم ريك دالتون الذى أدى دوره ليوناردو دى كابريو ومعه البديل المؤدى للمشاهد الخطرة بدلا منه كليف بووث وأدى شخصيته براد بيت،باستعانة المنتجين له فى أدوار أقل أهمية.

لنكتشف أن الوجوه الجديدة تطغى على سابقيها، فى إشارة إلى أن رأس المال لا يعرف الصداقة فى صناعة تبحث عن الجديد لتستمر فى مكانتها.

يكشف تارانتينو فى مشهد لقاء آل باتشينو دى كابريو وبيت ـ استغلال المال للممثل النجم الذى نراه أداة فى يد المنتجين بعرض آل باتشينو على كابريو بعمل أفلام فى السينما الإيطالية لا تليق بمكانته المعهودة سابقا،ليكون هذا المشهد ملخصا للفيلم، وكشف كواليس صناعة السينما عالميا.

ويكمن الإبداع أيضا فى هذا المشهد بمشاهدتنا لمباراة فى الأداء والتمثيل بين الثلاثى من تعبيرات الوجه، وانفعالاته، وحركة الجسد ولغته،حيث ظهر آل باتشينو وبيت فى مستوى واحد كقاعدة للمثلث وكابريو قمته والتواصل أقوى بين طرفى القاعدة.

ودعمت الإضاءة وزوايا التصوير مع الرؤية الإخراجية هذا البعد بجانب الملابس التى أظهرت البعد المادى والاجتماعى لكل منهم،فهم تجسيد لمستويات اجتماعية مختلفة.

الديكوروالموسيقى التصويرية والتعبيرية عبرا عن حقبة الفيلم بجانب العناصر السابقة باقتدار أظهر اهتمام المخرج بالتفاصيل وتأثيرها النفسى على المشاهد ليعيش زمن الفيلم فى ستينيات القرن الماضي، ودعمت قدرة تارانتينو على الانتقال بين الأزمنة من خلال «الفلاش باك» إبراز الحالة النفسية لجيل هوليوود القديم والجيل الجديد كأننا كمشاهدين نعيش فى فيلم بداخل فيلم.

الكوميديا وجدت مساحة واسعة فى الأحداث رسمت بسلاسة أوضحت حس المؤلف المخرج الكوميدى ومعايشته للفيلم فى مرحلة الكتابة، من خلال أداء دى كابريو وبراد بيت الذى تفوق على زميله بأدائها باحتراف،خاصة فى مشهد دخول الهيبز لمنزل دالتون لقتله وعائلته ليمزج تارانتينو بين الكوميديا السوداء والعنف بدموية معروف بها بسلاسة واحتراف.

أوضح تأثير الهيبز على المجتمع الأمريكى لإيمانهم بضرورة مناهضة الرأسمالية والتخلص من المنتمين إليها؛ ليكون الفيلم تجسيدا لواقع هوليوود بشكل دقيق والمجتمع الأمريكى بشكل عام فى نهاية ستينيات القرن الماضى وبداية السبعينيات.