رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أوروبا .. تتحدى «الورق الأخضر»

شريف سمير

لماذا سميت السوق السوداء بهذا الاسم؟! ..

لأنها ببساطة اعتمدت على حرب العملات بصورة مشبوهة استهدفت ضرب الاقتصاد الداخلى لأى دولة عبر التعاملات المالية غير المشروعة.

وقمة الخطر أن يتسع نطاق هذه الظاهرة ليتحول العالم بأكمله إلى سوق سوداء يتحكم فى قنواته ويغذى روافده الدولار الأمريكي.

وقد عاشت القارة الأوروبية العجوز أياما عصيبة مع اشتعال حرب العملات بين اليورو والدولار فى الشهور الأخيرة، وصولا إلى بلوغ “الورق الأخضر” - بلُغة مافيا تجارة السوق السوداء - أعلى مستوى فى ١٠ أسابيع متفوقا فى أدائه داخل البورصات العالمية وصفقات الشركات الكبرى على غيره من العملات الأجنبية، فى الوقت الذى يواصل فيه الاقتصاد الأمريكى النمو بقوة فى عهد إدارة الرئيس الجمهورى دونالد ترامب، بينما جاءت بيانات اقتصادات أخرى كبيرة بينها منطقة اليورو دون التوقعات.

وكان ذلك هو الكابوس اليومى الذى تستيقظ عليه أوروبا وتحاول التخلص من لعناته، مما دفع رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، إلى رفع شعار الدعوة لاعتماد اليورو بدلا من الدولار فى صادرات الطاقة، مؤكدا الحاجة القصوى لدور أوروبى أكبر فى السياسة العالمية، خصوصا وأن ٨٠٪ من صادرات الاتحاد الأوروبى فى مجال الطاقة تُباع بالدولار، فى الوقت الذى يستورد فيه الاتحاد ٢٪ فقط من نفقات الطاقة من الولايات المتحدة على نحو يوفر للتاجر الأمريكى «البارع» فرصة الهيمنة على أحد أعصاب الاقتصاد الأوروبى الحساسة.

كما حفَّزت المفوضية الأوروبية دول القارة على التوقف عن بيع طائراتها لأمريكا بالدولار حفاظا على مكانة وقيمة اليورو، وفى ظل تأثر العملة الأوروبية بحالة الانقسام الداخلى والتصدع الاقتصادى فى الاتحاد، والتى تمخضت مؤخرا عن خروج دول عريقة كبريطانيا من الكيان وفتح المجال لأقرانها لتكرار المشهد نفسه، ومما لاشك فيه أن مؤشرات انهيار البيت الأوروبى تنعش الآمال الأمريكية فى فرض الدولار على الساحة ليتربع وحيدا على عرش المعاملات التجارية العالمية دون منافس أو شريك.

وسرعان ما تحرك الأوروبيون لمواجهة الطوفان الأسود، فقرروا دراسة مقترح ألمانى فرنسى حول إنشاء ميزانية لمنطقة اليورو فى إطار ميزانية الاتحاد الأوروبى الحالية، واتخاذ خطوات لتعزيز آلية الاستقرار الأوروبى وصندوق إنقاذ منطقة اليورو، وتحويله إلى صندوق نقد أوروبي، ومن ثم وضعت أوروبا يدها فى يد التنين الصينى أولا للتعامل مع الأزمة وتوحيد الجهود لتحجيم الجشع الأمريكى لالتهام السوق العالمية.

وتتقاطع أزمة اليورو مع العقوبات الأمريكية على إيران وانعكاساتها السلبية على عقود وفوائد الشركات والقطاعات الأوروبية المختلفة من الاتفاق النووى الموقع فى ٢٠١٥، فاتجهت القارة البيضاء إلى التفكير العملى فى إنشاء نظام تجارى بديل يقوم على المقايضة من أجل الالتفاف على هذه العقوبات والسماح لإيران بالاستمرار فى تصدير البترول، وفلسفة النظام الجديد تستند إلى منح إيران حق شراء مواد أساسية، وفتح قنوات اتصال بينها وبين الشركات الأوروبية بعيدا عن العوائق الأمريكية، ومن هذا المنطلق أعلنت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية، فيديريكا موجيريني، أن الاتحاد الأوروبى - بالتعاون مع روسيا والصين - قرر خلق آلية جديدة تسمح لإيران بمواصلة التجارة مع الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق النووى تحديا للضغوط الأمريكية ومخطط ترامب لضرب الاقتصاد الأوروبى الخارجى الذى يستمد قوته وعافيته من الاتفاقيات الدولية.

ولا يزال اليورو يجاهد أساليب الملياردير ترامب لسيادة العالم، ويكافح من أجل ترتيب أوراقه ومراجعة ملفاته الاقتصادية وسط انصراف الكثير من الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى نحو الاستقلال والفرار من السفينة “المثقوبة”.

.. ولا مجال للانتصار على الدولار إلا برؤية موحدة وأرضية مشتركة تقضى نهائيا على منطق “السوق السوداء” فى العقيدة الأمريكية!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق