رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«الإخوة الأعداء» داخل الطوائف فى لبنان

عبد اللطيف نصار
جنبلاط وجعجع

وكأن لبنان لم يكتف بالخلافات بين الطوائف الـ18 التى تشكل فسيفساء حياته الاجتماعية والسياسية،لتطفو على السطح خلافات داخل الطائفة الواحدة، حول توزيع كعكة السياسة ،فى بلد لاتتجاوز مساحته 60ألف كيلو متر مربع،يشغلها 4ملايين نسمة، بالإضافة إلى 450 لاجئا فلسطينيا فى 12 مخيما للاجئين،فهل يستطيع لبنان تجاوز خلافات الطائفة ليتم تشكيل حكومته التى دخل أمر تكليفها الشهر الثالث،أم أن الإخوة الأعداء سيحولون دون ذلك،لتستمر حكومة تصريف الأعمال برئاسة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري؟

خلافات الموارنة

وأشهر الخلافات داخل الطائفة الواحدة هو الخلاف بين تيارين كبيرين فى الطائفة المارونية كبرى الطوائف المسيحية فى لبنان ، وهما التيار الوطنى الحر بزعامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ،وحزب القوات اللبنانية بزعامة الدكتور سمير جعجع،واستمر الخلاف لعقود من الزمن منذ الحرب الأهلية اللبنانية 1990:1975 لدرجة أن قتالا عنيفا دار بين قوات عون وجعجع خلال الحرب الأهلية للسيطرة على مناطق نفوذ الموارنة ،ولم ينته الخلاف بين عون وجعجع إلا فى 2014 حيث التقى الزعيمان فيما عرف باتفاق النيات، وعلى أثره تنازل جعجع عن الترشح لرئاسة الجمهورية لمصلحة عون، وتقاسم الرجلان فيما بينهما المصالح والمناصب والوزارات فى اتفاق مكتوب يؤكد التزام تأييد حزب القوات ترشيح ميشال عون رئيسًا للجمهورية، فى مقابل أن يتم تقسيم التمثيل المسيحى فى حكومات عهد عون مناصفة بين القوات اللبنانية والتيار الحر، ويسرى ذلك على جميع الوزارات بما فيها السيادية والخدمية،كما يشمل قبل تقسيم الحصة المسيحية بين التيار والقوات، اقتطاع حصة مسيحية لرئيس الجمهورية، تكون وزيرين فى الحكومة المكونة من 24 وزيرًا، أو 3 وزراء فى الحكومة المكونة من 30 وزيرًا،بالإضافة إلى التنسيق بين الطرفين لتوزيع المناصب العليا فى الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة ومجالس الإدارة خاصة فى الجيش ومصرف لبنان المركزي، ،وبالفعل حصل عون على منصب رئيس الجمهورية ،وانتظر جعجع تنفيذ ما اتفق عليه،بعد حصول القوات اللبنانية على 15مقعدا نيابيا فى الانتخابات اللبنانية الأخيرة فى مايو الماضي،مما جعل جعجع يطالب بحصته الوزارية الوازنة فى الحكومة الجديدة التى كُلِّف الحريرى بتشكيلها،ولاتزال رهن المشاورات لرفض جبران باسيل رئيس التيار الوطنى الحر وصهر عون ،مطالب جعجع على الحقائب الوزارية،لدرجة أن رأس الكنيسة المارونية البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعى تدخل شخصيا لرأب الصدع فى العلاقة المتوترة داخل الطائفة الواحدة بسبب الاختلاف على توزيع حصة الموارنة من كعكة الوزارة المزمع تشكيلها.

ولم يكن خلاف عون جعجع هو الوحيد داخل طائفة الموارنة، بل كان هناك خلاف حاد ولايزال بين جعجع وزعيم تيار المردة سليمان فرنجية الذى يتهم جعجع صراحة بأنه المسئول عن مجزرة إهدن خلال الحرب الأهلية التى قتل فيها والده طونى فرنجية ووالدته وشقيقته على أيدى مجموعة مسلحة تابعة لجعجع، وكان وقتها سليمان فرنجية طفلا وفى ضيافة جده رئيس لبنان الأسبق الذى يحمل اسمه سليمان فرنجية، لدرجة أن زعيم تيار المردة ترشح لرئاسة الجمهورية ضد عون وجعجع معا، ولكن اتفاق النيات بين عون وجعجع ،رجح كفة عون للفوز برئاسة الجمهورية.

انقسام الدروز

أماالخلاف القديم /الجديد ففى داخل طائفة الدروز التى يتزعمها منذ عقود رئيس الحزب التقدمى الاشتراكى وليد جنبلاط الذى ورث المال والسياسة عن والده الزعيم كمال جنبلاط الذى اتهم الرئيس السورى السابق حافظ الأسد باغتياله نظرا لمعارضته الوجود السورى فى لبنان خلال الحرب الأهلية اللبنانية، كما كان لجنبلاط دور بارز ومحورى فى الحرب الأهلية حيث سيطر على الجبل وطرد المسيحيين منه، ودخل فى حروبا عدة مع المسيحيين وغيرهم وبسط نفوذه على الجبل.

وفى المقابل ظهرت زعامة درزية أخرى ليست على وفاق مع وليد جنبلاط، متمسكة بحقها التاريخى فى الميراث السياسى للدروز فى لبنان، وهو الأمير طلال أرسلان حفيد الزعيم شكيب أرسلان، حيث يتوزع الولاء الدرزى فى المناطق الجبلية وغيرها بين جنبلاط وأرسلان، وقد ظهر الخلاف للعلن مع وقوف جنبلاط ضد الرئيس السورى بشار الأسد ووجود حزب الله فى سوريا، والوجود الإيرانى فى لبنان، بينما ذهب أرسلان لتأييد الأسد كما يفعل عون والثنائى الشيعي، حزب الله وحركة أمل بزعامة السيد حسن نصر الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ولذلك يسعى أرسلان لمنصب وزارى فى الحكومة الجديدة مدعوما من حزب الله وبرى والحريرى وعون، مما أغضب جنبلاط الذى يستأثر بالحصة الدرزية فى مجلس النواب ومجلس الوزراء، وجعله يصر على الاستحواذ على كامل الحصة الدرزية فى الحكومةالممثلة بـ3 وزراء، ولكن رئيس الجمهورية ميشال عون يصر على تمثيل النائب طلال ارسلان بوزير داخل الحكومة المقبلة، مما يعطل تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وجعل الرجلين جنبلاط وأرسلان يتبادلان التغريدات المسيئة والجارحة أحيانا على مواقع التواصل الاجتماعي، ومع حدوث مجزرة الدروز فى السويداء بجبل العرب فى سوريا على أيدى داعش ،ازدادت حدة الخلافات الدرزية على الساحة اللبنانية، فجنبلاط يتهم الأسد والجيش السورى بتسهيل تسلل داعش إلى السويداء بحجة تطويع وتدجين الموحدين الدروز فى جبل العرب، وأرسلان يتهم جنبلاط بالتآمر على دروز سوريا، ويوجه أصابع الاتهام مباشرة إلى إسرائيل وحلفائها والأعراب بارتكاب المجزرة، أما الوزير الدرزى الأسبق وئام وهاب فلا يؤيد جنبلاط أو أرسلان، ويتفرج على الانقسام بين الاثنين دون ترجيح كفة أحدهما على الآخر.

تفتيت السُنة

أما داخل الطائفة السنية التى يتزعمها رئيس الوزراء المكلف ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري، فهناك انقسامات عدة يتحدث عنها الشارع اللبنانى وقد ظهرت للعلن خلال فترة المنفى الاختيارى للحريرى بعد سقوط وزارته أواخر 2010 وبقائه خارج لبنان مابين الرياض وباريس ،حتى عودته فى 2014رئيسا للوزراء بعد انتخاب عون رئيسا للجمهورية.

حيث ظهر خلال منفى الحريرى توتر فى الطائفة السنية قاده وزير العدل وقتها اللواء أشرف ريفي، فى مواجهة رئيس وزراء لبنان الأسبق فؤاد السنيورة، الذى كان يدير تيار المستقبل وكتلة المستقبل النيابية وقتها، ومما زاد الطين بلة فى الطائفة السنية،أن الانتخابات اللبنانية الأخيرة لم تجعل تيار المستقبل يفوز بأغلبية نيابية كعادته، وتوزعت المقاعد السنية بين المستقبل والمستقلين والمعارضين أيضا،حيث حصلت كتلة رئيس وزراء لبنان الأسبق ابن طرابلس كبرى مدن الشمال نجيب ميقاتى على أربعة مقاعد نيابية ،وكذلك النائب فيصل كرامى الوريث السياسى لآل كرامى ووزير الشباب الأسبق، وليس على اتفاق مع تيار المستقبل، وكذلك رئيس التيار الشعبى الناصرى فى صيدا النائب أسامة سعد المدعوم من حزب الله، وليس على وفاق مع تيار المستقبل، بالإضافة إلى تلاشى الدور السياسى الذى كان فاعلا من قبل لرئيس وزراء لبنان الأسبق فؤاد السنيورة، حيث رفض الحريرى أن يترشح السنيورة على قوائم المستقبل، بالإضافة إلى نجاح نواب سنة مستقلين بعيدا عن تيار المستقبل مثل رجل الأعمال فؤاد مخزومى والوزير الأسبق عبدالحليم مراد، وهو الأمر الذى فتت المقاعد السنية فى مجلس النواب،وجعل بعض هؤلاء النواب يطالبون بمقاعد وزارية من حصة الطائفة السنية.

وفاق الثنائى الشيعي

وتبقى الخلافات داخل الطائفة الشيعية أقل الخلافات ضررا داخل الطوائف فى لبنان، فقبل وجود حركة أمل وحزب الله كان الشيعة فى لبنان يعرفون بـ «المحرومين» وهو اللقب الذى أطلقه على الشيعة الإمام المغيب موسى الصدر،الذى نشأت حركة أمل بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه بري، مؤمنة بتعاليمه وتوجيهاته، فبعد الحرب الأهلية التى شاركت فيها حركة أمل، وإقرار اتفاق الطائف الذى أنهى الحرب، بدأت أمل سياسيا ممثلة للشيعة فى لبنان،ثم شاركها فى تمثيل الشيعة حزب الله، وأصبح مايعرف بالثنائى الشيعى حزب الله وحركة أمل ــ قوة واحدة ،بحيث اتفق الطرفان على رعاية الطائفة وتقاسم مناطق النفوذ بينهما سواء فى بيروت أو الجنوب أو البقاع، وأصبح التنسيق بين الطرفين جيدا،سواء فى تقاسم المقاعد النيابية أو الحقائب الوزارية، لدرجة أن الطائفة الشيعية تكاد تكون الطائفة الوحيدة المتوافقة سياسيا بين طرفيها، مما يجعلها مركز قوة ضاغطا فى مجلس النواب أو مجلس الوزراء، فبرى ونصر الله متوافقان جدا ومتفاهمان على الحصص النيابية والوزارية لمصلحة الطائفة وحلفائهم من الطوائف الأخري.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق