لأول مرة

نحتفل هذه الأيام بالذكرى الخامسة والأربعين لانتصارنا فى حرب أكتوبر المجيدة، التى ستظل دائما ملحمة إنسانية مذهلة بكل المقاييس، ولن تنضب أبدا دروسها وخبراتها العسكرية والإدارية والإنسانية لتقدم لنا نموذجا للإلهام والقدوة يحمينا من الانحدار فى هاوية اليأس والعجز، فقد شهدت هذه الحرب أول تنسيق عسكرى عربى من نوعه فى التاريخ الحديث، وأول عملية عبور ناجحة فى التاريخ لمانع مائى يحميه خط تحصينات قوى وقوات جوية متفوقة، كما شهدت ظهور أول مشاة فى التاريخ العسكرى مجهزين ومدربين على مقاومة الدبابات الحديثة بل وتحطيمها، وظهور أول تجمع للصواريخ المضادة للطائرات فى العالم بهذه الإمكانات والقدرات «حائط الصواريخ المصري»،

ولأول مرة يتم تطبيق مبدأ «تحييد القوات الجوية المعادية»، وهو أسلوب جديد فى أشكال عمليات القوات الجوية لم يكن مطبقا من قبل، وهى أول حرب إلكترونية فى التاريخ حيث استخدمت الوسائل الإلكترونية على نطاق واسع، وهى أول معركة دبابات كبيرة منذ معركة «كورسك» عام 1943 فى الحرب العالمية الثانية، كما شهدت أول مواجهة بحرية فى التاريخ بواسطة الصواريخ الموجهة «بحر ــ بحر»، ولأول مرة فى التاريخ تستمر معركة جوية لمدة 55 دقيقة «معركة المنصورة الجوية»، ولأول مرة أيضا يتم استبدال موتور طائرة فى ليلة واحدة، وهو زمن قياسى حققه المصريون، ولأول مرة فى العالم تم بناء دشم محصنة لحماية الطائرات من القصف المعادي، وهى الفكرة التى طبقتها الكثير من الدول بعد ذلك. ولأول مرة فى تاريخ الجولات العربية ـ الإسرائيلية تتعرض إسرائيل لمفاجأة استراتيجية وتكتيكية، ويتم فرض حصار بحرى عليها، ولأول مرة تقوم معاهد الدراسات الاستراتيجية والعسكرية فى العالم بإضافة «العامل البشري» عند حساب مقارنة القوات.

د. مدحت حسن عبد العزيز