-
والده اشتهر بلقب «طبيب الغلابة» فى مدينة العاشر من رمضان
-
-
أراد الذهاب لسيناء بعد استشهاد صديقه البطل رامى حسنين رامى ليثأر له
-
-
سبق له الخطبة مرتين وحين تقدم لخطبتى تجاهلنى فشعرت بالغضب!
-
-
طلب منى أن أدعو له بنيل الشهادة.. وهذا رده على سؤالى: وماذا نفعل أنا وأولادك من بعدك؟
يا سارقا فرحها.. يا قاتلا أولادها
قد هان عليك بكاؤها
اخشع فنحن جيشها
قلبها، أمنها، اسود جبالها
نحن صقور سمائها
نحن قروش مائها
جحيم لك يا من جرأٌت على إثارة حفيظتها
هذه ليست كلمات شاعر محترف أو كاتب بارع فى التلاعب بالألفاظ، بل عاشق يكتب بحبر القلب و مغرم يبث محبوبته أسرار هيامه ويقدم دماءه قربانا لها على مذبح العزة و الشرف. هو أحمد صابر منسى، الذى أصبح على عكس اسمه من خيرة شباب المحروسة الذى سكن للأبد ذاكرة المصريين ببطولاته وأخلاقه وتضحياته فى عشق محبوبته الكبرى مصر. كثيرون هم شهداؤنا من رجال القوات المسلحة، لكن منسى قائد كتيبة الأسود بسيناء الذى واجه بصدره العارى أفاعى الإرهاب، صار رمزا و أسطورة و اسما ملهما و صفحة جديدة فى كتاب عشق الوطن.
ننفرد هنا بأول حوار شامل وحصرى مع السيدة منار، أم حمزة، أرملته لتكشف لنا عن الوجه الآخر: عريسا وزوجا وابنا وأبا:
آثرت بداية الحديث معها عن قصة زواجهما، وكيف تم التعرف بينهما، وهل تجمعهما قرابة؟
نحن أقارب ومن قرية بنى قريش بمركز مينا القمح بمحافظة الشرقية، فوالدته ابنة عم والدتى، فرقتهما دروب الحياة بعد زواج كليهما، حيث تزوج والداى وسافرا معا للسعودية لعمل والدى هناك لسنوات طويلة،بينما عمل والد احمد كطبيب فى بدايات زواجه بالصعيد بناء على تكليفه من مديرية الصحة حينها «والذى عرف بلقب «طبيب الغلابة» فى مدينة العاشر بعد إقامته بها وذلك لحرصه على خفض قيمة الكشف على المرضى حيث بدأها ب5 جنيهات ولم تتعد 10 جنيهات حتى وفاته فى عام 2014»، ولم تتواصل العلاقات الأسرية حتى بعد استقرار أسرة احمد فى مدينة العاشر من رمضان. أسرتى استقرت بمركز مينا القمح، لكن القدر عاد وجمعنا بشكل خارج عن أى توقع، وخاصة أن احمد سبق له الخطبة مرتين بفتاتين بمدينة العاشر،ولم يكن له نصيب فى تمام الزواج مع أى منهن، فرغم انه كان الابن الأوسط بين أشقائه، إلا انه خطب وتزوج قبل شقيقه الأكبر لتخرجه من الكلية الحربية قبله، وسر زواجنا كان تلبية لرغبة والده للعودة للجذور والارتباط بأصولهم، حيث انه كان من أكثر الشخصيات المتمسكة بالأصول والأعراف والتقاليد الريفية ولاسيما بعد فشل ارتباط أحمد مرتين، فمشكلة المدن الجديدة أن سكانها من أصول متباينة، وليس من اليسير معرفة جذور كل أسرة فيها كحال الأهل بالقرى بالريف والصعيد.
هل أطلعك على سبب فشل ارتباطه السابق؟
معظم حديث احمد لى عن ارتباطه السابق بالخطبة الثانية أما الأولى فلم تؤثر فيه، وصرح لى انه حارب كثيرا من اجل إكمال ارتباطه بالفتاة بعد أن عاودت الاتصال به تعتذر منه عن حماقة شقيقيها وإجبار والدته على إلغاء موعد الزفاف الذى تم تحديده لغيرته من منسى واعتماد والدتها عليه فى كل المواقف والمشاكل التى يمرون بها، فوعدها انه لن يرتبط بغيرها وسيعيش حياته أعزب إذا أستمر والده على رفضه الزواج منها، وبطبيعة أحمد وللوازع الدينى القوى، دائما ما كان يلجأ لرأى علماء الدين فى كل أمور حياتنا والمشاكل التى مررنا بها «وهذه كانت من أجمل طباعه»، وقد استفتى بالفعل أحد الشيوخ فى مدى جواز مخالفة قرار والده بإنهاء ارتباطه مع هذه الفتاة لقناعته أن عائلتها لا تحترم الأصول والارتباط بها لن يجلب سوى مزيد من المهانة.
وماذا قال الشيخ له؟
كان رأى الشيخ انه فى حال وجود زواج وبيت قائم فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، وما جاز له فى هذه الحالة الانصياع لرأى والده بالانفصال عن زوجته وطلاقها، لان هذا معناه خراب البيوت ومن المحرمات، أما وأن الأمر لم يتعد الخطبة فعلية تنفيذ آمر والده وفسخ الخطبة.
وكيف كان اللقاء الأول وما كان انطباع المنسى؟
بذات الروح المرحة وخفة الظل قالت: هذا اللقاء كان مليئا بالمفارقات بدأت حين تلقت والدتى اتصالا من والدته على غير العادة، وأبلغتها برغبتها فى زيارتنا لخطبة واحدة من بناتها لابنها احمد، بالرغم أن التقاليد والأعراف فى المجتمع المصرى وخاصة الريفى، تقضى بزواج البنت الكبرى أولا، إلا أن والدة احمد لم تذكر فى مكالمتها أيا من البنات يتقدمون لخطبتها، ووالدتى وفقا لهذه العادات والأعراف ركزت على أن تكون شقيقتى الكبرى فى بؤرة الضوء. و مع هذا فوجئت إنها تطلب منى حضور المقابلة، وهو الأمر الذى رأيت فيه إهانةً بالغة لكرامتنا، إلا أنه مع إصرار والدى واحتراما لرأيهما انصعت ووافقت على حضور المقابلة. أولى المفارقات أن شقيقتى هى من استعدت وتزينت للمقابلة على عكسى تماما حيث صممتٌ على النزول بطبيعتى دون تزين أو ارتداء شيء ملفت، وتبعتها المفارقة الكبرى بان العريس المرتقب لم يحضر اللقاء،حيث لم يأت سوى والديه بهذه الزيارة.
وكيف وقع الاختيار على منار إذن؟
كان هذا مفاجأة غريبة بالنسبة لى، فبعد يومين من الزيارة ومداولات مع أحمد ووالديه،اتصلت والدته بأمى تبلغها أن والده ليقينه بنوعية الشخصية التى ينشدها ابنه فى زوجة المستقبل أختار منار لبساطتها وتلقائيتها.
وكيف كان اللقاء الأول بينكما؟
وجدته مرتدى تيشرتا عاديا جدا وبنطلون جينز وكوتشى رياضيا وكل تركيزه فى متابعة أحداث مباراة بين الأهلى والزمالك «بالتليفزيون وعند مصافحتى له مد يده مشيحا بنظرة تجاه شاشة التلفاز لمتابعة المباراة دون آن يلتفت لى» بنظام تطفيش» ولدرجة أن والده دعاه أن نجلس سويا، فأجابه بلا مبالاة، بعد نهاية الشوط الأول فى فترة فاصل المباراة، فغادرت الغرفة وداخلى بركان يغلى واشعر أنى لو انفردت بالجلوس معه سأنفجر فيه.
ماذا حدث فى اللقاء وغير تفكير ومشاعر كل منكم لهذه الدرجة؟
بروحها المرحة،قالت: احمد كان من الشخصيات المفوهة والمرحة فى آن واحد، وفقا للعادات العائلية باعتبارنا عروسين قدموا لنا عصير المانجو، وحينها، تناول ثلث شرابه وطلب منى شرب الباقى، وبكل تلقائية ودون تردد أخذت منه العصير وشربته، ومن هنا بدأت الجلسة تتغير أجواؤها، وبدأ كل منا يشعر براحة غريبة تجاه الأخر،وانكسر حاجز الصمت.
متى تزوجتما؟
فى توقيت خطوبتنا كان متقدما لفرقة السيل «فرقة قوات الصاعقة» الأمريكية والتى تعد اقوى فرقة للقوات الخاصة على مستوى العالم كله، ولتمكنه من الانضمام لهذه الفرقة كان عليه اجتياز اختبار باللغة الانجليزية ولهذا حصل على دورات دراسية عدة فيها، وكان مشغولا جدا من بداية خطبتنا فى هذه الدورات ليتمكن من الحصول على الفرقة والسفر لأمريكا، ولكنه تعثر ولم يجتز الاختبار إلا بعد أن تزوجنا عام 2005 بعد فترة خطوبة عام واربعة شهور.
ما طبيعة هذه الفرقة وكيف تقدم لها؟
بسم الله ما شاء الله أحمد كان يملك قدرات بدنية عالية،وهذه الفرقة عبارة عن مجموعة تدريبات خاصة ويتقدم لها المئات يتعدوآ الـ 400 ضابط ومن يجتازوها لا يتعدوا ال26 ضابط فى مصر وأمريكا، واحمد حصل عليها من مصر أولا، وبعدها تقدم للحصول عليها من أمريكا، وهى من الفرق القوية ولا يتخطاها إلا من يملك قدرات بدنية خاصة،وقد حكى لى أحمد انه تعرض لموقف صعب فى الاختبارات النهائية بأمريكا،حيث تعرض قبل موعد اختبار للقفز بأربعة أيام لكسر إجهادى فى قدمه من قسوة وكثرة التدريبات،واجتيازه أمر لا مناص منه وإلا تضيع عليه الفرقة كلها ومجهود ال8 شهور الذى قضاها فى التدريب بأمريكا، وعملية التجبيس كانت ستمنعه من ارتداء الحذاء الرياضى ليقفز.
كيف تصرف فى هذا الموقف؟
ربط قدمه برباط ضاغط وارتدى فوقها أكثر من جراب ثقيل واجتاز وهو يبكى بالدموع مع كل قفزة على قدمه متحملا ضراوة الألم وحصل على الفرقة.
شعرت انك محظوظة بتزوج رجل بهذه الشخصية القوية والمعطاءة، نادرة الوجود فى هذا العصر؟
هذا حقيقى، فاحمد كان رجلا بكل ما تحويه الكلمة من معنى منذ صغره ويتحمل المسئولية كاملة دون ملل أو كلل، فوالده رغم انه كان طبيبا معروفا بالعاشر من رمضان، إلا أن أحمد أصر أن يعمل فى فترة الإعدادية، حيث حكى لى والده انه فوجئ به يبلغه انه سيذهب للعمل فى المصانع كعامل باليومية فى تحميل ونقل الكراتين والمواد الخام فيها، وهو أمر رفض والده، ولكنه أقنعه برغبته وانه يريد الاعتماد على ذاته ويشعر بمتعة العمل والحصول على مقابل مادى.
بعد الثانوية قدم المنسى لتنسيق كلية الفنون التطبيقية، هذا بجانب تقديمه لاختبارات الكلية الحربية رغم اختلاف المجالين فكيف هذا؟
سبحان الله، احمد جمع من الصفات أجملها، فكان مرهف الإحساس وفنانا جميلا أيضا، ويهوى فن الرسم عموما، ورسم الكاريكاتير تحديدا بالإضافة إلى كتابة الشعر، وبجانب هذا تميز بقوة شخصيته وشجاعته وإقدامه منذ نعومة أظافرة حيث تحكى والدته انه كان يدخر مصروفه ليشترى كل لعبة والتى كانت عبارة عن مسدسات ودبابات حربية، ويحاكى بألعابه مواقع حربية، حيث كانت أقصى أمانيه أن يكون ضابطا بالجيش المصرى اقتداء بخاله والذى كان لواء عسكريا كبير شارك فى حرب اليمن وتحكى عنه أساطير وبطولات واعتقدوا لفترة انه استشهد فى اليمن وفوجئوا بعودته بعد عام من فقده،وكان قريبا من قلب احمد كثيرا.
.المنسى تحكى عنه أساطير من البطولة والشهامة والمروءة مع زملائه ورجال كتيبته،فهل هذه المواقف سببت له مشاكل أحيانا؟
فى سفره للحصول على الفرقة من أمريكا،واجهته بعض المشاكل من سوء تعامل الأمريكان المحاضرين بهذه الفرقة والتمييز العنصرى ضد العرب، ومن هذه المواقف أن شخصا كان يلقى محاضرة أساء للمسلمين ووصفهم بالإرهابيين وسب القرآن وكان ذلك فى وجود مجموعة المتدربين بينهم مسلمون من دول أسيوية وعربية ولم ينطق واحد منهم بكلمة على ما قاله هذا الشخص، والمنسى الوحيد الذى قام واعترض على إهانة المحاضر، مما وضعه فى مشكلة وكادت أن تكون السبب فى تركة للفرقة وعودته للقاهرة دون الحصول عليها واتصل بنا نحن ووالده وأشقائه، يستشيرنا كل منا على بمفرده، ويأخذ رأينا فى عودته وترك الفرقة أو تمرير الموقف واستكمال تدريبه حتى اجتياز الفرقة، وبحسن تعامله ومواقفه الإنسانية وأخلاقياته الراقية معهم فى الفرقة أصبح قدوة لهم ويضربوا به المثل، واحتفوا به فى نهاية الفرقة ونال ود كل الشخصيات هناك وأقاموا له حفلة كبيرة قبل عودته،تقديرا للمواقف الإنسانية التى بدرت منه.
هل ذكر لك الموقف الذى نال التكريم من أجله؟
كان مثالا للشجاعة وساعد الكثيرين فى إنقاذ حياة شخصيات منهم أثناء التدريبات رغم إمكانية تعرضه للمخاطر، ومنها إنقاذه أحد المتدربين معه من الغرق بعد أن فقد وعيه لاصطدامه بكتلة صخرية بالمحيط فى منطقة دوامات وعميقة وتحفها المخاطر وسط توجس باقى المتدربين من محاولة إنقاذ زميلهم خشية تعرضهم للغرق معه.
.بعد إنهاء المنسى للفرقة هل توجه مباشرة للخدمة بسيناء؟
لا، عقب عودة احمد من أمريكا عام 2007، التحق بالخدمة بمنطقة أنشاص، وفى 2009 وعقب ولادة حمزة بشهرين وعلى قدومه التحق ببعثة الملحقين والوحدة 999 العسكريين كمساعد للملحق لدولة باكستان وأمضينا فيها عام وبعدها استكمل خدمته بين مدرسة الصاعقة والوحدة 999 حتى جاءت ثورة 25 يناير بكل ما حملته من أحداث.
متى ذهب للخدمة فى سيناء؟
ذهب للخدمة فى سيناء مرتين، الأولى بعد 30 يونيو كقائد ثانى لكتيبة الصاعقة وبعد تصريحات الأخوان أن الإرهاب الذى فى سيناء لن يتوقف ألا بعودة مرسى، حينها اتجه مع القوات لتامين وحماية سيناء.
وماذا عن المرة الثانية؟
فى الفترة الأولى ذهب المنسى تنفيذا لأوامر قيادته بالصاعقة، أما الثانية هو الذى طلب من قيادته الذهاب وقائده البطل رامى حسنين رامى فى مدرعة انفجرت بمرورها على عبوة ناسفة وهى المعلومة التى حاول المنسى ان يخفيها عنى حتى لا يزيد خوفى عليه، ولكنى عرفت بالصدفة، وحين علم غير الموضوع كعادته و حوله إلى دعابة.
هل أطلعكم على نقل خدمته لسيناء؟
أخفى هذا القرار عنى لمدة أسبوع، لم يخبرنى، وعرفت من زوجة احد أصدقائه ان المنسى سيعود للخدمة لسيناء بناء على طلبه، وعندما تحدثت معه طلب منى ان اخفى عن أسرته عملية انتقال خدمته،ولاسيما أن والده كان أصيب بمرض السرطان وكان يخشى أن يقلقه وهو فى هذه الحالة المرضية، حيث ساءت حالته ونقل إلى العناية المركزة فى غياب احمد بكتيبته فى سيناء،وألح فى طلب رؤية أحمد،والذى لم يكن يتثنى له الحديث هاتفيا إلا بالمساء،و ترقبت اتصاله وأبلغته فطلب أجازة أسبوعا أمضاها برفقة والدة فى المستشفى حتى توفى وقام بغسله ثم دفنه وجنازته وبعدها توجه لأداء فريضة العمرة، وبعد عودته كان دائم الزيارة لقبر والده حيث كان يرتاح بقربه.
هل كنت تتخيلين حجم المخاطر التى تواجهه فى سيناء؟
فى الفترة الأولى لم أكن أدرك أن الأوضاع فى سيناء تحفها المخاطر بهذا القدر، كما أن احمد كان يطمئنى دوما انه فى آمان داخل مبنى كتيبته المؤمنة بالحراسات والرادار والدبابات بالعريش ولا خطورة عليه لأنه ليس فى كمين من الكمائن والتى دوما يستهدفها الإرهابيون، ولكن بعد توالى سقوط الشهداء، داهمنى الخوف رعبا، ومع كل خبر نستيقظ بالصباح يعلن عن سقوط شهداء من قواتنا، وندخل فى دوامة التوجس هل هو من بين الشهداء أم من الناجين أم الجرحى، تتوقف نبضات القلب مع كل رنة للهاتف حتى ولو كان اسم المتصل أبو حمزة كما كان يحب أن أدونه على رقمه بالهاتف، خشية أن لا يكون هو على الجانب الأخر وشخصا آخر يبلغنا من هاتفه أن المنسى بات شهيدا و أن نحتسبه عند الله. ولا تنفك هذه المخاوف أن تعصف وتدمر أرواحنا طوال اليوم،و أموت رعبا من ألا يكون هو المتصل اضغط على مفتاح الموبايل فى صمت رهيب واكتم أنفاسى فى صدرى لأستمع للصوت الذى يتحدث عبر الأثير حتى أتأكد أن المتحدث هو المنسى ذاته يطمئنا انه لازال على قيد الحياة، أما مع حالة استمرار صمت الهاتف لا يبقى أمامنا سوى متابعة وسائل الإعلام لإعلان أسماء الشهداء!.
هل كشفتِ له عن قلقك والمخاوف التى تساورك؟
هو ذاته كان يقول لنا توقعوا تلقى خبر استشهادى فى أى وقت, و كثير ما حاولت أخبره حجم خوفى وقلقى عليه، ولكنه كان يستنكر منى هذه المشاعر، ويعتبرها سذاجة وهبل، ولا يعطينى فرصة ابدأ فى الاسترسال ويقطع حديثى قائلا عما تتحدثين؟، هذا أملى، بدلا من أن تدعى لى أنال مقام الشهادة، تتحدثين عن مخاوفك، فيا ليتها تأتى، فأقول له وماذا عنى وأولادنا، يرد على قائلا سأترككم فى معية الله وحفظه وهو خير حافظ ومعين، فاللحظة التى ابلغنى فيها انه سينتقل لسيناء كان يبلغنى أيضا أن الشهادة قادمة وحان أوانها.
هل كان يخفى حقائق المخاطر التى يتعرض بها؟
بالنسبة لحديثه عن الكتيبة فهى مؤمنة بالفعل، أما عن مهامه فلم يكن يطلعنا عليها، وكل ما كان يذكره عن عمله فى سيناء انه يقوم بعمليات تمشيط أمنية ومداهمات يعود بعدها للكتيبة، إلا أن انتقاله مع قوته من الكتيبة لمنطقة البرث كانت مرحلة أخرى، فهى منطقة لم تدخلها قوات أمنية من قبل، ولهذا وضع آليات لدخولها وفرض سيطرة قواتنا عليها،ولاسيما أنها تعد من اخطر البؤر الإرهابية فى سيناء، والمنسى كان يعرف كم المخاطر والمخاطرة التى يقوم بها بدخوله البرث وأقدم نحوها بإصرار،وقال نصا لا يمكن أن يستعصى على الجيش المصرى التواجد فى قطعة ارض من بلده مهما كانت المخاطر وان كان ثمن دخولها أرواحنا سنفتديها بها ونقتل ونستشهد ونحن ندافع عنها ويسيل دمنا على ترابها.
هل عرفت تفاصيل الاستشهاد؟
المنسى وقواته أول من دخلوا منطقة البرث واحتموا فى احد البيوت البدوية، وفى ليلة استشهاده، جاءت من رفح 12 سيارة دفع رباعى تحمل 150 إرهابيا مدججين بأحدث الأسلحة والذخيرة وأحاطوا المنزل من كل الجهات.
الإرهابيون كانوا يستهدفون المنسى تحديدا ولقبوه بالطاووس؟ّ
الجماعة التى أعلنت مسؤوليتها عن الحادث صورت العملية وأذاعتها على القناة المعادية لبلدنا وجيشها، خلال مقطع الفيديو نسمع صوتا من قيادات الجماعة التى تراقب وتتابع العملية بشكل واضح يتساءل عن مكان المنسى ويقول «وين المنسى هاتوه، فهم دخلوا العملية مستهدفين المنسى بالأساس.
هل نجا أحد من قوات المنسى وحكى لك آخر اللحظات فى استشهاد المنسى؟
نعم، عدد الإرهابيين ونوعية التسليح فائقة التطور والمباغتة فى منطقة وعرة كلها عوامل ساعدتهم فى تحقيق مآربهم الخسيسة باستشهاد المنسى و25 من قواته، وتلك طبيعة الحروب ولابد فيها من خسائر، ومصر تخوض حرب ضارية ضد الإرهاب. وحين جاء عهد الإخوان الأسود حشد مرسى كل أصناف الإرهابيين وسعى لتدريبهم فى غزة وتسليحهم بالتعاون مع دول تتآمر على مصر، ولكن إرادة الله أبت إلا أن تنقذ مصر على يد الرئيس السيسى.
هل علمت كيف كانت آخر اللحظات فى حياة المنسى؟
علمت من الطباخ انه قبل استشهاده بخمس أيام توقف عن الأكل، وفى ليلة الحادث قبل الفجر فوجئ وزملاؤه بسماع دوى انفجار أول سيارة فى محيط المنزل الذى يحتمون فيه و حطمت شدة التفجير كل جدرانه ولم يبقى منه سوى أعمدته تحمل السقف. هرول المنسى إلى السلالم صعودا للسطوح،حين لمح الجنود تهب لتتبعه، أمرهم بالنزول والاحتماء خلف ساتر و الدفاع عن المنزل، بينما هو يحميهم ويصد الهجوم من أعلى المنزل رغم أن مسطحه مكشوف بدون أسوار مما يجعله هدفا مكشوفا للأعداء، ورغم هذا استمر أكثر من نصف ساعة يقاتل وصوته واضح عبر اللاسلكى مكبرا: الله اكبر حيث قتل أكثر 15 إرهابيا وجدوهم أسفل النقطة التى كان يتواجد فيها فوق سطح المنزل وتحقق له ما كان يتمنى.
تقصدين استشهاده؟
ليس فقط الاستشهاد،بل كان يطلب من الله دائما أن يستشهد وهو يجاهد فى سبيل الله فى حرب ضارية يواجه فيها عدوه وجها لوجه ويقتلهم ولا يقتل بطلقة من خلف ظهره من خسيس دون أن يدافع عن أرضه وشرفة وعرضه حتى يروى أرضها بدمه.
أخيرا، هل شاهدته بعد استشهاده؟
نعم، كان بهيئته قبل استشهاده، باستثناء شظية الطلقة التى اخترقت رأسه وخرجت.
رابط دائم: