رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

قبل الدورة البرلمانية الجديدة..
الأطفال فى انتظار قانون يحميهم

تحقيق ــ بسمة خليل

► البدوى: موجة من العنف الأسرى والمجتمعى وراء انتشار الظاهرة
► العشماوى: إطلاق حملة «أولادنا» لمناهضة العنف ونشر مفاهيم التربية الإيجابية
► خبير نفسى: المخدرات والوسواس القهرى والهوس الاكتئابى من أسباب زيادة الظاهرة..أما الخطف فدوافعه انتقامية

ضرب وخنق وتعذيب وخطف أطفال، سلوكيات أصبحت تميز زمنا تبدلت فيه مشاعر الرحمة والعطف بالقسوة والعنف على فلذات الأكباد فلا يكاد يخلو يوم من حادث أبشع من سابقه فى حق أطفال بعمر الزهور، فمن أم تشعل النيران بأطفالها وتلقى بجثثهم فى الطريق حتى لا تقع تحت طائلة القانون، لأب يلقى ابنيه فى الترعة، لطبيب يعذب ابنه حتى الموت لأم تقتل ابنتها لعبثها بمحتويات الشقة، وزوجة أب حرقت صغيرته لاعتيادها على الصراخ، لخفير يذبح أبناءه الأربعة لشكه فى سلوك زوجته.. هكذا تتعدد الحوادث بسيناريوهات مختلفة تنتهى بسلب حياة طفل على يد أقرب الناس إليه..وكذلك تتعدد حوادث الاختطاف والأمثلة كثيرة عليها مما يهدد أرواح الصغار.

«تحقيقات الأهرام» تفتح الملف لإيجاد حلول لإنقاذ أطفالنا من الجرائم التى يتعرضون لها من خلال مشروع قانون نأمل فى أن يتم طرحه بالدورة البرلمانية الجديدة، ونتعرف على دور المجلس القومى للأمومة والطفولة فى توفير الحماية الواجبة لهم،واستعراض دور المجتمع المدنى والخبراء المعنيين فى كيفية إيجاد مظلة رعاية متكاملة لأطفالنا .

الدكتور محمد فؤاد عضو مجلس النواب نبه الى أنه لا يوجد تجريم أو عقوبة فى قانون العقوبات 57 لسنة 38 ولا يوجد قانون منفصل يجرم خطف الأطفال، ولكن المواد 267 و283 289و290 و291 بقانون العقوبات تتدرج فى تجريم خطف الأطفال، وتم تعديل عام 2018 لقانون 5 لسنة 2018 لتغليظ العقوبة، حتى وصلت إلى الإعدام لكن له إشكاليتين.. الأولى أنه لم يأخذ فرصته فى التطبيق بالشكل الذى يتيح تطبيقا فعليا بأحكام الإعدام الخاصة بفكرة خطف الأطفال، والإشكالية الثانية القانون يعاقب بالإعدام للخطف المصحوب بالقتل أو الاعتداء الجنسى لكن القانون لا يتحدث عن فكرة الإيذاء ( عاهة مستديمة ) لذلك نطالب بأن نقرنها بالإعدام، ومن ضمن التعديلات التى أطالب بها فى المشروع الذى قمت بإعداده لحماية الطفل أن الجريمة مرتبطة بما يعرف بـ»التحايل والإكراه» لتكون العقوبة مشددة اذا كانت الجريمة مقرونة بالتحايل والإكراه فإذا لم تثبت نية التحايل والإكراه يكون العقاب مخففا.

ويرى أن المشروع يعمل على ضبط القانون وليس تغليظ العقوبة لأن قانون العقوبات بالفعل فى تعديلات 2011 و2018 غلظ العقوبة ولكن نريد أن نرى التطبيق كيف يسير وعمل ضبط فى الصياغة لزيادة تحديد فكرة الإيذاء ونعدل فكرة الجرائم المستحدثة كتجارة الأعضاء، ويجب أن يضبطها النص، فالأمر كان يقف عند خطف طفل وطلب فدية، أما الآن خطف للتسول أو لتجارة الأعضاء لذلك يجب ضبطه من خلال نصوص محكمة.

ويؤكد أن هناك جريمتين لا يعاقب عليهما القانون من يفشل فى الانتحار وينجو من الموت، والأخرى لو قام طرف غير حاضن بخطف المحضون فلا يعاقبه القانون وفقا للمادة 267فالأب والأم غير مجرمين ولا يصنفان كخاطفين.

أما الأب الذى قتل ابنه عمدا فالحكم إعدام دون شك، ولو كان غير مقترن بخطف، ولكن المادة 267 واضحة وصريحة إذا كان ولى الصغير مدرسا أو خادما أو راعيا خطفه وقام بإيذائه يصبح مجرما بشكل واضح.

الإهمال فى الأطفال

وتطالب النائبة إيناس عبد الحليم عضوة لجنة الصحة بمجلس النواب بتعديل المادة الثامنة لتغليظ العقوبات على الإهمال فى الأطفال لأن الإهمال عقابه الحبس 6 أشهر وغرامة 500 جنيه وهو محور المشروع الذى تقدمت به للدورة البرلمانية الجديدة فى أكتوبر المقبل لتعديل قانون الطفل رقم 12 لسنة 96 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 بشأن تجريم وتغليظ العقوبة على الآباء الذين يعرضون أبناءهم للخطر، وترجع اختطاف الطفل إلى مسئولية الأب والأم فليست عمليات فقدان الطفل كلها اختطافا، فأحيانا يفقد من أحد والديه، وقتل الأطفال أحيانا ليس تجارة أعضاء كما يشاع إنما قد يرجع لتعاطى المخدرات، ولو ثبت أن أبا قتل أبناءه نتيجة تعاطيه مخدرا فيجب تحجيم الأمور وزيادة العقوبات لان من أمن العقاب أساء الأدب، بعكس الخارج إذا وجدوا الأب والام أساءا معاملة الطفل يؤخذ لأماكن صالحة للتربية بعيدا عنهما.

وطالبت النائبة بتشديد العقوبة إلى 10 سنوات لأى أب أو أم تصل بهما الجرأة لقتل ابنهما بطريقة وحشية تحت أى مسمي، فالإعدام له لا بديل عنه إلا انه يتعارض مع الدستور المصرى لأن تغليظ العقوبة له حدود.

وتوضح أن وضع بصمة القدم فى شهادة الميلاد لحمايتهم من الخطف لا يوجد بالخارج إنما يوضع للطفل جهاز بالمستشفى لحين خروجه، فخطف الأطفال يرجع للإهمال إلا إذا كان من داخل المستشفي، ولكن بصمة القدم لا نستطيع حصرها بسهولة فى دولة عدد سكانها كبير، لذلك انصح الآباء بالانتباه جيدا لأطفالهم فمن يقدم على خطف طفل لا يحدده بعينه إنما يركز على من يسهو عنه والداه.

وترجع الخطف للإهمال من أحد الأبوين فمن الممكن أن أتواجد فى أى محل تجارى أو سوق وأغفل عن الطفل فيتم خطفه، لذلك ننصح بتركيب كاميرات مراقبة فى كل الأماكن مثل كل دول العالم.

نجدة الطفل

وتوضح الدكتورة عزة العشماوى رئيسة المجلس القومى للأمومة والطفولة أن المجلس يعد الآلية الوطنية المعنية بالأم والطفل وفقاً لقرار إنشائه والتى تتضمن اقتراح التشريعات واللوائح المتعلقة بالطفل والأم تحقيقاً للمصلحة العليا لهما، وفقا للمستجدات التى تطرأ على المجتمع، ويجب تنفيذ التشريعات الحالية لتحقيق العدالة ومنع الإفلات من العقاب، ومن المهام الرئيسية التى يعمل عليها المجلس التوعية وتشجيع ثقافة الإبلاغ عن انتهاكات حقوق الطفل والأم وكل الممارسات التى تعرضهم للخطر «أمنياً وصحياً، وأخلاقياً وذلك من خلال آلية خط نجدة الطفل 16000 الذى يعمل على مستوى الجمهورية ويتلقى بلاغات تخص الأطفال بشكل عام ومن الأسرة بشكل خاص وأحياناً تصل إلى بلاغات خطر جسيم داخل الأسرة كالقتل والتعذيب، وأحيانا أخرى تكون فى مرحلة الخطر المتوسط والضعيف كالضرب والاهانة.

وترى أن ظاهرة قتل بعض الآباء لأبنائهم مستحدثة على المجتمع المصرى ونأسف لتكرارها بهذا الشكل فهى حالات مأساوية يرفض العقل أن يتقبلها، فالبيت والأسرة هما مصدر الحنان والأمان الأول للطفل فكيف حاله وهو يفقد الأمان داخل أسرته الموكلة بحمايته وأمنه وسلامته؟.

وترجع أسباب تلك الظاهرة إلى عدة أسباب، من أهمها الخلافات والنزاعات الأسرية وإشراك الأطفال بها والزج بهم فى نزاعات تخص قضايا الطلاق والنفقة والرؤية.

الخطة الوطنية

وعن إجراءات المجلس للحد من ظاهرة العنف ضد الأطفال بشكل عام لاسيما العنف المنزلى فقد انتهى المجلس من إعداد الإطار الاستراتيجى والخطة الوطنية للطفولة والأمومة 2018 - 2030 ومن أهم محاورها حق الطفل فى الحماية والذى يهدف إلى حمايته من كل أشكال العنف البدنى والنفسى وضمان حقوقه الأساسية فى الرعاية وحمايته من كل أشكال الاستغلال، ومن أهم السياسات المقترحة الملحقة بهذا المحور إعداد برنامج قوى للتربية الإيجابية للأطفال والتى عمل عليها المجلس بالتعاون مع منظمة يونيسف، حيث تم إطلاق حملة (أولادنا) الجزء الأول وجار العمل على الجزء الثانى منها، وتهدف إلى توعية الآباء والأمهات بكيفية التربية السليمة للأطفال.

كما تم تشكيل فريق وطنى من الشركاء من الجهات المعنية الحكومية والمجتمع المدنى والذى كان من أهم مخرجاته وضع إطار استراتيجى وطنى لمناهضة العنف ضد الأطفال، خاصة التأديب العنيف، بما فى ذلك كثرة استخدام الوالدين ومقدمى الرعاية للعقاب الجسدى والاعتداء اللفظى كوسائل تأديبية، والعنف المدرسى الذى يرتكبه المدرسون، والعنف الجنسى لاسيما المستويات المرتفعة من التحرش الجنسي.

كما تم إعداد وإطلاق الدليل الإجرائى الخاص بالعمل مع الأطفال المعرضين للخطر والذى يتم تعميمه ليكون آلية موحدة تشتمل على كل الإجراءات الخاصة بكيفية حماية الطفل.

كما يقدم المجلس خدمة الدعم النفسى للأطفال وذلك من خلال غرفة المشورة النفسية الصديقة للطفل بالمجلس، ويديرها استشاريون نفسيون متخصصون.

ظاهرة خطرة

وأبدى محمود البدوي، المحامى بالنقض والدستورية العليا، وعضو الفريق الوطنى لمناهضة العنف ضد الأطفال انزعاجه الشديد من تصاعد وتيرة العنف الأسرى والمجتمعى الملحوظ بحق الأطفال، وفى ظل ما تزخر به مصر من بناء حمائى تشريعى غير مسبوق بالعديد من دول العالم، إلا أنه ما زال يصطدم بأفكار تكاد تنكر كل تلك المكتسبات والحقوق التى حصل عليها الطفل المصرى ( على الورق فقط ) ولعل حدوث وقائع فى حيز زمنى ضيق جداً هو يجعلنا نجزم بأن أطفالنا فى مواجهة مباشرة مع موجة عاتية وغير مسبوقة من العنف المفرط، والذى لا يحترم حقوقهم التى أكدها الدين والإنسانية والدستور والقانون وكذا الاتفاقيات الدولية التى صادقت عليها مصر.

وأكد أننا بحاجة ماسة إلى إعادة النظر والتقييم لكل السياسات الحمائية الخاصة بالطفل بدءا من محيطه العائلى وصولاً إلى المجتمع ككل، فلسنا فى حاجة إلى تعديلات تشريعية ومواد قانونية، بل نحن بحاجة ماسة وملحة إلى الاعتراف ابتداء بأن 40% من جملة التركيبة السكانية هم من فئة الأطفال وأنهم أصحاب حقوق إنسانية ودستورية وقانونية، وبالتالى يجب توفير الحماية اللازمة لهم فى كل الدوائر المحيطة بهم، وناشد البدوى مؤسسة الرئاسة ضرورة تبنى حملة رسمية ومجتمعية تهدف إلى نشر الوعى المجتمعى الداعم لحقوق الطفل والهادفة إلى نشر مفاهيم التربية الإيجابية للأطفال بخاصة فى محيط الأسرة أولا، ثم ننتقل منها إلى المجتمع رويداً رويداً وصولاً إلى تحقيق هدف أكبر نطمح إليه بأن نكون وسط مجتمع (صديق للطفل وجدير به) فعلاً وليس قولاً.

قلبى على ولدى انفطر وقلب ولدى عليا حجر.. مقولة أصبحت الآن بمتحف التاريخ كما يقول الدكتور وليد هندي، استشارى الصحة النفسية بعد أن شاهدنا مجموعة من جرائم القتل المصحوبة بالعنف من آباء تجاه أبنائهم بصورة مستنكرة ومستجدة على المجتمع المصرى مما يعد مؤشرا ونتيجة دالة على عدم التماسك الاجتماعى الذى كان معروفا وتشتهر به الأسر المصرية.

ويرى ان معظم الآباء الذين يقدمون على قتل أبنائهم يكون بناؤهم النفسى مشبعا بالعنف منذ الصغر، أى تمت ممارسة العنف عليه من قبل الوالدين منذ صغره مما دفعه لإعادة إنتاج السلوك تجاه أبنائه أى أنه يمارس «عنف موديل 2018» فمثلا إذا تم ترهيبه بالشمع يقوم بحرق طفله كاملا دون شعور بالذنب، أو إذا تم تهديده بالالقاء من البلكونة يقوم هو بالإلقاء فعلا أى أنه لم يهدد بل يفعل دون شعور بالذنب، وتضاف إليها إصابة الأب باضطراب نفسى وهو من الأمراض التى تصيب الإنسان وتدفعه للقتل وهو خارج السيطرة على النفس مثل الوسواس القهرى اى تسيطر عليه مجموعة من الهلاوس السمعية والبصرية كسيطرة فكرة بأن ابنه يمكن أن يقتله أحد فيقتله هو بيده، فالأفكار الضلالية تدفعه الى الإقدام على فعل القتل أو يكون مصابا بذهان الهوس الاكتئابى وهو درجة من درجات الاكتئاب الحادة تنتاب الإنسان عند تعرضه لصدمة نتيجة خسارة بورصة أو مركز اجتماعى فالخوف من الفضيحة يجعله يدخل فى اكتئاب حاد يجعله غير مسيطر على أفعاله .

ويضيف هندى أن هناك مرض الفصام وهو فكرة تسيطر على الإنسان تفصله عن الواقع مما يدفعه لموتهم للخلاص من الألم النفسى وعذاب الدنيا، وهناك سبب مهم ان نحو 20 مليون متعامل مع المخدرات ما بين إدمان وتعاط ومستخدم مما يجعله عنده ضلالات بصرية ومختل الحواس وإدراكه غير واقعى وحكمه القيمى على المواقف به اختلال ومجموعة مشاكل عقلية تجعله لا يستطيع إصدار قرارات سليمة ويلجأ للتخلص من أبنائه بالإضافة إلى نظرته لمفهومه نحو ذاته، بمعنى إذا قام بإدخال أبنائه مدارس انجليزية يشعر باستعلاء أبنائه عليه وشعوره بالتدنى يدفعه لقتلهم.

ويؤكد أن من السهل الحصول على أدوات القتل كالمطواة أو المسدس فقد تنوعت الأدوات، والانترنت ووسائل الاعلام أصبحا كمرشدين يشرحان استخدامها فيعرضان جرائم القتل بصورة مفصلة داخل الأفلام كالصعق بالكهرباء داخل الحمام أو الالقاء من أعلى الكبارى أو الدفن حيا فقديما يخنق بيده والأمر انتهى او سكينة لكن تنوعت وتعددت وسائل القتل، فجعلت الانسان يستخدمها بسهولة فقديما الابتكار كان فى القيام بربط الضحية وفتح أنبوبة الغاز فتموت خنقا.

أما الخطف، فله دوافع مختلفة أهمها دوافع انتقامية مع الأب نتيجة خلافات مادية أو عائلية أو حول المركز والمكانة كنوع من الانتقام من الأب أو التنكيل به والابتزاز المادى فيتم انتقاء بعض العناصر ذوى المكانة المرتفعة ماديا بحيث تتم المساومة المادية أو جماعات الاتجار بالبشر تستخدمهم فى التسول أو كعمالة رخيصة بأماكن صحراوية، أو يتم خطفهم لسرقة الأعضاء. وينصح بإجراءات عامة تتمثل فى إذكاء الوعى المجتمعى بظاهرة خطف الأبناء، ودور وزارة الأوقاف فى تضمين خطبة الجمعة رأى الدين فى الظاهرة، وهناك جرائم مستجدة لا يصلح التعامل معها بالقانون القديم لذلك لابد أن يطور القانون آلياته بمواد تتماشى مع الظاهرة وتطور الجريمة، والإعلام لابد أن يسلط الضوء على تك الجرائم باعتبارها جرائم مستجدة وفادحة ويدرك خطورتها.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق