رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«عين الصقر» يرصد بطولات القناص «أحمد نوار»

د. أحمد نوار، الفنان التشكيلى صاحب الأنامل الرقيقة، قد لا يتصور أحد أنه أحد أبطال مصر فى حرب الاستنزاف، وأن تلك الأصابع الذهبية التى تصنع أبهى وأجمل اللوحات كانت تحمل السلاح وتقنص به جنود العدو، حتى تم إطلاق لقب «القناص» على صاحبها.

ويُعد كتاب «نوار.. عين الصقر» الذى يتناول فترة تجنيده فى القوات المسلحة، أول سيرة ذاتية يكتبها جندى محارب على مستوى العالم العربي، حيث إننا اعتدنا أن من يكتبون مذكراتهم هم كبار القادة ومشاهيرهم. ويرصد الكتاب، الذى يحرره سليمان العطار، كيف تمكن نوار من إجادة استخدام السلاح ضد العدو بنفس براعته فى استخدام الريشة فى الرسم.

ويرصد أيضا كيف تمكنت كراهية العدو الصهيونى من قلب نوار فى ريعان شبابه، حيث قام برحلة إلى عدة دول عام 1966 وصل فيها إلى القدس وقضى ثلاثة أيام يرسم المدينة بعماراتها القديمة، وتاريخها العريق الذى تفوح منه رائحة الصراع الحديث، وهناك رأى بنفسه كيف يضيق المحتلون الصهاينة على الشعب الفلسطينى صاحب الأرض، وبدأت دماء الغضب تتدفق فى عروقه، ويقول د. نوار عن ذلك: «لقد كانت تجربة زيارتى للقدس حاسمة فى حياتي، لقد ظل المصريون «وأنا منهم» يحاربون إسرائيل دون أن يروها أو يروا إسرائيليا واحدا، فقط إسرائيل تسرق منهم حياة أبنائهم من الجنود والضباط، تجربة القدس وضعتنى وجها لوجه مع إسرائيل والإسرائيليين، وولدت فى نفسى الرغبة فى قتالهم وقتلهم للثأر مما فعلوه بنا، نحن العرب فى كل مكان، لقد رأيت الإسرائيليين أعداء للإنسانية، ورأيت خطرا شديدا يهدد مقدسات المسيحيين والمسلمين».

وفى العام التالى يقع ما يخشاه الفنان الشاب وتغتصب إسرائيل القدس، وتغتصب سيناء أيضا، ويظهرون على الضفة الشرقية للقناة، ويسمى نوار ذلك «الخطأ القاتل الذى ارتكبه الإسرائيليون»، حيث رأى المصريون، لأول مرة، عدوهم وواجهوه فاصلا بينهم خط نار حقيقى يغطى مياه القناة، وكانت الخطوة الأولى أن انخرط نوار فى المقاومة الشعبية، منتظرا أن يأتى يوم الثأر، وهو ما انعكس على فنه، حيث رسم لوحة تعبر عن آلام المصريين فى تلك الفترة، وتعكس ترقبهم للحظة الثأر والانتصار، وتحولت نظرات العيون فى تلك اللوحة إلى فوهات بنادق ومدافع تنبعث من محاجرها، كأنها دموع متحجرة لا تغادر العيون.

وكان لهذه اللوحة آثار متعددة، فقد فازت بالمركز الأول فى معرض دولى بإسبانيا، وبينما يتأهب نوار للسفر لتسلم الجائزة، إذا بإجراءات السفر تكشف عن مفاجأة، وهى أنه أصبح جنديا فى القوات المسلحة منذ أربعة أيام فقط، وهكذا بدلا من السفر يتجه إلى ثكنات الجيش، وبدأ التدريب فورا، حيث تم اكتشاف موهبته فى الرماية، وتم إلحاقه بسلاح القناصة، ويفرد الكتاب مساحة كبيرة لتفاصيل التدريبات التى تلقاها الجندى القناص أحمد نوار، الذى حصل على إشادة قادته بقدراته العالية.

وبانتقاله إلى جبهة القتال، تبدأ صفحة جديدة من حياته، فقد كان عليه أن يعتاد مواجهة العدو وجها لوجه، وسماع أصوات الانفجارات وأزيز الطائرات، والتعود على مواجهة أزمات نقص الطعام، والنوم فى الملاجئ الضيقة، باختصار كان عليه أن يواجه جحيم الحرب، وكان «القناص» حرا تماما لا يتلقى أوامر أو تعليمات من أحد، فقط كان عليه أن يقضى وقته بحثا عن صيد يكمن على بعد أمتار منه، هى عرض القناة. وفى البداية داخله شعور غريب عن كيفية تربص فنان مرهف الحس مثله بإنسان آخر لقتله، لكنه أدرك معنى ثأر المظلوم من الظالم الطاغية إذا أتيحت للمظلوم فرصة دفع الظلم عن نفسه.

وفى أول مواجهة، تعرض القناص الشاب لمحاولة قنص من نظيره المحتل على الجبهة الأخري، فانخرط فى بكاء حار، لكنه تمالك نفسه وصمم على قنص ذلك العدو الذى رأى جزءا من رأسه وحدد مكانه بدقه، ويصف لحظات أول قنص له، فيقول: «قررت الاسترخاء، وإقناع الفنان نوار بالرحيل بعد انتهاء دوره، وطلبت من القناص نوار الهدوء وتذكر كل شروط القنص الناجح، بعد سبع دقائق هدأ كل شيء، وأصبح الجسم ثابتًا دقيق الاتزان، بسملت ودست على الزناد. واستقبله زملاؤه فى الملجأ بالاحتفال، وقد أدركوا من عودته ركضا نجاحه فى مهمته».

وأعطاه النجاح دفعة قوية، فظل يجوب الموقع باحثا عن صيد يقتنصه على الجبهة الأخرى للقناة، ورغم أساليب التمويه التى يتبعها العدو فقد اقتنص الصيد الثاني، وذاعت شهرته فبدأوا ينادونه بـ «القناص»، وبدأ قائد الجيش الثانى يستدعيه لتكريمه بعد كل صيد، وتمت ترقيته لرتبة «عريف»، لكن على الجانب الآخر حاول العدو استهدافه بعد عملية قنص ناجحة - لكنه نجا بأعجوبة، وعاد إلى موقعه بعد أن فقد زملاؤه الأمل فى عودته.

وهكذا يستعرض كتاب «عين الصقر» فى 21 فصلا رحلة الفنان «القناص» أحمد نوار فى الجيش المصرى من حرب الاستنزاف إلى العبور العظيم، ومن خلال هذه الرحلة يتتبع جهود القوات المسلحة ورجالها البواسل لتحقيق الانتصار الغالي، واستعادة الأرض المسلوبة، وجاء هذا مدعمًا بالشهادات والوقائع، وأيضا بالصور والوثائق فى بعض الأحيان.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق