-
التعديات الصارخة تقلصت مساحتها من 57 ألف فدان إلى 17 ألفا
-
الصيادون: عددنا 20 ألفا بلا تأمين.. و98% منا مصابون بالأمراض.. ونعانى نقص المعدات
-
المحافظة: طورنا 227 فدانا بتكلفة 46 مليون جنيه
منذ سنوات طويلة كانت بحيرة إدكو موصومة بأنها بحيرة الحيتان، وبها مافيا المزارع السمكية التى اعتدت على ألف فدان، ولم يكن معروفا من المسئول عنها، هل هى المحافظة أم هيئة الثروة السمكية..
والآن امتدت أيدى التطوير إليها، ورغم أن المساحة التى تم العمل فيها قليلة جداً مقارنة بما هو مخطط للتطوير،إلا أنها وضعت على المسار الصحيح.. بداية نشير إلى أن بحيرة إدكو تقع على الحدود الشمالية لمحافظة البحيرة، وأنها تعرضت لمحاولات عديدة للاستيلاء عليها خاصة فيما عرف بمناطق الصيد الحر «3 آلاف فدان»، وفى مرحلة سابقة فوجئ أهالى البحيرة والمنطقة المجاورة لها بمعدات وحفارات برمائية تقتحم البحيرة وتنشئ طرقاً وجسوراً بداخلها تمهيداً لتجفيفها، وتجمع آنذاك ألف صياد وقفوا ضد هؤلاء المعتدين على البحيرة التى ولدت من رحم زلزال عنيف اجتاح مصر فى القرن السادس الميلادي.
وتعرف باسم «الأراضى الرطبة» بالوجه البحري، تكونت عليها من مياه النيل وطمية ومياه البحر المتوسط فأصبحت موقعاً مناسباً للأسماك النيلية والبحرية، لكن أسهم الاعتداء عليها فى تقلص مساحتها حتى وصلت إلى 17 ألفا بعد أن كانت 57 ألف فدان عام 1946 وتحولت إلى أراض وأبنية.
وعندما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى «أنا هرجع بحيرات مصر تاني» عاد الأمل من جديد للنهوض بثروة قومية مهملة، فقد أعطى إشارة صريحة لتحركات جادة من قبل الدولة لتناول هذا الملف، مما جعل جموع الصيادين يتطلعون لشروق صباح جديد على بحيرات مصر الخمس لإعادة الحياة لها و منحها قبلة الحياة.
يقول سلامة سنيور،عضو مجلس إدارة جمعية الصيادين بالمعدية، إن البحيرة تعانى عدة مشاكل منها تلوث المياه نتيجة الصرف الزراعى والصناعى والصحى بها بشكل مباشر، إضافة إلى التعديات التى زادت بعد ثورة يناير بشكل مكثف من قبل بعض أصحاب النفوذ بالمدينة رغم وجود القانون 124 لسنة 83 الذى ينظم صيد الأسماك والمزارع السمكية بالبحيرة لكنه غير مفعل، ويقول عبدالحميد سلامة، الذى يعمل فى مجال الصيد منذ ستين عاماً، أن الصياد منذ صغر سنه يتعامل مع البحيرة وظروفها مثل تقلبات الطقس والعوامل الجوية التى ينتج عنها الأمراض المزمنة منها الانزلاق الغضروفى والبلهارسيا والخشونة، فالصياد يبدأ رحلته مع الأمراض وهو لم يبلغ 40 سنة، ولا يوجد تأمين صحى إضافة الى خروجه للمعاش فى سن 65 سنه، و2 % فقط من الصيادين من يصل لسن المعاش وهو قادر على العمل، أما الباقون فيعجزهم المرض عن المواصلة أو الموت، لذا نطالب الرئيس السيسى أن يكون سن المعاش للصيادين هو الستين، فقد تعبنا ومرضنا والتأمينات عالية بالنسبة لنا ولا يوجد من يدعمنا، فشركة معدات الصيد كانت تورد المعدات للجمعيات،وبعد الجمارك وزيادة الرسوم لم تعد الشركة تمد الجمعيات بالمعدات، وبالتالى أصبحت الجمعيات غير قادرة على مساندة الصياد.
والبحيرة لم تعد كما كانت زمان بسبب التعديات الكبيرة التى أكلت الكثير من المساحات منها فقد كانت 57 ألف فدان الآن 17ألفا، بالإضافة الى أن هناك منطقة اسمها «الكنايس» تتبع كفر الدوار استولى عليها جماعة من الصيادين مغلقة عليهم، ومن يحاول الاقتراب يعانى الصدام الكارثي، ليت الدولة تهتم بتطهير البحيرة وفتحها على بعض وإزالة التعديات .
أما ابراهيم عبدالحميد،مالك مركب وعضو جمعية الصيادين، فيقول: إننا نطالب بتفعيل الدور الرقابى للمسطحات المائية والثروة السمكية وجميع الجهات المختصة ضد الصيد الجائر، فالمزارع تفتح بوابات البحيرة لجلب الأحواض، وهى عملية سحب السمك داخل الأحواض، وهذا مخالف للقانون 124 لسنة 83، والبعض ممن ماتت ضمائرهم يقومون بتجريف «ذريعة» السمك لصالح مصانع العلف، وفى هذا تدمير للثروة السمكية، كما أنه لا يوجد رقابة من أى نوع على المزارع السمكية لا من المسطحات ولا من الثروة السمكية، والمحاضر المحررة على الورق للمزارع يتم عمل مصالحة عليها، وبالتالى يعود أصحاب المزارع للمخالفة من جديد.
ويوضح محمد ابو النهي،مدير جمعية الصيادين بالمعدية، أن ميناء الصيد تم إنشاؤه من خلال منحة يابانية قدرها 71 مليون دولار وكانت فخرا لصيادى الميناء، ثم حدث فيها نسبة ترسيبات تفوق الحدود فى دخول وخروج المراكب للميناء، ومنذ 2008 حتى الآن يتم مخاطبة الثروة السمكية لقيامها بدورها فى تطهير المياه منعا للمشاحنات بين المراكب، إلا أنها لا تتحرك على الإطلاق معللين بعدم ورود ميزانية رغم وجود دخل للبحيرة، وهذا الميناء يقوم على خدمة الإسكندرية والبحيرة وكفر الشيخ وموانى المتوسط، إضافة إلى انتشار ظاهرة وقف الصيد فى البحر المتوسط وحتى المعدية والسماح لمناطق أخرى كرشيد والمكس بالصيد رغم أن المعدية أساس الصيد، وكان المطلوب هو تحديد المناطق المحظور الصيد فيها واتخاذ إقرار على الصياد، منذ فترة وجيزة كان الوقوف 24 ساعة كحد أقصى الآن يتجاوز 20 يوما والصياد أجير يومى وليس له مهنة أخري.
وعن تطوير البحيرة صرح حازم الأشموني،السكرتير المساعد للمحافظة بأن البحيرة تطل على ثلاثة مراكز إدارية هى إدكو وكفر الدوار وأبوحمص، ويعمل بها حوالى 20 ألف صياد، وتتصل بالبحر المتوسط عن طريق بوغاز المعدية و مساحتها حاليا 17 ألف فدان تقريبا تغطى النباتات المائية 60% منها، ووفقا للأبحاث العلمية المفترض أن تكون 30% فقط، ومن جانبها قامت المحافظة بجهود لتطوير 227 فدانا بتكلفة 46 مليون جنيه من خلال الخطة الإستثمارية منذ خمس سنوات سابقة (2014 إلى 2019) ومن المعروف ان البحيرة تنتج 10 آلاف طن أسماك سنويا 90% منها بلطى والباقى قراميط، ويضيف الأشمونى أن المحافظة قد قامت بجهود كبيرة لتكرير البحيرة ضمن الخطة الماضية، لكنها مازالت تحتاج للكثير من العمل.
ويقول أحمد عبدالفتاح ـ الباحث فى التاريخ والآثار إن بحيرة إدكو من أعجب البحيرات فلم تكن على خريطة مصر قبل القرن السادس الميلادي، حيث كانت عبارة عن مدن وقرى وحقول بالغة الخصوبة والجمال، وكما ذكر المؤرخ «ابن الحكم» أن منطقة بحيرة إدكو كانت إقطاعية لزوجة «المقوقس» حاكم مصر الذى خاطبه رسول الله «صلى الله عليه وسلم» فأهداه المقوقس السيدة ماريا زوجة الرسول، ولكن ضرب تلك الاقطاعية زلزال عنيف أدى إلى انخفاض فى مستوى الأرض، ومن خلال فتحة المعدية تدفقت المياه منها عاما بعد آخر فصب فيها فرع النيل ومياه البحر فغطتها المياه وأصبحت بحيرة على مساحة 35 ألف فدان، لكن هناك مناطق مرتفعة بها لم تطلها المياه، فأصبحت جزرا داخلها وأشهرها جزيرة الذهب والقصور الشرقية والغربية،وعثر بقاع البحيرة على أحجار ضخمة، ومعاصير حجرية، وآبار وسواق وقنوات وأقدم النقوش التى عثر عليها وذكر بها اسم البحيرة فى القرن التاسع كما ذكر المؤرخ المقريزى عن ابن الحكم، مما يؤكد أنها ليست بحيرة قديمة وأن كلا من المؤرخ هيرودوت وأسترابون وبطليموس الجغرافى لم يذكروا شيئا عن البحيرة،مما يؤكد سلامة صحة المصادر العربية والجيولوجية،وتعود كلمة ادكو إلى أصل كلمة «قبطية» وتعنى الأرض المرتفعة.
رابط دائم: