رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«أليس فى بلاد العجائب».. الصورة قبل الحدوتة أحيانا

باسم صادق
مشهد من العرض تصوير - السيد عبدالقادر

بعيدا عن التصريحات المبالغ فيها بتحقيق أعلى إيرادات فى تاريخ مسرح الدولة لأنه كلام غير صحيح بالمرة، فإن النجاح اللافت الذى يحققه يوميا عرض «أليس فى بلاد العجائب» للمخرج المتميز محسن رزق على مسرح البالون يؤكد تعطش الجمهور لمثل هذه النوعية من العروض الغنائية الاستعراضية المأخوذة عن روايات عالمية شهيرة، كما يؤكد قدرة مسرح الدولة على إنتاج هذه العروض الضخمة بتلك الكفاءة والإتقان إذا توافرت الإرادة وفريق العمل المتناغم.

وليس مقصودا بفريق العمل المتناغم هنا الممثلين والراقصين فقط، ولكن أيضا جهة الإنتاج متمثلة فى فرقة تحت 18 بقيادة وليد طه والتابعة للبيت الفنى للفنون الشعبية برئاسة د. عادل عبده، وكل طاقم الفنيين الذين آمنوا برؤية المخرج وصدقوا حلمه فسخّروا إمكاناتهم وجهودهم لتنفيذ كل التفاصيل التقنية الجاذبة للمتلقى بدقة شديدة، فالعرض الذى كتب نصه الانجليزى لويس كارول عام 1865، يعتمد اعتمادا أساسيا على الخيال الجامح متمثلا فى انتقال الفتاة أليس إلى عالم غريب بعد سقوطها فى جُحر أرنب كانت تلعب معه لشعورها بالملل.. وهنا يكمن التحدى الذى خاضه المخرج لتجسيد فكرة الغرابة ونقل شعور التعجب والاندهاش للجمهور على المسرح بصورة بصرية ساحرة، خاصة وأنه سيقع فى مأزق المقارنة مع الافلام السينمائية العالمية المبهرة الراسخة فى وجدان المتلقي، ولكنه قفز من هذا المأزق بذكاء شديد مستخدما سلاحا متعدد القذائف، طلقاته الديكور والأزياء والماسكات والاغانى وتصميم الاستعراضات.. ونجح فى استخدام تقنية المسرح الرقمى لتجسيد الإيحاء بتكبير وتصغير أليس بحرفية وإتقان، ورغم أن تصميم ديكور الغابة ليس جديدا على الفنان حازم شبل فقد سبق وأن قدمه مثلا فى حلم ليلة صيف للمخرج خالد جلال، إلا أنه هنا أضفى ملمحا طفوليا مبهجا على الغابة، واستعان بقناعين ضخمين على جانبى المسرح نحت ملامحهما منذر مصطفى لبث روح الخوف فى نفس البطلة من هذا العالم الغريب.. ثم أبهرنا ديكور القلوب الحمراء المفرغة المأخوذة من تصميم ورق الكوتشينة للدلالة على مقامرة الملكة الشريرة فى الاستحواذ على المملكة، والذى اكتملت صورته بأزياء نعيمة عجمى المعتمدة على نفس فلسفة المقامرة فى هذا المشهد تحديدا، بالإضافة إلى براعتها المعهودة فى تصميم أزياء فانتازية استوحت تفاصيلها من عناصر الطبيعة الخلابة كأوراق الشجر والزهور والحيوانات المحببة لنفوس الصغار.. ثم يأتى مصمم الديناصور الضخم والأقنعة د. محمد سعد ليفاجئ الجميع بمشهد القتال بين الوحش وأليس، ليتحرك الديناصور برأسه الضخم محاولا التهام الفتاة الرقيقة جاذبا أنظار الصغار والكبار معا حتى تنتصر الفتاة بعد أن كسرت حاجز خوفها.. وعلى مستوى آخر من العمل حقق التمثيل مع الغناء والاستعراضات حالة فنية عذبة لم يفسدها سوى الإيقاع المترهل فى بعض المشاهد والاسترسال فى جمل حوارية يمكن الاستغناء عنها، فجسدت مروة عبدالمنعم شخصية أليس برشاقتها المعروفة ولكن استخدامها لنبرة صوت مصطنعة لمحاولة التقرب من صوت الأطفال أبعدها عن عفوية الطفولة وبراءتها، بينما كان أداء مصمم الرقصات ضياء شفيق فى دور صانع القبعات مفاجأة حقيقية نظرا لاستغلاله قدراته كراقص فى تقديم أداء شاعرى بدا به كعصفور محلق فى السماء يرسم مع أليس رقصات وحركات أقرب إلى الأداء الكارتونى بجاذبية ساحرة، ساعده فى ذلك تلك الأغنيات المثيرة التى كتب كلماتها الموحية عادل سلامة ولحنها جون خليل.. فى حين كتبت بسمة ماهر وثيقة ميلادها كممثلة واعدة فى دور الملكة الشريرة بصوتها المسرحى القوى وإن كانت بحاجة إلى تخفيف جرعة الصراخ قليلا، ولعب حسن الشريف دور الدودة البائسة الملتصقة بنبات المشروم بتمكن ووعي.. وفى خفة ظل جسد هانى عبدالمعتمد دور القردالمشاكس.. العرض إذنً نقلة نوعية لافتة لمستقبل مسرح الطفل والأسرة، ومؤشر قوى لاستغلال هذا النجاح فى تأكيد قدرة مسرح الدولة على محاربة التأثير السلبى للسوشيال ميديا على وجدان الصغار وحرمانهم من التفاعل الحى مع فنون الفرجة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق