رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

جنون الخضار يعبث بطعام البسطاء

تحقيق ــ وائل العزب

  • المواطنون: أين دور الدولة فى حمايتنا من المغالاة فى الأسعار؟
  • متحدث الزراعة : لسنا معنيين بنقص وزيادة المعروض وهذه معايير السوق الحرة
  • تجار التجزئة: التخزين والمغالاة من التجار الكبار وراء الأزمة .. والمكسب 300%

 

 

قفزت فى الأسابيع  الأخيرة أسعار كثير من الخضراوات الأساسية، قفزات لا يتحملها السواد الأعظم من المستهلكين، ولم يقتصر الأمر على نوع أو اثنين وإنما  امتد إلى البصل الأحمر والأبيض  والبطاطس  والطماطم والجزر وغيرها من قائمة طعام البسطاء، المفترض أنها من أقل أنواع الغذاء تكلفة، فى ظاهرة غريبة وغير  مبررة، يأتى

ذلك فى وقت يئن فيه المواطن البسيط من موجات غلاء طالت كل مناحى الحياة وتعالت الصرخات المطالبة بوضع حد لهذا الاستغلال.

السطور التالية تنقل نبض المواطن والحلقات الوسيطة وبعض المعنيين لاستجلاء الحقيقة والبحث عن الأسباب.

 

والبداية كانت مع المواطنين حيث يقول محمد حسين موظف: بعيدا عن اللحوم بأنواعها نكتفى أنا وزوجتى وأولادى الثلاثة بتناول الأطعمة النباتية الرخيصة نسبيا، وأهمها الخضر كالبطاطس والطماطم والبصل معظم أيام الأسبوع، لكن لاحظنا ارتفاعات فاقت تصورنا لأسعار هذه الخضراوات التى تعد ملاذنا الغذائي، وسط طوفان الغلاء فمن يستطيع شراء كيلو خضر بـ 12 جنيها وربما أكثر؟ فكيلو البصل 8 جنيهات وبتنا لا نكفى أنفسنا من أبسط أنواع الطعام التى تخرج من أرضنا، والسؤال : لماذا لا يقنن كل شيء فى الزراعة وتجارة المحاصيل؟

أما وحيد مدنى - بالمعاش - فيقول يجب عودة التسعيرة الجبرية وتحديد هامش ربح بعد حساب التكاليف الفعلية، وعدم ترك كل الأمور فى يد مافيا المصالح فى استيراد كل ما يخص الزراعة من بذور إلي سماد وتخزين وبيع لتتحكم فينا فئة بعينها وتحتكر غذائنا تبعا لمصالحها وحدها.

سألنا بعض تجار التجزئة عن الأسباب، فقال محمد رمضان بائع تجزئة هل يعقل أن يتحكم التجار الكبار فى كل شيء ويبالغوا فى مكسبهم للدرجة التى تجعل هامش ربحهم يتجاوز 200% و 300% ثم يتهمنا المواطنون بالمغالاة فى الأسعار رغم أننا بالكاد ندبر ثمن الزرع الذى نبيعه وتكاليف النقل وإيجار المحل والكهرباء وخلافها وفى أحيان كثيرة نضطر إلى البيع بالخسارة كما فى حالة الطماطم الآن، ونظرا للأمراض التي أصابت المحصول هذه الأيام فإنها تجرى عليها عملية تسمى «التخمير» وهذه تتسبب في سرعة فسادها بعد 48 ساعة من جمعها، لكن لابد من وجودها عند أى بائع خضراوات، فالأسعار المرتفعة خسارة علينا، كما هى على المستهلك، لكن ما يجرى فى البصل بنوعيه الأبيض والأحمر هو نتيجة احتكار الكبار وتخزينه ثم بيعه بأعلى سعر.


العروة الزراعية

أما حمادة الشيمى - بائع تجزئة - فيقول إنه إضافة لما سبق زادت من حدة الأزمة ظروف العروة الزراعية فى الطماطم، وتخزين معظم أنواع الخضر والفاكهة سواء فى الثلاجات أو المخازن العادية، كما فى الجزر الذى بدأ فى الهبوط مع ظهور المحصول الجديد، وشدد على أن الدولة يجب أن تضبط الكميات المعروضة طوال العام، حتى لا تحدث فيها أزمات، ، ولا يخفى على أحد ارتفاع أسعار النقل خاصة من المحافظات، التى يتحملها فى النهاية المستهلك، فمع كل ارتفاع لأسعار الوقود تتضاعف أسعار النقل، وأصحاب السيارات معذورون.

عدم وضوح الأسباب وراء هذا الغلاء دفعنا الى مواصلة التقصى عن الأسباب فذهبنا إلى سوق الجملة بأكتوبر، ..حيث أشار الحاج عبد المنعم سليمان أمين عام رابطة السوق، إلى أن ما جرى أخيرا من ارتفاع كبير وغير متوقع لأسعار المحاصيل الأساسية للخضر يعود الى مجموعة عوامل تضافرت معا، حتى بلغنا هذه المرحلة من الزيادة التى خرجت عن السيطرة، فأى محصول ليس حصادا فقط وإنما هو آخر المراحل يسبقه إعداد الأرض للزراعة ووضع البذور، واختيار الوقت المناسب لبذرها ثم العناية بها ومقاومة الآفات، وأخيرا الحصاد وكل من هذه المراحل إذا لم تأخذ حقها فستؤثر سلبا على المحصول.. فوزارة الزراعة تترك الفلاح وحده بلا إرشاد زراعى يوجهه إلى أفضل الزراعات قوميا واقتصاديا، ولا تركيب محصولى يراعى الأولويات وأهمية المحصول والمساحات المزروعة منه والبذور والتقاوي أو الأسمدة التى لا نجدها فى الجمعيات الزراعية، وإذا وجدت فهى أقل كثيرا من الاحتياجات الفعلية، فيضطر للجوء إلى السوق السوداء بتكلفتها العالية ثم مساعدته بالمعدات أو ما يسمى بالميكنة الزراعية، .. وعلى سبيل المثال فمحصول الثوم الذى كان يباع فى وسط الموسم وهو اخضر بسبعة وثمانية جنيهات، يباع الآن بعد تجفيفه وتخزينه كل هذه الفترة وبعد أن فقد 70% من وزنه بأربعة جنيهات، ولا يجد من يشتريه وسيفرغ من محتواه ويخسر التاجر الذى اشتراه وقام بتخزينه، وكل ذلك بسبب وفرة المحصول التى أدت إلى زيادة المعروض والغريب أن المستهلك عندنا يشترى الثوم الصينى الأقل جودة بـ 20 جنيها للكيلو، وحاولنا تقليده وبيعه بـ4 جنيهات لكنه لا يجد من يشتريه.

احتكار التقاوى والبذور

أما الحاج محسن الفيومى نائب الأمين العام فقال: هل يعقل أن يحتكر التقاوى فى مصر 3 أشخاص فقط يبيعونها كيفما يشاءون ويستوردونها ممن يشاءون، ولا يستطيع أحد منافستهم أو حتى مشاركتهم فى كنزهم الثمين، وليست مشكلة فساد تقاوى الطماطم هذا العام إلا أحد مظاهر هذا الاحتكار، حتى إن بعض هذه التقاوى بلغ سعرها 30 ألف جنيه، بينما ثمنها الحقيقى أقل من ربع هذا المبلغ، ولحل تلك المشكلة يجب على الدولة توفير المبيدات والأسمدة بسعرها العالمى دون دعم، لأنها الضامن للانضباط، وليس تركها لضمير هذا وذاك، لأن بعض التجار يبالغون فى مكاسبهم على حساب الفلاح، فترتفع تكلفة الفدان، ويقل العائد من زراعته فيهمل العناية بالأرض والمحصول وتقل غلة الفدان، وبالتالى حجم الإنتاج على المستوى القومى ويعانى المستهلكون الغلاء غير المبرر.

وأضاف أن فدان الخضر يتكلف من 40 إلى 50 ألف جنيه، بمتوسط إنتاج من 15 إلى 20 طنا، اى أن كيلو الخضراوات تتكلف زراعته بين جنيهين وجنيهين ونصف تضاف إليها مصاريف تعبئته ونقله، والسؤال هنا: كيف نجد زراعات تباع بأقل من هذا السعر فى الأسواق؟

والإجابة ببساطة أنها تباع بأقل من تكلفتها والخاسر اكبر فى معظم الحالات هو الفلاح، ويجب ألا نفرح بانخفاض السعر دون النظر إلى التكلفة الفعلية لزراعة أى محصول، لأنه يعنى ارتفاعه الكبير فى الموسم التالي، فزراعة هذا المحصول الرخيص هذا الموسم ستنعدم أو تكاد فى الموسم التالى خوفا من استمرار انخفاض سعره والخسارة فى الموسم الحالي، وهكذا تستمر العجلة فى الدوران حول الجشع المنتظر من المترصدين للفرص والخسارة شبه المؤكدة من السواد اعظم المنتج للسلعة «المزارع» المغلوب على أمره، ولا يربح إلا فى مواسم استثنائية ترتفع فيها المحاصيل التى تمت زراعتها وحصدها فعلا، وعندها يربح مبلغا لا بأس به لا يلبث أن يضيعه فى الموسم التالى ويسقط من جديد وهلم جرا.

وأضاف: دعنى أضرب أمثلة بسيطة، فمحصول البطاطس يبدأ موسمه من شهر نوفمبر، مع بشائر ظهور المحصول الجديد ويمتد حتى شهر يوليو التالى الذى يبدأ فيه الاعتماد على التخزين حتى نوفمبر، والذى ترتفع خلاله اسعار، والسيناريو ذاته يتكرر مع محاصيل أخري، فالرمان يتراوح سعره بين 3 و6 جنيهات، والجوافة بين 3 و4 والبرتقال بين 2 و 3 جنيهات، بما يعنى أنها تباع أقل من تكلفتها ومن المنتظر ارتفاعها فى المواسم المقبلة بسبب الإحجام عن زراعتها.

شرط النجاح

وأخيرا سألنا أحد التجار القدامى فى السوق وهو الحاج إبراهيم سليمان الذى قال: هناك نوعان من المشكلات تسبب ضعف المحصول: أسباب «حقيقية» مثل ظروف المناخ وقلة العرض أو الطلب والتى تسهم فى رفع أو خفض السعر، وأسباب «مفتعلة» مثل سوء حالة البذور أو المبيدات والإهمال فى مقاومة الآفات، وهو ما يدخل فى اختصاص وزارة الزراعة، أو عدم التسويق الجيد للمحصول وتحديد سعره العادل، من واقع التكلفة الحقيقية وهو يخص التموين، بالإضافة إلى توفير المقنن المائى وأنواع الزراعات وتوزيعها فى الأحواض والمحافظات، وهذا من اختصاص الري، مع الصرف الزراعى الجيد وأخيرا التنسيق مع وزارة الصناعة لتوفير المحاصيل بالكميات اللازمة للصناعة وسعر توريدها المنصف للفلاح والمصنع، والذى يمثل إضافة للاقتصاد القومى ودون هذا التنسيق والتكامل سنواجه مشكلات لا حصر لها، تأتى فى توقيتات غير ملائمة.

وقال إن الجمعية الزراعية لا تعطى الفلاح احتياجاته الفعلية، وإنما نصفها على الأكثر، وقد يقوم صاحب أرض ببيعها إلى ثان ليكسب من ورائها، والذى بدوره يبيعها لطرف ثالث حتى تصل لمن يزرعها فعليا لكن بتكلفة عالية جدا ترفع سعر المنتج أكثر من اللازم، وهذا أيضا خطير جدا ويجب منعه.

توجهنا إلى الدكتور حامد عبد الدايم المتحدث باسم وزارة الزراعة للإجابة عن استفساراتنا فقال: نحن لسنا معنيين بنقص وزيادة المحاصيل أو المعروض منها، لأنها مسألة عرض وطلب وهذه هى السوق الحرة، ومع ذلك سنشترك مع الجهات اخرى المعنية بتشكيل لجان مشتركة لتفتيش ثلاجات ومخازن، وأماكن تخزين المحاصيل التى بها نقص فى المعروض أو مبالغة فى السعر.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق