رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

جريدة مصر السينمائية.. ذاكرة أمة ومسيرة شعب

سعاد طنطاوى - تصوير: مجدى عبدالسيد

أخيرا استرد تاريخ مصر المصور الحياة التى سلبت منه منذ أكثر من 78 عاما بسبب الاهمال وكان ذلك منذ عدة أيام فقط وكانت «الاهرام» شاهدة على الحدث، حيث اصطحبنى وزميلى مجدى السيد المصور الصحفى بالاهرام الكاتب الصحفى ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات والدكتور أسامة هيكل رئيس مجلس ادارة الشركة المصرية لمدينة الانتاج الاعلامى فى جولة تفقدية لمركز الترميم السينمائى بمدينة الانتاج الاعلامى لمشاهدة باكورة ترميم أوائل الافلام السينمائية للجريدة السينمائية بحضور اللواء هشام عبدالخالق رئيس الادارة المركزية للخدمات بالهيئة والاعلامى عمرو محسوب رئيس قطاع الاعلام الداخلى بالهيئة، وذلك فى اطار الاتفاقية المبرمة بين الجانبين بترميم وإحياء التراث السينمائى والتراث الوثائقى. وللجريدة السينمائية المصورة والأفلام التسجيلية القديمة لدى الهيئة.

وقد يتساءل البعض ما أهمية هذا التراث الذى بلى بالقدم ونحن الآن فى عصر الانتر نت والفضائيات؟ بل إن من يريد الاطلاع على التاريخ فإن المكتبات العامة والخاصة تزخر بالكتب؟!.

الكاتب الصحفى ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات قال إن جريدة مصر السينمائية هى شاهد على تاريخ مصر الحديث والمعاصر منذ ما يقرب من 78 عاما كان هدف انشائها مساندة النظام السياسى والاجتماعى للدولة، وتدعيم قيم التنمية للمواطن، واعلامه بالانجازات التى تقوم بها الدولة، فيما لا يزيد على تسع دقائق فقط على شريط السينما لجمهور يذهب الى دور العرض ويجلس فى صالة مغلقة ينتظر الفيلم الذى جاء من أجله، وليس معه ريموت كنترول ليغير ما يعرض أمامه، وللعلم ليس كلها سياسة بل بها مباريات كرة وفن ومعارض واحتفالات تتميز بإخراج سينمائى جذاب ومونتاج سريع الإيقاع ومؤثرات صوتية وموسيقى تصويرية مثل الشريط السينمائى الروائى فكما تسميه النظريات الاعلامية حقنة تحت الجلد، تستطيع أن توصل الرسالة الاعلامية المقصودة لعدد كبير من المشاهدين فى جميع انحاء المحافظات.

وأضاف رشوان مع الزمن طرأت تغييرات على هذه الشرائط السينمائية وتعرض الكثير منها للتلف وكان لابد من انقاذ هذه الثروة التى تقدر بالملايين وقد كانت هناك محاولات سابقة لترميمها للحفاظ عليها اكبر فترة ممكنة لكنها لم تحقق الهدف كاملا الى ان تم التوصل الى توقيع عقد مع الدكتور اسامة هيكل رئيس مجلس ادارة الشركة المصرية للانتاج الاعلامى ليقوم مركز الترميم السينمائى بالمدينة بالمهمة لان الجريدة السينمائية تعد كنزًا معلوماتيًا ووثائقـيًا غاية فى الأهمـية، يوثق للكثير من المناسبات والاحداث التاريخية الكبرى التى شهدتها البلاد منذ عشرينيات القرن الماضى.

وبدأت الجولة بنا فى غرفة مكتظة بالشرائط السينمائية وسط 5320 علبة ومنها الى غرفة غسيل الافلام القديمة وسط فريق من الفنيين يضع الكمامة على أنفه من رائحة الاحماض و الدكتور أسامة هيكل يؤكد لنا ان المدينة بما لديها من إمكانات تكنولوجية وبشرية ومن خـلال مـركز ترميم وإحياء التراث السينمائى التى تـم إنشاؤه حديـثًا بالمدينة تقوم بتطوير وترمـيم أكــثر من 2340 فيلماً تسجيلياً مـــن تراث الهيئة المصور وتحويلها الى نظام الديجتيال ( الفور كيه ) وهـو أعـلى مستـوى رقمـى مـوجـود فـى العـالـم حـاليـًا ممـا يتيـح الفرصـة للعـديـد مـن المـشـاهـدين ورواد المــواقـع الإلكـترونية للإطلاع علـى هـــذا التــراث مـن خـلال شــبـكـة الإنــترنت وتطبيقات التواصل الحديثة ثم انتقلنا الى غرفة الصوت التى تعمل على تنقية صوت الافلام وفيها اكد لنا هيكل ان مركز ترميم وإحياء التراث السينمائى بالمدينة يعد أكبر مركز ترميم من نوعه فى الشرق الأوسط بل نقلة نوعية مهمة فى هذا التخصص فى مصر ومن المنتظر أن يصبح هذا المشروع نواة مهمة تسهم فى تعظيم دور مدينة الإنتاج الإعلامى فى الحفاظ على التراث والكنوز المصورة القديمة التى تملكها مصر قبل أن يصيبها التلف أو القدم من خلال تجهيزه بأحدث الأجهزة العالمية المطبقة فى هذا المجال والتى تم استيرادها خصيصًا من ألمانيا، واستقدام الخبراء الأجانب المتخصصين لتدريب الفنيين والقائمين على هذا المشروع الذين اثبتوا كفاءة عالية فى هذا المجال، للوصول إلى أعلى مستوى لمواكبة المستويات العالمية المتخصصة فى هذا الشأن.

ثم عرج بنا الى المحطة الاخيرة وهى غرفة التصوير أمرا بعدم استخدام الكاميرات و أطفاء الانوار والتهيؤ لمشاهدة اول باكورة الافلام التى تم ترميمها وعشنا معه اللحظة مع فيلم ابيض واسود لجنازة مهيبة للزعيم الراحل جمال عبدالناصر وخروج الملايين فى الشوارع لتشييعه وحضور ملوك ورؤساء وقيادت الدول فى مقارنة بين الوضع القديم والجديد، ثم انتقل بنا الى مشهد آخر من فيلم ملون للرئيس السادات فى صلاته بالقدس واجتماعه فى الكنيست الاسرائيلى، مؤكدا ان الترميم بمعدل 50 ألف دقيقة و يحفظ الافلام لتعيش اكثر من 300 عام للاجيال القادمة.

وتقابلنا فى الجولة مع الدكتور عبدالناصر أبو بكر الجوهينى رئيس تحرير الجريدة السينمائية سابقا بالهيئة العامة للاستعلامات والمشرف على مشروع احياء التراث المرئى السينمائى فقال كثير منا ومن الباحثين تطلعوا الى التاريخ عن طريق قراءة الوثائق التاريخية والمخطوطات والخطابات والصور الفوتوغرافية واجندات المؤرخين وكذلك البرديات والجداريات فى المعابد.

واوضح ان جريدة مصر السينمائية»، ظهرت فى البداية بشكل غير منتظم. وبدأت فى الانتظام عام 1941 ولم يكن اسمها فى البداية «مصر السينمائية»، بل كانت تحمل عنوان «آمون»، وكان يصنعها آنذاك «محمد بيومى» رائد السينما المصرية الحديثة والذى ظل يصدر الجريدة المصورة، إلى العام 1925.حيث ظهرت «شركة مصر للتمثيل والسينما»، وأنتجت أشرطة الجريدة، وكانت تقدم فى دور العرض قبل الأشرطة السينمائية صامتة، وفى عام 1937تحولت إلى «جريدة مصر الناطقة»، وفى عام 1954 تغير اسمها إلى «جريدة مصر السينمائية»، وأصبح صدورها منتظما، وظلت جريدة مصر الناطقة محتفظة باسمها الذى أطلق عليها منذ عام 1937م،ثم تحول اسمها فى العدد رقم 673 فى 25 إبريل عام 1960 وتمشيا مع سياسة التأميم للصناعة فى مصر بما فيها صناعة السينما، انتقلت ملكية الجريدة إلى الدولة وتحول الإشراف عليها إلى أحد أجهزة الحكومة المهتمة بالناحية الإعلامية ( الهيئة العامة للسينما ) من 1963م إلى 1964م ثم إلى التليفزيون العربى من 1964م إلى 1971م، فى نوفمبر 1971 انتقلت التبعية إلى الهيئة العامة للاستعلامات وتغير اسمها إلى (جريدة مصر السينمائية) ابتداء من العدد رقم 1264 الصادر فى 6 سبتمبر 1971 الذى يحوى (المتآمرون بالخيانة العظمى لمحكمة الثورة )، هذا إلى جانب إلغاء فكرة عمل أعداد خاصة من حيث التسمية، ولكن يمكن أن يكون هناك العديد من الأعداد يحوى جميع فقراتها موضوعا واحداً مثل رحلات الرئيس للخارج، وعلى سبيل المثال العدد رقم 1270 الصادر فى 18 أكتوبر 1971 بعنوان رحلة الرئيس السادات إلى الكويت، إيران، الاتحاد السوفيتى، يوغسلافيا، سوريا.

ورجع بنا الدكتور الجوهينى الى بداية دخول التليفزيون فى مصر عام 1960 مؤكدا ان السينما سبقته واستطاعت ان تسجل لنا ذاكرة لكل الاحداث المصرية وتم توثيقها صوتا وصورة.

واستكمل قائلا «إن الهيئة العامة للاستعلامات تمتلك ارث « حسن مراد « مؤسس ومدير « جريدة مصر الناطقة « التى سميت فيما بعد « جريدة مصر السينمائية».

وبالرغم من انه رحل القائمون عليها ورحل ابطال المرحلة السابقة ممن صورتهم الجريدة السينمائية لكن بقى تراثهم..وبقى أصواتهم...وبقى صورهم.. وبقى أسماؤهم لتكن وثائق مرئية تحكى للاجيال القادمة ذاكرة الامة ومسيرة هذا الشعب.

وقال كثرت الاصوات التى تنادى بالحفاظ على هذه الثروة المرئية إرث «حسن مراد « وكانت هذه الوثائق قد أوشكت على الاندثار بالكامل لدرجة ان اليونسكو أبدت استعدادها للمساهمة فى الحفاظ على نيجاتيف جريدة مصر السينمائية، واستضافت الهيئة العامة للاستعلامات الخبير الجزائرى « هاشمى زرتال « فى مارس 1996 الذى يعمل فى أرشيف الفيلم الفرنسى، وقام بدراسة النيجاتيف تمهيدا لاعداد تقرير فنى شامل لكنه ذهب ولم يرجع فحملت الاستعلامات على عاتقها مسئولية الحفاظ على هذا الارشيف.

وقال الجوهينى فى مطلع 2004 قرر رئيس هيئة الاستعلامات آنذاك الدكتور طه عبدالعليم ان يحيى الجريدة مجددا عبر خطة انقاذ متكاملة تبدأ بترميم الاشرطة التالفة لسوء التخزين وتقادم الزمن وسوء طرق الحفظ وتم حصرها لكن ترك رئيس الهيئة منصبه لكن المشروع استكمل ومولته الهيئة وتم العمل فيه 9 أشهر وتم تحويل 50 % من اشرطة النيجاتيف الى شرائط «يجيتال بيتا كام بالصيغة الرقمية ولكن للاسف هذه التقنية لم تكن عالية الكفاءة فتوقف المشروع.

وترأس الدكتور ضياء رشوان الهيئة العامة للاستعلامات ووضع جريدة مصر السينمائية موضع اهتمامه وتبنى احياء التراث الوثائقى فوقع مع الدكتور اسامة هيكل رئيس مجلس ادارة الشركة المصرية لمدينة الانتاج الاعلامى اتفاقية ترميم التراث للجريدة السينمائية الناطقة وتحويلها الى النظام الرقمى لما يعادل 2340 مادة وثقائية فى ارشيف الهيئة بنظام « الفور كيه « الرقمى حيث يمكن البحث فيه عن الشخصيات والاماكن والشوارع والميادين والازياء وغيرها مما يحتاجه الباحثون الدارسون وممن يحاول عمل افلام سينمائية تاريخية حيث يستطيع عن طريق هذا الارشيف الوصول الى صور مرئية تحكى عصرها وتاريخها وهذا ما يخدم الافلام «الاثنوجرافية» التى تحكى طبيعة الشعوب وعاتها وتقاليدها.

وقال الجوهينى إن عملية انقاذ هذه الآثار التاريخية والمحتوى المرئى لحقبة من الزمن ولمسيرة هذه الامة انما يمثل عملا قوميا سيشهد له التاريخ.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق