لا أحد في بورسعيد لا يعرف عبد الرحمن لطفي باشا أشهر باشوات المدينة في عصرها الذهبي بالأربعينيات والخمسينيات. إنه العصامي الذي بدأ حياته موظفا بمصلحة البريد ثم أصبح أغني أغنياء المدينة الباسلة علي الإطلاق قبل نكسة 1967 . اسمه موجود الآن علي أكبر وأشهر وأجمل مسجد بالإفرنج ( حي الشرق)، وصورته تتوسط صور رؤساء النادي المصري البورسعيدي، وقصره الرائع الذي كان يجاور المسجد بشارع 23 يوليو كان « البلاتوه» الذي جري فيه تصوير فيلم «إشاعة حب» قبل أن يشتريه رئيس النادي المصري الراحل سيد متولي في الثمانينيات ويحوله لمجمع سكني وتجاري ضخم (السلام)، والمزوّد بالمستشفيات والمدارس ودور للعبادة.
قصة حياة الباشا وكفاحه تتوارثها الأسر البورسعيدية لبث روح التحدي والمثابرة لدي أبنائها الساعين لتحقيق أحلامهم، وذكرياته مازالت عالقة بمن عاصروه من الآباء والأجداد بالمدينة الباسلة، خاصة لدي مشجعي النادي المصري ورموزه الذين أجمعوا علي تزكيته رئيسا للنادي بالإجماع في الخمسينيات وحتي أوائل الستينيات تقديرا لمساهمته في تأسيس النادي ودعمه المالي لنشاطه الرياضي والاجتماعي، واستضافته نجوم ذلك الفيلم الشهير الذي قام ببطولته كل من يوسف وهبي وهند رستم وعمر الشريف وسعاد حسني وعبد المنعم إبراهيم ووداد حمدي وإحسان شريف مع نجم الكرة والأهلي- الذي رحل قبل أيام - عادل هيكل، وأخرجه فطين عبد الوهاب في عام 1960 . وقد خلّد الفيلم القصر المنيف بحدائقه الغنّاءة وطرازه المعماري الفريد.
وعلي عكس عبد القادر النشاشجي (يوسف وهبي) سيد القصر المنفلت بالفيلم كان لطفي باشا صاحب القصر الحقيقي النموذج الأعلي للالتزام والانضباط علي مدى حياته (1889 ــ 1970) والعطاء الإنساني. وقد انتخب لطفي باشا عضوا بالمجلس البلدي لبورسعيد، وأسهم في بناء مبرة الأميرة فوزيه فأنعم عليه الملك فاروق بالباشاوية عام 1948، وافتتح مسجده للصلاة عام 54 ، كما امتلك العديد من شركات الملاحة وتموين السفن العابرة لقناة السويس وميناء بورسعيد، ومن بينها شركة «دوري» التي رأس هو مجلس إدارتها. ورغم أن رُخامة مثواه الأخير بمسجده تحمل تاريخ وفاته 16 سبتمبر 1970 فإن ابنته السيدة ناديه لطفي تؤكد أن تاريخ وفاته الصحيح هو 17 سبتمبر 1970 .
رابط دائم: