الأرقام والنسب هى عادة معيار نجاح الأحزاب السياسية فى الانتخابات والاستطلاعات وغيرها. ولكن بالنسبة لأحزاب الخضر‘ فإن النجاح يكمن فى توسيع النقاشات السياسية حول قضاياها البيئية والاجتماعية وزيادة قاعدتها الشعبية مع مرور الوقت.
ولا يخفى على أحد حجم النجاح والتقدم الذى حققته هذه الأحزاب من خلال انتخابات البرلمان الأوروبى الأخيرة، لكن بالتأكيد استراتيجيتها المستدامة منذ سنوات لا تقتصر على قارة واحدة ولن تتراجع الآن لتكتفى بمكاسب فردية.
ورغم أن عمر هذه الأحزاب لا يتعدى 40 عاما، لكن أفكارها وأهدافها جذبت الكثيرين لأنها تختلف عن تلك التى تسود التقسيم التقليدى للجماعات والأحزاب السياسية، حيث تركزت حول قضايا الأقليات، والقضايا البيئية ونبذ العنف، ودعم العدالة الاجتماعية.
ومع تزايد الصراعات التجارية والسياسية فى الغرب، تزايد الإقبال على الخضر الذين يعنيهم حل هذه الصراعات والعيش فى سلام عالمى لا تسيطر عليه النزعة الفردية. ومن أقصى طرفى الكرة الأرضية، من استراليا وأمريكا الشمالية والجنوبية، دأبت هذه الأحزاب على تحقيق هدفها. وحقق الخضر تمثيلًا برلمانيا فى نيوزيلندا وأستراليا .
ففى نيوزيلندا، يشغل حزب الخضر حاليا 8 مقاعد فى مجلس النواب النيوزيلندى منذ عام 2017. وفى استراليا، يحتل الخضر 10 مقاعد فى مجلس الشيوخ الأسترالى ومقعد واحد فى مجلس النواب. ومنذ عام 2004 ، حصلوا على أصوات أكثر من أى طرف ثالث فى كل انتخابات فيدرالية.
ولهم أيضا تمثيل فى مجالس برلمانات الولايات فى خمس ولايات. ويشغل الخضر أيضا مناصب تمثيلية فى الحكومة المحلية فى جميع أنحاء نيوزيلندا وأستراليا. وأدى التمثيل النسبى فى مجلس الشيوخ الأسترالى والنيوزيلندى إلى تعزيز موقف الخضر ومكنهم من المشاركة مباشرة فى الهيئات التشريعية ولجان صنع السياسات.
واعتبارا من الانتخابات العامة الـ41 فى كندا ، التى أجريت فى 2 مايو 2011 ، لم يكن هناك سوى عضو واحد منتخب فيدرالياً من حزب الخضر الكندى فى مجلس العموم الكندى ، وزعيمته إليزابيث ماي.
ونجحت ماى وحدها فى جولة الإعادة للبرلمان الـ42، الأمر الذى مكنها من التأثير على عدد من القضايا التى تتراوح بين رفض التدخل العسكرى فى ليبيا ، ولعب دور رئيسى فى فضح التغييرات فى التشريعات البيئية الخفية وإدخال مشروع قانون خاص لوضع استراتيجية وطنية بشأن مرض لايم.
وفى 2019 ، فاز بول مانلى النائب عن الخضر فى الانتخابات الفرعية بكولومبيا البريطانية ليصبح ثانى عضو من الحزب يمثله فى البرلمان.
وفى الولايات المتحدة ، خاض الخضر لأول مرة المعركة الانتخابية فى 1985. ليحققوا انتصارات انتخابية على مستوى البلديات والولايات بدون أى تمثيل فيدرالى فى الكونجرس الأمريكي.
ومنذ 2018، يشغل 156 عضوا بالحزب الأخضر مناصب بعد انتخابهم فى 19 ولاية. وأكثر الولايات تمثيلا للخضر هى كاليفورنيا وكونيتيكت وبنسيلفانيا فى مجالس الولايات والبلدية. وخاض مرشحو حزب الخضر 6انتخابات رئاسية من 1996 حتى 2016 ويعتزمون مواصلة المشوار فى 2020.
وللخضر مكان فى أمريكا الجنوبية، حيث تأسس حزب الخضر البرازيلى فى 1986، والتزم بوضع مجموعة من السياسات لضمان العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
وحصدت مرشحة الخضر مارينا سيلفا 19.33 ٪ من الأصوات فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية البرازيلية لعام 2010 ، لتتحول إلى شوكة فى عنق منافستها ديلما روسيف من حزب العمال ، حيث حالت دون حصول روسيف على الأغلبية اللازمة لتجنب الجولة الثانية.
وحصدت مقعدين إضافيين فى المجلس التشريعى ليصبح المجموع 15 مقعدا للحزب فى مجلس النواب، لكنه فقد مقعده الوحيد فى مجلس الشيوخ.
وهكذا، أثبتت السنون أنه مازال لدى أحزاب الخضر فرصة كبيرة فى النمو والتقدم وحصد المزيد من المقاعد فى الفترة القادمة مع تزايد التأييد لأفكارهم التى تتلاءم مع ما يواجهه العالم من تحديات.
ومع أن الخضر لهم أساس قوى فى أوروبا، لكن رواج الفكر اليمينى المتطرف فى القارة العجوز وفى امريكا، قد يدفع الخضر إلى الاكتفاء بالحفاظ على نسبتهم الحالية فى المجالس التشريعية والمحلية، لحين تحقيق انتصار كبير لهم ولأهداف السلام العالمى فى المستقبل.
رابط دائم: