رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أوروبا لم تعد «أرض الأحلام»

رشا عبد الوهاب

لم تعد أوروبا ولا أمريكا «أرض الأحلام» بل أرض «الكراهية والعنصرية».

كابوس طويل للآخر، ومع صعود اليمين المتطرف أو الشعبوى بأفكاره وأيديولوجيته التى يطورها مع الوقت لكسب المعركة الانتخابية والسياسية، ومع الملايين من الأتباع والأنصار الحاملين للوائه وصلت إلى حد حملهم السلاح ومناهضتهم القانون والمؤسسات، انتهى عصر الليبرالية والحريات والحقوق التى كان يتوق إليها «الحالمون».

وبدايات هذه الظاهرة ليست جديدة، إلا أنها لم تكن بمثل هذا النفوذ أو الاتساع، ولعل مالكولم إكس قد كشف هذا العارض فى وقت ما فى دفاعه عن حقوق السود حيث قال: «عندما أتحدث، لا أتحدث كديمقراطى أو جمهورى ولا حتى أمريكي، أتحدث كضحية لما يسمى الديمقراطية الأمريكية، أنا وأنت لم نر الديمقراطية أبدا، كل ما نراه نفاق».

فالديمقراطية والحريات تتحطم على صخور العنصرية، ولم يكن «الحلم الأمريكي»، الذى صكه الكاتب والمؤرخ الأمريكى جميس تروسلو كمصطلح فى كتابه الصادر عام 1931 «ملحمة أمريكا»، وكان يقصد بذلك حلم الأرض التى تكون الحياة فيها أفضل وأغنى.

ووفقا لكلاوس فون بايم أستاذ العلوم السياسية الألمانى فى كتابه عن أيديولوجية اليمين المتطرف، فقد مر صعود اليمين بثلاث مراحل أساسية عقب هزيمة النازى فى الحرب العالمية الثانية، فالمرحلة الأولى كانت من عام 1945 حتى منتصف الخمسينيات حيث تم تهميش هذه الأحزاب وأيديولوجيتهم، وفى الفترة من منتصف الخمسينيات حتى التسعينيات، ظهر ما يسمى مرحلة «الاحتجاج الشعبوي» مع نجاحات انتخابية متفرقة، وركزت هذه الأحزاب على الشخصيات الكاريزمية التى لا تثق فى المؤسسات السياسية. وبداية من الثمانينيات، جعلت النجاحات الانتخابية للمرشحين السياسيين لليمين المتطرف من الممكن تركيز الانتباه على مناهضة الهجرة كقضية مركزية.

وخلال هذا التوقيت أيضا، بدأ إرهاب جماعات اليمين المتطرف يحركه مجموعة من الأيديولوجيات والمعتقدات مثل معاداة الشيوعية والفاشية الجديدة والنازية الجديدة والعنصرية والأجانب ومعارضة الهجرة.

وعلى الرغم من تنامى الشعبوية بين اليمين واليسار فى أوروبا، إلا أن النجاح كان حليف اليمينيين خلال السنوات الماضية، وحذر جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية فى خطاب حالة الاتحاد الأخير له مما سماه «القومية غير الصحية». وحقق اليمين نجاحات انتخابية فى إيطاليا والسويد وألمانيا وفرنسا والمجر، بالإضافة إلى نجاحه فى تحقيق أهدافه مثلما حدث فى استفتاء الخروج البريطانى من الاتحاد الأوروبى «البريكست».

وحتى فى حالة عدم نجاحهم الانتخابي، تحولت الأحزاب القومية واليمينية إلى الصوت الرئيسى للمعارضة، حتى هؤلاء الذين لم يجدوا موطىء قدم سياسيا أجبروا قادة أحزاب الوسط على تبنى وجهة نظرهم.

ويمكن النظر إلى ذلك باعتباره انتكاسة للنظام السياسى للغرب فى ظل أزمات الاقتصاد والمهاجرين، إلى جانب موجات عدم الرضا التى تظهر فى مخاوف قديمة من العولمة وضياع الهوية الوطنية. ففى إيطاليا، توجت انتخابات غير حاسمة بفوز حزبين شعبويين، وهما «النجوم الخمسة» و»الرابطة»، وجاء صعودهما من الهامش إلى القمة بعد الأزمة المالية العالمية التى ضربت إيطاليا فى 2008، إلى جانب تحول روما لواجهة رئيسية للمهاجرين الأفارقة.

وفى النمسا، حاز حزب «الحرية» اليمينى على نجاح كبير، ليصبح الشريك الأصغر فى ائتلاف حكومة المستشار المحافظ سيباستيان كورتز.

وفى السويد، وبعد أن كان حزب «الديمقراطيين» منبوذا بسبب ارتباطه بالنازيين الجدد، دخل البرلمان للمرة الأولى فى 2010، وحقق نجاحا ساحقا فى انتخابات 2014، بعد أن حصد 13% من الأصوات، وحصل على 18% فى انتخابات الشهر الماضي.

وفى فرنسا، وعلى الرغم من أن الرئيس إيمانويل ماكرون أسس حزب «إلى الأمام» لمواجهة أفكار مارين لوبان وحزبها «الجبهة الوطنية»، فإن فوزه بانتخابات الرئاسة لم يحقق الهدف المنشود، فقد حصلت هذه السيدة على أكثر من 10 ملايين صوت، وغيرت اسم الحزب إلى «التجمع الوطني» فى يونيو الماضي، بينما تتجه العيون إلى ابنة شقيقتها ماريون، التى ربما تلعب دورا كبيرا خلال الفترة المقبلة، مع تراجع شعبية الرئيس المنتمى لتيار الوسط، والذى خطط اليمين لاغتياله منذ أيام.

وفى المجر، استغل فيكتور أوربان السنوات القليلة الماضية فى توسيع صلاحياته، واستهداف منظمات المجتمع المدنى خصوصا تلك التى يمتلكها الملياردير جورج سوروس، وعرقلة عمل الإعلام، كما رفض نظام الحصص لتوزيع اللاجئين، وهو يمثل النموذج الأمثل لليمينى الذى يرفض ما يعتبره بيروقراطية الاتحاد الأوروبي، والذى يدعم ما يسمى بـ»الديمقراطية غير الليبيرالية». هذه الديمقراطية غير الليبيرالية أو الجزئية أو الفارغة أو النظام الهجين الذى يفتقد الحريات الليبيرالية أصبح السائد مع صعود اليمين.

وفى خطاب له فى 30 يوليو 2014، قال أوربان» إن الدولة التى نؤسسها فى المجر غير ليبرالية، لا ترفض المبادىء الأساسية لليبرالية مثل الحرية، لكنها لا تجعلها العنصر الأساسى فى مؤسسة الدولة، لكنها بدلا من ذلك لديها نهج وطنى وخاص ومختلف».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق