اهتمت الحكومة مؤخرا بما يطلق عليه رقمنة الخدمات الحكومية والاقتصاد القومى ، واتخذت الحكومة خطوات كبيرة لمواكبة العصر، ورغم كل ما تم إنجازه، إلا أن هناك بعض التحديات التى تقف فى مواجهة عملية الرقمنة، خاصة فيما يتعلق بتعميمها وتطبيقاتها وسط كبار السن ومحدودى الثقافة، وكذلك فى الأرياف وهو الامر الذى دعا الخبراء إلى طرح الحلول من خلال البرامج المصورة والصوتية، التى تأتى بنتائج إيجابية مع تطبيق برامج الذكاء الاصطناعي، التى تجعل مثل هذه الفئات تتفاعل بسرعة ودقة عالية مع هذه الاجهزة .
الخبراء شددوا على ضرورة الاهتمام بالبنية التحتية القوية التى تحقق طموحات مصر فى التحول وتطبيق الرقمنة فى مثل هذه المجالات بسهولة ويسر.
بداية نشير إلى وجود بعض الصعوبات فى التعامل مع التكنولوجيا خاصة فى المناطق الريفية والمحافظات البعيدة، بدليل أن هناك مدارس فى القاهرة الكبرى حققت نسب نجاح عالية جدا باستخدام التابلت تجاوزت، 90٪، بينما هناك مدارس فى مناطق أخرى مثل الوادى الجديد حققت نسبا محدودة ولم تتجاوز 52 %، على حسب ما كشفت مصادر خاصة بالتربية والتعليم، وفسر المصدر الذى رفض ذكر اسمه ذلك، بأن البنية التحتية التكنولوجية فى المدارس تحتاج إلى إعادة نظر، فهناك مدارس تحتاج الى شبكات جديدة وتحتاج إلى توصيلات، ايضا العنصر البشرى يحتاج إلى تدريب، فالمدرس والطالب فى الريف يعانيان من صعوبات كبيرة فى التعامل مع التكنولوجيا اذا ما قررت التربية والتعليم تقليل استخدام الكتاب المطبوع، فلابد من الإعداد الجيد لعملية الرقمنة والاستخدامات الالكترونية، وطالب المصدر بدعم الدولة فى عملية التحول التكنولوجى للحاق بركب العصر وتحقيق الرفاهية، مؤكدا أن ذلك سيكون السبيل الوحيد للقضاء على الفساد الادارى .
الخدمة المجتمعية
وباعتباره واحدا من المسئولين والفاعلين فى تطبيق عملية الرقمنة، يؤكد الدكتورخالد العطار نائب وزير الاتصالات السلكية واللاسلكية، أنه لن تكون هناك عقبات لاستخدام المعدات التكنولوجية الحديثة، خاصة من قبل البسطاء ومحدودى الثقافة، فقد حرصت الوزارة على إنشاء مراكز خدمات مجتمعية للاتصال فى جميع مكاتب البريد على مستوى الجمهورية وعددها 4 آلاف مكتب منتشرة فى القرى والمدن، لخدمة هؤلاء من محدودى الثقافة، بجانب برامج التوعية التى توفرها الوزارة، وكذلك بوابة الحكومة الالكترونية، وعلى خدمة (الابليكيشن) على الموبايل، وهذه الخدمات ستنطلق بشكل جماهيرى فى النصف الثانى من العام الحالى بنهاية يوليو، ورغم ذلك هناك بعض الخدمات الحكومية انطلقت فعليا، وتقدم للجمهور إلكترونيا مثل استخراج تراخيص السيارات ودفع المخالفات والرسوم التعليمية.
يضيف أن هناك خطة قومية لبدء هذه الحملة لرقمنة الخدمات الحكومية والاقتصاد، تبدأ أولا فى محافظة بورسعيد فى يوليو الحالى، لتحويلها الى محافظة ذكية تقدم فيها اكثر من 25خدمة رئيسية، يتفرع منها 105خدمات فرعية (ديجيتال)، ثم تعمم التجربة بعد تقييمها فى باقى المحافظات، يقابلها تقديم خدمات التنمية المحلية وعددها 35 خدمة (ديجيتال) فى مدينتى الاسكندرية وبرج العرب، ونطمئن جميع المواطنين الذين ليس لديهم خبرة سابقة بهذه الاجهزة التكنولوجية، بأن المراكز المجتمعية فى مكاتب البريد ستقوم بمساعدتهم فى كيفية التعامل مع هذه الاجهزة.
وبجانب ذلك هناك خط ساخن يستفسر من خلاله مستخدم الخدمة عن كيفية استخدام هذه المعدات لمن لديهم خلفية ثقافية عن مبادئ الكمبيوتر، وهى عملية تسهل سرعة تعلم استخدام هذه الاجهزة، إضافة إلى الوسائل التعليمية وحملات التوعية.
موظفو المحليات
اما المهندس ابراهيم سرحان رئيس احدى الشركات للمدفوعات الالكترونية فيقول، هناك 6ملايين من اصحاب المعاشات يستخدمون الكارت لصرف مستحقاتهم، وهم من جميع فئات المجتمع، اضافة الى 2٫2 مليون يستفيدون من برنامج تكافل وكرامة، 95% منهم فى صعيد مصر يستخدمون الكارت لسحب هذه الإعانات المالية منذ اكثر من 3 سنوات، ورغم ذلك هناك بعض المستفيدين من الخدمات الحكومية الالكترونية يستعينون بأولادهم وأحفادهم للاستفادة بهذه الخدمات (الديجيتال)، مشيرا إلى أن البنك المركزى سيصدر بداية العام المقبل كارتا ذكيا (كونتاكت ) باللمس للتعامل به على مستوى الخدمات المصرفية بجميع البنوك، ويعقب العملية رسالة (آس.ام.اوآس) بنجاح العملية للاطمئنان.
ويضيف سرحان هناك متاعب تواجه بعض الفئات الرافضة للتكنولوجيا، لكن هناك تجارب ناجحة واثبتت تحولا حقيقيا، فمثلا احدى شركات السيارات هناك 300 ألف سائق يتعاملون معها (بالفيزا) ، أيضا يجب أن نضع فى الاعتبار أن وسائل الدفع الالكترونية تساعد فى سرعة الاستفادة بالخدمات الالكترونية الحكومية بسهولة ويسر، وتحصر الاقتصاد السرى ومتهربى الضرائب، بل إن هناك جهودا كبيرة لتعليم موظفى الوحدات المحلية والطب البيطرى والزراعة والعمال فى محطات البنزين فى المحافظات كيفية التعامل مع هذه الماكينات (الديجيتال).
العاصمة الإدارية
أما الدكتور خالد محمد خالد المحاضر والخبير الدولى فى التجارة الالكترونية فيقول، إن انتشار استخدام الرقمنة يرجع الى اهتمام الحكومة والقيادة السياسية بتعميم هذه التكنولوجيا للنهوض بالاقتصاد ورفاهية المواطن، خاصة ان هذه التكنولوجيا سبقتنا فيها دول عديدة كانت ظروفها الاقتصادية والاجتماعية أسوأ من مصر، لكن حرص القيادة السياسية على اللحاق بركب العصر وتعويض ما فاتنا من سنوات، للحاق بهذا القطار السريع، بحيث تعمم الخدمات الالكترونية الحكومية عن طريق (الانترنت )وكذلك الكتالوج الالكترونى من خلال (الباركود )الملصق على السلعة، بما يعنى التحول الى (الرقمنة) فى جميع المجالات، وقد سبقتنا فى ذلك سنغافورة والهند وماليزيا.
ففى العاصمة الادارية تطبق (الرقمنة ) وهناك ما يعرف بـ (سمارت هوم ) ( او سمارت سيتي) وقد وصلت الصين والهند وسنغافورة وماليزيا بالرقمنة الى المواطن البسيط فى الأرياف فى هذه الدول، من خلال حملات التوعية والمتخصصين فى هذه التكنولوجيا.
البرامج المصورة
من جانبها تؤكد الدكتورة أسماء حسنى رئيسة إحدى شركات التحول الرقمى والشمول المالي، ان الوصول بهذه التكنولوجيا الى البسطاء ومحدودى الثقافة والأميين امر سهل، فقد تم تصميم برامج لهؤلاء لمحو أميتهم منذ عام 2010 فى برامج تعليم الكبار، فهذه البنية لا تلبى طموحات مصر فى الانطلاق بالرسومات والإشارات، بل وتمكنا من عمل تطبيقات للمكفوفين والفلاح البسيط بالرسومات والصور، فالبرامج المصورة والصوتية متوافرة ويسهل استخدامها وتطبيقها مع تطبيق الذكاء الاصطناعى للكبار، والصغار لكن هناك مشكلة جوهرية يقع عبؤها على عاتق وزارة الاتصالات، ألا وهى ضعف البنية التحتية، فهذه البنية لا تلبى طموحات مصر فى الانطلاق فى هذا المجال، خاصة فى المحافظات.
رابط دائم: