ظل مبصرا حتى أوائل العشرينيات من عمره، الى أن أظلمت الدنيا أمام عينيه دون سابق إنذار بسبب حادث شجار عائلي!. رفض سمير الاستسلام لهذا الظلام المفاجئ، خاصة أنه كان يمارس أكثر من حرفة على رأسها النجارة.
بعد زواجه منذ نحو تسع سنوات من هبة - وهي مكفوفة أيضا- علمته صنعة جديدة أجادتها هي بعد تعلمها في مدرسة النور والأمل، وهي صناعة منتجات البامبو والخيزران، فما كان من سمير إلا أن دمج بين الحرفتين، وابتكر في شكل المنتجات التي تجمع بين الخشب والبامبو، يزينها بشرائط الراتان الملونة.
في شقتهما المتواضعة في عزبة خير الله، وعلى بعد أمتار من مركز الفسطاط للحرف التقليدية، تتكدس منتجاتهما التي لا يجدان منفذا لتسويقها، فتوقفا عن صنع المزيد.
منتجات هبة وسمير تتنوع ما بين السلال بأشكالها وأحجامها المختلفة، والكراسي العادية و«البوفات» التي يمكن الجلوس عليها وفي الوقت ذاته تحتوي على «سحارة» للتخزين، هناك أيضا الدواليب الصغيرة التي يمكن تثبيتها على الحائط، وطاولات لأجهزة الكمبيوتر، وإطارات للصور الفوتوغرافية وغيرها.
سمير يمكنه صناعة أي قطعة من الخشب ثم يكسوها بالبامبو والراتان، ويشرح لنا ممسكا بقطعة من الخشب تم نحتها على شكل «جيتار» فيقول: قد أجعل من تلك «الخشبة» منفضة للسجاد أو قطعة للزينة تعلق على الحائط.
أحلام هبة وسمير تصل إلى تأسيس مركز لإحياء صناعة البامبو اليدوي ، وتطوير الصناعة بإدخال المزيد من الخامات، لكن المشكلة التي تقف عائقا أمامهما، هي عدم وجود أي منافذ للتسويق، اللهم إلا من صفحة على «موقع فيس بوك» أنشأها ويتابعها لهما أحد المعارف، لكن تظل فرصة مشاهدتها ضعيفة، ويأمل سمير أن تلتفت لهما وزارة التضامن بإيجاد منافذ لتسويق منتجاتهما في المعارض التي تتم تحت رعايتها لدعم أصحاب الحرف اليدوية.
سألت هبة كيف تميز ألوان الراتان خاصة أن هناك تناسقا واضحا في الألوان المستخدمة، فقالت أنها تستطيع ذلك، أما سمير فكونه ظل مبصرا لسنوات طويلة، فهو متمكن من حرفته إلى حد كبير. تضحك هبة وهي تقول: في البداية ساورني شك أنه مبصر، فأكد لها أنه فقد عينيه تماما، لكنه لايزال يرى بـ«قلبه»!.
رابط دائم: