رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بعد حصولهما على جائزة عالمية فى المسئولية المجتمعية..
طبيبتان مصريتان تقدمان لضحايا الحروق الأمل فى «حياة أفضل»

نيرمــين قطــب
الطبيبتان داليا جمال وراجية وشاحى أثناء تسلمهما الجائزة

لم تكن ميرفت تعلم أن إعداد تلك الوجبة البسيطة من «البطاطس المقلية» لأسرتها سيمثل نقطة التحول الكبيرة فى حياتها.. ففى غمضة عين وبدون مقدمات اختل وضع المقلاة على النار وانسكب الزيت المغلى على قدميها.. لتشتعل النيران وتطول جزءا كبيرا من جسدها ..انتهت الفاجعة بسلام «نسبى» فهى لم تفقد حياتها أو أحد أطرافها وأن كانت فقدت جزءا من مظهرها الخارجى وزوجا تركها تواجه الحياة بمفردها!

لم تكن هذه الحالة الوحيدة التى ظنت أن الحياة انتهت بعد إصابتها بالحروق، فمنار الطالبة بالثانوية العامة حاولت الانتحار مرتين بسبب تلك الإصابات التى لحقت بها من حادث مشابه وبالرغم من أن الحروق لم تكن ظاهرة فى الوجه أو الكفين، إلا أنها تركت أثرا سيئا على نفسيتها، فتركت منار دراستها واكتفت بالبكاء والاكتئاب فهى ترى أنها «عبء ثقيل» على أسرتها حتى العلاج كانت تتابعه بشكل غير منتظم ..

كان يمكن لحياة هاتين الشابتين أن تستمر بهذا الإيقاع الباهت، وأن يقعا فريسة لليأس والإحباط إلا أنهما وجدتا يد المساعدة تمتد إليهما وإلى غيرهما من ضحايا الحروق من إحدى المبادرات الطبية التى أطلقتها طبيبتان بالمركز القومى للبحوث بالتعاون مع المجتمع المدنى وهى مبادرة «حياة أفضل بعد الحروق»..والتى فازت بموجبها الطبيبتان داليا جمال وراجية وشاحى بالجائزة العالمية للمسئولية المجتمعية فى الأمراض الجلدية كأفضل مشروع فى إفريقيا والشرق الأوسط خلال المؤتمر العالمى لأطباء الأمراض الجلدية والتى تمنح كل أربعة أعوام لخمسة فائزين من خمس قارات وهى المرة الأولى التى يفوز فيها أطباء مصريون بهذه الجائزة.

وتقدم هذه الجائزة من الرابطة الدولية لجمعيات الامراض الجلدية وتمنح لأفضل مبادرة اجتماعية تهدف لمساعدة مرضى الأمراض الجلدية لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وتحسين جودة حياتهم، وكان قد تقدم للمسابقة هذا العام 134 مشروعا على مستوى العالم من 34 دولة.

وكان هذا المشروع قد انطلق منذ أربع سنوات وقدم العلاج لنحو ألف حالة أغلبهم من السيدات والأطفال وهم الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالحروق بحسب الدراسات التى أجريت خلال تلك الفترة والتى أعدتها مؤسسة أهل مصر والتى اوضحت ايضا أن سكان المناطق الفقيرة والعشوائية هم الأكثر عرضة للحروق نتيجة لنقص الوعى والتعليم والسكن الآمن، فالمنازل لا تتوافر بها المياه مما يؤخر عملية الإطفاء ويزيد من الحرائق وجود مخلفات مثل القش فى القرى والأسقف الخشبية، وكذا ضيق شوارع تلك المناطق الذى يعيق وصول سيارات الإطفاء.

وأوضح الدكتور عادل أحمد رئيس قطاع الصحة والتنمية بالمؤسسة أن الدراسة أوضحت أن 72% من المصابين من الأطفال والسيدات وأن 90 % منهم سقط عليهم سوائل ساخنة أو كانت الحروق نتيجة انفجار اسطوانات البوتجاز أو الإصابة من الألعاب النارية والشماريخ.

ولكون علاج مرضى الحروق يتطلب وجود فريق طبى متكامل من المتخصصين فى مجالات الجراحة، والتجميل، والطب النفسي، والجلدية، فإن علاج الحروق يتطلب وقتا وجهدا وتكاليف لا يمكن للمرضى غير القادرين تحملها فتم إطلاق مبادرة «حياة أفضل بعد الحروق» بالتعاون مع المركز القومى للبحوث ومؤسسة أهل مصر حيث تطوعت الطبيبتان داليا جمال وراجية وشاحى بمساعدة هذه الحالات داخل عيادة الأمراض الجلدية لتحسين حالة الجلد بعد انتهاء المريض من مرحلة الجراحات التجميلية وقدم المركز لهم جلسات العلاج المخفضة بينما تكفلت المؤسسة بجميع تكاليف العلاج وتوفير الأدوية لهم.

«سعادتى فى تغيير حياة إنسان» هكذا بدأت الدكتورة داليا جمال أستاذ ورئيس قسم الأمراض الجلدية والتناسلية بالمركز القومى للبحوث حديثها معنا مؤكدة أن علاج الحروق يتطلب صبرا ووقتا من المريض وأهله، وربما غياب هذه الثقافة هو ما يؤخر علاج الكثير من ضحايا الحروق وتقول:« استطعنا مع مرور الوقت أن نستخدم أدوات جديدة فى علاج آثار الحروق على الجلد واستطاع المريض أن يرى بنفسه تحسنا كبيرا فى حالته مما دفعهم للانتظام فى العلاج وتحسن حالتهم النفسية بشكل كبير وملحوظ».

وتؤكد ماسبق الدكتورة راجية وشاحى استشارى الأمراض الجلدية والليزر والتجميل موضحة أن الجلد يصاب بعد الحروق بعدة مشاكل تحتاج لعلاج طويل الأمد مثل التشوهات وأثر عمليات الترقيع وتيبس البشرة وبخاصة إذا كانت الإصابة قريبة من المفاصل ووجود ندبات أو الإصابة بالاحمرار أو حكة بعد الجراحات وتضيف:«من خلال خبرتنا فى عيادة الجلدية وبعد مرور عدة أشهر من التطوع بدأنا فى تطوير طرق العلاج واستخدمنا أساليب جديدة فى التعامل مع ضحايا الحروق وكانت نتائجه مذهلة فعلى سبيل المثال تم استخدام أنواع معينة من «عوامل النمو» لتحسين حالة الجلد وكانت النتائج مبهرة وأيضا استخدام العلاج الضوئى فى علاج آثار الحروق وهو ما كان يستخدم فى علاج البهاق أو نقص الصبغة حتى الليزر المستخدم فى عمليات التجميل مثل إزالة الشعر والشعيرات الدموية تم استخدامه مع مرضى الحروق فى إزالة الندبات الحمراء وتضيف: «أجرينا بعض الأبحاث على استخدام هذه الأساليب مع مرضى الحروق وكانت نتائج العينات جيدة جدا.

تلقت ميرفت ومنار على مدى السنوات الأربع الماضية جلسات العلاج داخل المركز القومى للبحوث التى أسهمت فى التغيير من مظهر الحروق الخارجى على الجلد واستطاعت أيضا أن تعيد لهما الثقة فى النفس والحياة، فميرفت تغلبت على أحزانها وحصلت على فرصة عمل جديدة وأيضا على اعتذار من زوجها الذى أبدى رغبته فى العودة إليها .. اما منار فقد خاضت هذا العام امتحانات الثانوية العامة وتتمني الالتحاق بكلية الهندسة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق