رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ملاحظات حول مشروع قانون الأحوال الشخصية..
النصوص المقترحة تؤدى إلى تفكيك الأسرة وتحول الطفل إلى أداة للتنكيل بالحاضن

بقلم: د. سعد الدين الهلالى

لا يجوز الارتداد إلى فتاوى تجاوزها الزمن وتخالف آراء جمهور الفقهاء

مادة استرداد هدايا الخاطب وإغفال قضايا نفى النسب تشعل الفتن الأهلية

وضع النيابة والقضاء فى خصومة مع أحد طرفى النزاع تطور خطير يجب تجنبه

المشروع أهان المرأة وربط النفقة بالطاعة وجعل للزوج الولاية الدينية على زوجته

 


سعد الدين الهلالى

مراجعات مهمة أجراها الدكتور سعد الدين الهلالى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، على مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد للمسلمين، الذى أعدته لجنة حزب الوفد، بعد إحالته إليه من المجلس القومى للمرأة باعتباره عضوا بالمجلس. وقد كشفت مراجعاته لمشروع القانون عن مفاجآت وصدمات بل والغام اجتماعية كما وصفها هو، فضلا عن إشاعة مفاهيم مغلوطة عن الدين، مما يشعل الفتن الأهلية، ويثير الاضطرابات الاسرية بدلا من الاستقرار والسلام الاجتماعى. والسطور المقبلة هى نتاج مراجعات الدكتور سعد الدين الهلالى التى سطرها بقلمه.

رغم مضى أكثر من عام ونصف العام على تقديم مشروع قانون تنظيم الاحوال الشخصية الموحد للمسلمين، الى البرلمان بتاريخ 26 فبراير 2017 من عضو مجلس النواب الدكتور محمد أحمد فؤاد، فإننى لم أطلع عليه إلا صباح يوم الثلاثاء الرابع من سبتمبر الحالى، بعد عودتى من رحلة الحج واستئنافى للنشاط العلمى والبحثي، وكان من بين الأولويات العاجلة إحالات المجلس القومى للمرأة بصفتى عضوًا فيه وأشرف بالانتماء إليه، ونصرة رسالته السامية فى إنصاف المرأة والانحياز لحقوقها الإنسانية المختطفة باسم الأعراف والتقاليد مرة، وباسم الفتاوى أو الآراء المنسوبة للدين أخري.

وكانت إحالة المجلس القومى للمرأة فى هذه المرة لمشروع حزب الوفد لقانون تنظيم الأحوال الشخصية الموحد للمسلمين ، على أن أقوم بدراسته وعرض نتائج دراسته على المجلس.

صدمات والغام بمشروع القانون

وجدت بعد خطورة الصدمات والألغام التى يتضمنها هذا المشروع، ما يشعل الفتن الأهلية ويفتح باب ممارسة المكر على المرأة ، ويستخدم الأطفال ومستقبلهم للتنكيل بالحاضن، ويشيع المفاهيم المغلوطة عن الدين، بالخلط بين الشرع وبين الفقه والزج بمصطلحى الدوطة ورجل الدين، كما يحرم الأسرة من بقاء عصمتها وتماسكها، أو من إعادة بنائها بعد الفراق، بأحد الأقوال الفقهية المعتبرة دون الالتزام بمذهب معين، كما يرجع العلاقات الأسرية (زواجًا وطلاقًا ورجعة) وما يترتب عليها من حقوق مالية إلى الألفاظ الشفهية غير المنضبطة، بالتوثيق الحضاري. والأعظم خطورة فى هذا المشروع أنه يضع القضاء والنيابة العامة فى مواجهة أحد طرفى النزاع فى الحضانة ، بتفويض القضاء والنيابة فى اختيار الحاضن بعد الأم، بسلطتهما التقديرية دون تنظيم قانوني، مما يجعل من القضاء خصما لا حكما ، وجدت من هذه الخطورة ضرورة نشر مراجعتى لهذا المشروع لتعم الفائدة، وحتى تصل إلى متخذى القرار من نواب البرلمان، وذوى الشأن فى المؤسسات الرئاسية والتنفيذية والقضائية والإعلامية وحتى عموم الشعب ليستبين الأمر، ويتحقق قوله تعالي: «ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة» (الأنفال:42)، واستأذنت الأستاذة الدكتورة مايا مرسى رئيسة المجلس القومى للمرأة فى نشر هذه المراجعة ، كونها الطالبة لها فأذنت للهدف نفسه وهو تعميم الفائدة ونشر الوعي، وقبل بيان صدمات هذا المشروع وألغامه فإنه يجب على الإقرار بثلاثة اعترافات:

ثلاثة اعترافات مهمة

الاعتراف الأول: أن اللجنة التى قامت بوضع هذا المشروع أفصحت عن نفسها ، بأنه كان انطلاقًا من استهداف بند واحد ، وهو الاستضافة ثم تطور الأمر إلى إعداد مشروع قانون كامل وموحد ينظم الأحوال الشخصية فى مسائل الولاية على النفس ، بعد أن استبان لهم ما تحتويه قوانين الأحوال الشخصية الحالية، من كثير من الألغام التى أثرت على مجتمعنا، وأن اللجنة قامت بأحد عشر حوارًا مجتمعيًا ، وستة اجتماعات مغلقة بمشاركة أعضاء فى المجلس النيابي، وأعضاء فى المجلس القومى للمرأة ، وأطباء نفسيين وعلماء ومتضررين، وأن هدف مشروع القانون المقدم من اللجنة، كما تقول هو الحفاظ على مصلحة الأسرة المصرية وتحقيق المصلحة الفضلى للطفل، وتسهيل إجراءات التقاضى وتنظيم بعض الأمور غير المنظمة من قبل ، والتى تعد من أهم المشكلات التى تواجه المجتمع.

الاعتراف الثانى: أن بعض مراجعات هذا المشروع ليس من مبادراته، وإنما أخذها من القوانين الحالية التى وصفها بأنها تحتوى على كثير من الألغام التى أثرت على مجتمعنا، مثل الخلط بين الشرع وبين الفقه ، أو الرأى (المواد:16-25-32-33-54-66)،ومثل الرجوع فى المسكوت عنه إلى أرجح الأقوال فى المذهب الحنفى (مادة:37)، وليس فى عموم الفقه، وبعض هذه المراجعات من ابتكار هذا المشروع ، مثل الاعتراف فى الإسلام برجل الدين، وليس رجل الفقه أو التفسير أو الوعظ (المواد: 2-8-11) ، ومثل مصطلح «الدوطة» مع دعاوى المهر.

الاعتراف الثالث: احترامى لجميع أعضاء اللجنة التى أعدت مشروع القانون وقدمته لمجلس النواب، وحسن ظنى فى إخلاصهم ووطنيتهم، وأن مراجعتى لمشروعهم من باب المشاركة فى خدمة الأسرة المصرية، وليس من باب المعارضة المجردة عن الموضوعية، أو التربص بالأخطاء المطبعية أو الإملائية، أو المؤاخذة على السهو المادى الذى يصحح عند المراجعة ، كما ورد فى المادة (66) الفقرة الأخيرة: «يكون لدين نفقة الزوجة امتياز على جميع أموال الزوج، ويتقدم فى مرتبته على ديون النفقة الأخري»، ثم جاء فى المادة (83) ما نصه: «فى حالة التزاحم بين الديون تكون الأولوية لدين نفقة الأولاد فنفقة الوالدين ..، فنفقة الزوجة أو المطلقة، فنفقة الأقارب ثم الديون الأخري».

أما المراجعات على مشروع القانون بما سبق ذكره من صدمات وألغام، فتشعل الفتن وتفتح باب المكر بالمرأة وإهانتها ، وتستخدم الأطفال للتنكيل بالحاضن، وترتد إلى فتاوى تجاوزها الزمن، وتخالف جمهور الفقهاء، وتشيع المفاهيم المغلوطة عن الدين، وتحرم الأسرة من بقائها أو إعادة بنائها بعد الفراق ، تمسكًا برأى فقهى على حساب آخر أكثر رحمة، ويعيد العلاقات الأسرية زواجًا وطلاقًا ورجعة إلى الألفاظ الشفهية غير الموثقة ، مما يتسبب فى ضياع الحقوق المالية، ووضع القضاء والنيابة فى مواجهة مع أحد طرفى نزاع الحضانة ، ليجعل من القضاء خصمًا لا حكمًا، فإننى أوضح ذلك بإيجاز، مع بيان البديل المقترح فى العناصر العشرة الآتية:

الملاحظات العشرة

أولًا: مواد المشروع التى تشعل الفتن الأهلية «استرداد هدايا الخاطب وإغفال قضايا نفى النسب» وبدائلها المقترحة:

(1)المادة (40) تنص على أن: «الهدايا التى يقدمها الخاطب للمخطوبة .. إذا كان العدول من المخطوبة أو بسببها استرد الخاطب هداياه بعينها أو بمثلها أو بقيمتها» أقول: كيف وجمهور الفقهاء يرى أنه لا يجوز للواهب أن يرجع فى هبته عملًا بحديث البخارى عن ابن عباس « أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «العائد فى هبته كالعائد فى قيئه»، ثم إذا صح للخاطب الرجوع فى هداياه فهل يصح للمخطوبة الرجوع فى هداياها له ؟ وضيافته والمطالبة بقيمة إنفاقات الضيافة؟؟

النص المقترح هو: «الهدايا التى يقدمها الخاطب للمخطوبة حق لها لا تسترد، والعكس كذلك».

(2)المادة (96) بشأن إثبات النسب تنص على أنه: « تسمع رغم الإنكار دعوى إثبات النسب لولد زوجته إذا ثبت التلاقى بينها وبين زوجها من حين العقد، أو إذا أتت به قبل سنة من غيبة الزوج عنها، ولولد المطلقة المتوفى عنها زوجها، إذا أتت به قبل سنة من وقت الطلاق أو الوفاة، ويجوز إثبات النسب بكل طرق الإثبات بما فى ذلك تحليل البصمة الوراثية».

أقول: « أين حق الزوج فى نفى النسب، إذا ثبت ذلك بالبصمة الوراثية، إن عدم معالجة ذلك سيؤدى إلى فتن لا طاقة لنا بها.

النص المقترح البديل: « تقبل دعوى نفى النسب من الزوج خلال سنة من تاريخ علمه بحمل زوجته ، أو وضعها بشرط أن يقدم شهادات طبية أو ثبوتية لجدية ادعائه، ويفصل القضاء فى ذلك بالبصمة الوراثية.

ثانيًا: مواد المشروع التى تفتح باب المكر بالمرأة «احتساب الشبكة مهرًا» وبدائلها المقترحة

المادة (41) تنص على أن: «الشبكة هى جزء من المهر يحق للخاطب استردادها كاملة ، طالما لم يعقد العقد، وإذا عقد دون الدخول استحق نصفها».

أقول: هذا يفتح باب المكر بالمخطوبة بتسليمها الشبكة ثم ينال من الضيافة مايشبعه، ثم يرجع فى الخطبة ويسترد الشبكة بقوة هذا النص. كما أن هذا يخالف العرف الحاكم بجعل الشبكة هدية لتأليف قلب المخطوبة لا علاقة لها بالمهر.

النص المقترح البديل: « الشبكة هدية للمخطوبة معلقة على إتمام العقد فإن فسخت الخطبة استردها الخاطب، إن كان الفسخ من جهة المخطوبة ، وإلا كانت من حقها. وكلفة حفل الخطوبة مناصفة بين الخاطبين فى جميع الأحوال، إلا إذا تطوع بها أحدهما أو الآخر»

رهن النفقة بالطاعة لا بالعقد

ثالثًا: مواد المشروع التى تهين المرأة (رهن النفقة بالطاعة للزوج لا بالعقد)، وبدائلها المقترحة

(1)المادة (43) تنص على أنه: «إذا امتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجة من تاريخ الامتناع...»

(2)المادة (66) الفقرة الثانية تنص على أنه: «لا تجب النفقة للزوجة إذا ارتدت، أو امتنعت مختارة عن تسليم نفسها دون حق، أو اضطرت إلى ذلك بسبب ليس من قبل الزوج، أو خرجت من مسكن الزوجية دون إذن زوجها»

أقول: هكذا صارت ثقافة مشروع القانون ، أن نفقة الزوجة ليست مستحقة بالعقد وإنما تستحق بالطاعة، كما تدخل مشروع القانون فى الحكم على عقيدة الزوجة بما يخالف الدستور ، الذى يجعل حرية العقيدة مطلقة، ولم يتعرض المشروع إلى ردة الزوج مما يشيع ثقافة ولاية الزوج الدينية على زوجته، كما هو شائع فى الأوساط الظلامية.

والنص المقترح البديل عن المادتين (43-66) هو: «نفقة الزوجة تثبت لها بالعقد وتنتهى بانتهائه لاحتباس عصمتها به». ويحذف كل مايخالف ذلك.

رابعًا: مواد المشروع التى تستخدم الأطفال للتنكيل بالحاضن (الاصطحاب، والولاية التعليمية، وسلب الحضانة بعدم القدرة الصحية)، وبدائلها المقترحة:

(1) المادتان (61-62) الخاصة بالاصطحاب تنص على أنه: «يكون تنظيم حق الاصطحاب رضاءً، فإذا تعذر ذلك فللقاضى الحكم به من عمر ثلاث سنوات للمحضون، لمدة لا تقل عن أربع وعشرين ساعة ، ولا تزيد على اثنتين وسبعين ساعة أسبوعيًا، وأسبوعًا فى إجازة منتصف العام الدراسي، وأربعة أسابيع فى إجازة آخر العام الدراسي، وفى الأعياد والمناسبات الدينية والرسمية مناصفة ويجوز حكم الاصطحاب للأجداد والأعمام».

وأقول: حكم الاصطحاب الإجبارى هذا ينقص من حق الحضانة، فالحضانة تكون كاملة للحاضن أو لا تكون، ولا معنى للحضانة المنقوصة التى لم يقل بها أحد من قبل، والعمل بها يستخدم الأطفال للتنكيل بالحاضن، والادعاء بأن الاصطحاب يحقق صلة الرحم إنما يصح إذا كان طوعا لا كرها.

النص المقترح البديل: اصطحاب الطفل أو استضافته يكون بالتراضى والمعروف ولا إلزام به، ولكن يلتزم الطرف المصاحب أو المضيف بالأمانة فى إعادة الصغير لحاضنه فى الزمان والمكان المتفق عليهما ، وإلا كان خائنًا للأمانة ويعاقب بالحبس ثلاثة أشهر وغرامة عشرة آلاف جنيه مع إلزامه بإعادة الصغير لحاضنه.

(2)المادة (65) الخاصة بالولاية التعليمية تنص على أنه: « تكون الولاية التعليمية للأب....»

أقول: انتهى المشرع أخيرًا على جعل الولاية التعليمية لصاحب الحضانة، فالردة عن ذلك تجعل الطفل أداة للتنكيل بالحاضنة.

النص المقترح البديل: «تكون الولاية التعليمية لمن له الحضانة».

(3)المادة (60) تنص على أنه: «تسلب الحضانة فى حال صدور حكم جنائى على الحاضن فى جريمة مخلة بالشرف.. أو بسبب عدم قدرته بسبب حالته الصحية على القيام بدوره فى رعاية الصغير على الوجه الأمثل».

وأقول: إن مصلحة الصغير تتحقق بمعالجة الحاضن بنفسه أو بخادمه تحت إشرافه، فسلب الحضانة بالضعف الصحى تنكيل به.

المقترح البديل: حذف هذه الفقرة

حضانة الصغير وفتاوى تجاوزها الزمن

خامسًا: مواد المشروع التى ترتد إلى فتاوى تجاوزها الزمن وتخالف جمهور الفقهاء (انتهاء الحضانة بسن التاسعة)، وبدائلها المقترحة:

المادة (59) الجملة الثالثة منها تنص على أنه: «ينتهى حق الحضانة ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن التاسعة»

أقول: تجاوز القانون ذلك سنة 2000م وجعلها لسن الخامسة عشرة، وإذا أردنا الإنصاف الدستوري، فببلوغ سن الثامنة عشرة وهى سن إكمال الطفولة دستوريًا،

أما الفقهاء المسلمون فقد اختلفوا على عدة أقوال أشهرها (1) فقهاء مذهب الظاهرية يرون أن الحضانة تستمر مع الصغير أو الصغيرة حتى سن الاستقلال فى الإقامة (الرشد) ، بما يتمكن من العيش وحده (2) فقهاء مذهبى الشافعية والحنابلة فى الجملة يرون أن الحضانة تنتهى بسن التمييز، ثم يخير بين والديه ، (3) فقهاء مذهبى الحنفية والمالكية يرون أن حضانة الصغيرة تستمر حتى سن الاستقلال أو الزفاف، أما حضانة الصغير فإلى سن التمييز ثم يخير بين والديه.

هذه مذاهب الفقهاء المسلمين، فمن أين أتى مشروع القانون بسن التاسعة؟

و النص المقترح البديل: ينتهى حق الحضانة ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الطفولة دستوريًا.

سادسًا: مواد المشروع التى تشيع المفاهيم المغلوطة عن الدين (مصطلحات الدوطة والشرع ورجل الدين)، وبدائلها المقترحة

(1)أورد المشروع فى مادته (16) فقرة (4) مصطلح الدوطة فى قوله : «دعاوى المهر والجهاز والدوطة والشبكة»، ثم كررها فى المادة (25) فقرة 1-ج فى قوله: «المهر والجهاز والدوطة والشبكة».

أقول: هذا المصطلح غير وارد فى تعامل المسلمين نهائيا، وهو مصطلح للإخوة المسيحيين

(2) أورد المشروع فى مواده (16-25-32-33-54-66) مصطلحا: شرعًا والشرعية والشرع.. والصواب: فقهًا ورأيًا وفتوي؛ لأن الشرع لا يناقش بخلاف الفقه والفتوى والرأي.

(3)أورد المشروع فى مواده: (2-8-11) مصطلح رجال الدين ورجل الدين.

والصواب: رجال الفقه أو التفسير أو الوعظ؛ لأن رجل الدين لا يناقش بخلاف رجل الفقه.

إجبار الزوج على توثيق الطلاق

سابعًا: المواد التى تحرم الأسرة من بقائها بإجبار الزوج على توثيق طلاقه أو إثباته بكل طرق الإثبات، وبدائلها المقترحة

(1) المادة (49) التى تلزم المطلق شفهيًا بتوثيق طلاقه، وتنص: «على المطلق أن يوثق إشهاد طلاقه لدى الموثق المختص خلال ثلاثين يومًا من إيقاع الطلاق وتترتب آثار الطلاق من تاريخ إيقاعه» يعنى شفاهة.

أقول: أليس هذا إجبارا للزوج على فك عصمة زواجه ، وتفكيك أسرته بغير إرادته ..، هو يعلم أن لفظ الطلاق للزوجة الرسمية لا أثر له فى فك العصمة .. وإذا كان قد استخدمه للتهديد أو فى حال الغضب، فكيف بالقانون أن يلزمه به وينهى حياته الزوجية قسرا؟

(2) المادة: (50) التى تنص على أنه: «يعتد فى إثبات الطلاق عند الإنكار بكل طرق الإثبات» .

أقول: هل وظيفة القانون التربص بالأسرة أم التماس العذر لها من أجل بقائها؟؟ وإذا كان الزوج يرغب فى الطلاق الحقيقي، فإنه يعلم طريق المأذون الذى وثق زواجه فهو نفسه الذى يوثق طلاقه ويفك رباط الزوجية، فإذا لم يصل إليه فإنه يكون قد اختار بقاء الزوجية وعدم إيقاع الطلاق الحقيقي، حتى وإن تلفظ به؛ لأنه يعتقد أن التلفظ بالطلاق دون توثيقه مشروع طلاق وليس طلاقا معقودا.

النص المقترح البديل: يحتسب الزواج أوالطلاق وتترتب آثارهما من تاريخ توثيقه بالإشهاد .. ويحذف كل ما يخالف ذلك.

ثامنًا: المواد التى تمنع الأسرة من إعادة بنائها مجددًا بعد الفراق (الفرقة بالخلع أو بالعيب طلاق وليست فسخا)، وبدائلها المقترحة

(1) المادة (54)عن الخلع وتنص فى آخر جملة فيها على أنه: «يقع الخلع فى جميع الأحوال طلاقًا بائنًا»

أقول: فيحتسب من عدد الثلاث طلقات للزوج. وهذا مذهب الجمهور، لكنه يخالف مذهب الإمام أحمد بن حنبل، والقديم عند الشافعية: أن الخلع فسخ وليس طلاقا، مما يفتح الطريق للطرفين للعود، مجددًا إن أرادا دون قيد الثلاث طلقات، وهذا مصلحة للأسرة ، لماذا نغلق بابها بإعلاء رأى فقهى على حساب آخر تحكما؟ قال تعالي: «لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا» (الطلاق: 1).

النص المقترح البديل: « يقع الخلع فى جميع الأحوال فسخًا لعقد الزواج وليس طلاقًا

(2) المادة (57) عن التفريق بين الزوجين للعيب تنص فى آخر فقرة على أنه: «التطليق للعيب يقع به طلاق بائن» .

أقول: إن فقهاء الشافعية والحنابلة يرون التفريق بالعيب فسخا وليس طلاقًا؛ خلافًا للحنفية والمالكية. فلماذا لا نأخذ بالفتوى الأصلح للأسرة والأنفع لها؛ لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.

النص المقترح البديل: التفريق للعيب يكون فسخًا لعقد الزواج وليس طلاقًا

تاسعًا: المواد التى تعيد التعامل فى الزواج والطلاق والرجعة بالألفاظ الشفهية غير الموثقة، وبدائلها المقترحة

(1)تجاهل المشروع المادة (17) من المرسوم بقانون 78 لسنة 1931م بشأن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ، التى تنص على أنه: «لا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج، فى الوقائع اللاحقة على أول أغسطس سنة 1931م، ما لم يكن الزواج ثابتًا بوثيقة رسمية».

أقول: وهذا يعنى اعتراف مشروع القانون بالزواج الشفهى غير الموثق ، مما يفتح باب فتن لا تنتهي، فضلًا عن عدم العمل بحضارة التوثيق التى تضبط الحقوق.

(2)تنص المادة (44) من المشروع على أنه «لا يقع طلاق السكران والمكره».

وتنص المادة (45) من المشروع على أنه «لا يقع الطلاق غير المنجز».

وتنص المادة (46) من المشروع على أن «الطلاق المقترن بعدد لفظًا أو إشارة لا يقع إلا واحدة».

وتنص المادة (47) من المشروع على أن «كنايات الطلاق .. يقع بها الطلاق بالنية»

وأقول: وكل هذه المواد تقر بوقوع الطلاق الشفهى للمتزوجين رسميًا، وتفتح باب الفتاوى بالسلطة التقديرية للمتطوعين بالفتوي، باحتساب لفظ الطلاق أو عدم احتسابه، مما يجعل آثار الطلاق غير منضبطة ويعيد المجتمع إلى عصر ما قبل حضارة التوثيق، كما أن هذه المواد أغفلت طلاق الغضبان والطلاق البدعى والطلاق بغير إشهاد أو نية، مما يجعله معدودا، فتزداد نسبة الطلاق وتتفكك الأسر بالفتاوى المحصنة بمشروع القانون.

والنص المقترح البديل: لا يوثق طلاق السكران والمكره والمعلق والمضاف والمتعدد والكنائى والغضبان والخالى عن الإشهاد

(3)تنص المادة (51) على : « إثبات مراجعة المطلق للزوجة بكل طرق الإثبات»

أقول: وفى هذا إصرار على هدر حضارة التوثيق فى جميع مراحل العلاقات الزوجية نكاحًا وطلاقًا ورجعة.

والنص المقترح البديل: تحتسب مراجعة المطلقة رجعيًا وتترتب عليها آثارها من تاريخ توثيقها بالإشهاد خلال مدة العدة المقررة.

(4)تنص المادة (69) على أن «تطليق القاضى لعدم الإنفاق يقع رجعيًا وللزوج أن يراجع زوجته إذا ثبت يساره واستعد للإنفاق فى أثناء العدة..».

أقول: وفى هذا إصرار على أن ما أبرمه القاضى رسميًا من طلاق رجعى يستطيع الزوج مراجعة زوجته شفهيًا لهدم حضارة التوثيق الرسمية.

النص المقترح البديل: «وللزوج أن يطلب من القاضى مراجعة زوجته إذا ثبت يساره».

الخصومة مع النيابة والقضاء

عاشرًا: المواد التى تضع القضاء والنيابة فى خصومة مع أحد طرفى نزاع الحضانة، وبدائلها المقترحة.

(1)المادة (59) الفقرة الأولى الجملة الرابعة تنص على أنه: «يعول القاضى أولًا على اتفاق الطرفين، فإن لم يتفقا فمصلحة الصغار الفضلى فى الحضانة».

أقول: بهذا جعل مشروع القانون القاضى طرفًا فى نزاع الحضانة ، وليس حكمًا فيه.

(2) المادة (59) الفقرة الأخيرة تنص على أن: «للقاضى الحق فى اختيار المصلحة الفضلى لحضانة الصغير، من بين الأب وأم الأم وأم الأب ثم من يدلى من الأب على من يدلى من الأم».

أقول: وبهذا صار القاضى طرفًا فى النزاع، لأن الاختيار بعد الأم صار له، خلافًا للقانون الحالى؛ الذى أخذ بمذهب الحنفية وأكثر الشافعية بالنص على جعل الحضانة بعد الأم لأم الأم، ثم أم الأب، ثم الأخت الشقيقة ، ثم الأخت لأم ، ثم الأخت لأب ، ثم بنات الأخوات، ثم الخالة ، ثم بنات الأخ، ثم عمة الأم، ثم عمة الأب، ثم الأب وعصبته، وبهذا لا يكون القاضى طرفًا فى نزاع الحضانة.

النص المقترح البديل: العودة إلى نص القانون الحالى المبين للمستحقين للحضانة صونًا للقضاء من الدخول فى النزاع.

(3) المادة (88) تنص على أنه: «يجوز للنيابة العامة أن تصدر بعد إجراء التحقيق المناسب قرارًا مسببًا، بتسليم الصغير إلى من تحقق مصلحته معها».

أقول: وبهذا صارت النيابة طرفًا فى نزاع الحضانة وليست حكمًا فيه.

المقترح البديل: حذف هذه المادة صونًا للنيابة أن تكون طرفًا فى النزاع.. وبعد، فمن منطلق إيمانى بأننى أدركت فى خريف عمرى ما يطمئن قلبى عن مستقبل أبناء مصر وأحفادهم الواعد ، بما هيأ الله لهم من قيادة رشيدة لا تكل ولا تمل فى خدمة الوطن الغالى وحمايته، واتخذت منهج الصدق والأمانة فى إدارة شئون البلاد، واحتسبت خدمة المواطن وبناء فكره على صحيح المعرفة، وتمكينه من الوعى الحقيقى غير الزائف قربة إلى الله تعالي، وقربانًا لتحصين الشعب من آفات الخيانة، والانشقاق حتى أكرمنا الله تعالى بعلو صوت الحق والعدل والإصلاح والبناء والإعمار، فى الأوساط الشعبية والمؤسسية، فلا نكاد نسمع عن قاتل أو فاسد أو ظالم إلا ويلاحقه الإنكار القضائى باليد والإعلامى باللسان والشعبى بالقلب، ولا نكاد نسمع دعوة حق أو تعاون على البر والتقوى إلا ويتمها الله علينا بفضل صدق النوايا، التى جعلها الله تعالى سببًا فى التوفيق كما قال سبحانه «إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما» (النساء:35)

بكل هذا القلب المليء بهذا الإيمان ، وذاك الفأل أتقدم بمراجعاتى على مشروع لجنة حزب الوفد لقانون الأحوال الشخصية الموحد للمسلمين، وكلى ثقة فى إعلائهم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وليس بالضرورة أن تكون مراجعاتى هى الصواب، فحسبها أن تكون سببًا فى الاستيقان والثبات، والله ولى التوفيق

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق