وسط قتامة الأحداث السياسية المتلاحقة، ووصم عالمنا المعاصر بأنه عالم قاس وموحش تسيطر عليه الاعتبارات المادية والانتهازية، وكيل الاتهامات للمنظمات الدولية المختلفة لتخليها عن أدوارها الأساسية وتخاذلها عن إنقاذ البشرية.. تسطع بين الحين والآخر نماذج للتكاتف الدولى بدافع من الإنسانية البحتة التى تتجاوز الخلافات والصراعات ولا تلقى بالا للتعقيدات السياسية المكبلة. كل ما يتطلبه الأمر أن تتخلى الدولة المنكوبة (سواء من جراء كارثة طبيعية أو مرض أو كارثة بشرية) عن الكبرياء وادعاءات «الاكتفاء بالاستغناء» فتطلق استغاثة مبكرة تطلب من القادرين المساعدة. وفى المقابل تترفع دول أخرى عن الخلافات والنزاعات وتسخر كل إمكانياتها للمساعدة، ويركز الطرفان على النفس البشرية المهددة , وفى هذا الملف، ومع تفجر عدد من الكوارث الطبيعية فى اليونان وكاليفورنيا وإندونيسيا، نستعرض بعض الأمثلة الدالة على أن الإنسانية تكون لها الغلبة فى أحيان كثيرة، وأن العالم قد يتحول فى لحظة إلى قرية واحدة بالفعل،ليس بسبب القفزات التكنولوجية العملاقة، ولكن بفضل التعاطف الإنسانى الفطرى الذى يجمع بين البشر فى جميع أنحاء الكرة الأرضية بغض النظر عن اختلافاتهم العرقية والجنسية واللغوية والدينية. فمن منا ينسى توحد العالم لإنقاذ أطفال كهف تايلاند، أو مشاعر التعاضد التى أثارها تسونامى والأعاصير، أو تجاوز الخصومة لإغاثة منكوبى زلازل إيران والهند وباكستان، أو الفزع الإنسانى من وبائى إيبولا وسارس ومن التسرب الإشعاعى فى فوكوشيما. كما سيظل درس غواصة كورسك الروسية بقعة سوداء تذكر الجميع بأن الغطرسة أهدرت حياة 118 إنسانا.
رابط دائم: