كان ملحق الأهرام الخاص عن الرئيس السادات (زيارة جديدة )لافتا ولقى من الثناء ما أثلج صدورنا، وأكد أننا على الطريق الصحيح. وأن الاهرام سوف تظل دائماً على القمة تاريخياً وثقافة وإبداعاً وقبل ذلك صحافة. وجاء استشهاد الكاتب اللبنانى الكبير فؤاد مطر بهذا الملحق وثيقة استحوذت على اثنتى عشرة صفحة من كتابه «أنياب الخليفة وأنامل الجنرال» ليشعرنا بالرضا والإيمان بأن الاهرام سوف تظل دائما هى ديوان الحياة المعاصرة الذى يؤرخ بصدق للحياة والشخصيات والناس فى مصر.
كتب الصحفى فؤاد مطر تحت عنوان انطباعات الاقربين والمقربين من السادات العارفين بشجاعته وهندامه وأحلامه وغضبه:
فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى حلت مئويتا الرئيس المورث جمال عبدالناصر والوارث أنور السادات وكان لافتا أن الاعلام المصرى أضاء الكثير على الحقبة الساداتية، وكأنما الغرض من ذلك إعادة قراءة الخطوات التى أقدم عليها خليفة عبدالناصر، وهل جنوحه نحو السلام المنفرد مع إسرائيل كان لمصلحة مصر.
............
بدأت صحيفة «الأهرام» عدد يوم الجمعة 21 ديسمبر/ كانون الأول 2018 الإضاءة التى أشير إليها وبعنوان شامل للمضمون «السادات زيارة جديدة» وإلى جانب سبتية الكاتبة المتألقة سناء البيسى فى «الأهرام» عدد السبت 29 ديسمبر كانت صفحات الثقافة والمذكرات والفنون عموما التى تنشرها الصحيفة فى ملحق من ثمانى صفحات، عن السادات بدءاً بالصفحة الأولى التى تضمنت خلاصة لرواية «أمام العرش» أحد أعمال الروائى النوبلى الراحل نجيب محفوظ التى يعقد فيها محكمة لتنظر فى أعمال من تولوا حكم مصر وقدموا أعمالا عظيمة.
كان السادات زار مبنى صحيفة «الأهرام» مرتين الأولى عندما كان نائباً لرئيس الجمهورية ورافق الرئيس عبدالناصر فى زيارته (13 فبراير/ شباط 1969) يومها كان محمد حسنين هيكل هو رئيس تحرير الصحيفة الزيارة الثانية، تمت يوم الأحد 13 يونيو/ حزيران 1976 بصحبة زوجته السيدة جيهان وكان هيكل خارج المنصب والدور وجرى استبدال الكاتب يوسف السباعى به رئيساً لمجلس الادارة وعلى حمدى الجمال رئيساً للتحرير رحمة الله على الاثنين.
ورغم ذلك لم يسلموا من النقد وفى تقديمه لهذه الإضاءة الأهرامية يكتب محسن عبدالعزيز الذى أشرف على هذه الاحتفالية التكريمية من جانب الصحيفة عن السادات «الشخصية المركبة الذى مثله الأعلى كمال أتاتورك وقلد غاندى فى ملابسه حتى أصيب بنزلة برد شديدة وفى أحد الأيام وعمره 12 عاماً فقط جمع شباب القرية ليزحف إلى القاهرة مثلما زحف هتلر من ميونخ إلى برلين ليخلصها من آثار هزيمتها فى الحرب العالمية الأولى. كان السادات شخصاً خيالياً عنده شيء من كل شيء لكن الفنان داخله الأصدق والأعمق أثرا فى كل تصرفاته، من عصا الماريشالية إلى لبس العباءة. حتى صورته وهو يحلق ذقنه بالملابس الداخلية كان مسكونا بالفن وسحر الكاميرا. ظل السادات يمارس دوره خالطاً بين السياسى والفنان.
لا تعرف أيهما يتفوق على الآخر ولا أيهما الحقيقى من الفنان، وساعده ذلك على أن يخدع العالم كله وإسرائيل ايضاً فى حرب أكتوبر 1973. وعندما فاز بجائزة نوبل للسلام قالت جولدا مائير ساخرة أو غاضبة: «كان يجب أن يفوز بالأوسكار للتمثيل بدلاً من نوبل للسلام» هل يوجد شخص غير السادات كان يستطيع القيام بزيارة إسرائيل. كل مشاهد السادات كانت فنية باقتدار، وسوف يظل مشهد النهاية، هو الأكثر تراجيديا فى حياته..
كان يشهد عرضا عسكريا يليق بقائد منتصر، يزهو بنفسه وبجيشه العظيم ولم يصدق وهو السياسى والفنان القدير أن يجرؤ أحد جنوده ويخرج على النص هكذا ويتجه إليه مباشرة ويوجه طلقات قاتلة إلى صدره المرصع بالنياشين.. السادات راح يناديه كأى بطل تراجيدى فى لقطته الاخيرة: ارجع ياولد.. إرجع يا ولد.. لكن الولد خرج على النص تماما ومعه خرجت طلقات لتنهى حياة هذا البطل الذى جاء من أفقر بقعة على أرض مصر، ليجلس على كرسى الحكم، يحارب وينتصر ويوقع معاهدة سلام، ويموت شهيداً.. يرحمه الله. (انتهى كلام محسن عبدالعزيز).
بعض ذكريات وعتب رقية وإقبال وعفت
فى بقية الصفحات السبع من احتفالية «الأهرام» تقول رقية الابنة البكر للرئيس السادات من زوجته الأولى إقبال ماضى فى مقابلة أجرتها معها الصحافية عزيزة فؤاد: «عشت مع والدى أربعين عاماً من عمرى رأيت ضعفه وقوته قبل الثورة عندما كنت أحتاج شيئاً فى غيابه أذهب إلى عمى جمال عبدالناصر جارنا فى كوبرى القبة وهو كان شاهدا على عقد قرانى وعلى عقد قران شقيقتى راوية وكاميليا بالإضافة إلى اثنتين من شقيقات أبى، انطباع والدى عن الملك فاروق أنه وطنى جدا ويعشق تراب مصر وان المشكلة كانت فى الحاشية والمحيطين به.
فؤاد مطر
وعندما قامت حرب 1973 أرسل الملك أحمد فؤاد وعائلته لأبى الف جنيه مساعدة لمصر فى حربها، ذلك الموقف اثر فى أبى كثيرا، وبعدها قرر أن يعيد لعائلة فاروق الجنسية المصرية التى سحبها منهم الرئيس عبدالناصر.
أما هدى عبدالناصر فإنها رددت ما جاء فى كتاب هيكل «خريف الغضب» وأذاعت ونشرت فى القنوات التليفزيونية وفى إحدى المجلات ما اعتبرته تشويها لسمعة والدى ولتاريخه وكان لزاما على أن اتصدى لها ولغيرها، وقمت برفع قضية عليها وعندما أرادت الصلح طالبتها بالاعتذار الرسمى فى الأماكن نفسها التى تطاولت فيها على والدى واستكملت القضية التى كانت تؤجل دائما إلى أن جاء قاض نزيه وحكم بالتعويض لى بمائة وخمسين ألف جنيه، طنط جيهان كانت سندا خارجيا نحن 17 ابنا وحفيدا ويحملون تاريخ محمد أنور السادات وحبه وعبقه الذى عندما استشهد كان مدينا للبنك الأهلى بالف جنيه قيمة قرض تم سداد بعد وفاته، نحن لم نملك قصورا ولا مالا وكل منازل العائلة بالإيجار (انتهى كلام رقية السادات).
استكمالا يستحضر الصحفى محمد عباس فى احتفالية «الأهرام» عن الزوجة الأولى للسادات السيدة إقبال ماضى (والدة رقية) التى فارقت الحياة عن ثلاث وتسعين سنة واقعة سبق أن أوردتها فى كتاب مذكرات بعنوان «أيامى مع السادات» أن العلاقة بينها وبين عمدة أبو الكوم وبين السادات كانت من خلال شقيقها سعيد الذى أنقذ السادات من الموت غرقا وتفاصيل الواقعة أن السادات أراد أن يتعلم السباحة فى ترعة «الباجورية» تمهيدا لالتحاقه بالكلية الحربية.
وفى أثناء مرور سعيد وجد السادات يضرب بيديه فى الماء وبدأ فى الغرق فسارع بإلقاء نفسه وسحبه إلى الشاطئ واخرج الماء من جسده واعتقد الناس ان أنور مات ولولا مرور سعيد لمات غرقا وتضيف: أن السادات بات صديق شقيقها ثم تقدم للزواج منها لكن العم رفض فى البداية ثم وافق بعدما بات أنور السادات ضابطا فى الجيش وعن فترة الخطبة تقول إقبال ماضى فى مذكراتها إنه كان عطوفا عليها ونبيلا فى تعامله معها.
بعد محاكمة السادات فى قضية اغتيال امين عثمان وعقب حصوله على حكم البراءة ببضعة أشهر، انفصل عام 1949 عن اقبال ماضى، وتقول ابنتها رقية: إن والدتها هى التى طلبت الطلاق أثناء محاكمته وحرص بعد ذلك على دفع مصروفاتها وبناتهما» وقبل استشهاده بشهور قليلة سلم عليها فى عزاء فى ميت أبو الكوم وظلت فى باله قبل أن يلقى ربه، وفى العام نفسه (1981) أصدر قرارا بمنحها معاشا استثنائيا يعينها على مشاق الحياة ويجعلها فى غير احتياج لأى إنسان بعد رحيله»...
كانت حرب 1967 صدمة شديدة جدا عليه وعلى المصريين لأنه بحكم تربيته الريفية يعد أن الأرض عرضا وشرفا وكرامة بعدما توفى المشير عامر فى 14 سبتمبر 1967 كان أنور مسئولا فى كل شيء بأمر من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عن مراسم تشييع جنازته ودفنه بمقر عائلته بأسطال فى المنيا. وقبل وفاته كانا فى استراحة برج العرب معا كل منهما وصى الآخر على أولاده من يموت أو لا يرعى الثانى أولاده.
البدلة العسكرية كانت تمثل فخرا وكان يريد أن يحارب لاستعادة أرضه ولذلك فإنه بعد توليه منصب رئيس الجمهورية بدأ يرتدى البدلة العسكرية بكثرة خصوصا وقت زيارته للجبهة بين أولاده الضباط الجنود وكان البعض يسخر منه لارتدائه البدلة لأنهم يجهلون نفسيته المنتمية بشدة الى المؤسسة العسكرية التى هى فخر لكل مصرى وكان يقوم بتوصيل رسالة إليهم بأنه لم ينفصل عنهم حتى وهو رئيس الجمهورية وأنه فى حالة حرب مثلهم ولم يختلف عنهم مما يسهم فى رفع الروح المعنوية دائما وكان يردد إننى ذاهب الى أولادى.
خطابه التاريخى فى الكنيست الإسرائيلى يدرس بالمدارس والجامعات
«خديو مصر» بمنظور شيخ ضريح السيد البدوي وبقلم رامين فوزى فى ملف «الإحتفالية الأهرامية» استحضار لواقعة أوردها الكاتب الصحافى الراحل محمود رافع فى كتاب «الرؤساء وأقطاب الحقيقة»مفادها أن السادات زار خلال فترة هروبه من السجن ضريح السيد البدوى (فى طنطا) ودخل عليه إمام المسجد الشيخ أحمد حجاب فوجده يبكى بصوت عال بجانب الضريح، فقال له الشيخ: أهلا بك ياخديو مصر. وكان ذلك محل استغراب السادات حيث إنه لم يكن معروفا، وأمله يرتكز على العودة الى عمله فى الجيش. لكن الشيخ حجاب أكدها مرة أخرى قائلا: سوف تكون رئيسا لمصر.
بعد هذه البشرى تعلق السادات أكثر بالسيد البدوى، واستمر تعلقه بعدما بات رئيسا ويقول الصديق المقرب للرئيس السادات الدكتور محمود جامع إن السادات كان عالقا بالعارف بالله البدوى ويزوره قبل القرارات المهمة والمصيرية ويصلى الفجر فى المسجد. يضيف الدكتور جامع «عندما كان يفعل ذلك أعلم أنه مقبل على اتخاذ قرار وأن مصر ستشهد حدثا مهما. قبل انتصار 6 أكتوبر 1973 زار المسجد وصلى وكان متعلقا بكبار علماء مسجد البدوى ومنهم الشيخ احمد حجاب.. لكن رقية السادات تقول إن والدها «وصل يوم 6 أكتوبر إلى زاوية الشيخ صالح فى حدائق القبة وكان يتفاءل بها لأن جدى كان يصلى فيها وصلى هناك ركعتين.
وفى قصر الملكة فريدة (قصر الطاهرة حاليا) كانت غرفة القيادة المسئولة عن أعظم ملحمة عسكرية فى تاريخ مصر. وفى هذا اليوم رفع الحرج عن قادة الجيش وأفطر فى رمضان للمرة الأولى فى حياته..» بعض ما يقوله المستشار الاعلامى محمد عبدالجواد
وإذا كانت رقية السادات تحدثت لـ«الأهرام بصفة الابنة الأكثر قربا إليه فإن الاعلامى المرموق محمد عبدالجواد الذى شغل إلى جانب رئاسة مجلس إدارة وكالة انباء الشرق الأوسط» ورئيس تحريرها طوال سنوات فى العهدين الناصرى والساداتى، منصب المستشار الاعلامى للرئيس الراحل. بعض الذكريات عن الحقبة الساداتية أوردها ضمن مقابلة فى عدد «الاحتفالية الأهرامية» أجرتها معه الصحفية ناهد الكاشف وفى الآتى بعض ما قاله:
فى يوم فوجئت بأننى سأسافر مع الرئيس على الطائرة المتجهة إلى سوريا، حيث كانت توجد محاولة مصالحة بين السادات وحافظ الأسد قامت بها السعودية وكانت الأمور غير مؤكدة ولهذا كنت الصحفى الوحيد الذى سافر مع الرئيس لأنه لو تمت المصالحة فهذا خير.. وإذا لم تتم فلن يعرف أحد بفشلها.
بعد رحلة القدس بدأ العالم يهتم بأخبار مصر، فقلت: سيادة الرئيس كثيرا ما تصل أخبار مهمة جدا إلى الوكالة من العالم وأتمنى أن أبلغ سيادتك بها فقال: اتصل بى فى أى وقت». وأصبحت أبلغ الرئيس بالأخبار العالمية المهمة يوميا، ولا أستطيع أن أغادر مكتبى دون الحديث معه. وصدرت تعليمات لسكرتارية الرئاسة بأننى لو إتصلت بالرئيس بعد منتصف الليل وطلبت إيقاظه، فعليهم أن يفعلوا ذلك لقد كان السادات يمتلك ذكاء خارقا، فضلا عن أنه ابن بلد.
ولاحظ الرئيس أننى أقوم بعملى، ليس كرئيس تحرير ولكن كمندوب للرئاسة. وحينها كان الاعتماد على «وكالة أنباء الشرق الأوسط» فى بث كل الأحداث. فزادت علاقتى به واكتسبت ثقته. وفوجئت بالرئيس يستدعينى ونحن على الطائرة وقال: يا محمد.. رؤساء التحرير لايفعلون شيئا فى الزيارات ولهذا ستكون أنت معى فى جميع السفريات، ثم قال: «يا محمد افتح بيتك للصحفيين الأجانب.. هوا ما فيش غير حسنين هيكل اللى فاتح بيته للصحافيين الأجانب؟.. شوف.. مشكلتنا الحالية هى أن مصر بها 200 صحفى أجنبى ولا أحد يسألهم أين انتم».
كانت له مقولة كثيرا ما كان يرددها، وهى أن رئيس تحرير «الأهرام» أهم عنده من رئيس الوزراء. لأنه يستطيع أن يجد مائة رئيس وزراء لكن من الصعب إيجاد رئيس تحرير يصلح لهذه المهمة، ولو طال الزمن بالسادات لسمح بصحافة حرة مائة فى المائة. فقد كان يدرك قيمة الصحافة داخليا وخارجيا. لدرجة أنه أصبح معبود الصحفيين الأجانب.
ـ السادات كان رجلا وطنيا حتى النخاع، لم يفرط فى حقوق المصريين أو العرب نهائيا. وقد عمل عتالا وسائقا وضحى بكل شيء فى سبيل مصر. وناضل وسجن ولم ييأس، وهو الوحيد الذى أبقاه عبدالناصر من أعضاء مجلس قيادة الثورة. ولولا دهاؤه وذكاؤه لكان ضاع مثل غيره من زملائه، والناصريون (أعداؤه) هم الذين روجوا لهذه الأكاذيب لأنهم استهانوا به واعتقدوا أنه سيصبح مجرد صورة بينما هم سيظلون فى أماكنهم كما هم، والحقيقة أنه لم يظلمهم ولم يكن يريد أن يفعل شيئا ضدهم، ويوم ثورة التصحيح ظهرت عبقريته التى لولاها ما كان يستطيع فعل ما فعله معهم، حيث كان يحرسه 4 عساكر فقط، أما هم فقد كان معهم الجيش والشرطة والمخابرات والاتحاد الاشتراكى، ولكنه قبض عليهم فى أربع ساعات، وخلص البلد والشعب منهم، وبالطبع كانت حرب أكتوبر نقطة فاصلة جعلت الشعب المصرى يلتف حول السادات. وقلة قليلة من ذوى المصالح هم من يروجون هذه المقولات.
السادات الإستراتيجى.. والسادات الشغوف بالقراءة باللغتين
فى بقية صفحات «الاحتفالية الأهرامية» بمناسبة مئوية السادات تحليل للدكتور عبدالمنعم سعيد خلاصته «إن الرئيس السادات أقام مدرسة إستراتيجية كاملة تقوم على استخدام الوسائط المصرية وما تملكه الدولة من أدوات لتحقيق الأهداف الوطنية. وهذه المدرسة تقوم على مجموعة من الركائز المفهومية التى كثيرا ماغابت عن الفكر الإستراتيجى المصرى وكانت سببا فى حدوث كوارث كبرى (فى حياة الرئيس السادات كانت للكاتب المرموق لطفى الخولى رحمة الله عليه مقالة شهيرة حول «مدرسة السادات السياسية»).
أما محمد شمروخ فإنه أضاء على السادات كاتبا وصحفيا قائلا «كان السادات شغوفا بالقراءة ويقضى ساعات طويلة يخصصها للقراءة والاطلاع باللغتين العربية والإنجليزية، وهو لم يتعامل مع القراءة والكتابة بمعاناة، بل تجده مستمتعا بكلا الأمرين، دافعا تجربته الثقافية نحو متعة عقلية روحية».
عن السادات عاشق الفن والتمثيل
تركيز علا الشافعى كان على الجوانب الخفية فى حياة السادات وكيف أنه كان عاشقا للتمثيل ومن أحلام حياته أن يصبح ممثلا محترما وحسبما نشر فى مجلة «فصول» مطلع مايو 1935 بعث برسالة إلى المخرجة والمنتجة عزيزة أمير يسألها عن فرصة للعمل كوجه جديد ذاكرا أوصافه بالكلمات الآتية: «قوامى نحيل وجسمى ممشوق وتقاطيعى متناسقة وإننى لست أبيض اللون ولكنى أيضا لست أسود. إن وجهى أسمر ولكنها سمرة مشربة كجمرة».. وفى سيرته الذاتية يذكر أن أصدقاءه كانوا مغرمين بموهبته التمثيلية ويطلبون منه أحيانا فى مجالسهم أن يقلد لهم أصوات قادة الجيش ومشاهير الممثلين. كما يشير فى كتابه «30 شهرا فى السجن» إلى أنه أصدر مع بعض رفاق السجن صحيفة «الهنكرة والمنكرة» وعندما وجد أنه لم يحقق مبتغاه فى فن التمثيل أنشأ مع بعض المساجين إذاعة داخل السجن وقدم بنفسه فقرتين وكان يكتب فى لوحة إعلانات السجن برنامج اليوم ومنه: الساعة السادسة حديث للأطفال للمربى الفاضل بابا أنور. والساعة الحادية عشرة أغنية حديثة «للمجعراتى المتسول» أنور السادات ومن أغانيه التى أوردها فى كتابه المشار إليه «أنا جيت لكم والله ياولاد... أنا أحبكم قوى ياولاد». وعلى حد قول علا الشافعى «لم يكن الممثل المبتدئ يتصور أن نجوما كبارا سيجسدون شخصيته فى المستقبل زعيما منتصرا.
دواعى التميز فى العلاقة الساداتية البهلوية
فى عرض للعلاقة المتميزة بين الرئيس السادات والشاه محمد رضا بهلوى الذى لم يجد لاحتضانه بعد إسقاط نظامه الأمبراطورى وقيام الثورة الخمينية ورفض أمريكا الصديقة له أن يقيم فى نيويورك للعلاج، سوى مصر الساداتية، تشير جيهان الغرباوى فى «الاحتفالية الأهرامية»إلى أن اللقاء الأول بين الشاه والسادات تم خلاله القمة الإسلامية التى استضافها الملك الحسن الثانى فى الرباط عام 1969 بعد حريق أشعله الإسرائيليون فى المسجد الأقصى وكان السادات يمثل مصر فى هذا المؤتمر نيابة عن عبدالناصر الذى كان أصيب وقتها بأزمة قلبية ومنعه الأطباء من السفر.
وكان عبدالناصر طلب من السادات أن ينتهز الفرصة ويحاول حل الخلاف المصرى مع شاه إيران ونصحه بأن يطلب وساطة الملك حسين فى ذلك الأمر لأنه صديق ناصر وصديق الشاه فى الوقت نفسه. وبالفعل حين طلب السادات وساطة الملك حسين رحب للغاية ورتب لقاء يجمع السادات والشاه ليتبادل الطرفان الحوار فى وقت كانت فيه العلاقة المصرية الإيرانية متوترة وكان الشاه يصاب بحالة من الانفعال الشديد فى كل مرة يسمع فيها اسم عبدالناصر، بسبب الهجوم الشديد من عبدالناصر عليه كرمز لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
الغريب أن لقاء السادات والشاه يومها فى الرباط بهدف تصفية الخلافات تطور إلى مشادة كلامية، حيث تبادل الطرفان الحديث حول دور الحرب فى حل المشاكل الدولية، شعر السادات بالإهانة والاستعلاء الشديد من جانب الشاه حين قال إنه على استعداد لمساعدة مصر المهزومة فى حربها بشرط أن تكون تعلمت من الهزيمة، فرد السادات «إن مصر لا تستجدى أى إحسان لأن الشرف العربى يأبى ذلك.. «والشعب المصرى سيتحمل أعباء الهزيمة ومسئولية النصر مستقبلا».
بعدها عادت أجواء التهدئة بين الرجلين وعقد لقاء تحدثا فيه ساعتين على انفراد وتم التصالح وقال السادات للشاه «ما محبة إلى بعد عداوة»، ووصف محمد بهلوى السادات وقتها بأنه مخلص ويتميز بعواطف صادقة.. ومن يومها وكل منهما يحمل نحو الآخر إعجابا شديدا. وقد انعكست تلك العلاقة الإنسانية الناجحة بين السادات وشاه إيران على علاقة البلدين بشكل لافت.
رابط دائم: