-
الرئيس اعتبر نفسه «هيمنجواى الرسائل القصيرة» ورفض تهذيب تغريداته
-
طقوس توقيع القرارات الرئاسية أمام الكاميرات كانت تسعده
-
تعيين مولر محققا خاصا وضع ترامب فى منطقة وسط بين جنون العظمة والشعور بالاضطهاد
-
مع شعور ترامب بخذلان البعض له وبأنه محاصر فى سلسلة من التحقيقات القانونية بات التعامل معه أكثر مشقة
-
أصابــه حديث «عــزل الرئيس» بالانهيــار وأغضبه لدرجة لم يشهدها أحد من قبل
فى كتابه «الخوف: فى بيت ترامب الأبيض» يسرد الصحفى الأمريكى المخضرم بوب وودورد شهادات من عشرات المصادر حول العمل فى بيت ترامب الأبيض. وفى كل الشهادات يتكرر حكم دامغ: «العمل فى بيت ترامب الأبيض هو أكثر شىء مجنون مررت به فى حياتى» و»أصعب مهمة واجهتها» و«عبء ومهمة ثقيلة» و»مدينة مجانين».
أتى ترامب للبيت الأبيض بالكثير من العادات السيئة المتعبة التى لم يتوقعها العاملون معه وحاول بعض العاملين تغيير شىء من هذه العادات بلا طائل. وكما هو مدون ومعروف فإن أكثر عادات ترامب ضغطا على أعصاب طاقمه هى «تغريداته ساعة السحر» والكل نيام، ليستيقظوا على كوارث سياسية.
وحاول المساعدون بكل الطرق الممكنة كبح جماح تغريدات الرئيس.
هذه التغريدات، التى عادة ما يتم إرسالها من «ورشة عمل الشيطان» الاسم الحركى الذى أطلقه رينس بريبوس، أول رئيس لهيئة موظفى البيت الأبيض، على غرفة نوم ترامب. أما «ساعات الخطر» فهى الساعات بين الثالثة صباحاً والثامنة صباحاً، حيث عادة ما «يغرد» الرئيس تغريدات تقلب البيت الأبيض رأساً على عقب. وحاول طاقمه بكل السبل تقييده. لكن ترامب رفض أن يُحاصر. «هذا هو أنا»، قال ترامب عندما اقترح عليه طاقمه «لجنة لصياغة» التغريدات لتمريرها دون الأخطاء الإملائية وفى وقت «أكثر تحضرا» من اليوم.رفض ترامب مصراً على أن هذه التغريدات «سبب انتخابي».
وخلال تغريداته كان ترامب يشاهد التليفزيون لمدة تتراوح ما بين 6 إلى 8 ساعات يومياً.
أما الشيء الوحيد الذى كان يريد أن يقرأه فى نهاية اليوم فهو حصيلة تغريداته طوال اليوم، خاصة التغريدات التى نالت 200 ألف إعجاب أو أكثر.
وينقل وودورد عن أحد مصادره فى البيت الأبيض أن موقع تويتر عندما قرر مضاعفة عدد كلمات التغريدة من 140 حرفا إلى 280 حرفا، قال ترامب ل روب بورتر سكرتير موظفى البيت الأبيض: «إنه أمر جيد، لكنه شىء مؤسف لأننى كنت إرنست هيمنجواى الـ 140 حرفاً» وذلك فى إشارة للأديب الأمريكى الشهير.
ترامب يرلجع ملاحظاته حول قمته مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين
وفى محاولة أخيرة لتقليل الوقت الذى يقضيه ترامب على «تويتر»، حثه مساعدوه على قضاء المزيد من الوقت مع ابنه بارون البالغ من العمر 11 عاماً، لكن ترامب كان يفضل دائماً مشاهدة القنوات التليفزيونية بدلاً من ذلك. لكن مشاهدة التليفزيون كانت تضع الرئيس، شديد النرجسية، فى أغلب الحالات فى حالة من الغضب الدائم والتحفز والضيق، ما جعل أجواء العمل فى الكثير من الأيام مرهقة وعصيبة يعكس ذلك حجم الاستقالات من إدارة ترامب فى الـ18 شهراً الماضية وهى أعلى وتيرة استقالات لأى إدارة أمريكية سابقة.
إرضاء الرئيس
ويحكى بورتر،الذى بدا كما لو كان تحدث لساعات مع وودورد (ويقدمه الكتاب بصورة إيجابية)، كيف وضع خطة لإبقاء ترامب سعيداً.
فقد كان يومياً يقوم بصياغة ما بين اثنتين إلى عشر «مذكرات قرار» لتقديمها إلى الرئيس،ولا تكون مذكرات القرارات أكثر من صفحة واحدة كى يوقعها الرئيس بالقلم الأسود أمام عدسات المصورين. وقد أحب ترامب طقوس توقيع القرارات. ويكتب وودورد: «أعجب ترامب بالتوقيع. فقد كان يعنى أنه يفعل شيئا».
لكن الحفاظ على إرضاء الرئيس كانت «المهمة المستحيلة» بالنسبة لطاقم البيت الأبيض. فالتحقيقات فى علاقة حملته الانتخابية بروسيا، وفى السجلات المالية لصهره جاريد كوشنر، ولاحقاً فى إقالته المفاجئة لجيمس كومى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بى أى) جعلت البيت الأبيض حرفياً «مدينة مجانين» بحسب الوصف الذى نقله بوب وودورد عن الجنرال جون كيلى الرئيس الحالى لهيئة موظفى البيت الأبيض.
وقال ترامب إنه تمنى لو كان فصل جيمس كومى من منصبه عندما تولى الإدارة فى يناير 2017، لأن فكرة فصله باتت هى هاجس ترامب. لكن ستيف بانون، مستشاره السياسى البارز الذى أقاله ترامب لاحقاً، حذره من الخطوة.
وفى اجتماع فى المكتب البيضاوى قدم بانون حجته لرفض إقالة كومى، قائلاً لترامب «75% من مكتب الـ إف بى أى يكرهون كومى، لكنه سيتحول ،دون شك ،فى اللحظة التى ستقيله فيها إلى أعظم شهيد فى التاريخ الأمريكى. سيكون سلاحا يأتى ويتحول ضدك. وسيتم تعيين محقق خاص لن يمكنك إقالته. انت لا يمكنك إقالة مدير إف بى أى. فى اللحظة التى ستفعل فيها هذا، مكتب التحقيقات الفيدرالى كمؤسسة ، سيدمرك».
ويقول بوب وودورد، الذى جلس لساعات مع بانون وشكل أحد المصادر الأساسية للكتاب، أن بانون كان يرى أن ترامب لم يفهم سلطة المؤسسات فى أمريكا على غرار مكتب التحقيقات الفيدرالية، ووكالة المخابرات المركزية ، ووزارة الدفاع «البنتاجون». كما أنه لم يكن يفهم الصلاحيات الواسعة التى تمنح للمحقق الخاص فى قضايا الدولة عندما يتم تعيينه للتحقيق فى قضية ما.
وبرغم دعوات رينس بريبوس له بالتمهل وتحذيرات بانون قال ترامب:«لا تحاول أن تسنينى عن ذلك لأننى اتخذت قرارى. لذا لا جدوى من المحاولة».
فتح أبواب الجحيم
ربما ما شجع ترامب على المضى قدما فى خطوة الإقالة أنه شعر أن جيمس كومى بات ضعيفاً بعد شهادته أمام الكونجرس فى قضية رسائل البريد الإلكترونى الخاصة بالمرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون، وهى القضية التى أغلقها كومى ثم أعاد فتحها مجددا قبل 11 يوما فقط من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قبل أن يغلقها بعد الانتخابات من جديد. وأدت معالجة كومى لملف رسائل بريد هيلارى كلينتون إلى اتهامات خطيرة له بأنه تسبب فى هزيمة المرشحة الديمقراطية. وأدى ضعف موقف كومى إلى تقوية رغبة ترامب فى إقالته مستغلاً أزمة الرسائل البريدية، لكن الأسباب الحقيقية للإقالة كانت أوسع وأعمق من ذلك.
ويقول وودورد فى كتابه إنه بينما كان ترامب يملى خطاب إقالة كومى، أخبره دون ماكجان محامى البيت الأبيض أن رود روزنشتاين نائب المدعى العام، فى طريقه للاجتماع معه لمناقشة مصير كومى. (نائب المدعى العام هو الشخص الذى يشرف على أداء مكتب التحقيقات الفيدرالية ورئيسه).
وبحسب رأى ماكجان لترامب يبدو أن روزنشتاين يريد أيضا أن يتخلص من كومى، موضحاً للرئيس «هناك عملية ما. لنسمع رأى روزنشتاين». وكانت استراتيجية المماطلة والـتأجيل تلك يستخدمها موظفو البيت الأبيض بشكل متزايد لمنع الإدارة من قرارات غير مدروسة. وخلال اللقاء أخبر روزنشتاين ترامب أنه يعتقد أنه «يجب فصل كومى». ولم يكن لدى نائب المدعى العام مشكلة فى كتابة مذكرة توضح أسباب رأيه.
وودورد
وقد أحضر مذكرة من ثلاث صفحات إلى البيت الأبيض، حول الإقالة جوهرها استعادة الثقة فى مكتب التحقيقات الفيدرالية. وذكر روزنشتاين أن كومى «أعلن فى الخامس من يوليو عن استنتاجاته الخاصة حول أكثر التحقيقات الجنائية حساسية فى أمريكا»، وهى رسائل هيلارى كلينتون الإلكترونية، وذلك استباقا لقرار المدعى العام،وذلك قبل 11 يوماً فقط من الانتخابات، معلناً أنه يعيد فتح التحقيق ضد كلينتون لأنه يعتقد أنه كان هناك تعمد «الإخفاء». وخلص روزنشتاين إلى أن معالجة كومى كانت خاطئة، واستشهد بآراء خمسة من المحامين العامين السابقين أو نواب النائب العام، كلهم اتفقوا على أن كومى قد انتهك القواعد.
«افعلها» قالها ترامب بحماس فائق ليحض روزنشتاين على كتابة رسالته بخصوص حيثيات إقالة كومى. لكن من ناحيته، هرع ترامب صبيحة يوم 9مايو 2017 لإبلاغ كومى بقرار «سارى المفعول فوراً» بإقالته من منصبه عبر رسالة قصيرة. لكن إقالة كومى فتحت أبواب الجحيم وجاءت بنتائج عكسية على الفور. فالرئيس لم ينتظر مذكرة روزنشتاين. لقد اتخذ ترامب قراره بدون غطاء قانونى كاف.
ويعتقد بانون بنسبة «100 فى المائة»، أن سبب إقالة ترامب لكومى هو سعى مكتب التحقيقات الفيدرالية للحصول على السجلات المالية لجاريد كوشنر حيث اشتكت إيفانكا لأبيها من مكتب التحقيقات الفيدرالية ومن كومى.
ومع مرور الشهور، رأى بريبوس أن تكرار ترامب عزمه إقالة كومى يعنى أن ذلك سيحدث حتماً، لكن متى وفى أى سياق لم يكن أحد يعرف. وأصبح من أمثاله المفضلة «لا شىء ميت حتى يدفن». وقد أقيل كومى، لكنه لم يدفن مع ذلك.
حديث العزل ورئاسة تتفكك
بعد الإقالة بدقائق كان ترامب يشاهد الكثير من التغطيات الإخبارية حول الإقالة. وكانت غالبيتها العظمى إدانة لترامب. ولم تسر الأمور بطريقة أفضل لاحقاً. فقد ناقض ترامب روايته فى 11 مايو عندما قال لمحطة «إن بى سى» التليفزيونية الأمريكية إنه فصل كومى بغض النظر عن التوصيات التى تلقاها من روزنشتاين نائب المدعى العام و جيف سيشنز المدعى العام الأمريكي.
وفى استطراد طويل خلال إجابته على أحد الأسئلة، قال ترامب للمحطة: «قلت لنفسى، أنت تعرف، أن قضية التدخل الروسى(فى حملة ترامب) قصة ملفقة». وكان هذا الجواب إدانة ضمنية لترامب ومختلف عما ذكره فى رسالته لكومى حول سبب الإقالة والتى تمحورت حول أنه تم طرده بسبب مذكرة روزنشتاين التى ركزت على سوء إدارة كومى للتحقيقات فى قضية البريد الإلكترونى لهيلارى كلينتون.
ثم تدهورت الأمور أكثر فى البيت الأبيض يوم 16 مايو، عندما نشرت «نيويورك تايمز» مذكرة هامة لكومى تتضمن ما دار بينه وبين ترامب فى المكتب البيضاوى يوم 14 فبراير 2017 عندما دعاه ترامب لجلسة منفردة. وسرب كومى لـ«نيويورك تايمز» أن ترامب سأله عن مسار تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالية حول اتصالات مايكل فلين(المستشار السابق للأمن القومى الأمريكى الذى استقال بسبب التحقيقات حول تدخل روسيا فى الانتخابات وعلاقتها بحملة ترامب) مع الروس. ثم قال له بكل وضوح:«آمل أن تجد طريقة لإنهاء الموضوع وترك فلين حرًّا. انه رجل جيد. أرجو أن تنهى الموضوع».
ويقول بوب وودورد فى كتابه «الخوف» إن تسريب مذكرة كومى حول اللقاء الثانى مع ترامب جعلت الرئيس الأمريكى «يحلق» على محطات التليفزيون ليتابع التغطية. ثم فقد كل رشده عندما قال ديفيد جيرجن، الذى كان يعمل مستشاراً قانونياً للبيت الأبيض للرئيسين السابقين ريتشارد نيكسون وبيل كلينتون أثناء التحقيق معهما على محطة «سى ان ان»، «أعتقد أننا دخلنا إلى مرحلة العزل... ما نراه هو رئاسة بدأت فى التفكك».
ويقول بورتر، سكرتير موظفى البيت الأبيض،إن ترامب جن جنونه عندما ذُكر تعبيرى «التحقيق» و«العزل»، وأعرب عن غضبه من أن كومى بدا وكأنه»قلب الطاولة عليه».
بين جنون العظمة والشعور بالاضطهاد
وفى اليوم التالي، الأربعاء 17 مايو، كان ترامب فى المكتب البيضاوى عندما علم أن روزنشتاين عيّن روبرت مولر، الذى كان يدير مكتب التحقيقات الفيدرالية لمدة 12 عاماً، دوناً عن كل الأشخاص، كمحقق خاص للنظر فى التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية وأى اتصالات محتملة بين موسكو وحملة ترامب الرئاسية.
تدهور مزاج ترامب بشكل حاد خلال الليل وفى اليوم التالي، 18 مايو، كان مزاجه الأسوأ حيث اندفع الرئيس فى غضب لا يمكن السيطرة عليه، وتحول الغضب إلى درجة لم يشهدها أحد فى دائرته الداخلية من قبل. «لقد كانت تجربة مروعة. تجاوزناها بالكاد»، قال بورتر لأحد مساعديه.
وعادة ما يجلس ترامب وراء مكتبه فى المكتب البيضاوى أو فى غرفة الطعام الخاصة به. ولكن فى هذا اليوم بقى معظم النهار على قدميه، مقتحماً الغرفتين ذهاباً واياباً فى موجة غضب غير مسبوقة. ثم تحول الرئيس إلى «شريان حياته الأساسى»شاشات التليفزيون. وشاهد لمدة ساعتين قناة فوكس نيوز، ثم محطتى «أم أس إن بى سي» و«سى ان ان».
واحتدم غضبه أكثر على التغطية ومساعديه، ومن بينهم بريبوس وبانون وكوشنر وبورتر وجارى كوهين مستشاره الاقتصادي، يدخلون ويخرجون فى حالة من العجز. «لماذا تم اختيار مولر»؟ سأل ترامب بغضب «لقد كان هنا ولم أوظفه فى مكتب التحقيقات الفيدرالية». وواصل ترامب موجة غضبه: «بالطبع ، لديه فأس للتطاحن معى». ثم قال الرئيس مستطرداً بالكثير من الرثاء للنفس «الجميع يحاول النيل منى. هذا غير عادل». ثم تساءل: «الآن يقول الجميع إننى سأتعرض للمساءلة. ما هى صلاحيات المحقق الخاص؟».
فرد بورتر قائلاً إن المحقق الخاص لديه سلطة غير محدودة تقريباً للتحقيق فى أى جريمة محتملة على غرار فضائح ووترجيت وإيران-كونترا وكلينتون ومونيكا لوينسكي.
فقال ترامب بمرارة: «الآن لدى هذا الشخص. شخص لا أستطيع مساءلته، يستطيع النظر فى أى شىء، مهما كان غير مرتبط به؟».وواصل: «إنهم سيمضون سنوات يحفرون فى تاريخ حياتى وشئونى المالية». خلال ذلك اليوم لم يتمكن ترامب من التركيز على أى شىء آخر. تم إلغاء كل الاجتماعات وجدول أعمال اليوم فى نهاية المطاف.
ويقول بورتر إنه لم ير أبداً ترامب مضطرباً بهذا الشكل. كان يعلم أن ترامب نرجسى، يرى كل شىء من منظور «كيف سيؤثر عليه».
لكن يوم الغضب العارم هذا دعا بورتر لتذكر ما كان قرأه عن الأيام الأخيرة للرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون فى البيت الأبيض بعدما تفجرت فضيحة «ووترجيت».
فقد نقل مساعدو نيكسون أنه قضى الأيام الأخيرة قبل إطاحته فى الصلاة، وفى دق السجاد بقدميه، وفى التحدث إلى صور الرؤساء السابقين على الجدران.
كان سلوك ترامب الآن فى منطقة وسط بين جنون العظمة والشعور بالاضطهاد. قال ترامب: «إنهم ورائى حتى يسقطونى..هذا ظلم. هذا غير عادل. كيف حدث هذا؟ إنه خطأ جيف سيشنز (المدعى العام الأمريكى). هذا كله مدفوع سياسيا. لا يعرف رود روزنشتاين ما الذى يفعله بحق الجحيم. إنه ديمقراطى. إنه من ولاية ماريلاند».
وبينما يدق الأرض بقدميه، قال ترامب :«روزنشتاين أحد الأشخاص الذين قالوا إنه يجب فصل كومى وكتب لى هذا فى رسالة. فلماذا لا يحقق معه؟ كيف أفلت من التحقيق معه؟ كيف من الممكن له (روبرت مولر) أن يشرف على هذا التحقيق؟».
فى نظر ترامب لم يكن ينبغى تعيين مولر كمحقق خاص فى الملف الروسى «لقد كان عضواً فى إحدى ملاعب الجولف الخاصة بى»، مشيراً إلى «نادى ترامب الوطنى للجولف» فى فريجينيا بالعاصمة واشنطن. (حيث انهى مولر العضوية بسبب خلافات حول رسوم الاشتراك).كما كانت شركة مولر للمحاماة قد مثلت فى السابق صهر ترامب، جاريد كوشنر. ولخص ترامب الموقف بقوله:«أننى أتلقى اللكمات ويجب أن أردها من أجل أن تكون معركة عادلة. لابد لى من القتال».
ذهاباً وإياباً معظم اليوم، تنقل الرئيس بين مشاهدة التليفزيون فى غرفة الطعام، ثم الذهاب إلى المكتب البيضاوى فى جنون يطرح المزيد من الأسئلة ويعبر عن غضبه لأنه فقد السيطرة على التحقيق فى الملف الروسى. وقال ترامب «أنا الرئيس.... يمكننى إقالة أى شخص أريده. لا يمكنهم التحقيق معى لطرد كومى. استحق كومى الطرد. الجميع يكرهونه. كان فظيعا». لم يكن أمام البيت الأبيض الكثير من الخيارات وفى رأى ترامب كان يجب التحرك بسرعة،فطلب مارك كاسوفيتز، المحامى المخضرم الذى كان يمثل ترامب منذ عقود فى حالات الطلاق والإفلاس، الحضور إلى مكتبه فى نيويورك مساء 25 مايو 2017 قائلاً له:نحن بحاجة إليك فى واشنطن لتمثيل الرئيس فى قضية الدفاع عن ترامب فى تحقيق روبرت مولر حول علاقة الرئيس بروسيا.
وكان العديد من المحامين البارزين قد رفض الدفاع عن ترامب ، مستشهدين بالصراعات فى إدارة ترامب.
لكن جون دود، المدعى العام السابق الذى لديه قائمة طويلة من العملاء البارزين، قفز على الفرصة لتولى أشهر قضية فى البلاد قائلاً: «يا إلهى... هذا غير معقول. سأكون سعيداً بتمثيل الرئيس. هذا يوم لا يصلح للتوجه إلى الشاطئ على أى حال». وقال جون دود إنه لن يتقاضى رسوماً بالساعة. وحدد 100 ألف دولار فى الشهر وأبلغه ترامب بإرسال الفاتورة إلى مكتبه فى نيويورك كى يدفع له فى اليوم التالى. وقد كان.
ثم اجرى جون دود مكالمة جماعية مع ترامب وكاسوفيتز، ثم أجرى محادثات عديدة مع الرئيس. وقال ترامب إن التحقيق الذى يجريه مولر يستهلكه ويستهلك رئاسته.
«لم أفعل شيئا خطأ جون...هذا الشىء (تحقيقا مولر) عبء هائل. أنه يؤثر على السياسة الخارجية. من المحرج أن تكون فى منتصف اتصال هاتفى مع رئيس أو رئيس وزراء ثم يسأل: دونالد، هل ستظل موجوداً فى منصبك؟. انها ركلة فىالوجه». لقد كان الرئيس غاضباً من تحقيق مولر، ونقل كل شكاويه إلى جون دود. كما كان مصدوماً من قرار جيف سيشنز المدعى العام بالتنصل من القيام بأى دور فى التحقيق حول تدخل روسيا فى الانتخابات. فقد كان ترامب يتوقع حماية سياسية من المدعى العام الذى عينه.
ومع شعور ترامب بخذلان البعض له وبأنه محاصر فى سلسلة من التحقيقات القانونية بات التعامل معه فى البيت الأبيض أكثر مشقة وبات إخراجه من «ورشة عمل الشيطان» أكثر صعوبة. وينقل بوب وودورد عن روب بورتر «لم يعد هذا منصب الرئاسة. هذا لم يعد البيت الأبيض».
وإذا كان ترامب مسيئاً تجاه موظفيه وحاداً ولاذعاً، فقد انتقموا منه عبر كتاب «الخوف» والتسريبات التى منحوها إلى وودورد، الملىء بالكثير من الاقتباسات الكاشفة عن الرئيس.
ومن بين الاقتباسات الانتقامية اللاذعة وصف جون كيلى، رئيس هيئة موظفى البيت الأبيض ، لترامب بأنه «من العبث محاولة إقناعه بأى شىء».
لكن الأفدح منه، وصف الجنرال ماتيس وزير الدفاع للرئيس الأمريكى بأن فهمه للسياسة الخارجية يعادل فهم تلميذ فى الصف الخامس أو السادس الابتدائى.
الحلقة المقبلة: ترامب والشرق الأوسط..خطط صغيرة دون استراتيجية كبيرة
رابط دائم: