لأول مرة منذ عام 1960 تغرد عرائس أوبريت الليلة الكبيرة وحيدة بلا مصممها.. ففى الوقت الذى تحاول فيه مقاومة أحزانها وإسعاد جماهير الإسكندرية منذ ثانى أيام العيد بأحداثها الممتعة والمثيرة، كان جسد الفنان ناجى شاكر قد وارى الثرى، مودعا هذا العالم الساحر الذى قضى عمره كله مكتشفا لأسراره، مضيفا إليه من روحه لتخرج عرائسه مشعة براقة بالبهجة والحياة المستمدة من الحكايات الشعبية المصرية.
والحقيقة أن تلك الروح الشعبية التى بثها ناجى شاكر فى كل أعماله كانت تعكس بقدر أو بآخر روحه المحبة للجميع فلا تجد له مثلا صورة إلا ومعه عرائسه أو أصدقائه أو تلاميذه من دارسى تصميم العرائس.. بشوش الوجه مبتسم دائما مانحا للحماس لكل من حوله، محتضنا للجميع وداعما لأى عمل من شأنه رفعة فن العرائس فى مصر، لذلك لم يتردد مثلا فى الإشراف على عمل أكثر من نسخة لعرائس الليلة الكبيرة ليتم تقديم هذا العمل البديع فى أكثر من مكان، ويظل مبنى مسرح القاهرة للعرائس بالعتبة شاهدا على عبقرية هذا الرجل الذى شارك فى إنشائه مع الخبراء الرومانيين ولم يبخل عليه بفنه حتى آخر لحظات حياته، فها هو يغادرنا تاركا لنا تصميم أحدث أعماله رحلة الزمن الجميل للمخرج محمد نور..
ولا ننسى اعتماده الدائم على فلسفة التبسيط فى تصميم كل عرائس أعماله، بدءا من عرض الشاطر حسن عام 1959 ومرورا ببنت السلطان والليلة الكبيرة وحمار شهاب الدين ووصولا إلى شغل أراجوزات ورحلة الزمن الجميل، وتقول تلميذته مصممة الأزياء نعيمة عجمى إن ناجى شاكر كان موسوعة لونية متنقلة وصاحب خيال جامح، شديد الدقة فى تصميماته ولديه القدرة على وضع تفاصيل بسيطة ولكنها تضفى على العروسة أبعادا غير متوقعة، وأنه لم يستأثر يوما بمعلومة على تلاميذه بل كان حريصا على منح خبرته لنا جميعا وابداء رأيه فيها بكل أمانة ورغبة فى ظهور العمل فى أحسن صورة.
رابط دائم: