رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حوار ينشر لأول مرة فى ذكرى رحيله: زكى نجيب محمود يفجر مفاجأة..تاريخى
ليس فيه قفزة تلفت النظر

نبيل فرج

الشرق يحتاج إلى العقل حتى يندمج فى الحضارة الإنسانية

السياسة تغلب على بعض الأدباء فيفقد العمل قيمته

 



ظلت الفلسفة إبداعاً غربياً خالصاً رغم الإرث العربى الإسلامى القديم، حتى جاء الدكتور زكى نجيب محمود فأعطاها روحاً جديدة وسمةً.. يحمل هموم الشرق وشجونه وأشواقه.

كانت الفلسفة كائناً بعيداً يقيم فى أبراج عاجية، فجعلها فيلسوفنا تسعى بين الناس وتمشى فى الأسواق.

عاش ومات ناسكاً فى محراب العلم والعقلانية، لا يرى مستقبلاً للثقافة العربية دونهما، ويبشر فى كتاباته العديدة ومؤلفاته الغزيرة بالعقل وحده سبيلاً للرقى والنجاة من مأزق الغلو والتطرف والرجعية.

وبهذا الإنتاج الغزير، حقق الرجل وجوده الذى لا يستطيع أحد تجاهله أو الغض منه، وجوهره التوسط فى الموقف بين التراث القديم وثقافات العصر، بحيث لا يطغى جانب على آخر، يؤدى إما إلى الانفصال عن الماضى أو إلى التخلف عن العصر. وفى أسلوبه كان يرفض فى التعبير الافتعال والاطناب والغموض والركاكة.

وتعد مآخذه على التراث العربى الذى يحفل بالخرافة وغيبة الحرية وسيطرة الموروث أكثر من مأخذه على الغرب وحضارته التى تقوم على الفلسفة والعلم والتقنية، لا على فقه اللغة والتقليد.

ولأن عدة زكى نجيب محمود فى الحياة الثقافية لا تقل عن عدته فى السلك الجامعى فقد رأيت فى أواخر ثمانينيات القرن الماضى، واسمه يملأ الاسماع، أن أعقد معه حوارًا لم أكد أطلبه حتى استجاب على الفور، من غير أن يكون على معرفة بى من قبل.

كان الحوار أقرب إلى اعتراف بعد الأشواط التى قطعها فى عالم الكلمة، حافلا بكثير من الأفكار الجانبية، ومن اللمسات النفسية والحاسة النقدية المرهفة، التى لم يكن بطوقى ملاحقته، والكلام يفيض من فمه، خاصة أنى لم أكن أحمل إلا قلمى، وليس معى جهاز تسجيل.

وهذا نص الحوار:

.....................



أرجو فى البداية أن تطرح على القراء تاريخك الفكري؟

هذا السؤال طرح علَّى أو طرحته على نفسى عدة مرات، وفى كل مرة َأَحاُر فى الجواب ماذا يكون، لأنى فى الحقيقة إذا ما تعقبت تاريخى الفكرى وجدته أقرب ما يكون إلى نماء الكائن الحى نماًء تدريجيًا، فلا يستطيع هذا الكائن آخر الأمر أن يحدد على وجه الدقة مراحل دون أخرى، مما عملت على تكوينه، فالمسألة هى قراءة مستمرة ودراسات مستمرة وتجارب مستمرة، ليس فيها قفزة تلفت النظر، بل هى استمرار أقرب ما يكون إلى الطعام والشراب الذى نلحظ نتيجته بعد ظهوره، ولا نلحظه إّبان تكوينه.

ولكن تحولك المعروف من الجبر الذاتى والميتافيزيقا والمثالية إلى التجريبية والمنطقية والشكلية ليس استمرارًا على هذا المنوال.

أعتقد أن هذا التحول حدث فى إحدى لحظات سنة 1946، وذلك حين كنت فى لندن، وسمعت أن جامعتها استقدمت ألفريد آير من اكسفورد ليكون رئيسًا لقسم الفلسفة بها، والعادة هناك أن الوافد الجديد لابد أن يبدأ حياته فى الجامعة التى وفد إليها بمحاضرة عامة يستهل بها عمله، فصممت على أن أستعد لحضور هذه المحاضرة بأن أقرأ كل ما كتبه آير قبل ذلك، فاستخرجت من مكتبة الجامعة الكتب التى ألفها، ومن بينها كتابه المشهور جدا على صغر حجمه، وعنوانه «اللغة والحقيقة والمنطق»، وهو كتاب يلخص الاتجاه الوضعى فى فلسفته، وأحسست عندئذ بأن هذا الاتجاه هو الذى يتلاءم مع تكوينى العقلى. ومنذ ذلك الحين حتى هذه اللحظة التى أملى عليك فيها هذا الحديث لم يحدث أن وجدت ما يمكن أن يصرفنى عن هذا الاتجاه الفلسفى. فإذن نستطيع أن نقول إن تلك اللحظة الحاسمة هى التى ختمت عندى مرحلة، وبدأت مرحلة جديدة.

فى ضوء هذا التحول ما التحديات الأساسية التى تواجه فكرنا العربى المعاصر؟

بكل شجاعة أقول إن المشتغلين بالفلسفة من أساتذة الجامعات عندنا لا يكادون جميعًا يضيفون شيئًا غير أن يكونوا قد سكبوا الفكر الفلسفى فى اللغة العربية، وهذا فضل ليس بالقليل.

ولأن شأنى شأن الآخرين فإن ما يجوز نسبته إلَّى هو أنى وضعت تيارًا معينًا فى الفكر فى اللغة العربية. ولا أعنى بذلك أنى ترجمت شيئًا معروفًا، وإنما أجريت الفكرة فى اللغة العربية، أو وضعت صيغة عربية للفكر الفلسفى، وهذا بذاته كفيل بأن يجعل الفكر عربيا، حتى لو لم أضف إليه شيئًا.

على أنى على كل حال أدخلت بعض التعديل من عندى لكى يتسق مع اللغة العربية، لأن الاتجاه الفلسفى الذى أخذت به ينشغل إلى درجة كبيرة بالأداة اللغوية نفسها.

وبديهى أن ما يتعلق باللغة الانجليزية من مشكلات لا يتعلق مثلها بالضرورة باللغة العربية التى لها مشكلاتها التحليلة الخاصة بها.

وأمثال هذه العقبات هى التى حاولت التغلب عليها، فأعطيت الموقف كله صيغة عربية. أضف إلى ذلك أننى كنت أعتقد وما أزال أن الأمة العربية بصفة خاصة أحوج ما تكون إلى منهج فلسفى يبالغ فى محاولة أن تكون اللغة بقدر الفكرة التى تحملها، لأننا بطبعنا أميل إلى الاسراف فى اللغة بالنسبة للمعنى، وكنت دائما على وعى بأننى أخدم هذا الغرض بطريق غير مباشر.

فى سياق هذه الرؤية لك وجهة نظر فى الفن التشكيلى المحلى والأجنبى، يتناثر فى كتاباتك فهل يمكن طرحها؟!

أولا أريد أن أؤكد بكل القوة الممكنة وبكل الوضوح الممكن، أن الفن بجميع صوره إنما يرتكز على تصوير ما هو فردى متعين، وبعبارة أخرى فإن الفن ليس مما يعمم فيه القول، لكن ما يخصصه، وفى هذا التخصص انحصار دائم فيما هو محلى. إلا أن هذا المحلى نفسه من الممكن أن يرسم رسمًا مسطحًا ذا بعدين، وممكن أن يضاف إليه بعد ثالث، فمثلا خذ كتاب «ألف ليلة وليلة»: لماذا لفت النظر فى العالم كله، إنه فعل ذلك للخصائص الأدبية فى حكاياته. فكل حكاية من الحكايات تعبر عن روح مراهق يسكن فى المدينة، ويعيش عيشة الفقراء، ويتخيل كيف يكون الأغنياء وراء الأسوار من بذخ ونساء وخمر، حتى لو لم يكن هذا التخيل صحيحًا. هو يعلم حلم الجائع. ومثل هذا التضمين فى التصوير يشمل كل إنسان فى الدنيا برغم أن الصورة المقدمة صورة محلية صرفة فى البصرة والقاهرة ودمشق أينما كنت.

وكان يمكن للحكايات أن تسرد الحوادث دون أن يكون فى الخلفية المختبئة نوازع المراهقين أو المعوزين أو غير ذلك، فتفقد البعد الثالث الذى أذكره، وبالتالى تفقد الاهتمام البشرى.

وهذا هو المقصود بالبعد الثالث، وبالنسبة لأدبنا المعاصر لاحظ أن كثيرًا من أدبنا القصصى والمسرحى أيضا يفتقد هذه الصفة، برغم تصويره لمراحل زمنية فى تاريخنا، وتصويره لنوع من الحياة المصرية، لكنك تشعر أنه لا يتضمن هذا البعد الإنسانى الثالث الذى يجعل القارئ الانجليزى لا يهتم به.

وربما كان السبب فى عجزنا هذا يرجع إلى تغلب السياسة على عقولنا، بحيث يظن الأديب أن من واجبه الوطنى أن يجعل القصة أو المسرحية وثيقة دعائية، فتفقد بذلك قيمتها الفنية، لأنها تفقد البعد الثالث.

فى رأيك ما هى التحديات التى يواجهها الكاتب العربى بالمقارنة بنظيره الأوروبى؟!

لاحظ أن الحضارة العصرية حضارة أوروبية. ولهذا فإن الكاتب الأوروبى لا يشعر إزاء حضارته بأنه أمام جسم غريب أقحم نفسه عليه، وأخذ يتساءل كيف يتقبله، أو كيف يرفضه؟!

أما الكاتب العربى فموقفه مختلف، وهو أنه أمام حضارة ليست من صنعه، وفى الوقت نفسه هى حضارة لابد من اتخاذ قرار بالنسبة لها. وهذا القرار أهم ما يقابل الكاتب العربى من تحديات.

ولست أبالغ إذا قلت إن مشكلة قبولنا أو رفضنا أو تعديلنا للحضارة الغربية هى أكبر المشكلات التى تتطلب التفكير والحل.

وفيم تختلف هذه التحديات المعاصرة عن تحديات العصور القديمة؟!

لكل عصر تحدياته الخاصة فمثلا كان التحدى الأكبر فى العصور الوسطى هو المقابلة بين العقيدة الدينية من جهة والفكر العقلى الفلسفى من جهة أخرى، لأنهم كانوا يشعرون أنه من المتعذر رفض أحدهما، فكان السؤال هو: كيف نبقى عليهما دون أن يتعارضا؟

وإذن فكل الفرق بيننا وبينهم يكمن فى الأطراف التى نريد أن نوفق بينها، ونحن الآن نريد أن نوفق بين العلم وتقاليدنا، بعد أن كانت الاطراف عند أسلافنا هى التوفيق بين الفلسفة وتقاليدهم.

وكيف يمكن أن نتخطى هذا الوضع المتخلف؟!

فى تقديرى أنه حيث انتشار الأمية بنسبة عالية، وضعف الوعى الاجتماعى لدى الطبقات الكادحة، وشراسة القوى الرجعية من بقايا الاستعمار، ليس أمام هذا العالم، كأمل فى التقدم، سوى الطليعة المثقفة التى يكون من شأنها تفجير الوعى الذى يؤدى بدوره إلى انفجار الثورة الاجتماعية والثقافية.

لكن أحيانا ما تكون هذه الطليعة المثقفة بورجوازية، غير قادرة على تخطى ظروفها التاريخية التى وضعت فيها. فماذا يكون صنيعنا؟!

سؤالك ملهم لفكرة أساسية هى أن التطور لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التناقض.

ألا ترى أن التناقض أحيانا ما يعوق التقدم؟!

لكنه ينبغى أن يضيف ما يؤدى إلى التطور والذى يحسم استبعاد النزعات المرتبطة بالتخلف وإيثار الارتباط بالتقدم هو الفاعلية التى يتميز بها الإنسان الواعى، وقدرته على مجاوزة الواقع.

وكثيرًا ما نغفل عن هذه القيمة الأساسية فى الإنسان، التى تميزه عن الحيوان، وأعنى بها مجاوزة الواقع، بمعنى تكييف الواقع للإنسان، وليس تكييف الإنسان مع الواقع.

وتكييف الإنسان للواقع يعنى تغيير الواقع. وإذا تخلى الإنسان عن هذه القدرة - أى مجاوزة الواقع، أو غفل عنها، فلا يبقى أمامه إلا أن يستوى مع الحيوان فى الاستكانة للواقع. إن الفاعلية التى ينطوى عليها الإنسان لا تتوفر إلا إذا َوَعى حقيقة ذاته، أى إنها ليست إفرازًا آليا، لكنها إفراز مراد عن وعى.

لك مقولة عن الشرق تصفه بالفنان، إلى أى مدى يخلو هذا الشرق من الروح العلمية؟!

يستند هذا الوصف على تعدد نوعية الحضارات الإنسانية، وهى نزعة عنصرية، لا تختلف عن النزعة الصهيونية إلى الحضارات. فالحضارة فى حقيقتها واحدة، لكن مع تعدد مستوياتها ما بين التقدم والتخلف، فإن القانون الذى يحكم مسار الحضارة قانون واحد.

وهذا القانون ينحصر فى ارتفاع الإنسان من اللاعقلانية إلى العقلانية، أى من الاستكانة للطبيعة التى كانت فى العصر الحجرى إلى التحكم فى الطبيعة.

أعتقد أن الاستكانة فى العصر الحجرى لم تكن استكانة تامة، وإنما تضمنت مقاومة على نحو ما، وإلا لما تجاوز التاريخ هذا العصر.

المقاومة هنا لا تتجاوز التأثر بالطبيعة دون التأثير فيها. والدليل على ذلك أنه لم يجد فارق زمنى بين العمل وثمرة العمل، بمعنى أن الإنسان حين يجوع يصطاد ويأكل فورًا، وإذا لم يجد ما يأكله يموت جوعًا.

كيف يمكن للشرق أن ينخرط أو يندمج فى الحضارة الإنسانية؟!

إن النظر إلى الشرق على انه فنان يعنى - كما أشرت - ان نسبة اللاعقلانية فيه أكبر من نسبة العقلانية وكل المطلوب هو قلب هذه النسبة أو تغييرها بحيث تكون الغلبة للعقلانية. وبغير ذلك لا يمكن للشرق أن يندمج مرة أخرى فى مسار الحضارة الإنسانية.

على الرغم من أن الحضارة الفرعونية غذت الفلسفة اليونانية إلا أن هذه الفلسفة استطاعت أن تعيش إلى اليوم، بينما اندثرت أو توقف تأثير الحضارة الفرعونية، ودخلت المتاحف.

فما تفسيرك لذلك؟!

السبب فى ذلك أن العلم فى الحضارة الفرعونية نشأ خادمًا للعقيدة الدينية، فالأهرامات مثلًا على عظمتها ليست سوى مقابر يوضع فيها جثمان فرعون انتظارًا لعودة الروح. والتحنيط كذلك على عظمته لم يكن إلا حفاظا للجسم بحيث يكون مهيئًا لاستقبال الروح مرة أخرى، وليس فى فكر اليونان آثار دينية.

إلى أى مدى يمكن أن نقرر أن إفريقيا وآسيا تحملان فكرًا فلسفيًا يمكن أن ينهض إزاء فلسفات الغرب الأوروبي؟!

فى حدود علمى لم يأت الأوان بعد للحديث عن فلسفات آسيوية إفريقية. فمازال الفلاسفة فى هاتين القارتين يدورون حول التراث اللاعقلانى، لم يستوعبوا بعد الرؤية العقلانية التى أنقذت الحضارة الأوروبية من ظلمة العصور الوسطى.

وفى أى الدول الآسيوية الإفريقية يمكن أن ينتعش الفكر الفلسفي؟!

استطيع القول إنه يوجد نشاط فلسفى أكثر من أن يكون فكرًا فلسفيًا. وتأتى فى المقدمة الهند فى آسيا. وأعتقد أنه من الصعب الآن العثور على فلاسفة عظام بعد رحيل سارتر وهدجر ورسل وأعتقد أن هذا بسبب تعاظم الحركات الجماعية، وليس الحركات الفردية كما نجد فى الحضارة الأوروبية، لأنه حيث تكون الظروف الموضوعية من النضج يضعف بروز العامل الذاتى. وذلك أن العامل الذاتى يبرز بشكل متعاظم فى فترات التخلف الحضارى والتفسخ الاجتماعى.

وهنا تتطلع الجماهير إلى المفكر أو الزعيم.

ولهذا أعتقد أن مصير الفكر الفلسفى فى المستقبل سيكون فكرًا جماعيًا، وليس فكرًا فرديًا، بمعنى تكاتف المجموع أو الكل فى افراز فلسفة تعبر عن كيانها الجماعى، وليست فلسفة تعبر عن كيان فردى.

أما عن الشكل الذى ستأخذه هذه الفلسفة الجماعية فمن الصعب التكهن به. فى نهاية هذا اللقاء هل يمكن وضع اليد على أبرز الاتجاهات الفلسفية المعاصرة؟

الاتجاه الروحى ويمثله فى الهند فاسان، ويتحدث فيه عن الفلسفة فى الحضارة الإنسانية. الاتجاه القومى الإفريقى ويمثله فيلسوف إثيوبى يدعى سومنر، يعرض فيه لنشأة الفكر الفلسفى فى إفريقيا السوداء، ومعه أحد فلاسفة كينيا واسمه أوديرا أوراك.

الاتجاه الماركسى ويمثله فيلسوف بلغارى، يشغل رئاسة الاتحاد الدولى للجمعيات الفلسفية، ويتحدث عن الأسباب التى تدعو إلى تأسيس فلسفة واحدة لعالم الغد، ويقابله كرأى معارض فيلسوف فرنسى يدعو الى تأسيس فلسفات متعددة لعالم الغد.

الاتجاه الوصفى المنطقى ويمثله الفيلسوف الانجليزى الفريد آير نائب رئيس الاتحاد الدولى للجمعيات الفلسفية، الاتجاه الحضارى ويمثله فيلسوف أمريكى يتحدث عن الفلسفة كعامل مؤثر فى بناء الحضارة.

أما فى عالمنا العربى فيمثلها الفيلسوف المغربى محمد عزيز الحبابى، ويتحدث عن سياسة الثقافة فى خدمة السلام.

وعلى مستوى حضارة حوض البحر الأبيض المتوسط يمثلها الفيلسوف اللبنانى رينيه حبشى.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق