ندى طفلة لا تتجاوز العاشرة من عمرها وظهرت فى فيديو حقق أعلى نسبة مشاهدة خلال الأسابيع الماضية على مواقع التواصل الاجتماعى وفيه توجه رسالة لوالدتها التى تذكرها بالاسم الثلاثى وكذلك عائلة والدتها وتكبل لهم اتهامات وتؤكد خلاله أن والدها لم يخطفها كما تدعى والدتها التى تكرهها من كل قلبها كما قالت فى الفيديو لأن «بابى راجل طيب» وليس شريرا زى «مامى».
حكاية «ندي» من الحكايات التى يندى لها الجبين وتحمر الوجوه خجلا حيث أصبح استخدام الأطفال فى خلافات الآباء بهذا الشكل المزري.
والحكاية باختصار أن ندى لها أخت أصغر منها وقع الطلاق بين والدها ووالدتها وصل إلى المحاكم، وقضايا من تبديد منقولات إلى اتهامات بالسرقة ونفقة وحضانة وطاعة وما تيسر وفى أحد الأيام مرضت ندى فأدخلتها والدتها المستشفى ومن هناك زارها والدها واستطاع بشكل ما أخراجها من المستشفى وسافر بها إلى كندا.
الأم أشعلت مواقع التواصل الاجتماعى تنديدا بالأب وفعلته فرد الاب بـ«فيديو» يبرئ فيه نفسه كانت بطلته الطفلة التى توجه رسالة لأمها تخبرها فيه أنها تكرهها جدا لانها لا تعرف الرحمة «ومتعرفش ربنا» وكانت تجوعها وتضربها وانها مفترية وخالاتها وجدها أيضا كلهم لا يعرفون الرحمة ولا يعرفون ربنا لانهم اعتدوا على والدها الطيب وسرقوا ممتلكاته ثم بدأت تعدد لكل فرد من افراد الاسرة جريمة مشينة بناء على تلقين الاب ولم تنس اختها الصغيرة التى تتمنى أن تراها وتطلب منها ألا تستمع لكلام «الست اللى ولدتها» فقد رفضت ان تقول ماما وفضلت ان تمنح هذا اللقب لزوجة ابيها «ماما بوسي»
هكذا وصل الأمر بين الآباء والأمهات بعد الطلاق وتحول الأبناء إلى تروس فى المعركة بغض النظر عن تأثير الأمر عليهم، المهم أن ينتقم أحد الطرفين من الآخر وأن ينكل به.
وإذا كانت قصة ندى الصغيرة قد ذاعت على مواقع التواصل الاجتماعى فهى ليست الوحيدة من نوعها فواقع الحال أن المطلقين والمطلقات فى بلادنا قليل منهم يهتمون أو يفكرون فى مصلحة الأبناء وأصبح من العادى أن نجد أبا يوصل رسالة كراهية لوالدة ابنه التى تحرمه رؤيته و امهات يظهرن على شاشات التليفزيون ويتبارين فى التشنيع على آباء أبنائهن فهو البخيل أو ابن أمه أو عديم الشخصية رغم ان أولادهم يشاهدون ويتابعون مواقع التواصل غير عابئين بتأثير ما يحدث من خلافات وتشهير وتشنيع
دراسة بريطانية حديثة أكدت أن تأثير الخلافات الزوجية على الأبناء أكثر خطورة وأكثر ضررا على الأبناء من الطلاق نفسه فالطلاق على الرغم من أنه سيمثل صدمة فى كل الحالات بالنسبة للطفل وفى أى سن فإن تأثير الطلاق أخف وطأة من تأثير الخلافات قبل الطلاق وبعده فالابناء الذين يعيشون فى بيوت يتشاجر فيها الآباء يعانون من التشتت وعدم التركيز وضعف التركيز والعدوانية وفقدان الشهية والاكتئاب والحزن وعدم القدرة على التواصل السوى مع الآخرين.
يقول د.نبيل القط، استشارى الطب النفسي، إن إشراك الاطفال فى الخلافات واستخدامهم جريمة متكاملة الأركان ولا يحق لأى طرف أن يشوه صورة الطرف الآخر مهما يفعل أو يصدر منه بالعكس لابد ان يتوصل الطرفان لتسوية مرضية تناسب ظروفهما وظروف الابناء ولا تحرمه من رؤية أبيه أو أمه وبعض الأمهات تساوم الأب على دفع النفقة فتجعلها مقابل الرؤية وهو امر يجب ألا يحدث حتى ولو كان الأب لا ينفق على ابنه فليس من حق أى شخص أن يحرمه من رؤية ابنه مهما يكن ولا يجوز أن تسيء الام للأب او تجرح صورته مهما يكن من اجل السلامة النفسية للأبناء.
ويضيف أنه لا يجوز الاستهانة بقرار الطلاق وتأثيره على الطفل وألا بعد الأب والأم أنفسهم المعنيين بأمر الطلاق وهما فقط الخاسران.
ففى أى سن يحدث الطلاق سيكون صدمة كبيرة للطفل ولذلك لابد ان يحتاط الأبوان جيدا.
ولكن كيف أنقل خبر الطلاق للابناء: يقول الاستشارى النفسى أن الأطفال قبل سن السابعة لا يستطيعون الادراك جيدا لأبعاد الموضوع وليس من المفضل أن نخبرهم التفاصيل والاسباب ففى هذه السن الطلاق بالنسبة للطفل يعنى فقد والده ولن يراه ثانية ومن الممكن ان تخبرهم الأم ان الأب يتأخر فى عمله او أنه سيأتى لزيارته لاحقا أما بعد السابعة فلابد من أن يجتمع الأب والأم بالابناء وينقلا الخبر فى صورة ودية ويخبروهم أن الأمر هو لسعادة الطرفين وان ذلك لن يؤثر على حب الأم والأب للأبناء وفى سن أكبر بعد الخامسة عشرة من الممكن ان يشرح الأب والأم الأمر بطريقة أوضح تناسب المرحلة السنية ومن الممكن ان يتحدثا معها فى مشكلاتها الشخصية والتحدث معهم كأصدقاء.
ولكن هناك العديد من الاخطاء التى يرتكبها الكثير من الآباء والأمهات بعد الطلاق والتى قد تدمر نفسية طفلك يلخصها الكاتب الأمريكى الذائع الصيت جار نومان المتخصص فى الاستشارات الأسرية والتربوية وهي:
لا تجعل من ابنك مرسالك فلا يجوز ان يحمل الابن رسائل بين والده ووالدته المطلقين فإذا أرادت الأم ان يرسل الأب شيك النفقة فعليها ان تطلب ذلك منه مباشرة ولا تجعل الابن مرسالا بينها وبين الأب والعكس صحيح.
لا تجعل ابنك جاسوسا فلا تطلب منه ان يخبرك عن تفاصيل منزل والده أو امه وأخبار أقاربه وحياة زوجة والده او زوج والدته ولا تسأله عن تفاصيل من اجل إشباع فضولك عن طليقك او طليقتك.
لا تجعله مستشارك النفسى فلا ذنب له ان يراك تشتمين او تبكين او تندبين حظك بعد الطلاق فلا تحمليه فوق طاقته فلا ذنب له فى قرارك واختيارك.
لا تنسى أن لك نصفه فقط فلا تنتقدى والده لانك بذلك تنتقدينه هو شخصيا وهو يحتاج لشخص يستمع إليه اكثر منك انت شخصيا فحاولا ان تتذكرى ان اباه او امه بنسبة النصف فقط فاحترمى هذه الحقيقة.
لا تدعيه يشعر بالغرابة فعندما يذهب لزيارة والده او يقضى معه إجازته الأسبوعية لا تحاولى أن تجعليه يعطيك تفصيلات ولا تشعريه أن هذا عملا غير عادى وانك تتألمين لغيابه بل اجعلى الأمر يبدو كما لو انه قام بزيارة قصيرة لصديق أو لبيت جدته ولا تجعليه يستغرب عالمه ويشعر انه يعيش عالمين متناقضين.
رابط دائم: