رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«اللون العاشق» محمود سعيد.. رواية تشكيلية

كان أمرا مألوفا أن تعرض فنادق القاهرة والإسكندرية لوحات زيتية مرسومة على قماش أو على خشب أبلكاش، أو قطعا من النسيج المزدانة بالصور والرسوم، من دون أن يكترث أحد لما يصيبها من شحوب وقتامة بفعل الهواء الذي يخالطه الدخان، عدا «بنات بحرى» فقد كانت تزدان لمعانا وبهجة وألقا وبهاءً وألفةً يوما بعد يوم.

إنها لوحة ذات بهاء فاتن، حيث يتفجر في بناتها سحر الأنوثة الطاغي وعبق البحر وانعكاسات الشمس الأرجوانية وأشعتها المتناثرة الألوان على السماء والوجوه السكندرية النضرة التي تتهادى على الشاطئ في غموض ودلال وافتتان.

وقد قرر الشاعر المصري أحمد فضل شبلول أن يتحاور- بطريقته - مع صاحب هذه اللوحة البديعة الفنان العالمي الراحل محمود سعيد (1897 - 1964)، وينجح شبلول في أن يستنطق سعيد بمكنوناته ومشاعره وأحاسيسه في أثناء رسم تلك اللوحة في عام 1935، وأن يدون اعترافات سعيد في رواية تحمل على الغلاف الخارجي عنوان «اللون العاشق» ويضيف إلى العنوان اسم «محمود سعيد» في الغلاف الداخلي، وتصدر هذه الرواية عن «الآن ناشرون وموزعون» بالأردن.

إنها تجربة روائية حافلة بالسرد والفن التشكيلي والحوار والوصف والأغاني والأشعار والشخصيات التي لم تقتصر على بنات بحري الثلاث (حلاوتهم وست الحسن وجميلة) وإنما نجد شخصيات أدبية وقامات فنية عاصرها محمود سعيد من أمثال: توفيق الحكيم والمخرج السينمائي محمد كريم والموسيقار محمد عبدالوهاب وأم كلثوم وأحمد رامي وليلى مراد وشقيقها منير مراد، والمثّال محمود مختار وغيرهم، فضلا عن وجود الرسامين بيكاسو وسلفادور دالي وشخصيات أخرى وأماكن متعددة في الإسكندرية والقاهرة والمنصورة وباريس ولندن وغيرها من المدن التي كان يتردد عليها محمود سعيد للعيش والإقامة والسياحة والتعليم.

ولاشك أن شبلول رجع إلى الكثير من المصادر والمراجع والكتب والمجلات والجرائد خاصة التي صدرت خلال العام الذي اتخذه سنة الأساس لروايته وهو العام 1935 ينقب ويبحث فيها عن خبر أو مقال أو صورة أو كلمة تفيده في أثناء كتابة الرواية التي أهداها إلى محمود مختار، متخفيا وراء اسم محمود سعيد، اعترافا بفضل مختار على سعيد، فكلاهما كان من الرواد الأوائل في الفن المصري الحديث.

وعلى الرغم من اتكاء شبلول على الكثير من لوحات محمود سعيد التي رسمها قبل 1935 مع إشارات كثيرة إلى لوحات أخرى عالمية من ضمن مقتنيات متحف اللوفر الفرنسي والمتحف البريطاني ومتاحف أخرى، ولجوئه إلى التحليل والشرح والتعليق، فإن الحدوتة لم تغب أبدا عن تلك الرواية، حيث أعطى كل شخصية من شخصيات بطلاته الثلاث (حلاوتهم وست الحسن وجميلة) حريتها في أن تحكي عن حياتها وتستفيض في الحكي، خاصة البطلة الرئيسية التي تقف في منتصف اللوحة وهي حلاوتهم، التي قال عنها الكاتب في مجلة «الجسرة الثقافية» إنها مصابة بعقدة دي بومبادور.

لقد اطلعت «حلاوتهم» الإسكندرانية بنت بحري على لوحة الماركيزة دي بومبادور في مرسم الفنان محمود سعيد، فأعجبت بها إعجابا شديدا، وتمنت أن تصبح مثلها، خاصة أن الفنان التشكيلي المصري بدأ يرسمها، مثلما رسم بوشيه الماركيزة دي بومبادور.

الرواية غنية بعالم الفن التشكيلي وتاريخه وتأثيره وألوانه وإيحاءاته، لذا نستطيع أن نصفها بأنها «رواية تشكيلية»، وفي الوقت نفسه تعد حجر الزاوية في مثلث العشق الذي أنجزه الشاعر أحمد فضل شبلول «الماء العاشق واللون العاشق والحجر العاشق».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق