رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

البراجماتية والمخاوف.. يفسران الموقف الأوروبى

ياسمين أسامة فرج

بعد أشهر من هجومه العنيف على أوروبا واتهامه لها بدعم الإرهاب ، جاء اليوم الذى يتخلى فيه «السلطان أردوغان» عن كبريائه المزعوم والسعى لاستجداء أوروبا من أجل انتزاع دعمها فى مواجهة أزمة انهيار الليرة التى دفعت الرئيس التركى إلى تناسى خلافاته الشديدة مع معظم الدول الأوروبية التى طالما انتقدت تراجع الديمقراطية وحقوق الإنسان فى تركيا.

فها هو رجب طيب أردوغان يغازل أوروبا متخليا عن نغمة استقلال القضاء ويفرج عن مدير فرع منظمة العفو الدولية بتركيا الذى أثار اعتقاله احتجاجات أوروبية ودولية ، ويفرج أيضا عن جنديين يونانيين بعد خمسة أشهر من اعتقالهما بتهمة التجسس.

أما عن الرد الأوروبى لنداء أردوغان فقد جاء بالإيجاب فقد أعلنت عدة دول أوروبية دعمها تركيا فى أزمتها الحالية.فمن جانبها، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنه ليس من مصلحة أحد عدم استقرار اقتصاد تركيا، وشددت خلال اتصال هاتفى مع أردوغان على حرصها على وجود اقتصاد تركى قوى كما انتقد وزير المالية الألمانى بيتر ألتماير بشدة العقوبات الاقتصادية التى فرضتها إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على أنقرة مشددا على أن الحرب التجارية التى يشنها ترامب على عدة دول صناعية تبطئ النمو الاقتصادى وتدمره.

وأكد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أيضا خلال اتصال مع أردوغان أهمية زيادة تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارات المتبادلة بين البلدين، واتفق الجانبان على عقد محادثات بين وزراء المالية فى أسرع وقت، كما أعلنت كل من إيطاليا وإسبانيا دعمهما تركيا فى أزمة الليرة ومواجهة العقوبات الأمريكية الجديدة.

وهنا يأتى السؤال : لماذا تصر أوروبا على إبقائها على خط تواصل مع تركيا رغم الخلافات والتوتر الشديد الذى شاب العلاقات بين الجانبين خلال الفترة الأخيرة؟

فى البداية نتحدث عن الأزمة الحالية وهى أزمة العملة التركية، فمن الناحية الاقتصادية، أثر تهاوى الليرة بشكل سلبى على قطاع البنوك الأوروبية، حيث تراجعت أسعار أسهم تلك البنوك وسط مخاوف من انتشار عدوى الأزمة التركية لتتحول إلى أزمة عالمية.

والحقيقة أن أوروبا تخشى خسارة مليارات الدولارات التى أقرضتها البنوك الأوروبية – خصوصا فى فرنسا وإيطاليا - لتركيا ليتكرر ما حدث فى أزمة ديون اليونان .وكشفت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية عن أن ١٥٧ مليار دولار هو حجم انكشاف البنوك الأوروبية على الاقتصاد التركى وهو ما يفسر قلق المستثمرين من تفاقم الازمة.

ومن ناحية أخري، فإن الدعم الأوروبى الحالى لتركيا هو بمثابة تعبير عن الغضب الأوروبى من سياسة الحرب التجارية التى ينتهجها الرئيس الأمريكى والتى طالت واردات الاتحاد الأوروبى بجانب الصين وكندا وعدة دول أخرى فى العالم، الأمر الذى تسبب فى صدع كبير فى العلاقات بين أمريكا وأهم حلفائها الأوروبيين.

وسياسيا، تمتلك تركيا ورقة ضغط مهمة على أوروبا ألا وهى اتفاقية اللاجئين التى وقعتها مع الاتحاد الأوروبى منذ عامين للحد من تدفق المهاجرين من السواحل التركية إلى أبواب الاتحاد الأوروبي، وهى الاتفاقية التى نجحت بالفعل فى تراجع أعداد اللاجئين لأوروبا بشكل كبير، وتهدد تركيا بين الحين والآخر بوقف التعاون مع الاتحاد الأوروبى فى قضية الهجرة وهو أمر لا يصب فى مصلحة أوروبا.

إلى جانب ذلك تمثل تركيا محورا دفاعيا مهما لأوروبا باعتبارها عضوا فى حلف شمال الأطلنطى «الناتو» ونقطة ربط بين أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط الساخنة بالأحداث.

وأخيرا يمكن القول إن العلاقة بين تركيا وأوروبا علاقة براجماتية خالصة تقوم على تبادل المصالح مهما علت أصوات الخلاف ومهما أطلق أردوغان من تهديدات وتظاهر بالغضب.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق