كثيرا ما يتساءل البعض عن أصل التقويم الهجرى وأسباب تسمية الشهور القمرية بما هى عليه اليوم. وفى ذلك يوضح الدكتور محمود عبده نور، أستاذ ورئيس قسم التاريخ الإسلامي، بجامعة الأزهر بأسيوط، أن هناك أربعة أمور يدور حولها التقويم الإسلامي، هي: مولد النبي، صلى الله عليه وسلم، ومبعثه وهجرته ووفاته. فتم ترجيح الهجرة، على ما عداها من الأمور الأخري، لوجود بعض الخلاف حول تاريخ مولد النبى صلى الله عليه وسلم، وبعثته. ولكن من المعروف أن هجرته، صلى الله عليه وسلم، كانت فى ربيع الأول، وكان يمكن أن يبدأ المسلمون سنتهم القمرية به، لكن البعض رأى أن يبدأوا بشهر رجب لأنه أول الأشهر الحرم، ورأى بعض آخر أن يبدأوا برمضان، لفضله ومكانته من تنزيل القرآن فيه، وبه ليلة القدر، وغير ذلك. وفضل آخرون أن يبدأوا بالمحرم، وانتهى الرأى إلى بداية العام بشهر (المحرم).
وثمة اتجاه يعلل ذلك بأن ابتداء العزم على الهجرة كان من المحرم، كما يذكر السخاوى لأن البيعة وقعت فى ذى الحجة، وهى مقدمة الهجرة، فكان أول هلال استهل بعد البيعة، والعزم على الهجرة، (هلال المحرم)، فناسب أن يبدأ به العام، هذا هو المشهور فى وقت وضع التقويم، لكن ثمة رواية صحيحة تقول إن وضع التاريخ كان فى عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، وبعضها يحدد ذلك بأنه كان بأمره، صلى الله عليه وسلم، عند قدومه المدينة فى شهر ربيع الأول، ومنها: رواية الزهرى: (إن النبي، صلى الله عليه وسلم، لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ- وَقَدِمَهَا فِى شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ- أَمَرَ بِالتَّأْرِيخِ)، وهذه الرواية ذكرها كثير من المؤرخين، منهم الطبرى بسنده، والسخاوي. وفيما أورده الطبرى حول (إن أول من أمر بالتأريخ فى الإسلام هو عمر بن الخطاب). فإن ما حدث فى عهد عمر هو التقنين والتحديد لشكل التقويم وليس وضعه من الأساس.
أسباب التسمية
وحول أسماء الشهور القمرية أوضح د. نور، أن هذه المسميات كانت قبل الإسلام، حيث سمت العرب تلك الشهور بما رأته يتسق مع وقتها من الأحوال. فشهر صفر، معناه الخلو، حيث تصبح بيوت العرب صفرا أى خالية لخروجهم منها إلى الصحراء بعد الأشهر الحرم. ربيع الأول والآخر، فجاء المسمى بسبب نزول المطر (وارتباع) الأرض وخصوبتها فى وقتهما. أما جمادى الأولى والآخرة، فجاء المسمى من جمود الماء للبرودة الشديدة فى وقتهما، أما رجب ومن معانيه (المهاب)، وهو رجب الفرد لتفرده وحده بين الأشهر الحرم، والهاديء لعدم سماع صوت السلاح لحرمة القتال فيه. أما شعبان، فجاء من (التشعب)، حيث تشعبت فيه العرب على أكثر من صورة، بعضها خاص بالقتال، وبعضها خاص بالقبائل والشعوب.
أما رمضان، فمن (الرمض) لأن الأرض ترمض فيه من شدة الحر، وفى الإسلام تحترق فيه ذنوب الصائم من المسلمين.
أما شوال، لأن الإبل تتناسل فيه (تشيل أذنابها)، أما ذو القعدة، لأنه فيه يقعد العرب فى بيوتهم، بعد القتال والصيد وغير ذلك من (الأشهر الحرم)، أما ذو الحجة فسمى بذلك، لأن العرب كانت تحج فيه إلى البيت الحرام.
رابط دائم: