رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«قمامة العاصمة».. مشكلة تستعصى على الحلول..
خبراء: المنظومة تعانى خللا.. ونقيب الزبالين يستعجل إنشاء «الشركة القابضة»

تحقيق ــ هشام زكى
مقالب الرمال بالطوب الرملى والوفاء والأمل [تصوير - مصطفى عميرة]

متى تنتهى أزمة القمامة فى القاهرة؟ ما الحل الذى لم نتوصل إليه حتى الآن فى تلك المعضلة؟ وهل عجزنا عن مواجهتها حتى أصبحت «أم المشاكل» فى عاصمة يزيد عمرها على الألف عام؟

هذه التساؤلات تجسد أزمة النظافة فى القاهرة التى باتت تستعصى على الحلول، ولم تعد هناك رفاهية فى تأجيل البحث عن حل حاسم لتلك الأزمة التى أصبحت مكونا رئيسيا من مكونات الشارع القاهرى فى مصر الجديدة ومدينة نصر والزمالك والمعادى وحلوان والشرابية والأزبكية والوايلى وبولاق.. لا فرق بين أحياء راقية وشعبية، فالأزمة قائمة، والحلول غائبة.

«الأهرام» فى هذا التحقيق تطرح أبعاد أزمة القمامة وترصد ملامحها وتبحث مع المتخصصين عن حلول فاعلة تطوى هذه الصفحة السوداء من يوميات العاصمة.

فى البداية تقول غادة محمود - من سكان مدينة نصر - إن أزمة القمامة فى العاصمة أصبحت بالفعل تستعصى على كل الحلول التى تمت تجربتها، بداية من الزبال والعربة الكارو وجمع القمامة من المنازل وما كان يستتبعه من تقديمها طعاما لمزارع الخنازير التى تنشر الأمراض والروائح الكريهة، مرورا بعملية تحويل القمامة إلى سماد عضوى وصولا إلى تجربة الشركات الأجنبية التى أثبتت فشلا ذريعا فى تقديم حلول واقعية لأزمة النظافة..وكنا نظن أن الشركات الأجنبية سوف تكون حلا سحريا لأزمة النظافة، لكننا لم نجن منها سوى تعقيد الأزمة بعد أن اتخذت هذه الشركات من الظهير الصحراوى للقاهرة مقالب تحولت إلى جبال من القمامة تستنزف مئات الملايين من الجنيهات لإزالتها الآن.

وقال إيهاب إدوارد صادق - من سكان حى مصر الجديدة - إن اعتمادنا الأساسى أصبح على الزبال الذى يقوم بجمع القمامة مقابل 30 جنيهًا فى الشهر، مشيرًا إلى ضرورة تكثيف حملات التوعية للمواطنين فى وسائل الإعلام بضرورة المحافظة على الشوارع..ويطالب بإعادة تفعيل منظومة الزبالين ودعمهم ماليا ليقوموا بأداء المهمة بما ينعكس على منظومة النظافة.

أما محمود عبد الصمد - محام من الزاوية الحمراء، فيقول إن مشهد أكوام القمامة الذى أصبح منتشرا فى الكثير من شوارعنا كان من المفترض أن يكون مشهدا شاذا واستثنائيا ولكن للأسف مع كثرة تكرار المشهد خاصة فى شوارعنا الجانبية أصبح المشهد مألوفا ومعتادا..فإلى متى تستمر أزمة القمامة فى شوارعنا ؟

حاولنا إيجاد حل لتلك الأزمة ..فكان اللقاء مع بعض الخبراء والمتخصصين فى مجال البيئة حيث أشار الدكتور أيمن محرم استشارى إدارة المخلفات الصلبة الى إن منظومة إدارة المخلفات لابد أن تكون ذات اقتصاديات مستدامة لكنها تعانى سوء إدارة وهذا هو سبب الأزمة، فهناك خلل فى نظام عمل الشركات فيما يتعلق بالعقود المبرمة معها وعدم انتظام صرف المستحقات من ناحية، وكذلك عدم كفايتها لما تقوم به الشركات من رفع للمخلفات، إلى جانب عدم الرقابة على عمل تلك الشركات..و وجود إدارة محكمة لنظام إدارة المخلفات يتطلب تفعيل القانون وسد الثغرات التى تشوب المنظومة بكاملها، لافتا إلى أنه قبل الحديث عن استغلال القمامة باعتبارها ثروة، يجب ضبط المنظومة وأن نحسن إدارتها فمثلا وجود «النباشين» فى الشوارع يمنع الشركات من ممارسة دورها، حيث تقوم الشركات بشحن إمكاناتها لرفع القمامة فتفاجأ بأن النباشين قد قاموا بفرزها والاستحواذ على الأشياء ذات الأهمية فيها وبالتالى لم يعد هناك ما يحفز الشركات على رفع ما تبقى بعد أن أصبحت عديمة الجدوى بالنسبة لها.

وقال محرم إن ما يحدث الآن فى القاهرة مثلا أن هيئة النظافة تقوم برفع القمامة فى بعض الأماكن وتترك الباقى للشركات وتكون النتيجة أن يبقى الوضع على ما نراه الآن، مطالبًا بأن يكون دور الحكومة بما تمتلكه من معدات وأفراد - هو التخطيط والمراقبة والدعم فى أوقات الطوارئ فقط .

وتشديد الرقابة على الشركات التى تقوم برفع القمامة لا أن تمارس هذا الدور إذ لا يمكنها أن تقوم بتغطية جميع المناطق ولا يمكنها أن تدخل فى منافسة مع الشركات.

فساد إدارى

أما خبير البيئة الدولى الدكتور عماد عدلى رئيس المنتدى المصرى للتنمية المستدامة فيرصد أسباب مشكلة تراكم القمامة حيث ترتبط بالاستثمار فى هذه المنظومة، فإذا نظرنا إلى منظومة النظافة فى العاصمة فسنجد أننا لا نوجه الطاقات الحقيقية التى تؤدى إلى رفع أكوام القمامة سواء من حيث المعدات ولا المبالغ التى يتم ضخها التى لا تتناسب مع حجم المشكلة ولا تغطى نفقات رفعها، ويمكن القول إن الاستثمارات الموجودة لا تواكب الاحتياجات الفعلية وبالتالى يحدث هذا القصور الواضح..وهناك طريقتان لضخ استثمارات حقيقية وفاعلة تقوم على فرض رسوم النظافة على كل شقة واستكمال المبالغ من المخلفات التى سيتم إعادة تدويرها، إلى جانب دعم المنظومة من موازنة الدولة  كتوجيه نسبة من حصيلة الضريبة العقارية إلى منظومة النظافة أسوة بما يحدث فى الولايات المتحدة الأمريكية.

وشدد «عدلي» على أن منظومة النظافة تعانى فسادًا إداريًا لا يمكن أن ننكره، لافتا إلى أن الاستثمار فى قطاع النظافة لا بد أن يرتبط بعملية إدارة جيدة تعمل بفكر القطاع الخاص وبتعاقدات تتم دراستها بشكل صحيح وتتضمن عقوبات لأى مخالفات لشروط هذا التعاقد، بحيث تتم عملية الجمع والفرز والدفن بطريقة صحيحة، بدلا مما نراه الآن من عمال النظافة الذين يديرون ظهورهم للشارع ويقوم بعضهم بالتسول لا بالنظافة، مشيرا إلى أنه يجب ألا ننسى موضوع الشركات الأجنبية التى كان التعاقد معها مشوبا بكثير من العيوب، مطالبًا بأن تكون شركات النظافة وطنية.

وتابع: لا بد من عمل منظومة متكاملة لإعادة التدوير بشكل صحيح، ولابد أن يكون الجمع من المنازل وليس من الشارع للقضاء على ظاهرة النباشين، وهنا يتطلب الأمر وجود تشريعات تنظم عمل تلك المنظومة ووجود شرطة للبيئة فى الشارع تقوم بضبط أولئك الذين يعبثون بالقمامة وينبشونها لاستخراج ما يحتاجونه وترك الباقى فى مشهد عبثى وفوضوى ويسيء إلى المنظر الحضارى للعاصمة.

واستطرد خبير البيئة قائلا: يجب أن يكون هناك برنامج توعية شامل للمجتمع بضرورة المحافظة على النظافة، وعمل خريطة للمناطق التى تلقى فيها القمامة بشكل عشوائى وفرض رقابة مشددة عليها واقترح توزيع المسئولية المجتمعية على الجميع من خلال عمل كردون فى محيط المؤسسات والهيئات فى المحافظة يلزمها بالحفاظ على النظافة فى هذا الكردون وهذا يضمن عدم إلقاء القمامة.

العقود مع الشركات الأجنبية سبب الأزمة

أما شحاتة المقدس نقيب الزبالين، فيؤكد أن الأزمة سببها العقود التى أبرمت مع الشركات الأجنبية والتى ستنتهى فى 31 ديسمبر المقبل بشمال وغرب القاهرة، وقد قمنا بالتنسيق مع وزارة البيئة واتفقنا على أن نقوم بهذه المهمة كزبالين، وقمنا بتأسيس7250 شركة بشكل رسمى بهيئة الاستثمار، إلى جانب 3250 سيارة، مشيرا إلى أن من ضمن الأسباب التى تؤدى إلى تعقيد أزمة القمامة هو عدم وجود جهة مختصة موحدة معنية بالمنظومة، لذا نطالب بسرعة الانتهاء من إنشاء الشركة القابضة للنظافة.

وقد طلبنا من الحكومة زيادة عدد الكناسين فى الشوارع، وإعادة الزبال ليجمع القمامة من الوحدات السكنية، وتم الاتفاق على تقسيم القاهرة إلى مربعات سكنية (كل مربع من 3 إلى 4 آلاف وحدة سكنية)، وأحضرنا شركات الزبالين فى المناطق التى انتهت فيها عقود الشركات الأجنبية، وقمنا بإبرام عقود لهم مقابل 4 جنيهات يحصل عليها الزبال مقابل كل شقة، وبالفعل قامت الحكومة بشراء معدات نظافة بـ 300 مليون جنيه وأعلنت حاجتها لكناسين، وبدأنا العمل فى الشوارع وارتدينا زيا موحدًا.

وتابع: بدأنا العمل فى منتصف شهر سبتمبر ورفع التراكمات فى أحياء مدينة نصر أول وثان والنزهة والمطرية والوايلى وعابدين وباب الشعرية، وفى أول نوفمبر سوف نبدأ العمل فى مصر الجديدة، مشيرا إلى أن المنظومة الجديدة نجحت بنسبة 75% حتى الآن.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق