رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الاحتباس الحرارى.. جهود دولية وجشع اقتصادى

رحاب جودة خليفة
الفرنسيون يلجأون للمتنزهات العامة لمواجهة الحر

 

 

«الاحتباس الحراري» هو قضية العصر. فالآثار العالمية المترتبة على تغير المناخ واسعة النطاق ولم يسبق لها مثيل. وبالرغم من أن الدول الغنية كانت سببا رئيسيا في هذه القضية لكنها تعجز حتى الآن عن تحمل مسئولياتها والالتزام بالاتفاقات الدولية، لتلقي العبء على الدول الفقيرة التي تتحمل معظم تبعات هذه الكوارث الطبيعية.

يتفق أغلب العلماء على أن أزمة تغير المناخ حدثت بسبب ممارسات بشرية، ومن أهمها الثورة الصناعية في نهاية القرن التاسع عشر، وما تبعها في الحروب العالمية والقنابل النووية، وسباق التسلح الذي يجعل المصانع تزيد من انبعاثات الغازات السامة بشكل كبير. ورغم كل التحذيرات المتواصلة أمام الاختراقات التي لا تنتهي تجد القليل من الدول فقط تتحرك لتجنب المزيد من الكوارث، في حين أن أغلب الدول لا تعبأ بإنقاذ نفسها والعالم.. وللحقيقة فالمنظمات الدولية لم تقف صامتة، فالأمم المتحدة تقود الجهود الرامية لإنقاذ كوكبنا. ففي عام ١٩٩٢، ومن خلال «قمة الأرض» ، تم التوصل للاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ كخطوة أولى في التصدي للأزمة العالمية. واليوم تتمتع هذه الإتفاقية بعضوية شبه عالمية، وصدقت عليها ١٩٧ دولة.

وبحلول عام ١٩٩٥، بدأت الدول مفاوضات من أجل تعزيز الاستجابة العالمية لتغير المناخ، وبعد ذلك بعامين، تم وضع «بروتوكول كيوتو» لإلزام الأطراف المعنية من الدول المتقدمة بأهداف خفض الانبعاثات حتي عام ٢٠٢٠. إلا أن الولايات المتحدة، التي تعتبر أكبر الدول المسئولة عن انبعاث الغازات الدفيئة، اعترضت على عدم إلزام الدول النامية بالأهداف. وفي عام ٢٠٠٥، بدأت الدول في تنفيذ المعاهدة، إلا أن أمريكا انسحبت من المعاهدة في عهد جورج بوش خوفا من أن تسبقها دول أخرى صناعيا أو اقتصاديا أو حتى عسكريا. ولعل أهم اتفاقية في هذا الشأن، هى «اتفاقية باريس» التي توصلت فيها الأطراف المشاركة عام ٢٠١٥ إلى التزامات تاريخية لمكافحة تغير المناخ، وتسريع وتكثيف الإجراءات والاستثمارات اللازمة لتحقيق مستقبل مستدام صديق للبيئة. ولأول مرة، ومن خلال هذه الاتفاقية، اجتمعت الدول في قضية مشتركة لبذل جهود طموحة لمكافحة تغير المناخ والتكيف مع آثاره، مع تعزيز الدعم لمساعدة الدول النامية عن طريق الحفاظ على خفض درجات الحرارة العالمية هذا القرن بواقع درجتين مئويتين، ومواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أبعد من ذلك. وفي عام ٢٠١٧، انسحبت الولايات المتحدة مرة أخرى من اتفاقية باريس في عهد الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، وذلك قبل دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في عام ٢٠٢٠. وعلل ترامب خروجه من الاتفاقية بأنه يوفر الكثير من المبالغ لصالح أمريكا، بينما يرى البعض أنه بهذه الخطوة ستتمكن الولايات المتحدة من زيادة استخدام الطاقة غير النظيفة كالفحم، وتصدير الغازات السامة للعالم. ومن المقرر أن تعقد الأمم المتحدة في سبتمبر المقبل قمة المناخ في محاولة جديدة لتوحيد كافة الدول والقطاعات لدعم وتسريع العمل نحو الأهداف المناخية. فوفقا لتقرير أعده البنك الدولي عن بعض عواقب التغيرات المناخية، فإن العالم سيشهد تزايد الكوارث الطبيعية والأمراض لتهدد نحو ١٠٠ مليون شخص في الدول الفقيرة بحلول عام ٢٠٣٠. ويمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى فشل ٥٪ من إنتاجية المحاصيل بحلول عام ٢٠٣٠، وفي إفريقيا قد يصل هذا المستوى إلى ١٢٪. ليس ذلك فقط، بل يكشف التقرير عن أن ارتفاع درجة الحرارة بين درجتين إلى ٣ درجات مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية سيضع ١٥٠ مليون شخص آخرين في دائرة الإصابة بالملاريا ، كما أن منطقة جنوب الصحراء الكبرى، ستشهد نوبات جفاف وحر شديدين بحلول ثلاثينيات هذا القرن، وهو ما سيضر بـ٤٠٪ من الأراضي الزراعية..وتؤكد الدراسات أن التحرك الفوري قد يساعد في الحد من انبعاثات الكربون في غضون ١٢ عاما وخفض درجات الحرارة، قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة التي لا نستطيع فيها تجنب الآثار المدمرة لتغير المناخ. الكارثة الآن تكمن في تسارع تبعات أزمة المناخ وجشع النظام العالمي ما يهدد العالم. ولذلك يجب اتباع تحول كامل للاقتصادات العالمية بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة ودون خلق المزيد من المنافسات لتحقيق الأهداف المرجوة وأهمها المساواة وحماية الفقراء.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق