النوبيون كان لهم دور مؤثر وفعال فى تاريخ مصر المسيحية ومن بعدها مصر الإسلامية، وقبل ذلك كانت العبادة فى بلاد النوبة وثنية وأقاموا معابدهم وعبدوا آلهة كثيرة ومارسوا عاداتهم وتقاليدهم الدينية من منطلق الوثنية واتسمت مناحى حياتهم من ميلاد ووفاة وغير ذلك بأعراف وتقاليد معينة وكانت لهم مقابرهم المميزة وكانت توضع الأغراض الشخصية للمتوفى معه فى قبره من حلى وأوان وأدواته الزراعية، واستقرت أحوالهم على الوثنية إلى أن اصدر الإمبراطور الرومانى «سيودوسيوس الأول» فرمانات بمنع العبادات الوثنية فى مصر شمالا وفى النوبة جنوبا ولم يرض كثير من النوبيين قبول المسيحية ديانة رسمية لهم فحاربهم الرومان بقيادة مكسيموس وانتصر عليهم وفرض شروطا قاسية مقابل تركهم فى عبا دتهم الوثنية والعيش فى أمان، وحضر المنصر الرومانى جوليان للتبشير ودعوة ملك النوبة للديانة المسيحية، واستجاب له الملك النوبى سيلكو ومعه جميع أفراد أسرته والمقربين، وانتشرت الديانة المسيحية فى بلاد النوبة وانتموا للكنيسة المصرية وازدهرت الحضارة النوبية فى الممالك المسيحية فى ذلك الوقت وهى ممالك نوباتيا ومقرة ومملكة الوا، وكتبوا لغتهم النوبية بالحروف القبطية.
وعندما دخل الإسلام مصر ظلت النوبة مدة طويلة على دينها المسيحى حتى عقد معهم والى مصر عبد الله بن سعد بن أبى السرح اتفاقية البقط وتضمن للنوبة أن تعيش فى سلام وأمان على أن يحافظوا على المسجد الذى بنى فى مدينتهم ورعايته وإسراجه وعلى ملوك النوبة إرسال ثلاثمائة وستين نوبى كل سنة من الرجال والنساء الأصحاء للعمل فى مقر الوالى فى مصر، لم تعجب هذه الشروط ملوك النوبة وتوقفوا مرات عديدة عن تفعيل الاتفاقية، مما دعا كل من تولى الأمور فى مصر إلى محاربتهم وإجبارهم على تنفيذ اتفاقية البقط إلى أن تولى المماليك مقاليد الأمور، وفى عهد السلطان محمد بن قلاوون أرسل قوة كبيرة وحارب ملك النوبة كرنبس وهزمه وعزله وتم تنصيب ملك نوبى مسلم موال للمماليك اسمه عبد الله سنبو وهو أول ملك نوبى مسلم وكان له تأثير ودور فى انتشار الإسلام فى بلاد النوبة وكثرت فى عهده المساجد فى كل ربوع النوبة.
وجدير بالذكر أن بعض النوبيين دخلوا الإسلام فى عصور سابقة للمماليك وبعضهم اعتنق الإسلام فى بداية الدعوة ومن أوائل المسلمين النوبيين عبد الله بن وهب وهو أول من جمع الأحاديث النبوية الشريفة فى مصر وكذلك العالم والفقيه النوبى يزيد بن ابى حبيب وكان ضمن ثلاثة جعل الخليفة عمر بن عبد العزيز أمر الفتوى إليهم، ومن النوبيين الأوائل الذين أسرعوا للإسلام إمام العارفين ومؤسس الطريق الروحى إلى الله النوبى ثوبان بن إبراهيم وكنيته «ذو النون المصرى النوبى» الذى سبق رابعة العدوية فى القول بالعشق الإلهى.
رابط دائم: