من الشرق إلى الغرب، لا يوجد اختلاف، فالشعوب تؤمن بالخرافات مثل منع الحسد عن طريق رش الملح أو خرزة زرقاء، وتؤمن بالحظ الطيب والفأل الحسن وتفسير الأحلام والأبراج لأسباب كثيرة، إلا إن دخول هذه الخرافات إلى مجال السياسة، يجعل لها تأثيرا كبيرا على حياة هذه الشعوب.
ولا يختلف في هذا السياسة في دول متقدمة أو نامية، فهناك قصص متداولة عن اعتقاد الملوك والرؤساء والسياسيين حول العالم في هذه الخرافات.
ففي فراش الموت عام 1799، أعرب جورج واشنطن عن تخوفه من دفنه حيا، حيث أوصى بعدم دفنه أو لمس جسده لمدة يومين حتى لا يلقى هذا المصير خصوصا مع انتشار فوبيا «الوأد» خلال القرن الثامن عشر.
أما إبراهام لينكولن فقد كان يروج لأنه يشاهد رؤى، وأنه توقع موته بعد حلم رأى فيه جثته وجنديا يخبره بأنه تم اغتياله، وأنه رأى نسخة ثانية لنفسه في المرآة، وأنه فسر ذلك بأنه سينتخب لولاية ثانية إلا أنه لن ينجو.
وكان الرئيس هاري ترومان يضع «حدوة حصان» على باب مكتبه داخل البيت الأبيض لاستجلاب الفأل الطيب. وآمن الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان بمصداقية الأبراج وتحكمت في حياته، فقد كان كل قرار مهم أو تحرك كبير في البيت الأبيض يتم بناء على قراءة سيدة في مدينة سان فرانسيسكو للأبراج للتأكد من أن الكواكب في وضع مناسب لاتخاذ القرارات.
كما أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والمحسوب على النخبة الأمريكية، كان يؤمن بالخرافات وبلعبة الحظ، فقد كان يلعب كرة السلة في يوم الانتخابات لأنها تجلب له الحظ، وفي اليوم الوحيد الذي لم يمارس فيه «تميمة حظه»، خسر الانتخابات التمهيدية في نيوهامشير، كما أنه قبيل المناظرات خلال الانتخابات الرئاسية، اعتاد على تناول شريحة لحم وبطاطس.
أما قصص الزعماء مع الأشباح فهي لا تنتهي، فقد أكد كل من ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، وإليانور زوجة الرئيس فرانكلين روزفلت أنهم رأوا أشباحا داخل البيت الأبيض، كما أن جورج بوش الابن وصف قصر الرئاسة الأمريكي بأنه «مخيف»، وبأنه شاهد أشباحا على حوائطه. وخلال رئاسة بوش، نشر موقع البيت الأبيض تفاصيل عن الأشباح داخل المكان التاريخي.
وكان هناك اعتقاد شائع بأن في سنة من مضاعفات العشرين في الفترة من 1840 إلى 1960 فإن الرئيس يموت خلال توليه منصبه، مثل هنري هاريسون عام 1840، وجميس جارفيلد 1880، وويليام ماكينلي 1900، ووارن هاردينج 1920، وروزفلت 1940، وجون كينيدي 1960، إلا أن ريجان الذي انتخب عام 1980 كسر اللعنة ونجا خلال فترتين رئاسيتين. أما الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب فمن المعروف عنه أن يرش الملح فوق كتفه الأيسر بعد تناول كل وجبة، حسبما كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.
ودائما ما يصف نفسه بأنه يؤمن بالخرافات جدا، وأنه يرش الملح «لإبعاد الشيطان». أما في الصين، فالتنين ذو المخالب الخمسة كان يعتبر رمزا للإمبراطور وتجسيدا لقوته، فقد قال ليو بانج مؤسس أسرة هان أن والدته حملت به بعد حلمها بتنين. ويختلف التنين الصيني عن الأوروبي، فالأول هو رمز روحي وثقافي ودليلا على الازدهار والحظ الطيب.
أما الثاني فينفث النار وله ميول عدوانية. كما توجد خرافات أخرى متعلقة بالأرقام، فالرقم 8 يعتبر رقم الحظ، ولذلك اختار الحزب الشيوعي الصيني الساعة الثامنة مساء في 8/8/2008 لإطلاق دورة الألعاب الأولمبية في بكين، أما الرقم 13 فهو رمز الفأل السييء لدي السياسيين حول العالم.
وفي سنغافورة ، اندلعت أعمال شغب غير مسبوقة في 2013، وذلك بعد فترة من تغريدة كتبها لي حسين لونج رئيس الحكومة السنغافورية إنه وجد «زائرا مفاجئا في شكل بومة طار فوق المبنى الذي يتواجد فيه، والبومة في ثقافة عدد من دول العالم هي رمز للفأل السييء».
بل أن الخرافات تقدم تصورا للمستقبل، فكل الأحداث التي نشاهدها الآن تنبأ بها العراف الفرنسي نوستردام. فهذه الرباعية في كتابه التنبؤات الذي نشر منتصف القرن السادس عشر: «العار العظيم.. الصاخب المتهور سوف يتم انتخابه قائدا للجيش.. جرأة جدله، انكسر الجسر والمدينة سقطت من الخوف» هي الجمل نفسها التي رأى الكثيرون أنها توقعت فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2016، بعد أكثر من 450 عاما من وفاة قائلها.
ويرى البعض أن نوستردام تبنأ بالحرب العالمية الثانية وبهجمات 11 سبتمبر 2001. نوستردام تحول من الطب إلى السحر والتنجيم، ومع صدور «التنبؤات» عام 1555 كانت الملكة كاثرين دي ميديسي زوجة الملك هنري الثاني أبرز المعجبين به، واستدعته بعد أن قال في كتابه «إن هناك تهديدات للعائلة الملكية» ليقدم شرحا لهذه التهديدات ولرؤية أبراج أطفالها. ويعتقد مؤيدوه أنه توقع حريق لندن الكبير، والثورة الفرنسية، وصعود نابليون وأدولف هتلر حتى ترامب، كما أنه توقع صعود أبوللو على القمر ووفاة الأميرة ديانا.
وجاءت البلغارية بابا فانجا لتنافس نوستردام في توقعاته، فقد توقعت تفكك الاتحاد السوفييتي وانفجار مفاعل تشرنوبل، و11 سبتمبر بعد رؤيتها للهجوم على الشقيقين الأمريكيين، في إشارة إلى برجي التجارة بنيويورك.
أما مجتمع الساحرات فقد عاد إلى الظهور بقوة وعلنا عبر إعلان تأييدهم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أما الساحرات الأمريكيات فقد قررن وقف ترامب عند حده بتعويذة ملزمة تمنعه من اتخاذ قرارات سيئة.
وفي الهند بلاد العجائب، فإن ناريندرا مودي رئيس الوزراء الحالي، فدائما يحرص على الاجتماع بالعرافين الذين توقعوا وصوله إلى رئاسته لحكومة خلال ترأسه لوزراء ولاية جوجارات، ويقول إن الهند لم يصنعها السياسيون ولا أى حكومة ولكنها هؤلاء «القديسون»، فهو يريد بركتهم حتى لا يصنع أى خطأ.
رابط دائم: