-
علماء الدين: نقض للميثاق الغليظ ومخالفة واضحة للشرع
-
قانونيون: الإقرار والبينة واليمين.. ثلاث طرق للإثبات
كلمة لا تتعدى حروفها الأربعة أحرف «طالق»، تطلق كالقذيفة فى لحظة غضب من زوج فقد السيطرة علي نفسه فتنطلق من فمه أقسى كلمة يمكن أن تقال فى وجه الزوجة، وما يلبث أن يدرك تبعاتها من دمار للمنزل وهدم لحياة زوجية استمرت سنوات.
العيب ليس فى الطلاق فى حد ذاته، فهناك حالات يختار فيها الزوجان الانفصال بإرادتهما وبينهما كل الود والاحترام.. وإنما تكمن الخطورة فى ظاهرة انتشرت أخيرا بشكل مخيف هى تطليق الزوج زوجته شفهيًا بشكل متكرر كلما امتلكه الغضب ولا يلبث أن يهدأ ويتناسى الأمر ولا يذهب لتوثيق الطلاق، ضاربًا عرض الحائط بالشرع والدين، بل وصل الأمر بالبعض إلى أن يحتفظ بقسيمة للزواج وأخرى للطلاق ويتحايل على القانون للاستفادة بميزات المتزوجين بينما يظهر وثيقة الطلاق وفقًا لأهوائه الشخصية.
حالات نسائية عديدة لجأت لمحاكم الأسرة بتلك المشكلة، وأخريات التقينا بهن ليروين ما عايشنه بالفعل.
تقول إيناس القاضى: حيرة كبرى ودوامة من الألم تقع فيها المرأة التى يكون زوجها غير واع لخطورة إطلاق لفظ الطلاق، وقد جاء حظى العثر بأن أرتبط بشخص عديم الخلق، فلقد ألقى يمين الطلاق أكثر من عشر مرات ولكنه فى كل مرة يريد إقامة الحياة الزوجية بيننا، ويكذبنى أمام الأهل حينما أخبره بأننا محرمان بحكم الشرع على بعض، ولكن مع عناده الشديد اضطررت لرفع دعوى الخلع لأننى لا أطيق ان أقضى حياتى وأنا فى «عيشة حرام» .
تؤيدها فى الرأى أمل شكر الله ـ التى تناولت أطراف الحديث مؤكدة أن من يفرط فى زوجته وفى عشرتها ويستسهل إطلاق لفظ الطلاق لأكثر من مرتين؛ هو شخص لن يقدرها ولو بعد مائة عام، وأن من يرضى لنفسه وزوجته أن يعيشا فى حرام بعد أن كانا زوجين هو بكل تأكيد شخص غير مسئول ولابد للزوجة أن تنأى بنفسها بعيدا عنه حتى وإن كلفها الأمر ما لاتطيق .
القانون.. والدين
من الناحية الدينية ينوه الشيخ أحمد عبد الكريم الواعظ بمجمع البحوث الإسلامية وعضو لجنة التحكيم بمحاكم الأسرة لوجود حالات بها مخالفات صريحة للشرع، ومنها إطلاق يمين الطلاق على الزوجة أكثر من المرات الشرعية التى حددها القرآن بثلاث طلقات كما قال تعالى:«الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان»، ولأن الزواج علاقة مقدسة سماها الله تعالى بالميثاق الغليظ فإذا وصل الأمر لإطلاق الزوج يمين الطلاق الصريح الذى لا يحتاج إلى نية ووصل للطلقة الثالثة ؛ فلا تحل له إلا بعد ان تنكح زوجًا غيره ،ووجب عليه توثيق هذا الطلاق.
ويشير إلى دور مجمع البحوث الإسلامية المحورى فى الفصل بين النزاعات عن طريق لجان الفتوى بالقرى والمحافظات، ولجان الوفاق الأسرى التى تقوم بمحاولات لمّ الشمل والرد على المشكلات تليفونياً .
في السياق نفسه يوضح علاء شاكر «المأذون الشرعى» وجود العديد من الحالات التى تستجير من تجبر أزواجهن، وخاصة فى جزئية مخالفتهن للشرع وإطلاق يمين الطلاق عليهن أكثر من عدد المرات الشرعية التى حددها القرآن بثلاث طلقات، فهناك من ترفع قضية تطليق للضرر وأخريات يلجأن للخلع والتنازل عن حقوقهن درءاً بأنفسهن من زوج عديم النخوة والضمير اضطرها للتضحية بأمانها واستقرارها النفسى والمادى، موضحاً أن الشرع والقانون معهن قلبًا وقالبًا، أنه يومًا ما عند الله تلتقى الخصوم .
ويقول المستشار كريم أبواليزيد ـ المحامى بمحاكم الأسرة إن مشكلة الطلاق الشفهى هى ضياع حقوق المرأة والأطفال، كما ان المرأة تعيش فى هذه الحالة كـ «البيت الوقف» لا متزوجة أو مطلقة وليس من حقها أن تتزوج مرة أخرى، وإذا اضطرت الزوجة للخلع فسوف تتنازل عن كامل حقوقها من مؤخر ونفقتى المتعة والعدة، ويواصل أبواليزيد: فالرجل يتناسى أمر الله عز وجل حين نص فى القرآن الكريم عن المعاشرة بالمعروف أو التسريح بإحسان ، وهناك نص قانونى فى المادة 21 من القانون رقم 1 لسنة 2000 ينص على عدم جواز إنكار واقعة الطلاق، وعلى الزوجة المتضررة أن تحاول إثبات الطلاق والإتيان بشهود عليه كما نص القانون «البينة أو حلف اليمين عند إنكار الزوج وعدم وجود شهود». والجدير بالذكر ان بعض الزوجات يقعن فى فخ بعد الطلقة الثالثة وعدم توثيق الطلاق بأن تلجأ للارتباط عرفياً ظناً منها انه الحل السحرى للرجوع للزوج من جديد؛ فهى بذلك تعرض نفسها للوصم المجتمعى وعقوبة الحبس وفقا لقانون العقوبات المصرى للجمع بين زوجين، ويرى أبواليزيد أن الحل الأمثل لهذة المشكلة هو تقييد حق الرجل فيه، بأن يضع البرلمان تشريعاً رادعاً وعقوبات شديدة ضد من يمتنع عن توثيق الطلاق ويفتح الباب أمام المرأة لإثبات الطلاق بطرق شتى ولا يقتصر على وجود الشهود فقط، كاستخدام وسائل الاتصال والتصوير أو التسجيل وغيرها، وذلك حتى لا يظن بعض الرجال ان يمين الطلاق سيف يستطيعون تسليطه على رقاب الزوجات.
«لم الشمل» و«مودة»
ورغم أن معدل الطلاق فى مصر يبلغ 2٫1 حالة لكل 1000 نسمة من السكان، وهو معدل عادى عالميا، فإن أجهزة الدولة تتبارى لإعداد برامج مخصصة للصلح بين الأزواج والتوعية بمخاطر الطلاق ومنها المجلس القومى للمرأة، ببرنامج «وحدة لم الشمل» تحت رعاية الدكتورة مايا مرسى، الذى خصص له المجلس القومى للمرأة وحدات خاصة لاستقبال الحالات والشكاوى والاستفسارات على صفحة المجلس على مواقع التواصل الاجتماعى .كما أطلقت وزارة التضامن الاجتماعى مبادرة «مودة» لتوعية الشباب المقبل على الزواج للحفاظ على كيان الأسرة وتوجيه الإرشاد الأسرى بما يسهم فى خفض معدلات الطلاق وإرساء مبادئ اختيار شريك الحياة ومراجعة التشريعات التى تدعم كيان الأسرة.
رابط دائم: