رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

د. طلال أبو غزالة فى حوار لـ«الأهرام»: فرصة نجاح الإنسان تصبح أكبر عندما لا تساعده الدولة

حوار ــ محمد القزاز
د. طلال أبو غزالة > تصوير ـ محمد عادل

  • هروب الطلبة من الكليات العملية إلى النظرية سببه برامجنا الأكاديمية الحالية

  • التعليم الحالى يضر بمستقبل أبنائنا

 

 

الدكتور طلال أبو غزالة، الفلسطينى المنشأ، والأردنى الجنسية، استطاع أن يحوّل طفولته البائسة الحزينة، والبدايات القاسية المؤلمة، إلى منحة وإلى فرصة للنجاح، فأصبحت شركاته تغزو العالم، لتصل إلى 128 شركة فى 107 دول.

كان من أوائل من بشّر باقتصاد المعرفة فى المنطقة العربية وصار من روادها الأوائل، يقود ثورة على التعليم فى دولنا، ويصفه بأنه غبيّ وخاطئ، وأنه امتداد للكُتّاب الموجود منذ قرون فى بلادنا، وأن التعليم بشكله الحالى توفى إلى رحمة الله، وعلينا أن نقتنع بذلك، وندرك أن التعليم الحقّ هو ما يؤدى إلى الابتكار والاختراع، وليس إلى الحفظ والتلقين، مثمّنا فى الوقت نفسه الخطوة الجريئة التى أقدمت عليها مصر خلال هذا العام بالاعتماد على التابلت.. وإلى الحوار:

دكتور طلال، أنت مهموم منذ سنواتك البكر بالمستقبل، فكيف نبنى المستقبل، كيف نطلب من الشباب أن يهتم به؟

أنا رجل أسكن فى المستقبل، لا أتحدث عن الماضى أو الحاضر، ولأن الشباب هم المستقبل، فأنا أهتم بهم كثيرا، وأؤمن بهم إيمانا قويا، فحينما أشرح لشاب كيف انتصرت على المعاناة، فأنا أريد أن ينتصر أيضا على المعاناة، وخلال الفترة الماضية، أصدرت وصايا للشباب، فيها وصفة للنجاح، وهى تمثل قناعة وإيمانا عندي، ومن هذه الوصايا، أن المحبة أقوى سلاح، وهو سلاح معدٍ، فإذا شعر الإنسان بأنك تحبه، فهو لن يستطيع أن يكرهك، فمن أراد النجاح، عليه بحب الناس، لا يمكن أن تنجح فى عمل أو فى محيط سياسى أو غيره إذا كنت تكره من حولك، فالمحبة من أهم خطوات بناء المستقبل، ومن الوصايا التى أؤمن بها، أن السعادة قرار، فأنا على امتداد عمرى لم أر إنسانا تعيسا وحزينا ينجح، ومن هنا يجب أن تقرر أن تكون سعيدا، كما أنك إذا لم تؤمن بأن الخير فى المستقبل، فلن تنجح، فمن أسوأ ما أسمعه كلمة « مفيش فايدة»، هذا خطأ جسيم، لا يوجد شيء فى الدنيا بلا فائدة، وأنت تستطيع أن تحول ما هو سيئ ليصبح جيدا، كما أننى أؤمن بأن الراحة مضرة بالصحة، فأنا منذ كان عمرى عشر سنوات وأنا أعمل حتى وصلت سنى إلى 81 سنة، ولم أحصل على راحة يوما، ولذا أدعو الناس، كل الناس ألا يفكروا بالتقاعد، وللعلم هى كلمة ليس لها وجود فى اللغة العربية، وهى مكونة من كلمتين « مت وقاعد» فالمتقاعد هو إنسان يموت وهو قاعد، فعلى الإنسان ألا يتوقف عن العمل أبدا.

هل بناء المستقبل يكون بيد الإنسان أم بيد الدول والحكومات؟

هل تعلم أن الإنسان أمامه فرصة النجاح أكبر عندما لا تساعده الدولة، فمن ساعد بيل جيتس؟ من ساعد زوكربيرج؟ من ساعد ستيف جوبز؟ فالدولة لم تقدم لأى مما سبق ذكره خدمة، لم تقدم تمويلا، لم تدعمه، فمن أبدع وتفوق هو من لم تساعده الدولة خاصة فى عصر المعرفة، ففى هذا العصر: السلاح بيدك، وليس بيد الدولة، وأقصد به السلاح الإيجابي، الذى يتيح للكل التفوق والتقدم، فالإنسان يستطيع أن ينجح رغم كل المعوقات، فلا نكاد نعرف شخصا ساعدته الدولة وبرز، فكل من نجح، لم تساعده الدولة، لأنه اضطر أن يعتمد على نفسه، وأن يبنى نفسه، ويحقق نجاحاته، فلا يجب على أى أحد أن ينتظر دعما من الدولة، ففى عصر المعرفة قدرك بيدك، وتستطيع أن تتفوق كما تفوقت أكبر خمس شركات فى الدنيا، حيث أصبحت ميزانيتها تريليون دولار، أى ألف مليار دولار، فصاحب كل شركة من هذه الشركات، تعب على نفسه وأراد النجاح فاخترع اختراعا أوصله لما هو فيه، وهذا هو المستقبل، ونحن لسنا أقل قدرة منهم، لكن المشكلة أن تعليمنا لا يزال عقبة فى الوصول إلى فكرة التعلم للاختراع.

لكننا فى أوطاننا نرى تبريرات عديدة للفشل، نرى أن الكل يحمل الدولة تارة، والسياسات تارة أخري، وتفشى الفساد تارة ثالثة؟ فكيف نتخلص من ذلك؟

هذه التبريرات لا تخص دولنا فقط، هى بكل دول العالم، كما أن المواطنين بأمريكا ليسوا كلهم ستيف جوبز أو بيل جيتس، بل تجد هناك من يشكو الظلم وعدم المساواة، وعدم دعم الدولة، وأنها لا تشجع أحدا ولا توفر فرص عمل، فهل تعلم أن من اخترع الياهوو طالبان، تخرجا ولم يجدا وظيفة، وفى أثناء لهوهما على الكمبيوتر والبحث عن وظيفة اخترعا نظام الياهوو، الذى أصبحت قيمته الآن 150 مليار دولار.

وهل تعرضت أنت للفشل؟

أنا لم أفشل لكن تعثرت فقط، وكان كثيرا، لكننى أؤمن بأن التعثر ليس فشلا، التعثر فرصة لكى تبدأ من جديد بطريقة أفضل، الفشل هو حين تتوقف عن المحاولة، ليس هناك فشل فى الحياة.

كثيرا ما تهاجم التعليم فى أوطاننا، وتصفه بأنه نظام غبى وخاطئ، ما أسبابك فى ذلك؟

وأكثر مما تقول، تعليمنا يضر بمستقبل أولادنا، لأنه يخرّج بطريقة الكُتّاب، ولعلى أسألك هنا: ما الفرق بين نظام الكُتّاب من مئات السنين، وبين النظام الآن، أستاذ، طلبة، كُتب، تلقين، امتحان، هل تغيّر شيء؟ لم يتغير شيء، لا فى مدارسنا ولا فى جامعاتنا، سوى المقاعد والسبورة، فما الهدف من هذا التعليم، هو اختبار قدرتك على مدى حفظك لمعلومات ليس إلا، ما أطول نهر، ما حدود ألمانيا، وهكذا، هل هذا ينتج عقلا مفكرا؟ مستحيل، فنحن ندرّس حفظ ونمتحن قدرة على الحفظ.

لكنى دعنى أترك الماضى بكل آلامه، لنتحدث عن المستقبل، المستقبل يحتاج مخترعين وليس متعلمين، فالتعليم لم يعد هدفه أن تلقن وتمتحن، سأضرب لكَ مثالا، حين تذهب إلى طبيب فيقوم بفحصك ويعطيك العلاج المناسب، لكن حين تذهب إلى المدرسة يتم إعطاء العلاج للكل، وبنفس الدواء، فلا يوجد فى هذا الكون عقلان متساويان، كما لا يوجد جسدان مستويان يحملان نفس المكونات، فكيف أعطى لهم جميعا نفس المنتج، فالطب تطور ليعالج المرض الذى أصيب به المريض، بينما التعليم لا يزال يعلم نفس التعليم لكل العقول.

فى مصر الآن تجربة مهمة فى التعليم، تعتمد على البحث والتعلم، أكثر مما تعتمد على الحفظ والتلقين، لكنها تتعرض لهجوم شديد، ما رأيك فى هذه التجربة؟

هذا مهم جدا،آن لنا أن ننتقل من التعليم إلى التعلم، فهل نما إلى علمكم أن التعليم تُوفي، هل نما إلى علمكم أنه لا يوجد أستاذ فى أى جامعة فى العالم حتى ولو كانت هارفارد أو أكسفورد يمتلك معلومة ليست موجودة على الانترنت، أنا أتحدى أى أحد يثبت عكس ذلك، فدور الأستاذ الملقن هو صفر الآن، نحن أسسنا كلية طلال أبو غزالة الجامعية للابتكار، وهى الوحيدة فى العالم التى لا يتخرج فيها الطالب بامتحان بل باختراع.

ولكن هل ترى أننا بأوطاننا نستطيع أن نقوم باختراعات مثل بيل جيتس وزوكربيرج؟

بالطبع، وآن لنا أن نقود العالم، لا أن نلحق بركبه، فهل تعلم أن من اخترع الواتس آب، هو عامل فى مطعم فى أوكرانيا، وهى دولة ليست غنية، وتعانى صراعا بين روسيا وأوروبا، هذا العامل، كان حين ينتهى عمله بالمطعم يجلس إلى الكمبيوتر يبحث عن فكرة، حتى اخترع الواتس آب، فليس هنالك ميزة لأحد فى عصر المعرفة، الكل أمامها متساوون فى الحقوق والواجبات، عصر المعرفة هو العصر الوحيد الذى تتحقق فيه الديمقراطية كاملة، فالكل يجلس أمام شاشات الكمبيوتر ابن الرئيس مثل ابن الغفير، فعلينا أن نبدأ ونأخذ القرار.

وأين دور المعلم، هل يتم إلغاؤه؟

المعلم لن يختفي، ولكن دوره فني، دوره المساعدة على التعلم، وليس أن يقوم هو بالتعليم، دوره أن يساعد الطالب ويوجهه.

تتحدث عن الاختراعات، وإعداد جيل يبحث عن التعلم وليس التعليم، ومع ذلك فإن عدد الطلاب الذين يختارون تلك التخصصات فى تناقص ما السبب وما الحل؟

السبب أن برامجنا كلها أكاديمية، تعتمد على الحفظ والتلقين، وبالتالى تعوّد الطلبة على ذلك، فحين يصل إلى الجامعة يخاف أن يذهب إلى كلية تعتمد على الفهم والتحليل، فيذهب إلى الأسهل، أو إلى ما تعود عليه، وهو الحفظ والتلقين، وحتى نغيّر ذلك، فلابد أن يكون الجزء الأكبر من التعليم هو تعليما تطبيقيا ومهنيا، فليس مطلوبا حين تكون هناك حصة فى الجغرافيا أن تعطينا معلومات، بل مطلوب أن تعلمنى كيف أصبح خبيرا فى رسم الخرائط؟ كيف أصبح خبيرا فى تحويل الخريطة لتصبح رقمية؟

الحديث عن أهمية التعلم، وأهمية تحويله إلى تطبيق عملي، وإلى الحقيبة المدرسية الذكية، ولكن ألا ترى أننا ما زلنا نعانى من ضعف البنية التحتية للمعلومات؟

بالتأكيد، نعانى ضعفا فى البنية التحتية، وهذا سهل حله من خلال إنشاء مراكز تعريفية، ولكن أزف إليك خبرا، خلال سنوات قليلة لن تحتاج إلى بنية تحتية، لأن هناك شخصا اسمه إيلون ماسك سوف يخترع أقمارا صناعية للإنترنت، وتستطيع أن تستخدم الإنترنت من أى مكان فى العالم دون إذن أحد.

كنت من أوائل من تحدث عن اقتصاد المعرفة، لكن لا يزال الكثير لا يعرف، أو لا يدرك أهمية اقتصاد المعرفة، فما السبيل لتدرك بلادنا هذه الأهمية؟

هنا فى القاهرة عام 2009، كان لى لقاء مع بيل جيتس، وكان رئيس الوزراء، هو أحمد نظيف، وكان الحوار يدور حول هذا الموضوع، وملخص الحوار أننا نتكلم عن الحياة التى نمارسها، ليكون الإنترنت فى كل تعاملاتنا، سواء فى الاقتصاد، أو إدارة الحكومة، التعليم، أو بمعنى أكثر سهلة كيف يصبح الإنترنت كما الجهاز العصبى فى جسد الإنسان، فالجهاز العصبى هو أساس حياة الإنسان، فإذا تعطل هذا الجهاز، ستتوقف حركة الإنسان، وفى العالم المعرفى الرقمي، وبالتحديد الاقتصاد الرقمي، يجب أن تكون الإنترنت هى الجهاز العصبى لاقتصادنا، وهنا يجب أن نعترف بأن الثروة الحقيقية فى المستقبل هى الاختراعات المعرفية، ويجب أن نعتبر بأنه ليس هنالك أمة فى الدنيا تستطيع أن تحل مشاكلها إلا بالتحول إلى الاقتصاد المعرفي، فهو يتيح لك أن تتعامل من خلال الإنترنت بتكلفة أقل وبسرعة أعلى ، وبجدوى وتواصل أكبر.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق