رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

معرض أربيل الدولى للكتاب فى دورته الـ14..
ثقافة تواجه القتل الرمزى وترمم جروح الهوية

رسالة أربيل - سيد محمود

الخطأ الفادح الذى يرتكبه العاشق هو التورط فى وصف من أحب وأسوأ ما يمكن لصحفى أن يتورط فيه هو أن يصف مدينة عشقها من أول نظرة،لذلك أفضل أن تبقى علاقتى مع مدينة «أربيل « فى كردستان شمال العراق أقرب الى سر أحمله على ظهرى، أو صورة زاهية أستعيد ملامحها كلما عانقت نسمة أو صافحت زهرة أو قرأت عن قصة حب.

فى الربيع تعطى المدينة نفسها لزائرها كإمرأة تختار عاشقها، لذا لم يكن غريبا أن يقرر منظمو الدورة الرابعة عشرة لمعرض أربيل الدولى للكتاب عودة المعرض الى موعد انعقاده فى ربيع كل عام ، بدلا من أكتوبر الذى كان موعدا لانعقاد دورة العام الماضى التى أصابت جداول الناشرين بالكثير من الارتباك.
...........................

وبدا أن توافق موعد المعرض مع احتفالات عيد النيروز أو عيد الربيع هذا العام هو ضمانة لتوقيع اتفاقية غرام بالمدينة التى يحترف أهلها الترحيب بالغريب حتى لو تعثروا فى اللغة أو خانتهم الأبجدية، فالحب يكتفى بالإشارة أكثر من احتياجه للحروف.

وعبر 11 يوما هى عمر المعرض كان الانتقال من أروقة العرض بمنتزه سامى عبدالرحمن لشوارع المدينة أشبه بالعزف على البيانو والانتقال من حرف الى آخر، فأى خطوة من الصعب عليها أن تتفادى الشعور بلذة الايقاع الذى تصنعه المدينة الهادئة التى تأوى أكبر عدد من البلابل فى العالم على النحو الذى يجعل من صباحاتها «كونشرتو» متواصلا، لا يقطعه لا صخب النقاشات والحركة داخل المعرض الذى تقوم على تنظيمه سنويا مؤسسة المدى للنشر والتوزيع برئاسة فخرى كريم مستشار رئيس العراق السابق.

ويعكس برنامجه الفكرى مجمل القضايا التى تؤرق المثقفين العراقيين اجمالا ومثقفى كردستان بوجه خاص لذلك سعى المنظمون لعلاج المسافة بين المأمول والواقع الطائفى الذى يحاصر العراق الذى يعيش «حمى الهويات القاتلة» بتعبير الروائى اللبنانى أمين معلوف

وكان ما يريد منظمو المعرض تأكيده هو النجاة من تلك الحالة وترميم فجوات الجرح الطائفى عبر تقاطع أكثر من مسار، الاول هو تأكيد خصوصية الثقافة الكردية وفى نفس الوقت تأكيد ارتباط هذه الثقافة بالثقافة العراقية ورموزها فى الماضى والحاضر وتعميق «هوية المواطنة « وتجذرها فى الاعلام والتعليم والمؤسسات الثقافية وكانت هذه القضايا هى الأكثر إلحاحا فى برنامج المعرض الذى أكد الحرص على مشاركة أكبر عدد من ممثلى الحكومة المركزية من وزراء ومسئولين فى مختلف القطاعات ذات الصلة لمواجهة المحاصصة الطائفية وبحث سبل التمثيل القومى والتعبير عن الخصوصيات على ضوء ما يسمى بـ»الاستحقاق الدستورى».

و قام المسار الثانى على ربط هذا الفضاء بكافة قضايا الثقافة العربية السياسية والفكرية والابداعية، بداية من قضية فلسطين التى تحدث عن وضعيتها الحالية الوزير الفلسطينى السابق ياسر عبدربه وصولا لقضايا حرية الابداع ومستوى حرية التعبير فى عالمنا العربى، أما المسار الثالث فمتعلق بضرورة التعاطى مع الظواهر التى تحكم عملية الانتاج الثقافى وشروطه على الصعيد العالمى فى ظل هيمنة «ثقافة الصورة» وتنامى نفوذ مواقع التواصل الاجتماعى وتأثيرها على أكثر من صعيد.

ولم يكن مفاجئا على ضوء تلك المعطيات أن تقدم كافة فعاليات المعرض باللغة العربية وأن يشارك فيها مثقفون أو مفكرون عرب بحجم فراس السواح الذى شارك فى ندوة حوارية حول (إشكاليات الموروث والتأصيل) شارك فيها مع الباحث فى الشأن الاسلامى الكاتب غالب الشابندر، ود. لاهاى عبدالحسين.

كما شارك فى فاعليات المعرض روائيون كبار مثل ليانة بدر(فلسطين) ومحمود الوردانى (مصر) وعلى بدر (عراق) اضافة لأسماء أخرى منها الشاعرة السورية نوال الحوار والشاعرة المصرية فاطمةناعوت التى شاركت بصفتها مترجمة مع المترجم المغربى الشاب محمد آيت حنا كما شارك الكاتب ابراهيم عيسى (مصر) الاعلاميين عماد الخفاجى وحاتم السيد من العراق فى ندوات تناولت أدوار وسائل الاعلام والقنوات الفضائية ومشكلات التحزب الطائفى أو ظاهرة «قتل المثقفين صناع الرأى فى العراق» من خلال تنامى العنف سواء بصوره الرمزية أو الفعلية التى تجلت فى مقتل عدد من رموز الثقافة العراقية فى السنوات الأخيرة مثل كامل شياع وهانى مهدى والروائى علاء مجذوب،كما لم تنس الندوات التى أدارتها د.غادة العاملى تأكيد المواطنة النسوية وقضاياها.

واستعادت ندوات المعرض الحوارية الكثير من القضايا المثارة على صعيد الابداع العربى ومنها حالة الجوائز الأدبية والشروط التى تخلقها فى سوق النشر العربى وقضايا أخرى مرتبطة بحالة القراء فى أوساط الشباب.

وبرز بوضوح خلال تلك النقاشات فاعلية مواقع التواصل الاجتماعى وتاثيرها على حركة النشر والتوزيع وافراز ظاهرة «الكتب الأعلى مبيعا» التى شكك العراقى على بدر فى قيمتها الأدبية وقدرتها على تقديم أضافة نوعية للأدب العربى. معتبرا أن وصول الجوائز الأدبية لأدب «البيست سيلر» هو نوع من الفساد الثقافى الذى تورطت فيه طائفة كبيرة من المثقفين، مؤكدا أن عملية إنتاج الكتاب تقف خلفها غالبا دور نشر ليست معنية فعلاً بتطوير الثقافة وانما تعمل لاجل الربح..

فى حين دافعت ليانة بدر عن الجوائز الأدبية لأنها أثارت فضول القراء وساهمت فى زيادة أعداهم غير أنها أكدت فى المقابل تشككها فى المعايير التى تحكم آليات التحكيم وتوزيع الجوائز.

ولم يكن من المفاجئ كذلك أن تبلغ مشاركة دور النشر العربية داخل المعرض أكثر من 80 بالمائة من حجم المشاركة مقارنة بدور النشر الكردية التى على الرغم من تنامى دورها داخل المعرض إلا أن الهيئة المنظمة لا تزال حريصة على تعزيز مشاركة كبريات دور النشر العربية فى مصر ولبنان، بخلاف مشاركة مؤسسات النشر والترجمة الكبرى مثل المركز القومى للترجمة ومشروع كلمة بخلاف هيئة الكتاب ومؤسسات وزارة الثقافة.

ووفقا للأرقام التى تم الاعلان عنها فى حفل الختام فقد شارك بالدورة 320 داراً ومكتبة من 21 دولة وقرابة مليون عنوان كتاب فى شتى مجالات المعرفة كذلك مشاركة مؤسسات معنية بالكتاب الإلكترونى والسمعى، حيث لا يزال المعرض ينفرد بميزة مهمة مقارنة ببقية المعارض فى المنطقة وهى عدم وجود رقابة على المنشورات المعروضة، الى جانب تطبيق قوانين حماية الملكية الفكرية وحق المؤلف ومحاصرة عمليات القرصنة والتزوير. وشهد المعرض بحسب مديره إيهاب القيسى إقامة قرابة 70 جلسة احتفائية وندوة نقاشية وحوارية فضلا عن حفلات توقيع الكتب، كما شمل برنامج الدورة عرض أفلام سينمائية عربية وكردية، فضلاً عن الأمسيات الشعرية والفنية

وتجاوز عدد زوار المعرض المئة ألف زائر من بين حوالى مليون و300 الف نسمة هم عدد سكان أربيل من بين حوالى 4 ملايين كردى هم عدد سكان إقليم كردستان العراق بحسب تقديرات موقع «ويبكيبديا».

أزمة الكتب المصرية

ويصعب على زائر المعرض العبور دون التوقف أمام مفارقة مثيرة للأسى رسمت ملامح المشاركة المصرية فى المعرض حيث تتزايد سنويا أعداد دور النشر المشاركة على اعتبار أن سوق التوزيع فى كردستان هو سوق واعد على صعيد مؤسسى حيث يراهن الناشر المصرى على زيادة احتياج المؤسسات الكردية المختلفة للكتب التى تستعمل فى عمليات البحث الأكاديمى أو المكتبات العامة التى تتنامى باستمرار إلا أن هذا العام شهد ما يمكن وصفه بـ «الفضيحة» حيث لم تصل الكتب المصرية التى تم شحنها عبر شاحن متعاقد مع اتحاد الناشرين المصريين الا فى اليوم قبل الأخير للمعرض ما اضطر أغلب الناشرين الى تخزينها فى المستودعات دون فتحها لضيق الوقت ولجأ أخرون لتسويق طلبات الجملة فقط وهو أمر تسبب فى خسائر كبيرة هددت فرص الاستمرار فى المشاركة بالمعرض خلال السنوات المقبلة لأنه لم يغط تكلفته بسبب هذا الاجراء الخاطئ من قبل الشاحن المصرى فى حين أكد ناشرون آخرون أنهم بصدد اتخاذ اجراءات قانونية ضد اتحاد الناشرين بسبب التراخى فى حل المشكلة وتفعيل بنود التعويض المنصوص عليها فى العقود الموقعة مع الاتحاد.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق