« كم من ضرير مبصر متوهج يعطي ويعطي والمدى وهاب» أبيات شعرية جسدتها فتيات وشباب جمعية دنيتنا للمكفوفين في الإسكندرية، فمنذ أن تطأ قدماك الجمعية تجد أمامك فتيات في العقد الثاني من العمر يلتففن حول متخصصة تعلمهن النول، وأخريات تتعلمن البامبو، دون كلل بإصرار وعزم كبيرين، ليس لتحدى أنفسهن فقط ولكن مجتمع همش دورهن.
«البامبو والنول والإكسسوارات والغناء ودورات في اللغة الإنجليزية» كل هذه الأنشطة وأكثر تقدمها الجمعية للفتيات وعدد من الشباب حتى أتقنوها وأبدعوا فيها، وهذا ما ظهر واضحًا عند حصولهن على جائزة بالمهرجان الدولي للموسيقيين المكفوفين بتطوان بدولة المغرب، فيما تعرض منتجاتهن في المعارض المحلية والدولية.
تقول حنان حشيش، رئيس مجلس إدارة الجمعية، إنها ظلت لعدة سنوات تعمل مع الجمعيات الخيرية لتقديم خدمات للمحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة، وقبل ما يقرب من أربعة أشهر قررت الاستقلال بمشاركة عدد من المتطوعين وإشهار جمعية دنيتنا الخاصة بالمكفوفين. وتضيف «حشيش» أن الجمعية تسعى من خلال توفير عدد من المتخصصين إلى الإهتمام بالكفيفات وإعدادهن لسوق العمل ومساعدتهن على تكوين مشروعاتهن الخاصة التي توفر لهن دخلا يعينهن على الحياة، وألا يكون دور الجمعية مقصورا على تقديم الإعانات المادية فقط كما هو الحال في عدد كبير من الجمعيات. وتوضح «حشيش» أن الجمعية نجحت في جمع تبرعات وقامت بشراء آلة طباعة بطريقة برايل، حيث تعمل الجمعية على طباعة المستلزمات الدراسية لطلبة مدرسة النور وطلبة مركز المكفوفين التابع لكلية الآداب جامعة الإسكندرية، لكي يستفيد طلبة الجمعية منها.
وتقول نجوى الرافعي، عضو مجلس الإدارة، أن الجمعية بها قسم التدخل المبكر للأطفال متعددي الإعاقة، سواء كان كف بصر أو تأخرا عقليا، مشيرة إلى أن الجمعية تسعى إلى تعليم الأطفال في هذه المرحلة العمرية المبكرة الاندماج مع المجتمع والاعتماد على أنفسهم. وتضيف «الرافعي» أن الجمعية استحدثت قسم لفاقدي البصر حديثًا، ويختص بالأشخاص الذين تعرضوا لحوادث أو أمراض معينة أفقدتهم بصرهم، حيث يشعرون بحالة من الاغتراب ويمرون بحالة نفسية سيئة، وفي هذا القسم يتم تأهيلهم وتعليمهم طريقة برايل. وتشير «الرافعي» إلى أن الجمعية قائمة على التبرعات، والمتخصصين يتطوعون لتدريبهم، فيما يتم عرض منتجات الفتيات في المعارض، والتي تحقق نسبة دخل منخفضة.
وفي سياق ذات صلة، تقول غادة طارق، إحدى المترددات على الجمعية، إنها فقدت بصرها منذ الصغر نتيجة لارتفاع درجة حرارتها، إلا أن ذلك لم يمنعها من التعلم واكتساب مهارات جديدة، ونجحت في إتمام دراستها حتى تخرجت في قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة الإسكندرية عام ٢٠١٢. وتضيف «طارق» إنها شاركت في عدد من الجمعيات الخيرية حتى استقر بها الحال في جمعية دنيتنا، حيث تتعلم صناعة النول والإكسسوارات، مشيرة إلى أنها اتقنت طريقة برايل وأصبحت تدرسها كما تعمل في إحدى الشركات حيث تدون على العبوة بطريقة برايل.
وتقول هبه عزمي، المسئولة عن الفريق الغنائي بالجمعية، والحاصلة على ماجستير في دمج ذوي الإعاقة في التعليم العام بالدول النامية، إنها تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، كما تعمل في مكتبة طه حسين التابعة لمكتبة الإسكندرية كونها من ضعاف البصر.
وتوضح «عزمي» إن الجمعية تضم فريقا غنائيا تكون قبل عشر سنوات بشكل مستقل ثم إنضم إلى عدد من الجمعيات وصولاً إلى جمعية «دنيتنا»، مشيرة إلى أنه يقدم حفلات في المراكز الثقافية والفنية، ومنذ عدة أشهر شارك في المهرجان الدولي للموسيقيين المكفوفين بتطوان في المغرب، وحصل على درع نظرًا لمشاركته المميزة. وشكت «عزمي» من معاناتهم بسبب قلة الإمكانات، حيث كان الفريق يعقد تدريباته في مركز الحرية للإبداع إلا أنه توقف منذ عدة أشهر، نظرًا للتجديدات التي يشهدها المركز، متمنية أن يتم تكوين أوركسترا كاملة من المكفوفين وأن تكون ضمن دار الأوبرا المصرية، مما يسهم في انتشارها ومشاركتها في مهرجانات كبرى.
رابط دائم: