انتهت دورة الكاتب محمود دياب للمهرجان القومى للمسرح بحلوها ومرها.. وفاز من فاز وبقى الجمهور فى انتظار دورة تالية أكثر قوة وتنظيما وشفافية من سابقتها.. وهو ما يدعونا لإلقاء نظرة سريعة على إيجابيات وسلبيات هذه الدورة التى يجب تدراكها فى العام المقبل.
لا ينكر أحد أن أهم ما يميز المهرجان هو الحميمية الشديدة التى يقابل بها الجمهور عروضه, وهى ليست مفاجأة فعادة ما نرى تلك الحفاوة خلال المهرجان كل عام، وهو ما كان يستوجب مزيدا من الاستعداد سواء فى دخول الجمهور أو فى التنسيق الجاد بين إداريى المسارح والباحثين المسئولين عن استبيان استطلاع رأى الجمهور، فقد تكررت الخلافات فى عدة مسارح بين أولئك وهؤلاء بسبب كثرة عدد الباحثين بلا داع ورغبتهم فى توزيع الاستبيان خلال العرض وليس قبله بما يعوق عملية دخول الجمهور بحسب مديرى بعض دور العرض.
افتقد المهرجان الشفافية واحترام العقول فى التعامل مع البيانات الإعلامية للصحفيين والنقاد، فمثلا لم يكن مقنعا أبدا ما قيل عن سبب تأجيل حفل الختام يوما بسبب الصيانة المُلحة لدار الأوبرا، لسبب بسيط هو أن دار الأوبرا المصرية, هى أكثر قطاعات وزارة الثقافة انضباطا وتنسيقا فى مواعيدها، وهو القطاع الوحيد الذى يعلن برنامجا سنويا دقيقا لحفلاته وإجازاته، ولو كان صحيحا ما تم إعلانه لكانت الأوبرا قد أبلغت ادارة المهرجان قبل بدء الحدث على أقل تقدير، وكان الأولى مثلا هو إعلان منح لجنة التحكيم فرصة خلال هذا اليوم لالتقاط الأنفاس واستخراج النتيجة بتروٍ، خاصة بعد المأزق الذى وضعت فيه إدارة المهرجان نفسها باختيار الممثل الأردنى منذر رياحنة بلا سبب مقنع واستهانته بهذا الحدث الضخم وسفره بعد حفل الافتتاح مباشرة بلا عودة حتى تم استبعاده رسميا.
لم يقف التخبط على هذا فقط، فإن ما فجره عمرو حسان مخرج عرض «الحادثة» والشكوى الرسمية التى تقدم بها من خلال مسرح الغد بسبب عدم اختيار عرضه للمشاركة بسبب تجاوزه لتاريخ الإنتاج المعلن من المهرجان، واكتشافه أن عرض شباب فى عين الرسول شارك فى المسابقة رغم تجاوزه أيضا للتاريخ المعلن - يطرح كثيرا من علامات الاستفهام حول مصداقية هذا الحدث لدى الجميع، ومدى شرعية الجوائز الممنوحة للفائزين فى ظل هذا الكيل بمكيالين.
نال ملتقى عروض الطفل استحسانا بسبب شغف الأسرة المصرية لتلك النوعية من المسرحيات ولكن يبدو أن اختيار العروض ذاتها تم على عجل ودون رؤية واضحة تضمن جودة أفضل وعرضا لشرائح أكثر جذبا مما تم تقديمه، وإذا كان الملتقى فرصة للمطالبة بإقامة مهرجان مستقل لمسرح الطفل يسمح لعروض مثل سنووايت, ورحلة الزمن الجميل, بمشاركة عادلة وتقييم منصف مع عروض من نوعيتها، إلا أنه يبقى السؤال: هل نحن مستعدون لإقامة مثل هذا المهرجان؟ فالشواهد تؤكد أننا نحتاج لمجهود جاد وصادق لإمتاع أطفالنا بمهرجان يستحقونه بمشاركة الخبرات الحقيقية فى هذا المجال بلا أى حسابات شخصية.
رابط دائم: