أنا القارئة التى طلبت منك إرشادى إلى أى عمل ولو تطوعيا لأثبت لزوجى أننى ذات قيمة, بعد أن انصرف عنى إلى من رآها أفضل مني, فهناك تطورات حدثت فى قصتي, حيث رجعت إليه الحبيبة التى هجرته بضعة أشهر، ونسى فى لحظة كل ما فعلته به, وهام وراءها عشقا وغراما, وصار يخصص كل إجازاته للسفر والفسحة معها, واشترى لها شقة وسيارة، وقد طلبت منه أن يتزوجها, فهذا أفضل لنا وله من هذا الوضع المشين, والمدهش أنها تقول إنها لا تريد الزواج الآن حتى لا يقيد أحد حريتها, لكنها إن تزوجت فلن تتزوج غيره, طبعا المعنى واضح «زى الشمس», لكنه يرى أنها أحسن امرأة فى الدنيا, فالحب أعمى كما يقولون. ولا أدرى كيف لرجل أن يهوى امرأة بهذه الأخلاق مهما تكن درجة جمالها؟.. لقد أصبح لا يرى فى الدنيا غيرها, حتى إنه سافر منذ أسابيع، وتركنى أنا والبنات عشرة أيام, ولم يعد يعطى لأحد أهمية فى الدنيا غيرها.
إننى لا أريد أى شيء سوى أن أعمل فى وظيفة محترمة, حتى ولو بدون أجر. أريد أن يكون لى كيان, وأن يشعر هو بذلك, حيث وصلت حالتى إلى درجة بالغة من السوء لا أستطيع أن أصفها.. فهل تلبى ندائى؟
< ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
أعتقد أنك لست فى حاجة إلى أن أعيد تكرار نصيحتى لك بأن تكونى أكثر ثقة فى نفسك, وكفاك جلدا للذات، ولسوف يعلم زوجك أن هذه التصرفات المراهقة مع امرأة سوف تجر عليه متاعب لا حصر لها, فكل التجارب المماثلة انتهت بالفشل، لكن أكثرهم لا يتعلمون الدرس إلا بعد فوات الأوان.
وينبغى على كل زوجين أن يعلما أن السعادة الزوجية أشبه بقرص من العسل تبنيه نحلتان، وكلما زاد الجهد فيه زادت حلاوته،. وكثيرون يسألون كيف يصنعون السعادة فى بيوتهم، ولماذا يفشلون فى تحقيق استقرار الأسرة؟، ولا شك أن مسئولية السعادة تقع على الزوجين، فلا بد من وجود المحبة بينهما، وليس المقصود بالمحبة ذلك الشعور الأهوج الذى يلتهب وينطفئ فجأة، وإنما هو ذلك التوافق الروحى والإحساس العاطفى النبيل المتبادل، والبيت السعيد لا يقف على المحبة وحدها، بل لا بد أن تتبعها روح التسامح الذى لا يتأتى بغير تبادل حسن الظن والثقة بين الطرفين، كما أن التعاون عامل رئيسى فى تهيئته، وبغيره تضعف قيم المحبة والتسامح، وقد يكون هذا التعاون أدبياً أو مادياً، ويتمثل الأول فى حسن استعداد الزوجين لحل المشكلات، فمعظم الشقاق ينشأ عن عدم تقدير أحدهما متاعب الآخر، أو عدم إنصاف حقوق شريكه، ولا نستطيع أن نعدد العوامل الرئيسية فى تهيئة البيت السعيد دون أن نذكر العفة بإجلال وخشوع، فإنها محور الحياة الكريمة، وأصل الخير فى علاقات الإنسان.
إن أفضل شعار يمكن أن يتخذه الأزواج لتفادى الشقاق، هو أنه لا يوجد حريق يتعذر إطفاؤه عند بدء اشتعاله بفنجان من ماء.. ذلك لأن أكثر الخلافات الزوجية التى تنتهى بالطلاق ترجع إلى أشياء تافهة تتطور تدريجياً حتى يتعذر إصلاحها، وتقع مسئولية خلق السعادة البيتية على الوالدين، فكثيراً ما يهدم البيت لسان لاذع، أو طبع حاد يسرع إلى الخصام، وكثيراً ما يهدم أركانها حب التسلط وعدم الإخلاص من جانب أحد الوالدين، وأمور صغيرة فى المبنى عظيمة فى المعنى.
رابط دائم: