فازت أمس سيدة عراقية من الطائفة الأيزيدية، هي نادية مراد، بجائزة نوبل للسلام لعام 2018 مناصفة مع الطبيب الكونجولي دينيس موكويجي. وكانت نادية قد تعرضت للأسر من جانب تنظيم داعش الإرهابي في العراق، ومورست ضدها انتهاكات جنسية بشعة، قبل أن تتمكن من الفرار.
وأوضحت الأكاديمية الملكية السويدية التي تمنح جوائز نوبل أن منح نادية، هي والطبيب موكويجي، الجائزة جاء لجهودهما في مكافحة العنف الجنسي كسلاح في الحرب . و«موكويجي» هو طبيب أمراض نساء يعالج ضحايا العنف الجنسي في جمهورية الكونجو الديمقراطية . وأعلنت اللجنة المسئولة عن الجائزة أن الفائزيْن قدما إسهاما ملموسا لتركيز الانتباه علي جرائم الحرب ومكافحتها.
وتدافع نادية مراد عن الأقلية الأيزيدية في العراق واللاجئين وحقوق المرأة بشكل عام. وكانت قد تعرضت للأسر والاغتصاب علي يد مسلحي داعش في الموصل عام 2014. وفي الوقت نفسه، أسهم موكويجي في علاج ضحايا العنف الجنسي في جمهورية الكونجو الديمقراطية، حيث كان مسئولا عن مستشفي بانزي في مدينة بوكافو بشرق البلاد .ويستقبل المستشفي الذي افتتح في 1999 آلاف النساء كل عام تستدعي حالة الكثيرات منهن التدخل الجراحي بسبب العنف الجنسي.
وسوف يتم تسليم الجائزة خلال حفل يقام في أوسلو في 10 من ديسمبر المقبل بالتزامن مع ذكري وفاة رجل الصناعة السويدي ألفريد نوبل الذي أسس الجائزة في 1895.
نادية مراد في سطور:
انتصرت نادية مراد ـ 25 عاما ـ علي أسوأ الفترات التي مر بها أيزيديو العراق حتي صارت متحدثة بارزة في الدفاع عن تلك الأقلية. وكانت تعيش حياة هادئة في قريتها «كوجو» علي أطراف قضاء سنجار معقل الأيزيديين في منطقة جبلية بشمال غرب العراق علي الحدود مع سوريا.
وقد تغيرت حياتها عندما بدأت رحلة ظلام، بعد اجتياح تنظيم داعش لبلدتها في أغسطس 2014، حين تحول أبناء ديانتها من رجال ونساء- وهي من بينهن- إلي ضحايا الرق الجنسي من قبل التكفيريين. وتعرضت نادية للتعذيب والاغتصاب الجماعي قبل أن يتم بيعها مرارا بهدف الاستعباد الجنسي، وأرغمها التنظيم الإرهابي أيضا علي التخلي عن ديانتها الأيزيدية التي يعتبرها كفرا وعبادة للشيطان. وفي أحد خطاباتها أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، تحدثت نادية عن «زواجها» من أحد خاطفيها الذي كان يضربها ويرغمها علي التبرج وارتداء ملابس تبرز مفاتنها.
وبمساعدة أسرة مسلمة من الموصل كانت تقيم عندها، حصلت نادية علي هوية سمحت لها بالانتقال إلي كردستان العراق. وبعد هروبها عاشت الشابة، التي تقول إنها فقدت 6 من أشقائها ووالدتها في النزاع، في مخيم للاجئين في كردستان حيث اتصلت بمنظمة تساعد الأيزيديين أتاحت لها الالتحاق بشقيقتها في ألمانيا.
وبعد وصولها إلي هناك قررت الدفاع عن الأيزيديين، وهي تدعو مرارا إلي تصنيف الاضطهاد الذي تعرض له الأيزيديون علي أنه «إبادة».
وقالت أمام نواب أوروبيين بعد تسميتها سفيرة أممية لكرامة ضحايا الإتجار بالبشر، إن التكفيريين «أرادوا المساس بشرفنا، لكنهم فقدوا شرفهم«. وأضافت أنها من ألمانيا تقود «كفاح» شعبها ومن أجل تلك القضية، جمعت حليفات كثيرات، من بينهن أمل كلوني، المحامية البريطانية اللبنانية الأصل والمدافعة عن حقوق الإنسان، والتي كتبت مقدمة كتاب مراد «لكي أكون الأخيرة»، الذي صدر باللغة الفرنسية في فبراير الماضي .وفي أغسطس الماضي أعلنت الشابة في تغريدة عبر حسابها علي تويتر، خطوبتها من ناشط آخر مدافع عن القضية الأيزيدية يدعي عابد شمدين. ويذكر أن عدد الأيزيديين في العراق كان يبلغ 550 ألف نسمة قبل دخول تنظيم داعش، لكن هاجر نحو 100 ألف منهم، فيما فر آخرون إلي إقليم كردستان في شمال العراق.
موكويجي ومكافحة الاغتصاب
ولد موكويجي في مارس 1955 في بوكافو عندما كانت الكونجو مستعمرة بلجيكية، وكان الثالث من بين تسعة أبناء. وبعد دراسة الطب في بوروندي المجاورة عاد إلي بلده للتدرب في مستشفي ليميرا علي الهضبة الوسطي في جنوب كيفو، وهناك اكتشف مدي آلام النساء اللواتي لا يحصلن علي العناية اللازمة ويعانين باستمرار من جروح لا تندب بعد الولادة ما يجعلهن عرضة لسلس البول الدائم . وبعد تخصصه في أمراض النساء والتوليد في فرنسا، عاد موكويجي إلي ليميرا في عام 1989 ليعيد إحياء قسم أمراض النساء .ثم عندما اندلعت حرب الكونجو الأولي في عام 1996، دُمر المستشفي بالكامل. وفي عام 1999 أسس الطبيب موكويجي مستشفي بانزي الذي صمم ليسمح بتسهيل عملية الولادة علي النساء ، وسرعان ما أصبح المركز عيادة للاغتصاب مع غرق كيفو في رعب حرب الكونجو الثانية 1998- 2003 وجرائم الاغتصاب الجماعي. وقد نجا هو من محاولة اغتيال استهدفته في 2012. وبعد قضائه فترة قصيرة في أوروبا عاد إلي بوكافو في مطلع 2013.
رابط دائم: