لكل شخصية أوجه تتعدد وتتنوع وفقاً لخبرات الحياة قد تتصارع وقد تتكامل، فتنتج لنا نماذج شديدة الثراء، لتمثل أيقونات تضيء الطرقات المظلمة لمن حولها ولأجيال تلحق بهم، ولعل المراحل التاريخية والسياسية المصرية كانت لها ولا تزال أثراً فى تشكيل وجدان المجتمع ومن المؤكد أن انتصار أكتوبر العظيم التى تحل ذكراها اليوم هو أروع تلك العلامات الفارقة ولكن عندما تمتزج تلك التفاصيل وتتشكل بالفنون والإبداع فأنها تسجل على أسطح لوحاتها تاريخاً مرئياً ليفتح أمام العصور القادمة مستقبلاً أكثر قدرة على مواصلة العطاء فى استعاده لنجاحات التاريخ.
لنبدأ حوارا عمره أجيال لنقدم حالة فريدة من تزاوج بين المراحل الحياة السياسية والاجتماعية لمجتمعنا والفن التشكيلى حينما يقوم بدوره فى تأريخ وتجسيد وقائع الحياة الفنان د.أحمد نوار فكان السؤال الأول عن مقبل العمر وقتها كان جنديا شابا بصفوف القتال : ويؤكد الفنان أن شباب مصر لطالما كانوا مصدراً للفخر، بداية من تلقين العدو دروساً لن ينساها وعدم الاستسلام لهزيمة الاستنزاف ووصولاً لكل المواقع الحصينة وتدمير خط بارليف وبتفاصيل وبطولات تصل لمراحل من الإعجاز وتتعدى كل القدرات الخاصة لأكفاء الجيوش المدربة والمتحملة بكافة الصعاب.
بصفتك العسكرية «القناص» .. احمد نوار ماذا أوجد بداخلك هذا اللقب: ويعبر د.نوار عن دوره فى حرب الاستنزاف وانتصار اكتو بر عاصرت وتلاحمت مع تفاصيل الحرب من قلب منطقة الدفرسوار لتفجر بداخلى طاقات بلا حدود وتعاظمت مشاعر بحب الوطن وقيمة تراب الأرض، لأوجه كل خبراتى ودراستى الفنية لخدمة بلدى وليس العكس.
وكيف كان شكل هذا التوجه: عندما سخرت الحس الفنى والرسم ومواقع القنص والقتال على الجبهة فى تصاميم مزجت فيها بين الواقع والخيال، «ليخدم بهذا الدور سلاح القناصة بأكمله ويلقب» بسلاح القناصة المزود بتليسكوب» ليتحول بعد ذلك نحو التركيز على أهداف العدو بكل دقة فى صحبة ملكات الخيال والرسم التى يمتلكها.
المعارض والفنون ..وقت الحرب: أكد نوار أن المشاركات والمعارض لم تكن حينها شغلى الشغال فالانتصار وتركيز كل حواسى عليه كان هو حالى بين صفوف المصريين الحامين للوطن، فوقتها تلقيت خطاباً لتسلمى الجائزة الأولى الدولية من اسبانيا بين لوحات 80 دولة مشاركة إلا أننى لم أهتم ليصفونى بعدها بعدة ألقاب منها «نوار أسير الحرب» «مطوق بالحرب»،
وماذا بعد الحرب ..والطريق الإبداعى والفنى : لم أستطع الانفصال عن تلك المرحلة الفاصلة، حتى أننى مع مغادرتى للقوات المسلحة استأذنت فى اصطحاب بعض شظايا القنابل معى ومن هنا كان مشروعى الفنى وفلسفة أعمالى تدور حول الحرب وأقدم أنعكاسا ومعايشة لحقائق كنت جزءا منها وشاهداً، بل وفاعلاً مع الآلاف من خير أجناد الأرض ،وقد استرسلت بمشوارى الفنى لكن دونما التجلى عن الشخصية العسكرية المنضبطة وعين القناصة التى فرضت وجودها بأعمالى وفى توجهاتى خلال المسيرة الفنية .
وعن رأيه فى مستوى الإبداع والثقافة بين الماضى والحاضر : أشار د.نوار أن بطولات الجيش المصرى التى تمكنت من نسج ملايين النجاحات للشعب المصرى بأكمله على اختلاف شرائحه وبالطبع كان التأثير الأكبر من نصيب المفكرين والأدباء والشعراء والفنانين وأيضاً كان للسينما دور هاماً وشديد الفاعلية على المجتمع بإنتاج الأفلام الروائية والقصيرة والوثائقية وانتشرت المعارض التشكيلية والمجتمعات الثقافية الواعية بشكل غير مسبوق ومعها الندوات الشعرية .
أما عن الحاضر فيجد د.أحمد نوار العديد من السلبيات بطرق التواصل مع الأجيال الحالية وافتقارهم لروابط واضحة الملامح تعرفهم بماضيهم وحتى حاضرهم ، ليقدم دعوه للدولة من خلال جريدة الأهرام لإعادة النظر فى بعض المناهج وخصوصاً المرحلة الأساسية لإدراج البطولات الحقيقية للجيش المصرى وتقديم نماذج إنسانية وقصص واقعية تنمى بداخلهم حب الأرض والانتماء للوطن الغالي، ولتكن الصورة والرسوم فى أبسط الأشكال وأوضح الرؤى التى يمكن إيصالها لتترسخ فى عيون ووجدان هؤلاء النشء الصغير، فى ضمانه لمستقبل أفضل وبكل أفرع الفنون والإبداع.
رابط دائم: