تشتهر مصر بانتشار مناطق متميزة يمكنها أن تلعب دورا حيويا فى مجال السياحة العلاجية، حيث يتوافر بها المناخ الجاف فى أغلب فصول السنة والعيون المعدنية والكبريتية التى تمتاز باحتوائها على مواد كيميائية خاصة تفوق مثيلتها في معظم العيون المعدنية فى أنحاء العالم كما تضم شواطئها انواعا من الرمال والطمى تحتوى على مواد طبيعية تعالج أمراضا عديدة وأهمها الروماتيزم المفصلى وأمراض الجلد والعظام و أمراض الجهاز التنفسى .
الدكتور ماهر القبلاوى أستاذ العلاج الطبيعى بجامعة القاهرة يؤكد أن هناك الكثير من الدول تعتمد على السياحة العلاجية كمصدر أساسي للدخل مثل ماليزيا وتايلاند وبولندا ورومانيا وبلغاريا والهند وسنغافورة، إلا أن المشكلة لدينا هى عدم توافر منشآت وخدمات تلبى جميع احتياجات السياح والمواطن.. وأهم أماكن السياحة العلاجية توجد فى المحافظات المطلة على البحر الأحمر حيث تحتوى تركيبة المياه بها على مواد كيميائية تتكامل فى العلاج مع الرمال والشمس الساطعة التى تساعد على الاستشفاء من الأمراض الجلدية، وكذلك الحال فى مياه العيون المائية بكل من الواحات وأسوان وسيناء وحلوان وعين الصيرة والعين السخنة، و الغردقة وسفاجا، وكلها تتميز بصلاحية استثمارها فى السياحة العلاجية حيث يمكنها استقبال أفواج سياحية على مدار العام، وقد تنبهت الدولة أخيرا ممثلة فى وزارة الصحة لأهمية السياحة العلاجية فأنشأت لجنة عليا لها لمتابعة وتخطيط برامجها، فضلا عن تخصيص نحو 20 مستشفي للعمل فى هذاالمجال، واعتماد برنامج علاجى للمرضى ممن يحتاجون الاستشفاء فى مصر من التخصصات الطبية المطلوبة وتخصيص موقع إلكترونى للترويج لها، وبناء قاعدة بيانات للمرضى الوافدين لتلبية احتياجاتهم العلاجية والتعامل مع الدول الراغبة فى علاج مرضاها من خلال عرض برامج للسياحة العلاجية، ويتواكب مع البرنامج تدريب الأطباء وهيئة التمريض على تقديم خدمة متميزة، بما يضمن مستقبلا ناجحا لبرامج السياحة العلاجية.
مناطق استشفاء طبيعية
وأضاف أستاذ العلاج الطبيعى أن السياحة العلاجية مازالت مجهولة الإمكانات، وتحتاج جهدا لتكون فى مقدمة موارد الدولة.. فمصر تمتلك أفضل الشواطئ والجزر السياحية والتى تعتبر مشفى صحيا ونفسيا حيث تتميز بعلاج الأمراض العصبية والنفسية لتوافر الهدوء والاسترخاء بها، وهى خارج خريطة السياحة العلاجية، ومنها الواحات ودهب ومرسى علم وطابا ونويبع، ومنطقة الجبل الأبيض العالمى بسيوة وهو من الرمال المتحجرة، وهونموذج للحياة الطبيعية البعيدة عن الضغوط الحياتية وفى مرسى علم مثلا شاطئ »الحنكوراب«والحاصل على المركز الرابع ضمن أجمل شواطئ العالم.
وفى الصحراء الغربية نسب مأمونة وعظيمة الفائدة من العناصر المشعة..حيث يكون العلاج بطمر الجسم بالرمال لفترات مدروسة ومحددة و يؤدى ذلك إلى نتائج غير مسبوقة فى عدة أمراض روماتيزمية مثل الروماتويد والآلام الحادة والمزمنة الناجمة عن أمراض العمود الفقرى .
وأضاف د.ماهر القبلاوى أن حلوان من أكثر المناطق تميزا للسياحة العلاجية لما تتميز به من الجو الجاف حيث لاتتجاوز الرطوبة 58% وتحتوي عيونا كبريتية ومعدنية لا نظير لها فى العالم من النقاء والفائدة العلاجية، لذلك أقيم فيها مركز كبريتى للعلاج الطبيعى وأمراض الروماتيزم وعلاج الألم ويضم 38 حجرة للعلاج بالمياه الكبريتية لمختلف التخصصات، وعدة غرف للاستجمام وحدائق تحيطها.. أما الواحات البحرية فتمتلك مقومات السياحة العلاجية أيضا والعلاج البيئى ..ويوجد بها نحو 400 عين للمياه الكبريتية والمعدنية الدافئة والباردة وتصل درجة حرارتها إلي45 درجة مئوية.
النباتات الطبية
وأشار أستاذ العلاج الطبيعى إلي أن الوادى الجديد يتمتع بمناخ رائع طوال العام ، وجو نقي جاف وبلا رطوبة مع سطوع الشمس ورمال ناعمة جميلة وتنتشر به النباتات الطبية التى تستخرج منها العقاقير العلاجية والزيوت النباتية والعطرية المهمة فى العلاج الطبيعي وفى الخارجة و الداخلة توجد آبار متدفقة الماء بعمق ألف متر، ودرجة حرارة 28 درجة مئوية وهى تحتوى على عناصر مفيدة علاجيا، مع الكثبان الرملية الناعمة التى تستخدم فى العلاج بالدفن لمن يعانون أمراض المفاصل وضمورا بالعمود الفقرى،وتكتمل السياحة العلاجية فى واحات الوادى الجديد بالنباتات والأعشاب البرية العلاجية منها النعناع والكركديه والعشار، والدمسيسة وتستخدم فى علاج الجهاز الهضمى والروماتيزم وكذاك الإجليج الذى يعالج مرضى السكر، والحنضل ويستخدم فى علاج الروماتيزم..أما أسوان ففيها مواقع سياحة علاجية أيضا منها جزيرة الفلانتين وتستخدم فيها حمامات الطمر بالرمال للعلاج بين شهرى مارس وأكتوبر مع شدة أشعة الشمس فوق البنفسجية وبها أعظم أنواع النبات العلاجى للجهاز المناعى، وسرعة ترسيب الدم والعلاج من الروماتويد والكلى والربو الشعبى..كما أن الغردقة تعتبر من أهم المزارات السياحية العلاجية بمصرفى التداوى بالمياه البحرية وطينة الشعب المرجانية وأشعة الشمس والرمال الغنية بالعناصر المعدنية وطينة تراب المناجم، وتعالج موادها من الروماتيزم المزمن، وأمراض الشيخوخة والشلل الرعاش وانسداد الشرايين.
سفاجا والصدفية
أما الدكتور هانى الناظر أستاذ الأمراض الجلدية ورئيس المركز القومى للبحوث سابقا فيؤكد أن منطقة سفاجا تتميز بأنها أنسب الأماكن لعلاج الصدفية، فهى محاطة بالجبال المرتفعة وتتميز بنقاء جوها من الأتربة التى تشتت أشعة الشمس فوق البنفسجية، ومياه الشاطئ الساكنة والمياه عالية الملوحة بدرجة 55% بالنسبة للبحار وكثافة الشعب المرجانية التى تزيد كثافة الماء، فتساعد فى علاج الصدفية، وأثبتت التحاليل المعملية لرمال سفاجا ان بها ثلاث مواد مشعة غير ضارة وهى اليورانيوم الثوريوم البوتاسيوم تبلغ 40% وكذلك عناصر فلزية، مع ارتفاع فى أملاح الذهب لعلاج الالتهابات المفصلية المزمنة والروماتويد
ويضيف الدكتور حجاجى إبراهيم عميد معهد السياحة والفنادق بالغردقة، أن السياحة العلاجية فى الأساس تعتمد على مستشفيات متخصصة تتوافر بها استعدادات طبية عالية لتلبية احتياجات الحالات المصابة ، كما تعتمد على العناصر الطبيعية مثل الينابيع المعدنية أو الكبريتية أو البحيرات ذات الملوحة ، والمناطق المؤهلة للسياحة العلاجية تحتاج الى ترويج سياحى لأن الدعاية لها شبه معدومة ولذلك فهى مجهولة للمواطن بالدول الأخرى ، ولأن العلاج يطول أحيانا فلا بدّ من إقامة فنادق خاصة بالسياحة العلاجية والاستشفائية ، وتمتلك مصر تنوعا فى المناخ والتضاريس، ويمكنها أن تستوعب حالات متعددة مثل حالات مرضى الدرن الرئوى والتى تناسبها مناطق الجبال ، وكذلك حالات الإدمان والأمراض النفسية، وقضاء فترات النقاهة بعد التماثل للشفاء، وهذه الحالات من مختلف الجنسيات يمكن جذبها فى مناطق بقلب الصحراء تصلح لإقامة هذه المصحات بها ..وبذلك يمكننا توظيف ثرواتنا الطبيعية فى مسارها الصحيح لتتحول الى مصدر أساسى من مصادر الدخل القومى.
رابط دائم: