رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

للاحتجاج.. اتجه «يمينا»

يسرا الشرقاوى
مظاهرات رافضة للمد اليمينى بلندن

ما يبدو أنه صعود متزامن لأحزاب اليمين المتطرف والتيارات القومية دوليا من الولايات المتحدة، إلى أوروبا وأمريكا اللاتينية له أسباب وجيهة وليست جديدة، ويمكن اختصارها ببساطة بأنها إما بغرض «الاحتجاج» أو لصد «تهديد».

فالتيارات القومية والمعتمدة لأجندة اليمين المتطرف كانت قائمة من قبل حركة الصعود الأخيرة بعقود، ولكنها استفادات بشكل كبير من فكرة «اللحظة المواتية» أو استغلال الظروف.

ففى أمريكا، مثلا، لا يمكن فصل فوز ترامب وأفكاره «الترامبية» الداعمة لمصالح «أمريكا أولا» اقتصاديا وسياسيا، والمتجاهلة للحساسيات المفترضة إزاء الأقليات والمهاجرين، عن 2008 وما بعدها.

فاعتبارا من 2008، وقع متغيران رئيسيان، بتفجر الأزمة المالية التى بدأت أساسا أمريكية، ثم انتقلت إلى العالم، وأرهقت هذه الأزمة مجتمعا عانى اقتصاديا ونفسيا منذ «صدمة» 11 سبتمبر 2001 وما تلاها من حروب خارجية ضمن الحملة على الإرهاب، بما يعنيه ذلك من خسائر بشرية وتكلفة اقتصادية بلغت 6٫5 تريليون دولار من 2001 وحتى 2018 وفقا لدراسة معهد واتسون للشئون الدولية، وهناك طبعا تعميق فكرة الحرب واستهداف أمريكا من «قوى الشر» الخارجية، وخاصة «التطرف» المحسوب على الإسلام.

والمتغير الثانى كان انتخاب باراك أوباما، كأول رئيس من أصول إفريقية، والمفترض أن يدعم قيم «الحلم الأمريكي» من التعددية والحرية، ولكنه استنفر اليمين المتطرف وحركات «تفوق العرق الأبيض»، التى رأت فى أوباما تهديدا لمكانتها ولأمريكا التى يعرفونها.

فوفقا للكاتب الأمريكى كارول أندرسون، شهدت أمريكا ما بعد أوباما المرحلة الثانية من «موجة الغضب الأبيض» بعد الموجة الأولى للأمريكيين البيض ردا على حركة الحقوق المدنية فى الخمسينيات والستينيات، فازداد حجم الميليشيات اليمينية والمعارضة للحكومة فى أمريكا من 149 متطرفا عام 2008 ، إلى 1360 عام 2012 بزيادة 813%، ليظهر ترامب فى «اللحظة المواتية» ويحول غضب ومخاوف العرق الأبيض وتحديدا الفئات المتواضعة اجتماعيا وتعليميا ووظيفيا، إلى خطاب سياسى وأجندة حكومية، وليشجع اليمين كحركة سياسية واجتماعية أكثر فأكثر.

ولا أدل على ذلك من تحرك ميليشيات «رجال اللحظة» بسلاحها إلى الحدود الجنوبية لمواجهة «قوافل المهاجرين».

وظهرت هذه الميليشيات فى عام 2004، وهى تنشط من حين لآخر عندما تشعر بأن الحكومة عاجزة عن صد تهديد الهجرة غير الشرعية.

هذه المرة، ترى الميليشيات أن ترامب يبذل ما عليه وأكثر، لكن مؤسسات الدولة لا تدعمه.

فى أوروبا وأمريكا اللاتينية، الوضع مختلف ولكن ليس كثيرا.

فاللحظة أيضا جاءت "مواتية"، فالنموذج الإيطالى يعد مثاليا للقياس، حيث يحكم حاليا ائتلاف أقصى اليمين، فالنجوم الخمسة حزب حديث جدا مثل أحزاب البديل من أجل ألمانيا، والفجر الذهبى اليوناني.

وتصاعد نجم هذه الأحزاب مع تحول المزاج العام.

ففى إيطاليا، اجتمعت أغلب أزمات أوروبا، ما بين المعاناة من ويلات أزمة منطقة اليورو المالية، وارتفاع معدلات البطالة وسياسات التقشف المفروضة من الاتحاد الأوروبي، واستشراء الفساد السياسى والمالى بين الأحزاب التقليدية والمفترض أنها وسطية.

فكرة رفض سطوة الكبار، سواء كان الكبار الاتحاد الأوروبى أو الأحزاب التقليدية فى كل دولة، مسبب مهم لعقاب الناخبين، فوفقا للجارديان، فإن 40% من الأصوات التى نالها «البديل من أجل ألمانيا» فى انتخابات سبتمبر 2017، كانت أساسا «احتجاجية».

والاحتجاج أيضا دفع بأمريكا اللاتينية للانقلاب على تقاليدها اليسارية بعد تكرار تورط مسئوليها فى فضائح فساد وعجز سياسات الرعاية الاجتماعية، رغم استمرارها، عن تحسين الأوضاع الاقتصادية.

الناخب «المحتج» لم يلتفت كثيرا لمخاوف عودة «هتلر» بأيدى جماعات «النازيين الجدد» فى أوروبا، والتى بدأت فى اختراق مؤسسات الدول مثل الجيش فى ألمانيا، ولم يلتفت لمخاوف عودة الديكتاتورية اليمينية بالدول اللاتينية، فغضبه كان أكبر، والعاقل منه رأى أن الفكر والمؤسسات الديمقراطية قادرة على ملاحقة الفائز بالانتخابات وتحجيم جموحه.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق