رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الاجتهاد

د. محمد أحمد عبدالله

لا شك أننا نسمع عن تجديد الخطاب الدينى كل يوم، وربما لا نكاد نقترب من مضمونه ومعناه الحقيقي، حيث إننا بحاجة ماسة إلى علماء فقهاء أقوياء عدول شجعان يجتمعون فى الله ولله لا يعنيهم غير قول الحق، يجتمعون ويقرون تنقية كتب السلف مما شابها؛ فهم بشر يصيبون ويخطئون، من ثم لا يمكن أن نصم آذاننا وأن نوقف عقولنا عن الزمان تبعا لقاعدة «تغير الأحكام تبعا لتغير الزمان والمكان».

ولنتخذ من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مثالا ونبراسا لنا، ووالله لو أن لدينا علماء فقهاء فى فقه عمر أقوياء فى قوته، عدولا فى عدله، شجعان فى شجاعته لتغير حالنا وأصبحنا أمة تقود العالم، ولنبذنا كل ما يشوب الإسلام من آراء لبشر فى زمان ومكان مختلف عن زماننا ومكاننا.

لقد أوقف عمر بن الخطاب حدا من حدود الله فى عام الرمادة، مستندا لقول الحديث: «ادرأوا الحدود بالشبهات» واتخذ من ظرف معين وحالة طارئة أصابت الجزيرة بجفاف شديد، كما أن الموسرين من المسلمين لم ينفقوا من فضول أموالهم على الفقراء والمحتاجين، فأوقف قطع اليد فى سابقة لو حدثت اليوم - آخذين فى الاعتبار زمانها ومكانها - لخرج علينا المتنطعون بالويل والثبور.

كما ألغى النص لنصيب المؤلفة قلوبهم فى الزكاة، علما بأنه نص قرآنى وعمل به الرسول، صلى الله عليه وسلم، طيلة حياته، فلو جاء عالم فقيه عدل شجاع وقال كما قال عمر فى أى أمر لتم اتهامه بالكفر والزندقة والخروج على الله.

كما اجتهد فى قسمة الفىء إثر انتصار الجيش الإسلامى فى الجبهة الشرقية، فالنص يوجب قسمة أربعة أخماس الفىء على الجند الفاتحين، وما يعنيه من تملك الأرض والفلاحين العاملين عليها لمن حضر القتال، وهنا اختلف كبار الصحابة آخذين بحرفية النص، بينما رأى عمر أن للأمة حقا أيضا فأعطى المقاتلين ما أفاء الله عليهم من مال وكراع، وهو كثير، وأبقى للأمة الفىء (غير المنقول) وهى الأرض التى إن تملكها الجند أصبحت ملكية خاصة يتوارثها الأولاد جيلا بعد جيل وحرم منها من لم يحضر الفتح، كما منع استعباد الفلاحين للفاتحين، وهذه المضامين هى التى استوحاها الخليفة استقراء للنص.

واجتهد حينما أقطع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أرضا لبعض الصحابة وبقيت فى أيديهم دون انتفاع منها، فطالبهم بأن يبقوا فى أيديهم ما يستطيعون القيام عليه والتخلى عما عداه لغيرهم من المسلمين ليعمروها، فأبوا ذلك وقال بعضهم هذا شىء أقطعنيه رسول الله ولن نفعل. فقال لهم عمر إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أقطعكموها لتحيوها فردوا على المسلمين ما لا تستطيعون القيام به، ووالله لتفعلون واسترجع منهم الأرض وحماها لبيت المال.

وهنا يتجلى العقل فى الاجتهاد عند ابن الخطاب، وقد خطب فى الناس قائلا: «من حاز أرضا ليعمرها فأهمل أو عجز وجب أن يتركها لمن يقدر على إحيائها». وقد اجتهد علماء سابقون بإقرار قانون الوصية الواجبة آخذين بقاعدة المصالح المرسلة وهى أصل من أصول التشريع فى الإسلام. إننا بحاجة ماسة فى زماننا هذا إلى فقهاء علماء عدول لديهم الشجاعة للتصدى للمأثور من كتب السلف وتنقيتها بما يتلاءم مع زماننا ومكاننا، فلا نعطى أعداء الإسلام فرصة الطعن فيما هو مأثور على أنه نص لا يمكن الاقتراب منه. بالعكس نحن أولى بأن ننقى ما يمكن تنقيته فما كان مطابقا للقرآن والسنة من اجتهادنا فأهلا به وما خالفهما فليس لنا شأن به. فهل نحن فاعلون؟

إنها أمانة فى أعناق العلماء، وهم إن شاء الله أهل لها وفيهم من ينطبق عليهم الشروط وهم كثر، ولكن نحتاج منهم أن يهبوا وينصروا الإسلام باجتهادهم الملائم لهذا العصر، فنزيل الغبار عما فى التراث من اجتهادات بشرية قد لا تتوافق مع هذا الزمان وذلك العصر.

إنها دعوة خالصة لوجه الله أرجو أن تجد صداها عند علماء الأزهر الشريف وشيخهم الجليل، وهم أهل لها.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق