رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

صديقى فى البناية المقابلة

ريهام عزيز الدين;

أكتب إلى طفل فى الرابعة يقطن البناية المقابلة

يخبره والده كل صباح بصراخ يمتد إلى نافذة غرفتي

أن ينتهى من تناول طعام فطوره فى خمس دقائق

أن يعتدل فى جلسته قبل أن تنقضى الخمس دقائق

أن يكف عن محادثة حبة الموز فى صحنه

أن يرتدى جوربه فبلاط المنزل بارد

كل صباح بصراخ يمتد إلى نافذة غرفتي

يخبره أن يكن مؤدبا

محترماً

جميلاً

لكى يستحق محبته

صراخ

صراخ

صراخ

يقطعه جملة وحيدة خاوية

«توقف عن البكاء الآن وفورا»

..............

الصراخ يتسلل إلى فراشى بينما أختبىء أسفل الغطاء السميك

أكتب إليك يا صديقى فى البناية المقابلة لأخبرك عن طفل آخر

اختبأ ذات عمر مضى فى خزانة ملابسه

الصراخ القادم من خارج الغرفة،

كان يطرق الباب بكلتا يديه ويركله أحيانا بقدميه الطويلتين

أكتب إليك يا صديقى لأخبرك أنه لا بأس أن تختبىء بعض الوقت

حتى تستريح الحنجرة من الصراخ

وتكف عن البحث عنك لتكيل لك اللكلمات

أكتب إليك يا صديقى فى البناية المقابلة

لأنى عاجزة عن إنقاذ العالم من قسوته

أو الخطو نحو الصراخ

واقتلاعه من حنجرته

وإسكاته للأبد

أكتب إليك يا صديقى لأخبرك أنه لا بأس أن نلتحف العتمة

وأنه لا بأس على الإطلاق من البكاء

حتى وان أخبرونا بعكس ذلك.

أكتب إليك لأنى أعلم أنك تكوم الغضب فى معدتك،

تمضغه مضغا

تؤرشفه بعناية على أرفف الخزانة

تعبأ البعض منه فى صناديق ملونة

تنتهى من ذلك كله دون أن يعلم من بالخارج إرثك القديم.

الصراخ يتعالى

وعلينا أن ننتهى قبل أن تمضى الخمس دقائق

..............

أكتب إليك يا صديقى فى البناية المقابلة

لأن لدينا طريق طويل

لكى نتقيأ كل هذا الغضب

دون أن نعاود الصراخ على الصوت

أو نبادله اللكمات إذا ما تسنى لنا ذلك لاحقاً

أكتب إليك يا صديقى فى البناية المقابلة

لأن كلانا سيمضى نحو حديقته

يفرغ أرفف خزانته القديمة

سيعبر حتما كما تمليه طقوس الطريق

نحو طبقات التراب المتراكمة

سيتوجب أن يفرغ ماء قلبه كاملاً

لينبش بكلتا يديه عن محبة لم تلتفت إليه

الطريق إلى الحديقة يا صديقى فى البناية المقابلة

لن يكون سهلاً متورداً

سيؤلم أقدامنا العارية

سيتوجب علينا مرات -لا يعرف أحدا عددها على وجه الدقة-

أن ننسلخ عن جلودنا القديمة

فى كل مرة تتساقط قطعة من الجلد

يمكننا البكاء

ويمكننا ممارسة طقوس الحزن كاملة

واستبدال أحبال الصوت فى الحنجرة

بصوت حانٍ

يخبرنا أنه لا بأس فى البكاء

أو الاختباء

وأن هكذا طرق المحبة موعرة

وأن حديقتك ستنبت يوماً لا محالة

أكتب إليك يا صديقى فى البناية المقابلة

لأنى عاجزة

وآسفة

وأحبك

وأنتظرك

لنخطو سويا

نحو

حديقة

تنتظركلانا

بمحبة – جداً- ممكنة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق